أول اتفاق منذ الوحدة اليمنية..
تحليل: "اتفاق الرياض".. هل يفتح ابواب التاريخ للجنوب؟
اتفاق الرياض الذي تم توقيعه في قصر اليمامة بالرياض مؤخرا ما بين المجلس الانتقالي الجنوبي والشرعية اليمنية برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وحضور ولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان وولي عهد ابوظبي سمو الشيخ محمد بن زايد ال نهيان وبمباركة رؤساء دول كالرئيس الامريكي دونالد ترامب والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وسفراء دول أخرى بالاضافة الى المبعوث الاممي مارتين جريفيث ومجلس الأمن, يعتبر من وجهة نظري الشخصية خطوة في غاية الأهمية من الناحية السياسية للمجلس الانتقالي ولقضية الجنوب, ولا شك أن هناك الكثير من الإيجابيات لهذا الاتفاق يمكن الحديث عنها بشيء من التفصيل والترتيب لكنه من المهم ايضا ان نبدأ بما يمكن تسميته مكاسب كبيرة تحققت عمليا دون ان تورد في بنود الاتفاقية وهي في تقديري تعتبر الأهم , ويمكن تلخيصها بما يلي :
- انه حتى اثناء الأزمة السياسية التي انتجت حرب احتلال الجنوب صيف 1994 م , وحينما وقعت وثيقة العهد والاتفاق في عمان بالاردن , فانها لم تكن اتفاقية تتعلق بالجنوب وحده ولم يحضر فيها الحزب الاشتراكي اليمني بصفته ممثلا للجنوب بقدر ما مثل نفسه كطرف في اتفاقية الوحدة , بدليل ان الاتفاقية وقعتها في نفس الوقت كل الاطراف والاحزاب السياسية اليمنية , واليوم فان " اتفاق الرياض " هو اول اتفاق منذ اتفاقية الوحدة اليمنية يحضر فيها طرف جنوبي مستقل الى محفل دولي ليمثل الجنوب ويوقع على وثيقة تتعلق بامور سياسية وعسكرية وامنية تخص الجنوب.
- استنادا الى الفقرة (1 ) فان هذا التوقيع يعني بدرجة او باخرى " تدويل " قضية الجنوب وخروجها من شرنقة الحلول الداخلية كما كانت تريد سلطات صنعاء المتعاقبة الى المسارات الدولية , لأن الحضور في هذا المحفل الكبير الذي حضر مناسبة التوقيع سيشاهد طرف جنوبي 100 % اتى ليوقع اتفاقية وهم يعلمون ماهي رؤيته الخاصة بقضية الجنوب .
- التوقيع في عاصمة القرار العربي .. في المملكة العربية السعودية على اتفاقية تبنتها , ورعتها , وادارتها المملكة يعتبر واحدا من اهم المكاسب للجنوب , لأن ذلك يعني حرص القيادة السعودية على الطرف الجنوبي وتقديرهم لدوره في عاصفة الحزم .
- ان التوقيع على الاتفاقية يفتح الطريق للمجلس الانتقالي لتطوير علاقة استراتيجية مع المملكة العربية السعودية في مختلف المجالات , كما يبرهن على ان علاقة المجلس الانتقالي مع دولة الامارات العربية المتحدة تعتبر احد مداميك توثيق العلاقة ( السعودية – الاماراتية ) وليس العكس كما صور البعض او كما ارادت له عدة اطراف ان يكون .
- سيقدم المجلس الانتقالي نفسه كطرف وثيق ومؤتمن ضمن خارطة سياسية متكاملة تبدأ من الاعتماد عليه في حرب مواجهة المشروع الايراني في اليمن الى الاعتماد عليه كطرف جدير بتحمل المسؤولية في قضايا تخص الامن القومي العربي ومواكبة تطلعات اقتصادية سعودي – اماراتية كبيرة جدا .
- سيكتسب المجلس الانتقالي الجنوبي بمجرد التوقيع على اتفاق الرياض شرعية وجود دولية واقليمية ستمكنه من التحرك الاقليمي والدولي للدفاع عن قضيته الوطنية ومطالبة المجتمع الدولي بوضع حلول عادلة لها تستند الى العهود والمواثيق الدولية التي لا تتجاوز حق الشعب في تقرير مستقبله السياسي , وسيرفع الحرج على السيد مارتن جريفيث فيما يخص اشراك المجلس الانتقالي الجنوبي في محادثات السلام باعتباره طرف معترف فيه دوليا ويمثل قضية وطنية مهمة .
