"لمحة عن انتكاسات التنظيم في الجنوب"..

تحليل: "القاعدة" يعيد ترتيب صفوفه انطلاقاً من تعز.. الفضل لهؤلاء

تنظيم القاعدة في مدينة تعز اليمنية - أرشيف

مراسلون
مراسلو صحيفة اليوم الثامن

لم تعد مدينة تعز الحالمة، والهادئ تنعم بأي شيء من صور الأمن والاستقرار منذ العام 2011م، ابان الانتفاضة ضد نظام الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، فالمدينة سقطت في اتون الفوضى والعنف، وانتشار المسلحين بعد انهيار الأجهزة الأمنية.

ولم يقتصر الأمر هنا، فقد استكمل الحوثيون، ما بدأها الإخوان بإدخال مدينة تعز في اتون العنف المسلح في منتصف العام 2015م، فقد أسقط المسلحون القادمون من اقصى شمال اليمن الشمالي المدينة دون قتال، لكن مع ذلك خرج المواطنون في المدينة في تظاهرة رافضة لجر الحرب صوب بلادهم، الا ان تلك التظاهرة تعرضت لأعمال قمع واسعة أسفر عن سقوط قتلى وجرحى (جميعهم مدنيون).

 
اقرأ المزيد من اليوم الثامن> تقرير: "الحشد الشعبي وداعش".. من يتحكم في الآخر بتعز

احتلال الميليشيات الحوثية لمدينة تعز لم يدم طويلاً، فمع تحرير الجنوب من الميليشيات الحوثية في يوليو 2015م، أشرفت الإمارات العربية المتحدة، على معركة تحرير مدينة تعز وأوكلت المهمة للسلفيين الذين لهم "خصومة شديدة مع الحوثيين والإخوان"، حيث استطاع السلفيون تحرير أجزاء واسعة من مدينة تعز، ودفع الحوثيين خارجها.

 
اقرأ المزيد من اليوم الثامن > تقرير: دور القوات المسلحة الإماراتية في محاربة الإرهاب باليمن

لكن هذا لم يرض الإخوان الذين حشدوا قواتهم ليس لقتال الحوثيين ولكن لقتال الأشد خصوما للحوثيين، ونجح الإخوان في دفع السلفيين خارج مدينة تعز والمناطق المحررة، قبل ان يشرعوا في السيطرة على أخر القوات العسكرية الرسمية التي لم تنهار بفعل الانقلاب الحوثي، وهي قوات اللواء 35 مدرع الذي يقوده العميد عدنان الحمادي، أحد أبرز قادة الجيش.

في العام 2019م، اغتال مسلحون تقول تحقيقات انهم من الاخوان، العميد عدنان الحمادي قائد اللواء 35 مدرع، قبل ان يباشر التنظيم تعيين قائدا للواء من نفس الجماعة في اخر فصول السيطرة عليه.

 
اقرأ المزيد من اليوم الثامن> تحليل: "الإصلاح اليمني" عن تصنيف السعودية: "نحن إخوان مسلمون"

خلال الست السنوات الماضية، بينت تحقيقات صحافية لقنوات عالمية وجود عناصر من تنظيم القاعدة وداعش يقاتلون في صف الاخوان، ضد السلفيين والحوثيين معاً، لكن هذه التقارير لم تكن دليلا كافيا حتى أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية وضع قيادات ومسؤولين حكوميين من الاخوان على قوائم الإرهاب بدعوى انهم من يحرك تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

مثل هذه الإجراءات الأمريكية "ضربة موجعة"، لهادي الذي كان يحاول الحصول على دعم إقليمي ودولي للبقاء رئيسا لليمن، وهو ما دفع أطراف إقليمية الى التراجع عن دعمه حتى تقلصت سيطرة قواته كثيرا ولم يعد يمتلك أي سيطرة حقيقية باستثناء القوات الموالية للإخوان.

 
اقرأ المزيد من اليوم الثامن> تقرير: إخوان اليمن.. هل فشلت خطة شرعنة السيطرة على التربة

كانت مدينة تعز "بؤرة إرهابية"، فالمفصعون والقاعدة وداعش، انتشروا في المدينة وتوزعوا بين القتل والتنكيل والنهب والسلب، حتى أضحت المدينة خاوية على عروشها، بعد ان نزعت آلاف الأسر صوب عدن وأبين ولحج في الجنوب.

