تدفع حياتها ثمن لعقوبة التشجيع..

حرمان الإيرانيات من متابعة كرة القدم يدفع إلى الانتحار

إذا أردت أن تفرحي غادري البلاد

طهران

طلب مسؤول إيراني من القضاء التحقيق في انتحار امرأة تشجع كرة القدم، بحسب ما أفاد الإعلام الثلاثاء، بعد أن أحرقت نفسها خشية سجنها لمحاولتها دخول الملعب.

وحسبما ذكرت صحيفة إيران الحكومية، طلبت نائبة الرئيس لشؤون المرأة والأسرة معصومة ابتكار من رئيس السلطة القضائية النظر في القضية.

وبحسب ما نقلت مؤسسة فارزيش 3 للأخبار الرياضية عن شقيقتها، اعتقلت السلطات سحر خضيري (30 عاما) عندما حاولت الدخول إلى ملعب كرة القدم مرتدية زي رجل لمشاهدة فريقها المفضل “استقلال”.

وقالت الصحيفة إن المرأة التي يطلق عليها اسم “الفتاة الزرقاء” بسبب ألوان فريق “استقلال”، أشعلت النار في نفسها خارج المحكمة الأسبوع الماضي بعدما سمعت أحدهم يقول إنه سيتم سجنها لمدة ستة أشهر.

وذكر موقع ميزان أونلاين القضائي الثلاثاء أنه لم يصدر أي حكم بحق المرأة لأن محاكمتها لم تجر كما أن القاضي في عطلة.

وأثارت وفاة خضيري غضبا على مواقع التواصل الاجتماعي، ودعا الكثير الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) إلى منع إيران من المشاركة في المسابقات الدولية كما دعوا المشجعين إلى مقاطعة المباريات.

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صور قيل إنها لخضير وهي في المستشفى مغطاة بطبقة كثيفة من الضمادات. ودعا لاعب كرة القدم الإيراني الشهير علي كريمي متابعيه على إنستغرام وعددهم 4.5 مليون متابع إلى مقاطعة الملاعب حتى إشعار آخر.

وكتب إلى جانب صورة للمرأة “النساء في بلادنا أفضل من الرجال”. وعبر نادي “استقلال” عن حزنه لوفاتها. وقال في بيان “وفاة طفلتنا الحبيبة سحر خضيري المأسوية سببت الكثير من الحزن والأسف لنادي استقلال”.


وأضاف “نقدم التعازي لأقاربك، ونسأل الله أن يغفر لك ويرحمك وأن يلهم عائلتك وجميع مشجعي كرة القدم الصبر والسلوان”.

وذكر موقع السلطة القضائية أنه تم تسليم جثمان المرأة إلى عائلتها التي تعيش في مدينة قم جنوب العاصمة الإيرانية.

وتتعرض إيران إلى ضغوط من الفيفا للسماح للنساء بحضور تصفيات كأس العالم 2022، وتردد أن الاتحاد أمهلها حتى 31 أغسطس.

وقال المدعي العام الإيراني محمد جعفر منتظري في أكتوبر 2018، إن السماح للنساء بحضور مباريات كرة القدم للرجال داخل الملاعب، لن يتكرر مرة أخرى، مضيفا أن هذا الأمر قد “يقود إلى المعصية”.

وجاءت تصريحات منتظري بعد يوم واحد من السماح لنحو 100 امرأة بحضور مباراة كرة قدم بين منتخب بلادهن ومنتخب بوليفيا وديّا في ملعب آزادي بطهران، وهي خطوة نادرة للغاية في الجمهورية الإسلامية.

ونقلت وكالة مهر، القريبة من المحافظين، آنذاك، عن منتظري قوله “أعترض على حضور النساء في ملعب آزادي أمس. نحن دولة مسلمة، نحن مسلمون”.

وأضاف “سنتصدى لأي مسؤول يريد السماح للنساء بدخول الملاعب تحت أي ذريعة”.

وتابع أنه “عندما تذهب امرأة إلى ملعب وتواجه رجالا شبه عراة بملابسهم الرياضية وتراهم فسيؤدي هذا إلى الوقوع في معصية”.

ويقول رجال دين إيرانيون إنه يجب حماية النساء من الجو الذي تسيطر عليه النزعة الذكورية وصور الرجال شبه العراة.

كما يقولون إنهم قلقون من وقوع حوادث تدافع بين الرجال والنساء عند مغادرة الملاعب.

وبعد ضغط الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” وتهديده بفرض عقوبات، رضخت إيران لطلب الاتحاد بالسماح للنساء بحضور مباراة منتخب إيران ضمن تصفيات كأس العالم 2022 والمقرر إقامتها في أكتوبر المقبل.

وذكرت وزارة الرياضة الإيرانية الشهر الماضي أنه سيتم السماح للنساء بدخول الملعب عندما يلعب الفريق الوطني المباراة المقبلة على أرضه في التصفيات.


وقال جمشيد تاغي زاده المسؤول عن الشؤون القانونية والإقليمية في وزارة الرياضة “سيسمح للنساء بالذهاب إلى ملعب آزادي (في طهران) في العاشر من أكتوبر 2019 لمتابعة مباراة المنتخب الإيراني أمام كمبوديا ضمن تصفيات مونديال قطر”.

وتابع قائلا “ليس هناك حظر قانوني (لدخول النساء إلى الملاعب) وعلينا تفعيل البنية التحتية التي أصبحت قيد التنفيذ”.

ومنذ الثورة الإسلامية عام 1979، لم يُسمح للنساء بدخول الملاعب إذ اعتبر بعض رجال الدين أنه يجب حمايتهن من الأجواء الذكورية، لكن السلطات سمحت للأجنبيات بدخول الملاعب في مراحل سابقة.

وتابعت نساء إيرانيات “للمرة الأولى منذ 40 عاما” من المدرجات، إياب نهائي مسابقة دوري أبطال آسيا في 10 نوفمبر الماضي في طهران بين برسيبوليس الإيراني وكاشيما أنتلرز الياباني، لكن لم يسمح لهن بحضور المباراة الودية بين إيران وسوريا في يونيو الماضي رغم أنهن حصلن على بطاقات لحضور المباراة بعد أن عرض الموقع الرسمي لاتحاد كرة القدم الإيراني التذاكر للبيع دون الإشارة إلى منع بيعها للنساء على الرغم من أنّ الإيرانيات ممنوعات من حضور مباريات كرة القدم.

لكن الاتحاد عاد وحجب خدمة المبيع عن النساء في اليوم التالي من دون تقديم أي مبرر لهذه الخطوة.

ومُنعت الإيرانيات من دخول الملعب، وتعرّضن لهجوم عنيف شنته قوى الأمن الحكومية على الرغم من إبرازهن بطاقات الدخول، وسُمح للسوريات بأن يدخلن الملعب.

وقالت إحداهن وهي تبكي “داس أحد رجال الأمن برجله على صدر إحدى السيدات، وصادر هاتفها المحمول ثم انتزع حقيبتها بقوة. أغارت قوات الأمن علينا وسحلت إحدى النساء على الأرض”.

وقالت أخرى “رفسونا ولكمونا وشتمونا من دون أن نقترف أي خطأ. كنا عدة نساء ننتظر على المرج خارج بوابة الملعب الغربية. لم نكن ننشد ولم نكن نتحدث ولم نكن حتى نرفع العلم الإيراني”.

وقالت منصورة ميلز، وهي باحثة متخصصة بالشأن الإيراني في منظمة العفو الدولية، “تضطهد السلطات الإيرانية النساء مرة جديدة لا لشيء سوى لأنهن يهوين لعبة كرة القدم”.