"اليوم الثامن" تبحث خفايا وأبعاد مكاسب الحوثيين بمأرب.

تحليل: الربيع العربي.. أتفقت إيران وقطر على تقاسم النفود في اليمن

الرئيس اليمني المؤقت عبدربه منصور هادي يزور تركيا خصم السعودية - ارشيف

القسم السياسي

 اقترب الحوثيون الموالون لإيران من مدينة مأرب، المعقل الرئيس لتنظيم إخوان اليمن الممول من قطر وتركيا، في أحدث المكاسب الميدانية، التي تقول تقارير يمنية إنها جاءت وفق تفاهمات "قديمة جديدة"، بين قطر التي تدعم ذراع طهران منذ مطلع تسعينات القرن الماضي.

قدمت قطر بشكل سري دعما كبيرا للحوثيين الموالين لإيران، وعلني باسم معالجة اثار الحرب واعمار صعدة، وصندوق معالجة مظالم الجنوبيين والتي تقول تقارير صحافية ان جزء من ثلاثمائة وخمسين مليون دولار أمريكي قدمتها الدوحة، سلمت لحكومة الإخوان التي سلمت لها ما عرف بالمبادرة الخليجية "الحكم" بعد إزاحة الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح.


اقرأ المزيد من اليوم الثامن> تقرير: "هادي".. حليف السعودية هل يخدم من الرياض الأجندة الإيرانية

لم يكن خافيا منذ وقت مبكر الدور القطري الداعم للحوثيين، فالدوحة التي تبنت دعم الانتفاضة ضد نظام صالح، أدخلت الحوثيين دون قتال الى وسط العاصمة اليمنية صنعاء، قبل أن يشركهم الرئيس اليمني المؤقت عبدربه منصور هادي، كفصيل سياسي ضمن مؤتمر الحوار اليمني الذي انتج حلولا هشة، لكن شرعنة الحركة الحوثية التي تنطلق من منطلقات جهوية سلالية عرقية.

كانت السعودية تشعر بالخطر الحوثي المتنامي، فعلى الرغم من انها دعمت نظام "صالح" الذي خاض ستة حروب ضد الجماعة، إلا ان تخلت عن دعمه ابان ما عرف بثورات الربيع العربي.

ربما رأت السعودية ان حان الوقت لإزاحة نظام صالح، لمصلحة حليفها الأبرز علي محسن الأحمر وزعماء قبائل حاشد وبكيل، والذين كانت تعول عليهم الرياض في ترجيح الكفة لمصلحتها.

غير ان الحسابات كانت خاطئة، فالقبائل الزيدية وقفت في صف المليشيات الحوثية، والبعض من القبائل وقف على الحياد، اما الجنرال الأحمر الذي كان يمتلك قوات عسكرية موازية لقوات صالح، "الفرقة الأولى مدرع"، جعلته يسلم صنعاء، دون قتال، قبل ان يفر نحو السعودية بمساعدة سفيرها محمد آل الجابر، لتكتشف الرياض لاحقا انها أخطأت كثيرا في حساباته، فالحوثيون اتجهوا صوب الجنوب وباب المندب، لتطلق الرياض "عاصفة الحزم" التي ساندت المقاومة الجنوبية في التصدي للمليشيات الغازية لعدن.

في الجنوب لعبت عدة عوامل لتطرد الحوثيين منها، من بين العوامل ان الشعب يرى في هذه المليشيات نسخة أخرى للهيمنة العسكرية الشمالية، وهو ما فدعهم لمقاومتها.

بضعة أشهر كانت كفيلة بطرد الحوثيين من مختلف مدن الجنوب، قبل ان تتوجه القوات الجنوبية نحو الساحل الغربي، لتحقق بالعامل الأخر "القوات الإماراتية" انتصارات نوعية، وضعت القوات على مشارف ميناء الحديدة.

امتلك الامارات استراتيجية عسكرية ناجحة في إدارة الحرب، فقد استطاعت ان تعيد ترتيب قوات الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، بقيادة قائد حراسته طارق صالح، وتدفع بها صوب الحديدة لمساندة قوات العمالقة الجنوبية في مواجهة المليشيات الحوثية.