- سيمهد الطريق لامكانية استصدار قرار اممي جديد يتعلق بقضية الجنوب وحق الشعب في تقرير مصيرة.
هذه بعض المكاسب التي تحققت فعليا لنا كجنوبيين بمجرد التوقيع على الاتفاق , وهي كما اسلفت تحتل مرتبة مهمة على ما يمكن ان نحصل عليه من ايجابيات تأتي بها نصوص الاتفاقية , ويهمني قبل ان اتحدث على المكاسب الأخرى التي ستتحقق جراء تنفيذ نصوص الاتفاق ان نتحدث عن النقاط التالية :
أولا : في أي اتفاق من هذا النوع يتضمن ابعادا سياسية وعسكرية وامنية ما بين طرفين متصارعين على الأرض لا يمكن ان يحقق فيه أي طرف منهما " جميع " ما يريد ويطمح الى تحقيقه بنسبة 100 % , ولا يمكن لأي منهما ان يقبل بخسارة نسبتها 100 % أيضا , لأنه ان حدث ذلك فعلا , فلا يمكن ان يسمى هذا اتفاق وانما سيكون اسمه " وثيقة استسلام " ..! ووثائق الاستسلام هي الوثائق التي " يملي " فيها طرف منتصر شروطه الكاملة على طرف خاسر , وغالبا ما تكون في مرحلة ما بعد حرب عسكرية انتصر فيها طرف على آخر , ما ادى الى فرض جميع شروطه التي يريد ولم يتبقى للطرف الآخر الا " الإذعان " .. !
ثانيا : أن لجنة الوساطة ( السعودية – الإماراتية ) والتي كان فيها لنائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان دورا إيجابيا وحاسما فيها , قد استندت في عملها على مبدأ ( فائز – فائز ) وليس على مبدأ ( فائز – خاسر ) والا لتحولت اللجنة من وسيط الى طرف منحاز, ومع ذلك يمكنني ان أقول بثقة كبيرة جدا أن نسبة الإيجابيات التي تحققت للمجلس الانتقالي الجنوبي كطرف سياسي ولقضية الجنوب كقضية وطنية جراء هذا الاتفاق هي كبيرة جدا وعلى كافة المستويات .
ثالثا : ان الإشكالية القائمة على الأرض ما بين المجلس الانتقالي والحكومة اليمنية والتي كانت تنتج صراعات لا تنتهي , وتتخذ في مراحل التصعيد حد المواجهات العسكرية العنيفة التي يهدف فيها كل طرف الى " القضاء " على الآخر تماما وازالته من الوجود وهذا ما تكرر في اكثر من مرحلة مع ما تنتجه تلك المواجهات من ازهاق للأرواح وسفك للدماء ونشر للفوضى , ومثل هذا الوضع المقلق الذي يستجوب وضع " حلول " له , لا يعني في الحقيقة هاذين الطرفين لوحدهما او يؤثر عليهما فقط , وانما يعني بنفس الدرجة دول التحالف العربي وخاصة المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة ويؤثر عليهما كما يؤثر على سير المواجهات العكسرية مع الخصم الأول " الحوثي " .. وبالتالي فان الاتفاق يعني جميع هذه الأطراف ويهمها كما يعني ويهم بنفس القدر حتى المجتمع الدولي برمته باعتبار أن الجمهورية اليمنية التي يقع في اطارها هذا الصراع تقع تحت بنود " الفصل السابع " .
رابعا : علينا كجنوبيين أن نفهم ونعي جيدا ان هذا الاتفاق لم يأتي ويصمم لمعالجة " قضية الجنوب " ووضع حلول سياسية نهائية لها باعتبارها قضية وطنية بالشكل الذي نعرفها وبموجب الهدف الاستراتيجي لها المتعلق بالاستقلال , وانما اتى كما اسلفنا لمعالجة قضايا تتعلق بصراع مرحلة على الأرض ما بين طرفين , باعتبار ان الحلول السياسية النهائية للإشكالية ككل هي من مهمة المبعوث الخاص السيد مارتن جريفيث .
