"اليوم الثامن" تفند مزاعم مركز صنعاء للدراسات..

تحليل: قطر والتخلص من هادي.. "هؤلاء" يمولون مشروع حرب جديدة

الرئيس المنتهية ولايته عبدربه هادي والمبعوث الأممي مارتن جريفيث في عدن قبل سنوات - ارشيف

فريق الابحاث والدراسات
فريق البحوث والدراسات في مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات

طرح مركز دراسات يمني انشأته قطر مشروعاً أخر للحل في اليمن، بعد ان تعثر مشروع دولة الأقاليم الستة التي وضعتها الدوحة كحل لتجاوز مشروعية قضية الجنوب القائمة على حق استعادة دولة دخلت في وحدة طوعية انتهت بالحرب والاحتلال، لتبحث اليوم الامارة الصغيرة عن مشروع أخر تتجاوز فيه الرئيس اليمني المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي، وترسخ المشروع القائم على تقاسم النفوذ بينها وحليفتيها إيران وتركيا.

بمعنى أن هادي الذي ظل لنحو عشرة أعوام ورقة قطرية لتنفيذ مشاريعها في اليمن على اعتبار انها صاحبة مشروع الربيع العربي الذي أطاح بأكبر الرؤساء العرب نفوذا "علي عبدالله صالح"، الذي أطاحت به انتفاضة مطلع العام 2011م، التي حظيت بدعم قطري كبير، بدعوى التغيير.

لكن التغيير الذي حصل ادخل اليمن في حرب مدمرة لاتزال تدور رحاها الى اليوم، بعد ان أدخلت تلك انتفاضة التغيير "الحوثيين من صعدة الى وسط صنعاء العاصمة".

فبعد ان أصبح الحوثيون سلطة أمر واقع في صنعاء ومدن اليمن الشمالي الأخرى وباتوا على مقربة من السيطرة على أخر معاقل حكومة هادي، تعمل قطر من خلال هذه المراكز (غير المهنية)، على ترسيخ مفهوم وجود ميليشيات في الجنوب، لتعزيز الحرب العدوانية التي تشنها ميليشيات إخوان اليمن (الأذرع المحلية) بدعم وتمويل من أطراف إقليمية عدة.

وتسعى قطر وتركيا وإيران إلى تقاسم النفوذ في اليمن، ان يذهب الشمال اليمني لإيران، وقد ذهب فعليا، ولم يتبق أمام الدوحة وانقرة الا استكمال معركة السيطرة على الجنوب وخاصة منابع النفط في ساحل حضرموت، بالإضافة الى العاصمة عدن وخليج عدن وباب المندب من خلال التغول الإخواني في المناطق التهامية في المخا.

خاضت الأذرع المحلية الموالية لقطر حربا شعواء ضد الجنوب في العام 2019م، بذريعة الدفاع عن "شرعية عبدربه منصور هادي"، التي أطاح بها الحوثيون في شمال، لكن هذه الذريعة يبدو انها لم تعد تجد نفعاً.

صحيفة اليوم الثامن تلقت وعبر البريد الالكتروني مقالة تحليلية أعدتها الباحثة اليمنية ميساء شجاع الدين المقيمة في تركيا، اعتبرت أن الرئيس هادي أصبح حجر عثرة أمام السلام والحكم الرشيد، وصار من الضروري البحث عن بدائل لحكومة متعاونة وخاضعة للمساءلة، ووضعها على مسار سياسي أقوى.

وقالت إن أحد الخيارات هو تشكيل مجلس رئاسي؛ بالنظر إلى وجود تجارب سابقة في تاريخ اليمن، كما نُوقش هذا الخيار من قِبل المفاوضين كحل محتمل لفترة حكم انتقالي ما بعد الصراع".

وزعمت الباحثة اليمنية أن المجلس الرئاسي (المقترح) يمثل بديلًا معقولًا للسلطة التنفيذية المتجذرة في تاريخ اليمن الحديث، ويجنّب اليمن أزمة سياسية وحالة عدم اليقين حول من سيخلف هادي في حال عجز بشكل مفاجئ عن الاستمرار في منصبه أو وفاته".؛ وهنا تبدو إشارة الى ان الدفع نحو انشاء مجلس رئاسي قد يتم فيه اشراك شخصيات جنوبية مرتبطة بأحزاب يمنية قد يتم من خلاله تجاوز مشروعية القضية الجنوبية التي فشلت القوى اليمنية المدعومة إقليميا من تجاوزها بمخرجات مؤتمر الحوار الذي لم يمثل فيه الجنوبيون بشهاد المبعوث الأممي الأول الى اليمن جمال بنعمر، والذي أكد انسحاب الجنوبيين من مؤتمر حوار صنعاء.

