الحسابات الوهمية لـ"حركة النهضة" بتونس..

قراءة: كيف استغل الإخوان المسلمون سلاح الإعلام لتمرير أفكارهم؟

الإعلام والاهتمام الإخواني

القاهرة

لا يمكن اختصار واقعة الخطاب الذي أطلقه الرئيس التونسي قيس سعيد، الأربعاء الماضي، خلال مراسم حلف اليمين للحكومة الجديدة، واستخدم فيه نبرة تحذيرية عالية اتهم فيها قوى سياسية لم يسمها بالخيانة، على أبعاد التوتر الذي يبدو أن تونس مستمرة فيه.

 فالتعامل الذي اختارت حركة النهضة العمل وفقًا له مع الخطاب واستخدمت فيه حسابات وهمية إلكترونية لمهاجمة خطاب الرئيس الذي طرحه على منصته الرسمية على «فيسبوك» يفتح مجالًا للحديث عن الفهم الإخواني لمهمة الإعلام وكيف تولي له الجماعة أهمية منذ تأسيسها في عشرينيات القرن الماضي وحتى اليوم.

ليست «النهضة» وحدها.. نهج إخواني عام

رغم حالة الصدمة التي يعيشها المجتمع التونسي من تصرف حركة النهضة الذي ثبت فيه تحريكها لجيش من الحسابات الإلكترونية لأفراد يزعمون أنهم ينتمون لدول بجنوب شرق أسيا للسخرية من الرئيس ونشر جمل متطابقة بغرض التأثير على الرأي العام التونسي، إلا أن الواقعة لا يمكن اعتبارها حديثة على جماعة الإخوان، ففي منتصف العام الجاري، كشفت شركة تويتر عن حذفها لأكثر من سبعة آلاف حساب وهمي دشنها النظام التركي بغرض تأييد سياسات الرئيس رجب طيب أردوغان ومهاجمة معارضيه.

 وقالت الشركة في بيان لها آنذاك إن 32 الفًا و 242 حسابًا تم حذفها بسبب انتهاكات لسياسات التلاعب بالمنصة من بينها 7.340 حسابًا تركيًّا.

وأوضحت الشركة أن حكومة أردوغان استخدمت نشاطًا افتراضيًّا منسقًا في إطار حملة الدعاية المركزة يستهدف الرأي العام المحلي في تركيا.

وتابعت بأنه وفق تحاليل المؤشرات الفنية وسلوكيات الحسابات فتلك المنابر اُستغلت في الدعاية لصالح أردوغان وتحسين صورته لدى الجماهير التركية إضافة الى الدعاية لسياسات حزب العدالة والتنمية.

الإعلام والاهتمام الإخواني

تحت عنوان «كيف استغل الإخوان المسلمون سلاح الإعلام لتمرير أفكارهم؟» كتب الباحث بشؤون جماعات الإسلام الحركي المنشق عن جماعة الإخوان أحمد بان، يشرح مكانة الإعلام في فكر جماعة الإخوان.

 وخلص بأن في المقال المنشور سبتمبر 2019، إلى أن جماعة الإخوان توصلت قبل عقود ومنذ تأسيسها إلى أن الإعلام أداة للتعبئة والحشد وتحصيل ولاء الجماهير.

 ويدلل الباحث على ذلك بحرص حسن البنا، مؤسس الجماعة، «على تأسيس صحيفة تكون لسان حال الجماعة، ووسيلة لنشر أيديولوجيا التنظيم، وفي وقت مبكر».

ويعدد «بان» المجلات والصحف التي عمدت الجماعة لامتلاكها، فيقول: «أطلق الإخوان المسلمون، في 15 يونيو 1933، العدد الأول من المجلة الأسبوعية "الإخوان المسلمين"، والتي خطط الإخوان أن تكون يومية، وتولى رئاسة تحريرها الشيخ طنطاوي جوهري، المخدوع بمشروع حسن البنا». 

ويوضح أن الجريدة كان لها جهاز ضخم من أعضاء الجماعة، مهمته المرور على المساجد والمنازل والحوانيت لتصريف أعداد الجريدة كافة .

ويتابع: «خلال عام واحد؛ كان الإخوان يدشنون مطبعتهم الخاصة، ليتأكدوا من تأمين طباعة الجريدة ومعها رسائل التنظيم الأيديولوجية، دون أيّ قيود من الحكومات».

ونحو مزيد من التواكب مع العصر يقول «بان» بأن الجماعة عمدت لتوظيف فن الكاريكاتير لإداركها بتأثيره على المتلقي، فأطلقت أغسطس 1948 مجلة "الكشكول الجديدة" التي استخدمتها في الاغتيال السياسي لخصوم الجماعة.

وانطلاقًا من المبدأ نفسه؛ وهو مواكبة العصر، فتُولي جماعة الإخوان أهمية مبالغ فيها لمواقع التواصل الاجتماعي. ولعل ما تبنته حركة النهضة في تونس، في واقعة خطاب بن سعيد ومن قبلهم إخوان تركيا أو حتى إخوان مصر، يكون دليلًا على ذلك.

ويدخل في باب الاهتمام بالـ«سوشيال ميديا»، تلك البرامج الساخرة التي أدركت الجماعة لسهولة انتشارها وتأثيرها على مستخدم الواقع الافتراضي.

 ولهذا أقامت الجماعة على صناعة حالة عبدالله الشريف الذي تحول من مجرد مستخدم لـ«يوتيوب» لا تتعدى مشاهداته العشرات إلى مقدم برنامج مثير للجدل. 

ويكفي الإشارة إلى دور قناة الجزيرة القطرية التي اعتادت عرض أجزاء من حلقات الشريف في بداياته لتسهل عليه مهمة جلب الجمهور ليبي.

وتحاول الجماعة تكرار تجربة الشريف عبر برنامج ساخر تقدمه قناة التناصح المعبرة عن إخوان ليبيا، يدعى «دربيل» ويتعمد مقدمه استخدام أسلوب الشريف نفسه في بعض الحلقات.

ويفسر «بان» هذا الاهتمام الإخواني بالإعلام الافتراضي تحديدًا، بكونه صعبًا على التتبع الحكومي مقارنة بالوجود الحقيقي على الأرض.

--------------------------

المصدر| المرجع