خامسا : ان اردت ان يكون تقييمك لأي اتفاقية منطقيا وعقلانيا وحقيقيا , فعليك ان تضع امام عينيك سؤلا في غاية الأهمية يقول : ماذا لو رفضت الاتفاق ؟ ماهي النتائج التي يمكن ان تترتب على ذلك سواء كانت إيجابية او سلبية , باعتبار ان قرار الرفض هو بحد ذاته " اتفاق " من نوع آخرعقدته , و وقعته أنت مع نفسك , وبالتالي عليك ان تتحمل نتائجه وحدك لأنه خيارك الذي ارتضيته انت ورفضت ان يشاركك فيه أحد , رغم علمك أنك لست الطرف الوحيد المؤثر على الأرض الذي يملك فرض شروطه على الآخرين بنسبة 100 % ... ويمكن ان ينتج عن الرفض نتائج كارثية اقلها مايلي :
1 – امكانية استصدار قرار اممي باعتبار المجلس الانتقالي الجنوبي طرف معرقل في العملية السياسية وهذا يعني فرض عقوبات عليه .
2 – الدخول في مواجهة مباشرة سياسية وربما عسكرية مع التحالف العربي وهذا ما ترغب فيه وتتمناه وبل تعمل على تحقيقه الشرعية اليمنية , مع ما تعنيه المواجهات من خسائر كبيرة.
3 – لا يمكن لدولة الامارات العربية المتحدة ان تكون في وضعية مناسبة للدفاع عن المجلس الانتقالي أو قضية الجنوب ولا يمكن لها ان تخسر حليف استراتيجي كبير وهام جدا لها في سبيل ان ترضي المجلس الانتقالي .
4 - لقد تمنت الشرعية اليمنية وعملت بكل امكانياتها المالية والاعلامية الهائلة وعلاقاتها الدولية الكبيرة بصفتها " شرعية يمنية " على ان تظهرنا في شكل الطرف المتمرد .. المعرقل .. الذي يعمل ضد استراتيجية عاصفة الحزم , والذي يسبح ضد التيار , والذي لا يملك احقية الوجود باعتبار وجود " غير شرعي " .. وكانت تهدف من وراء ذلك تحقيق هدفين رئيسيين :
1 – دفع التحالف العربي الى الدخول معنا في مواجهة مباشرة .
2 – احداث ضرر في العلاقة ( السعودية – الامارتية ) فيما يخص كيفية التعاطي مع هذه القضايا.
وبالتالي فان توقيع هذا الاتفاق يكون قد اسدل الستار على هذه الاماني , والمخططات الشيطانية الى الأبد واظهر المجلس الانتقالي على درجة عالية من الوعي والمسؤولية , مع اهمية التذكير بأن المملكة العربية السعودية اظهرت حرص كبير جدا على المجلس الانتقالي واظهرت ايضا احترام واضح لقضية الجنوب ولمشاعر شعب الجنوب حتى ان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في كلمته يوم التوقيع على الاتفاق لم يذكر اسم الوحدة اليمنية .
سابعا : من المهم جدا ان نقيم ايجابيات وسلبيات أي اتفاقية , وان نعمل على الاستفادة القصوى من الإيجابيات بل ونعمل على توسيع دائرتها وفوائدها , وفي المقابل من المهم تقليص تأثير السلبيات الى ادنى حد وتحجيم تأثيرها الى اقل درجة , وكل هذا يعتمد على كفاءة العقل السياسي الجنوبي وكيفية اداراته للامور على الأرض.
والآن يمكن لي ان اتعرض بشيء من التفصيل لبعض المكاسب او الايجابيات التي تحققت للمجلس الانتقالي ولقضية الجنوب بشكل عام من بنود هذا الاتفاق , مع أهمية التذكير بأمرين أولهما أنه قد سبق لأستاذنا الكبير السيد / عبدالرحمن الجفري ان تعرض لمعظمها , ولا بأس من التذكير ببعضها مرة أخرى بصياغات مختلفة مع رصد إيجابيات أخرى لم تذكر مع التنبيه الى انني قد اغفل الحديث عن بعض المكاسب التي قد تكون موجودة فعلا وذلك نتيجة لعدم القدرة على رصدها.