كانت القوات قد اقتربت بشكل جدي، نحو تحرير ميناء الحديدة، الا ان حسابات حكومة هادي، كانت كفيلة بالذهاب نحو توقيع اتفاق مع الحوثيين لوقف استعادة ميناء الحديدة.

 
اقرأ المزيد من اليوم الثامن> تقرير دولي: تركيا.. التمركز في الصومال وإثارة قلاقل في سقطرى

حكومة الرئيس المؤقت عبدربه منصور هادي، كانت ترى ان سيطرة قوات غير خاضعة لسيطرة المتحكمين بالرئاسة اليمنية، يشكل خطورة مستقبلية على مستقبل بقاء الجماعة في أعلى هرم السلطة.

تعامل الإخوان مع هادي على ان "تابع" وان من حق الجماعة ان تفرض اجندتها وان كانت تتعارض مع اجندة السعودية التي تقدم الدعم والرعاية لهادي، فالقرارات التي اتخذها الرجل كانت تخضع وفق رغبات الدوحة وليست الرياض المتخاصمة معها.

يضع الإخوان، طارق صالح في صف الأعداء، فنجل شقيق الرئيس صالح، اعادته يعد نسفا لتفاهمات قطرية إيرانية سبقت ما عرف بالربيع العربي، وهي التفاهمات التي اتفق فيها الطرفان على ان لا مستقبل لنظام صالح وعائلته مستقبلا.

حاول "صالح" في أواخر العام 2017م، اخراج الحوثيين من صنعاء، بعد نحو ثلاث أعوام من تحالف صوري مع الجماعة الموالية لإيران، الا ان قتل بعد هزيمة قواته وخيانة قيادات زيدية كانت قد أعلنت استعدادها للقتال إلى جانبه.

خسر "صالح" معركة كان يتوقع ان تكون حاسمة مع الحوثيين، إثر ما تقول مصادر وتقارير يمنية إنها وساطة قطرية، كانت تهدف إلى التهدئة في صنعاء ووقف القتال، الا ان الوساطة انتهت بصالح في قبضة الحوثيين.

لكن قائد حراسته العميد طارق الذي نجح في الإفلات من قبضة الحوثيين، ذهب إلى الجنوب وأعاد ترتيب قواته بدعم من القوات المسلحة الإمارتية، ليتم الدفع بها صوب الحديدة إلى جانب القوات المشتركة.

لم يرق لجماعة الإخوان ان تكون هناك قوات موالية لحزب المؤتمر الشعبي العام، فعملت عرقلة طارق صالح، بإتفاق السويد الذي وقعته حكومة هادي مع الحوثيين برعاية الأمم المتحدة، في تصرف وصفته تقارير صحافية بأن حكومة الإخوان فضلت ان يبقى ميناء الحديدة في قبضة الحوثيين على ان لا يذهب لمصلحة طارق صالح.

ولم تكتف حكومة هادي عند هذا الحد، بل عملت على خلق تحالفات سرية وعلنية مع الحوثيين، بدءا بدعم مليشيات الحشد الشعبي في تعز لطرد القوات غير الخاضعة لسيطرة الإخوان، خشية ان تؤل تبعية هذه القوات لطارق صالح.

نجح الإخوان الذين يتحكمون في قرار الرئاسة اليمنية في حرف مسار الحرب من حرب ضد الحوثيين إلى حروب أخرى ضد الجنوب وقوات حراس الجمهورية بقيادة طارق صالح.

وذهب الإخوان ابعد من مواجهة الجنوب وقوات طارق صالح، بخلق تحالفات مع تركيا التي نشطت أجهزة مخابراتها مؤخرا في اعقاب سيطرة مليشيات مأرب على محافظة شبوة.

السيطرة على شبوة وأجزاء من أبين، واحكام قوات تابعة لنائب الرئيس اليمني وأذرع محلية ممولة قطريا وايرانيا قبضتها عل المهرة، كشف عن مشروع تحالف "الدوحة وأنقرة وطهران"، ومسقط تعمل بهدوء للاستحواذ على المحافظة الجنوبية الشرقية.