ولكي تكتمل مهمة المركز في تضليل الرأي العام الإقليمي والدولي، على اعتبار ان ابحاثه تمول من قبل أطراف دولية، وقع في فضيحة مدوية، فقد حمل الرئيس الجنوبي السابق ونائب رئيس دولة الوحدة مسؤولية الحرب على الجنوب، والتي شارك فيها تنظيم الإخوان بتحشيد الأفغان العرب بفتاوى التكفير الشهيرة التي أطلقها رموز الاخوان في اليمن من عبدالمجيد الزنداني إلى عبدالوهاب الديلمي وغيرهم من الرموز الدينية الاخوانية التي ادعت ان الحرب على الجنوب وقتل المستضعفين "جهاد في سبيل الله".

وبدأ واضحاً عدم مصداقية مركز صنعاء للدراسات، ناهيك عن مهنيته، فقد أورد عدة مزاعم كاذبة تدحض ما يدعيه من انه مركز أبحاث محايد، فالباحثة التي استعان بها المركز عمدت على التضليل من خلال القول " أدى احتدام التوتر منذ الانتخابات البرلمانية عام 1993 والفشل في حل الأزمات السياسية المتصاعدة من خلال المفاوضات إلى اندلاع مواجهات عسكرية بين القوات الشمالية والجنوبية. في أبريل/نيسان 1994، اندلعت اشتباكات عنيفة بين الطرفين؛ والصحيح ان القوات الشمالية هي من باشرت شن هجماتها على القوات الجنوبية، اثناء تناول افرادها وجبة الغذاء في ظهيرة الـ27 من أبريل (نيسان) 1994م، أي بعد لحظات من اعلان علي عبدالله صالح الحرب من وسط ميدان السبعين بصنعاء.

ووصفت الباحثة الحرب العدوانية التي شنها نظام صالح بالتحالف مع تنظيم القاعدة وإخوان اليمن، بالحرب الأهلية، وهو توصيف غير دقيق، حيث ان الحرب اعتبرتها فتاوى الإخوان "جهاد في سبيل الله ضد من وصفتهم بالمرتدين عن الإسلام"، وهو الوصف الذي أطلقه نظام صنعاء على الحرب "حرب الردة والانفصال".

ويمكن العودة الى تصريحات أطلقها الزعيم السابق في تنظيم القاعدة المصري نبيل أبو نعيم، قبل نحو عقد، والذي أكد فيها على مشاركة الأفغان العرب في الحرب ضد الشيوعية في الجنوب.

وقدم المركز براءة لنظام صنعاء من الحرب العدوانية التي انتهت باحتلال الجنوب وتشريد أكثر من مائة ألف موظف جنوبي من وظائفهم واغتيال أكثر من 15 مسؤولا حكوميا وعسكرياً.

 ولتأكيد "سقوط مهنية المركز"، فقد تجاهل الى اتفاقية "وثيقة العهد والاتفاق"، الموقعة قبيل الحرب في الأردن، والتي انقلب عليها تحالف صالح والاخوان، حيث ذهب المركز الى الزعم أن "انقسام الجيش على خطوط الشمال والجنوب بموجب اتفاقية الوحدة قد ساهم في تمهيد الطريق أمام صالح والبيض للجوء إلى القوة العسكرية لتسوية خلافاتهما السياسية في نهاية المطاف"؛ والحقيقة ان صالح هو من حرض على الحرب بعد انقلابه على بنود وثيقة العهد والاتفاق، ناهيك عن تجاهل المركز لمسلسل الاغتيالات الذي اعقب توقيع اتفاقية الوحدة في الـ22 من مايو (أيار) .

واعلى الرغم من ان المقترح المقدم من المركز الممول قطريا قد اقترح "المجلس الرئاسي"، الا انه بشر بجولة دموية عقب ذلك، مما يعني ان الحلول التي طرحها قد تؤسس لحروب جديدة، بمعنى ان "ان مشروع التقاسم" الذي تسعى له الأطراف الإقليمية الثلاثة، مهدد بالرفض وبالتالي ستكون الحرب الخيار البديل لتطبيقه، ولكن بعد ان يتم منح مشروعية لمجلس رئاسي "قد يمثل فيه الجنوب صوريا، كما جرت العادة مع هادي واتباعه الجنوبيين.

ولكي يتم تمرير المشروع  - على الممولين لهذه الأبحاث الحكومة الفيدرالية الألمانية وحكومة كندا والاتحاد الأوروبي -  "أظهرت الباحثة مركز صنعاء الاخوان المسلمين في اليمن في صورتين "الأولى بانه التنظيم المستهدف من الإمارات"، والأخرى بانه أقوى المعسكرات الموالية لهادي، والذي زعمت الباحثة انه قد يعارض المجلس الرئاسي المزعوم".