اولا : لم تورد الاتفاقية أي نص يلزمنا كطرف جنوبي بالمرجعيات الثلاث وهي مخرجات الحوار اليمني , المبادرة الخليجية , وقرار مجلس الأمن 2216 .. وكانت هذه النقطة واحدة من اهم إشكاليات الحوار التي اصر الوفد المفاوض على عدم تضمينها في الاتفاق , ويعتبر تفهم الاشقاء في التحالف العربي وخاصة المملكة العربية السعودية لهذا الأمر مكسب كبير , ومن هنا جاءت بصيغة غير ملزمة لنا , والأهم ان الصيغة التي ورد بها الحديث عن المرجعيات الثلاث يعتبر إقرار ضمني بأنها لا تشكل أساس لحل قضية الجنوب , وعدم الاقرار بها كمرجعيات دولية ملزمة لنا كطرف جنوبي يعتبر واحدا من أهم المكاسب التي تحققت لنا باعتبار ان الطرف الآخر دائما ما يغالط العالم بنقطتين خطيرتين :
1 – ان مخرجات الحوار اليمني هي نتيجة نهائية لحوار رعته الأمم المتحدة , وتوافقت على نتائجه جميع الأطراف السياسية في اليمن بما فيها الأطراف الجنوبية ...!
2 – ان من أهم مخرجات هذا الحوار الوطني هو ما ورد بشأن تقديم الحلول لقضية الجنوب ! وبالتالي قضية الجنوب قد انتهت ووضعت لها حلول بمشاركة الجنوبيين انفسهم.
هاتين المغالطتين الخطيرتين تم نسفهما تماما في " اتفاق الرياض " .. وتم الإقرار ان قضية الجنوب لم تحل بعد , وان حل هذه القضية سيأتي لاحقا ضمن مفاوضات الحل النهائي بدليل وجود نص يتضمن اشراك المجلس الانتقالي في مفاوضات الحل النهائي.
ثانيا : دائما ما كنت انبه التحالف العربي بأن القوات العسكرية اليمنية المتواجدة على ارض الجنوب حتى وان تغطت بغطاء " الشرعية اليمنية " هي في حقيقتها قوات تشكل رأس جسر لمشروع الاخوان المسلمين وستفتح الطريق لمحوري ( قطر – تركيا ) و ( قطر – ايران ) للتواجد في الجنوب العربي وهو الأمر الذي يشكل خطر داهم على الأمن القومي العربي وعلى قضيتنا الوطنية باعتبارها قوات " احتلال " .. فجاءت اتفاقية الرياض لتنص صراحة الى اخراج هذه القوات من الجنوب وتوجهها الى جبهات القتال ضد الحوثي .
ثالثا : علينا ان نقر ان انتصارات عسكرية قد تحققت لقوات الشرعية اليمنية في محافظتي ( ابين – شبوة ) وان وجود هذه القوات في هاتين المحافظتين يشكل خطر كبير على مشروعنا الوطني ويمثل تهديد حقيقي له , وبالتالي فان اخراج هذه القوات الى مأرب يعتبر مكسب عسكري للجنوب العربي , كما ان اخراج القوات الشمالية من حضرموت يمثل أيضا ضربة ذات بعد استراتيجي قاتل لمشروع الاخوان المسلمين والاحتلال اليمني .
رابعا : ستضمن قواتنا المسلحة الجنوبية شرعية تواجدها على ارضنا , وسوف يقوم التحالف العربي بتعزيزها وتدريبها وتسليحها بالعتاد العسكري باعتبارها قوات نظامية يعتمد عليها , ولن يجرؤ أي طرف داخلي او خارجي على تصنيفها بالمليشيات العسكرية , وسوف يعتمد عليها التحالف العربي في استراتيجية الحرب ضد الحوثي وسوف تتولى حماية الحدود الجنوبية وتنطلق في معاركها من حدودنا الجنوبية .
خامسا : ستخضع جميع القوات العسكرية والأمنية من الناحية العملية للتحالف العربي واللجنة المشتركة التي ضمنها المجلس الانتقالي , ولن يتم تفكيك هذه القوات في بنيتها العسكرية او الأمنية وستبقى كما هي عمليا قوات مسلحة جنوبية في جوهر الأمر.
سادسا : لم يسعى المجلس الانتقالي الى كسب وزارات في الحكومة اليمنية , فليس هذا الأمر من اهدافنا , وتواجد وزراء تحت قيادة وتوجيهات المجلس الانتقالي الجنوبي سيحقق اهداف في غاية الأهمية منها ما يلي :
1 – وجود عين جنوبية راصده لجميع تحركات ومخططات الحكومة اليمنية التي يمكن ان تستهدف الجنوب وقضيته , وهو الأمر الذي كان يحدث سابقا ,ومع وجود وزراء يمثلون المجلس الانتقالي سوف يتحول هذا الأمر الى مستحيل .