خسرت السعودية رهانا في المهرة بالسيطرة على ميناء شحن البري، بفعل فشلها في مواجهة مليشيات محلية يقودها وزير داخلية حكومة هادي، أحمد الميسري، لتفشل الرياض في منع تهريب الأسلحة للحوثيين، خاصة بعد ان منحتها واشنطن الضوء الأخضر للتحرك، بعد ضبط سفينة أسلحة إيرانية كانت في طريقها للحوثيين.


اقرأ المزيد من اليوم الثامن> تقرير: وضع المهرة.. السعودية تختبر التوجهات الجديدة لسلطنة عمان

خسارة السعودية في المهرة، عزز من إمكانية تحقيق المشروع الذي تبنت قطر دعما ماديا واعلاميا والمتمثل في تقاسم النفوذ مع إيران وتركيا ومسقط.

وهو المخطط الذي رسم ابان ما عرف بانتفاضة الربيع العربي، والذي جاء ضمن صفقة وتفاهمات تؤكد ملاحقة السرية على ان يذهب الشمال اليمن للحوثيين والجنوب للإخوان.

وهذا المخطط تعلمه السعودية جيداً، وقد أعاد الإيرانيون والقطريون صياغة بنود بالتزامن مع توغل الحوثيين صوب صنعاء في العام 2014م، وتضمنت وفق وسائل إعلام أمريكية ان يتحد الإخوان والحوثيين ضد السعودية، لإسقاط النظام هناك وإدخال البلد في اتون الفوضى.

تقاسم النفوذ بين قطر وحلفائها من طرف وإيران من الطرف الأخر، لم يعد مسألة تسريبات صحافية، فحلفاء الدوحة يسلمون السلاح والمعسكرات والمدن للحوثيين، في وقائع متكررة، لم يعلق عليها التحالف العربي الذي تقوده السعودية.

وهو الأمر الذي يطرح جملة من التساؤلات حول " ما موقف السعودية من المخطط القطري الإيراني الذي يعاد انتاجه بعد نحو عشرة أعوام من انتفاضة الربيع العربي التي جاءت لتحقيق المشروع.

 
اقرأ المزيد من اليوم الثامن> تقرير: السعودية تمنع قيادات جنوبية من العودة وإعلام تموله يؤجج

على الرغم من ان السعودية ترعى اتفاقا بين الحكومة اليمنية المؤقت والمجلس الانتقالي الجنوبي، الا انها لم تمارس أي ضغوط على الحكومة اليمنية لتنفيذ بنوده والمتمثلة في الانسحاب من أبين وشبوة ووادي حضرموت، قبل ان تتحدث الصحافة المحلية في عدن أن السعودية طلبت من قائد عسكري مأرب يرابط مع مليشياته في شقرة، البقاء في أبين على ان لا يذهب صوب مأرب التي يتوغل الحوثيون في أجزاء واسعة منها.

لكن يظل التساؤل متكرراً "أين تقف الرياض في ظل تكالب إقليمي على مشروع التحالف العربي"، خاصة في ظل تصرفات سعودية بشيطنة الحلفاء الجنوبيين، خاصة بعد منع وفد جنوبي من العودة إلى عدن.

اقرأ المزيد من اليوم الثامن> تقرير: وزير داخلية اليمن يقود معركة ضد الوجود السعودي بالمهرة

وتظل مكاسب الحوثيين في مأرب والجوف، واحدة من أبرز مؤشرات تقاسم النفوذ، فالإخوان يعتزمون نقل وزارة الدفاع اليمنية من مأرب إلى شبوة، بغية تحقيق المشروع بأقل الخسائر، فالحوثي الذي قد تسلم له مأرب، سوف يواصل التقدم في أكثر من جبهة لإشغال الجنوبيين حتى ينتهي الإخوان من بسط سيطرتهم على كامل تراب الجنوب، ويقرر لهذا المخطط ان ينفذ قبل نهاية العام الجاري، 2020م.