 

وقالت الباحثة "إن السعودية بصفتها الداعم السياسي والعسكري الرئيسي للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا، يمكنها إبلاغ هادي بأنه لن يتلقَ أي دعم إضافي حتى يوافق على التخلي عن بعض سلطاته لمجلس رئاسي".

لكنها سرعان ما عادت لتقديم الإخوان في اليمن بانهم من يفترض يرأسوا المجلس الرئاسي، من خلال الزعم "إن صياغة مثل هذه المبادرة تعد أمراً بالغ الأهمية لتهدئة كل من هادي وحلفائه. على سبيل المثال، سيحتاج حزب الإصلاح (الإخوان) -نظرًا لآلته الإعلامية والدعائية الضخمة- إلى ضمانات بأنه سيظل شريكًا أساسيًّا في السلطة".

عبدربه منصور هادي، الرئيس المنحدر من الجنوب، قد انتهت فترة رئاسته التي كان مقررا ان يسلمها في العام 2014م، لم يكن رئيسا بل أداة مشرعنة لتنظيم الاخوان الذي يتحكم في القرار الرئاسي من خلال نائب هادي، الجنرال الإخواني علي محسن الأحمر ومدير مكتب الرئيس الإخواني المتطرف عبدالله العليمي.

 

ولكي يستمر هادي في دور المشرعن للحروب اليمنية الشمالية على الجنوب، اقترح المركز انه "سيبقى هادي رئيسًا للمجلس، لكن دوره سيقتصر على المصادقة على تشكيل المجلس ونقل صلاحياته إلى المجلس الجديد. لن يكون لدى هادي أي سلطات أخرى؛ فاتخاذ القرار في المجلس سيكون على أساس تصويت الغالبية"؛ بمعنى انه سيكون رئيس لشرعنة حرب استكمال الاستحواذ على الجنوب، بعد ان أصبح الحوثيون يتحكمون في كل اليمن الشمالي، وهو ما تجاهل المركز الإشارة الى دورهم في المجلس الرئاسي على اعتبار انهم قد يرفضون نظرا لما يمتلكونه من أوراق سياسية وعسكرية، بمعنى ان المجلس الرئاسي هدفه الأساسي شرعنة حرب احتلالية للجنوب فقط دون النظر الى مستقبل اليمن الشمالي الذي أصبح في قبضة الاذرع الإيرانية.

واعترفت الباحثة اليمنية ان هذا المقترح "يمثل حلا مؤقتاً"، والمتمثل في تجاوز ازمة ما بعد رحيل هادي، الذي توقع المركز انه قد يتوفى،

 وختمت الباحثة اليمنية بالقول "صحيح أن التغيير على المستوى التنفيذي للحكومة ليس حلًا سحريًّا لمشاكل اليمن إلا أن إعادة صياغة كيفية ممارسة السلطة الرئاسية هي خطوة حاسمة يمكن تنفيذها جنبًا إلى جنب مع إصلاحات أخرى لوضع الحكومة على أساس أكثر استقرارًا"؛ وهنا يمكن الإشارة الى ان المجلس الرئاسي المزمع تشكيله من بوابة السعودية التي يفترض انها الداعم الرئيس لهادي، وحلفائه الاخوان، الا انه يؤكد على تجاوز "مشروع الأقاليم الستة"، بعد ان اصبح الحوثيون يسيطرون على أربعة أقاليم، ويصعب استعادة ولو جزء بسيط من تلك المدن التي قسم على أساس "أربعة أقاليم"، بما في ذلك جزء كبير من الإقليم الرابع "سبأ" الذي يسيطر الموالون لإيران على أجزاء واسعة منه باستثناء مركز محافظة مأرب "العاصمة الإقليمية".

ويمكن هنا تنويه الأطراف الممول لمثل هذه الدراسات "وهي "، بأن مثل هذه الدراسات تمثل رؤية يمنية شمالية ترفض أي شكل من اشكال الحوار مع الجنوبيين، وهي اطراف يمنية تعلن قبولها بالحوثيين الذين دمروا البلد وادخلوا اليمن في مجاعة كبيرة، لكن في ذلك ترفض هذه القوى أي شكل من اشكال الحوار مع الجنوبيين الذين لديهم قضية وطنية وسياسية يستحيل تجاوزها بمثل هكذا مشاريع.

لذلك يفترض ان يعيد الممولون النظر في ذلك، فالمجلس الرئاسي او أي مشاريع أخرى لا تعترف بحق الجنوبيين في تقرير مصيرهم، فأنها قد تؤسس لحروب أخرى، وهو ما يعني "تورط الممولين في هذه الحرب بصورة او بأخرى".