وأظهرت صورا بثت على الانترنت تنظيم داعش وهو يقوم بسحل جثث قتلى تم قتلهم بدعوى انهم "شيعة او يناصرون التحالف العربي"، وهي الصور التي اثارت غضبا واسعا في تعز، الا ان الاعمال المسلحة لم تقتصر على القاعدة وداعش، فقيادات الإصلاح تورطت في ارتكاب انتهاكات بحق الأطفال، وفق ما أفادت به منظمات حقوقية دولية، التي أكدت تعرض أطفال لحالات اغتصاب من قبل قيادات عسكرية إخوانية.

 
اقرأ المزيد من اليوم الثامن> تقرير: إعلام إخوان اليمن يفتح النار على "السعودية".. لماذا الآن؟

وتحولت تعز الى مدينة مغلقة يرتكب فيها المسلحون اعمال قتل يومية، لكن الاعلام والمنظمات الحقوقية لم تركز بشكل كبير على كل ما يحصل في مدينة تعز، التي أصبحت خالية تماما من أي "مواقف مناهضة للإرهاب".

وهو ما ساعد على ان تكون تعز مدينة آمنة للتنظيم الأشد تطرفا في الجزيرة العربية، فقد كان تنظيم القاعدة في العام 2016م، يحتل ساحل حضرموت، الا ان العملية العسكرية الخاطفة انهت وجود التنظيم الذي فرت عناصره صوب ساحل حضرموت حيث تتواجد قوات علي محسن الأحمر، وهذا العام شهد أكبر انتكاسة لتنظيم القاعدة "أشد فروع التنظيم تطرفا في الجزيرة العربية".

 
اقرأ المزيد من اليوم الثامن> تحليل: "الإصلاح اليمني".. حزب سياسي وميليشيات متطرفة وإرهابية

القوات المسلحة الإماراتية "الشريك الفاعل في تحالف دعم الشرعية"، عملت منذ هجوم داعش والقاعدة على فندق القصر مقر حكومة خالد بحاح، ومقرات القوات الإماراتية في عدن مطلع أكتوبر 2016م، على تأسيس قوات جنوبية في عدن وأبين وصولا الى شبوة وحضرموت، وخلال اقل من ستة أشهر نجحت في تأمين كامل مدن الجنوب المحررة من الحوثيين بما في ذلك المكلا التي كانت معقلا رئيسيا لتنظيم القاعدة لأكثر من عام.

 
اقرأ المزيد من اليوم الثامن> تقرير: أين قتل زعيم تنظيم القاعدة قاسم الريمي ومن كان يحميه؟

بعد ان خسر التنظيم مواقعه الرئيسية في الجنوب، انسحبت عناصر التنظيم صوب تعز والبيضاء ورداع ومأرب، لكن الضربة الأبرز التي تعرض لها التنظيم بمقتل أميره قاسم الريمي الذي قتل في غارة جوية أمريكية في مزرعة وسط مدينة مأرب.

بدأ واضحا عدم مقدرة التنظيم على خوض أي معارك ضد خصومه في الجنوب، فحتى الهجمات الإرهابية التي كان التنظيم يعتمد عليها ضمن الإجراءات الانتقامية فشل فيها لاحقا بفعل الاستراتيجية الأمنية التي اتبعتها القوات المحلية وبإشراف القوات الإماراتية.

 
اقرأ المزيد من اليوم الثامن> تقرير: قيادات إخوانية على قوائم الإرهاب.. الفضيحة الأكبر!

لكن مع العام 2019م، استطاع التنظيم لملمة صفوفه مستفيدا من صفقة تبادل معتقلين مع الميليشيات الحوثية في صنعاء، وهي الصفقة التي أفرج الحوثيون على أثرها عن أبرز قيادات التنظيم الإرهابي التي شاركت في الحرب على شبوة "أغسطس 2019م".

لكن مع ذلك كانت تعز المعقل الآمن للتنظيم، الفضل لتنظيم الإخوان والحوثيين الذين أجلوا معاركهم "البينية"، واتجهوا لإعادة ترتيب صفوفهم وشن هجمات إرهابية تركزت في محافظة أبين التي شهدت أعنف المعارك مع التنظيم خلال 12 عاماً.

