ازدواجية الأدوار والمواقف..
تقرير: قطر.. لماذا روجت التقارب مع السعودية نظريا وأبتعدت عمليا
سقطت قطر في تناقض صارخ عندما سرّعت من تقاربها مع إيران وتركيا، في ذات الفترة التي كانت تروّج خلالها لكسر الجليد في علاقاتها مع السعودية وقطع خطوات باتجاه المصالحة معها.
واستغلّت قطر مشاركة رئيس وزرائها الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثاني في القمّة الخليجية التي عقدت الأسبوع الماضي في العاصمة السعودية الرياض، وكذلك الزيارة السرية التي قام بها وزير خارجيتها الشيخ محمّد بن عبدالرحمن آل ثاني إلى المملكة، للترويج لحدوث انفراجة في الأزمة القطرية المترتّبة عن مقاطعة أربع دول لها بسبب دعمها للإرهاب وتهديدها للاستقرار في المنطقة.
وقال وزير الخارجية القطري في وقت سابق إنّ المحادثات الجارية مع السعودية “كسرت الجمود”، مضيفا “هناك تقدّم.. وبدأنا التواصل مع السعوديين”.
وكان واضحا لمتابعي الشأن الخليجي محاولة الدوحة الترويج لتصدّع جبهة الدول الأربع المقاطعة لها؛ السعودية والإمارات ومصر والبحرين، من خلال تركيزها في الترويج لجهود حلّ الأزمة، على الرياض دون باقي العواصم الثلاث الأخرى.
واعتبر محلّلو الشؤون الخليجية أنّ ازدياد وتيرة التنسيق والتواصل القطري مع كلّ من تركيا وإيران في هذه الفترة بالذات كشف بشكل عملي أنّ ما روّجت له قطر من تقارب مع السعودية لم يكن أكثر من عمل دعائي.
واعتبر هؤلاء أن مشاركة قطر إلى جانب تركيا وإيران في القمة التي احتضنتها العاصمة الماليزية كوالالمبور، أسقط بشكل نهائي الدعاية القطرية بشأن التقارب مع السعودية، ذلك أن تلك القمّة ارتقت إلى مستوى مؤامرة على الرياض، حيث كان الهدف منها انتزاع زعامة العالم الإسلامي من السعودية بإنشاء نواة لهيكل إسلامي مواز لمنظمة التعاون الإسلامي التي تديرها السعودية وتحتضن مقرها، وهو ما فهمته كلّ من باكستان وإندونيسيا حيث غابت إسلام آباد عن القمّة، بينما خفضت جاكرتا من مشاركتها فيها.
وفي إشارة غير مباشرة لقمّة كوالالمبور، تساءل وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش “هل بالإمكان أن ينهض العالم الإسلامي بغياب الحضور العربي؟ وهل ينهض بغياب بلاد الحرمين الشريفين والأزهر الشريف؟”، ليجيب في تغريدة على تويتر “الإجابة الواضحة هي النفي، فالاستقطاب والتفريق والتحزب لم يكن أبدا الحل، ولن يكون“.
وتعيش قطر بسبب إصرارها على ربط علاقات مع جماعات متشدّدة وتنظيمات إرهابية وبفعل اتباعها سياسات مضادة لمصالح دول المنطقة واستقرارها، حالة من العزلة عن محيطها الخليجي والعربي المباشر، ما دفعها للبحث عن حاضنة بديلة لدى كلّ من إيران وتركيا اللتين تجاهران بعداء صريح للمملكة العربية السعودية.
ويحذّر مراقبون من أنّ الدوحة بتوجهّها منفردة نحو بلدين يفوقانها حجما وقدرات في كل المجالات، تتيح لأنقرة وطهران مجال استغلالها ماديا وتوظيفها سياسيا خصوصا في عملية شقّ الصف الخليجي والعربي، وحتى الإسلامي.
ولم يفوّت الرئيس الإيراني حسن روحاني فرصة قمة كوالالمبور لتوجيه رسائل سياسية إلى السعودية عبر قطر مفادها أنّ بلاده نجحت في استقطاب الدوحة وضمها إلى محورها.
وقال روحاني خلال محادثات أجراها، الخميس، مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إنّ “العلاقات بين طهران والدوحة تتطور باستمرار، ووقفنا ونقف إلى جانب دولة قطر، وندين أي ضغوط أو قيود تمارس ضد هذا البلد”، وذلك في إشارة إلى مقاطعة الدول الأربع لقطر.
وشدد روحاني على أنّ “بإمكان البلدين العمل عن كثب في مجالات مختلفة”، مضيفا أن “إيران وقطر يجب أن تنتهزا الفرصة لتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية“.
ومن الجانب القطري وصف الشيخ تميم علاقات بلاده بإيران بأنّها “علاقات خاصة، وينبغي أن يكون هناك المزيد من التنسيق بين البلدين نظرا للأوضاع التي تمر بها المنطقة”، مثنيا على موقف إيران من المقاطعة المفروضة على قطر، قائلا “نحن نثمن موقف إيران ولن ننسى ذلك“.
وبحسب مراقبين فإنّ ازدواجية الأدوار والمواقف التي تطبّقها الدوحة من خلال جمعها بين علاقات وثيقة مع دول كبرى على رأسها الولايات المتحدة إلى جانب احتفاظها بعلاقات جيّدة مع إيران في مقابل ذلك، لن تكون مقبولة لدى المملكة العربية السعودية التي تأتي في مقدّمة دول المنطقة المناهضة للسياسات الإيرانية والمخططات التركية في الإقليم.