ب – سيعني ذلك قطع دابر خطوط وكواليس الفساد الذي غرقت فيه الحكومات السابقة والتي استنزفت فيها موارد الجنوب في طائل يعود بالخدمة على المواطن الجنوبي .
ج – سيمكن الجنوب من الاستفادة القصوى من المنح والمساعدات الدولية الضخمة التي تقدم للبلاد في هذه الظروف ولا يتم الاستفادة منها , وسوف يتمكن الوزراء الجنوبيين من توجيه هذه المساعدات الى مساراتها السليمة .
د – سيشكل ذلك فرصة حقيقية ان يقدم الجنوب نفسه من خلال وزراءه الذين يجب ان ينتقوا بعناية وكفاءة كبيرة .
سابعا : تغيير الحكومة بشكل كامل يعتبر بحد ذاته انتصار كبير للجنوب , باعتبار ان الحكومة الحالية شأنها شأن حكومة بن دغر السابقة قد تفرغت لمواجهة الجنوب وكانت بالكامل تحت هيمنة حزب الإصلاح , وتغييرها الآن يعتبر عقاب لها وعقاب للوزراء الذين قبلوا على انفسهم ان يكونوا رأس حربة ضد المشروع الوطني الجنوبي وذهبوا في الفساد والحماقة الى حدود غير مسبوقة .
ثامنا : ستنعم عدن للمرة الأولى في تاريخها بخلوها من القوات العسكرية والمعدات الثقيلة وسوف تتحول الى مدينة سلام خالية من بؤر التوترات والصراعات السياسية , ونحن نعتقد في المجلس الانتقالي ان هذا ما يجب ان تكون عليه عاصمة الجنوب باعتبارها تمتلك عناصر النمو الاقتصادي والتي كبلتها وحجمت دورها الصراعات السياسية .
تاسعا : ستنعم باقي المحافظات الجنوبية أيضا بقوات امنية جنوبية هدفها الأول والأخير حفظ والسلام على ارض الجنوب ومحاربة العناصر المتطرفة وقطاع الطرق وعصابات الفيد والنهب وسوف تزود هذه القوات وتعزز بكل ما يمكن ان يساعدها على تحقيق هذه الأهداف السامية التي ينشدها كل مواطن جنوبي . وهو الأمر الذي افتقدته شبوة على سبيل المثال حاليا بعد خروج النخبة الشبوانية منها .
عاشرا : سيصبح المجلس الانتقالي الجنوبي بجميع الكوادر الجنوبية الكفؤة معنيين أولا وأخيرا بإدارة الجنوب وإدارة مؤسساته في هذه المرحلة , الامر الذي سيشكل لنا مقدمة لتجهيز واعداد مؤسساتنا التي ستكون عماد دولة الجنوب المستقلة .
اذا كثير هي المكاسب التي تحققت لنا كجنوبيين , ولقضيتنا الوطنية من هذه الاتفاقية , ولكن من المهم جدا ان نؤكد ان النجاح التام لها يعتمد بالدرجة الاولى علينا كجنوبيين وعلى قدرتنا على استغلال هذه الفرصة التاريخية لأنه من الطبيعي جدا ان تعمل اطراف محلية واقليمية على عرقلة تنفيذ هذا الاتفاق وعلى وضع العراقيل امامه , وعلى الدفع بعناصر تخربية لافشاله وهنا يكمن التحدي , كما ان اهم تحدي لنا يمكن أن يكون في مواجهة ملفين في غاية الأهمية وهما :
1 – اظهار قدرة كبيرة جدا في محاربة الفساد وعدم تمكينه من الفتك بنا كما فتك بالحكومة الشرعية , ولا شك ان الفساد يمتلك عناصر اغراء كبيرة جدا ابرزها المال والجاه والسلطة , وعلى المجلس الانتقالي ان يضع آلية تضمن محاربة الفساد واظهار شفافية كاملة في الاداء ووضع قوانين وانظمة تضمن ردع الفاسدين ومعاقبة المتورطين فيه .
2 – علينا كجنوبيين ان نعمل المستحيل من اجل رص الصفوف وتعزيز وحدتنا الوطنية والانفتاح على الآخر الجنوبي والحوار الجاد معه والتعرف على الأسباب التي دفعت ببعض العناصر والشخصيات والمكونات الى الارتماء في احضان الخصوم , وعلى اساس ان الجنوب للجميع ولا يمكن ان يأتي الجنوب الذي نريده الا بجميع ابناءه .
- تحليل خاص بـ(اليوم الثامن)