 
اقرأ المزيد من اليوم الثامن> تقرير: "إخوان اليمن".. صانعو الإرهاب هددوا بالتحالف مع القاعدة

 يحشد التنظيم في مدينة تعز التي أصبحت خارج سيطرة التحالف العربي وحكومة عبدربه منصور هادي، عناصره بغية التوغل صوب ميناء المخأ الاستراتيجي، وتصنع قطر لهذا التحرك المرتقب المبررات، فخلال الأيام الماضية ادعت تقارير إخبارية دولية – يعتقد ان الدوحة تقف خلفها – "ان القوات الإماراتية تقوم بإنشاء قاعدة عسكرية في جزيرة ميون الجنوبية، وهو الأمر الذي نفاه التحالف لاحقا ودحض تلك المزاعم، الا ان الاعلام القطري والإخواني ظل يردد هذه التقارير على انها صحيحة وان اليمن "أصبح البلد الذي تنتهك سيادته".

ويستفيد الاخوان من هذا الخطاف في حشد اليمنيين والجماعات المتطرفة، في معركة "بالوكالة" لإسقاط مضيق باب المندب للنفوذ القطري والتركي، وهو المخطط الذي يعمل عليه التنظيم منذ سنوات.

 
اقرأ المزيد من اليوم الثامن> تقرير: حل حزب "الاصلاح".. هل أصبحت أولوية في مكافحة الارهاب؟

الحرب بالوكالة التي يجري التحضير لها في تعز، سيكون تنظيم القاعدة أبرز ادواتها، فالسيناريو المتوقع ان يدفع الإخوان تنظيم القاعدة لتوجيه ضربات ضد القوات المشتركة في الساحل الغربي، او تفجيرات إرهابية في المضيق، لخلق مبرر للتوسع صوب الممر الدولي الهام، لحمايته من الهجمات الإرهابية.

تتشكل قوات الحشد الشعبي الاخوانية من فصائل إرهابية مرتبطة بتنظيم القاعدة، والتي يقول البرلمان اليمني انها أنشأت بعيدا عن التحالف العربي والحكومة اليمنية الشرعية التي لا تعرف أي شيء عن هذه القوات التي أنشأت بتمويل قطري وتركي عن طريق الاخواني حمود المخلافي.

 
اقرأ المزيد من اليوم الثامن> تقرير: مرتزقة تنظيم الإخوان الإرهابي.. من ليبيا إلى اليمن وسوريا

كانت السعودية التي تقود التحالف العربي، تعول كثيرا على المصالحة مع قطر، لوقف مخططات الاخوان الرامية الى افشال جهود التحالف في إعادة الأمن والاستقرار الى المدن المحررة، الا ان ذلك يبدو قد تبخر، وان قطر لن تتنازل عن مشروعها المتصادم مع مشروع السعودية والامارات ومصر والبحرين، وهو ما يعني ان الرياض قد فقدت الكثير من احتواء الموقف في تعز التي أصبحت موطناً لتنظيم القاعدة الإرهابي، وبات الاستحالة بمكان البحث عن موطئ قدم في ظل هيمنة حوثية في الشمال ومطامع اخوانية – تتناقض واهداف عاصفة الحزم- وتخدم الاجندة التي قامت الحرب في اليمن للقضاء عليها.

 
اقرأ المزيد من اليوم الثامن> تقرير: الإرهاب و"الشرعية" قصة تحالف وثيق مع الإخوان والقاعدة

لكن تظل مسألة "ترتيب تنظيم القاعدة لصفوفه في تعز"، مسؤولية تتحملها القيادة العسكرية السعودية التي لم تحسن منذ اختيار الحلفاء واعتمدت بشكل كبير على نائب الرئيس علي محسن الأحمر الذي اوكل ملف الحرب للإخوان الذين حرفوا مسار القتال بعيدا عن الحوثيين.

 
اقرأ المزيد من اليوم الثامن> تحليل: زعيم تنظيم الإخوان في اليمن.. كيف يعزز نظرية داعش

وستكون الرياض في مواجهة حقيقية مع المجتمع الدولي، فالحلفاء المحليون الذين اعتمدت عليهم في قتال الحوثيين، أصبح لديهم مشاريع أخرى، وباتوا العامل الرئيس في إعادة ترتيب تنظيم القاعدة لصفوفه انطلاقا من مدينة تعز، وهو ما يعني ان جهود مكافحة الإرهاب ليست على ما يرام، الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في الحلفاء الإقليميين والمحليين في اليمن، بما يكفل القضاء على اشد فروع التنظيم تطرفا في الجزيرة العربية.

 
اقرأ المزيد من اليوم الثامن > تقرير: لماذا تدخّل حزب "الإصلاح الإخواني" لفرض باطرفي في اليمن؟

----------------------------------------------
المصادر| مراسلو صحيفة اليوم الثامن في تعز وحضرموت ومحرر الشؤون الأمنية والعسكرية