وجه مدني..

مريم محمد: حادثة غيرت حياتي ولهذا السبب أخترت الإعلام والصحافة

الإعلامية الشابة مريم محمد - أرشيف

حنين فضل
مدير تحرير صحيفة اليوم الثامن

الإعلامية الشابة مريم محمد، ابنة التواهي والعاصمة والجنوب، تفتح قلبها في حديث عن نشأتها واختيارها للصحافة والإعلام وممارسات الاحتلال اليمني بحق اسرتها وطموحها المستقبلي، او كما تقول "لأول مرة احكي عن تفاصيل وخيوط رفيعة في دروب حياتي التي ربما يجهلها الكثير"..

مريم محمد شابة بسيطة، مهما تغيرت الحياة والظروف لاتزال تحتفظ ببساطتها قبل كل شيء، "مريم محمد" كما أحب أن أُسمى بعيداً عن الألقاب والمناطق والصفات.. هي شابة نشأت بين أسرة أقل ما يُقال عنها أنها جنوبية للنخاع، عاشت طفولتها في مدينتها - قبلة العشاق وهُواة الجمال- "التواهي" التي استوطنت جزء كبير فيها وشغلت حيزاً كبيراً من حبها، لم تكن مريم محمد من الأشخاص الذين يسافرون خلال العطلات والإجازات بل كانت تقضي ال٣٦٥ يوماً في التواهي ولا يزعجها ذلك أبداً لأنها تحبها كثيراً ولا تقوى فراقها.

 

الدراسة

تقول مريم :"درستُ المرحلة الأساسية والثانوية في مدارس التواهي وكنت احصد المراكز الأولى فيها.. بعد إنهائي المرحلة الأساسية حصدت مركز متقدم على مستوى المحافظة والأول على مديريتي حينها، وتم تكريمي من قبل "المخلوع صالح" وقيادة محافظة عدن أنذاك.. كان التفوق هو هدفي في الحياة وماكنت أسعى لسواه".

حادثة غيرت مجرى حياتي

وتروي الإعلامية الشابة مريم محمد في حديثها لصحيفة اليوم الثامن عن حادثة غيرت مجرى حياتها، حيث تقول "لأنني تشربت الوطنية والحرية منذُ الصغر فقد بدأت تتحرك بداخلي نزعات الغيرة على وطني منذ بداية سنين شبابي وأنا أرى كيف يعامل نظام صنعاء أهلي في الجنوب ولكن كان ذلك بشكل بسيط وبحث صامت بيني وبين نفسي.. لكن ما أن حدث أحد أبرز الأحداث التي غيرت مجرى حياتي حتى تغيرت الكثير من الأفكار والدوافع والأهداف فيها".

 

 اقتحام المنزل

 

وتابعت مريم حديثها "في بداية عام ٢٠٠٨ وتحديداً فجر يوم الجمعة الحادي عشر من أبريل ذلك اليوم المشؤوم الذي فيه تجردت قوات الظلم والطغيان والاحتلال اليمني، التي كانت تحكم الجنوب من كل انسانيتها وتجرأت على أن تداهم بقواتها ومسلحيها - "الملثمين وبزيهم المدني" - منزلنا وتقض مضاجعنا في يوم اجازتنا الوحيد ونحن مجموعة أطفال طلاب مدارس اكبرنا لم يتجاوز العشرين عاماً بدون وجود والدينا، تجرأوا على اقتحام المنزل وليس ذلك فحسب بل وجهوا إلينا أسلحتهم وطردونا أنا واخواتي منه وأخذوا أخي الكبير ليس لأي سبب بل لأننا ننتمي للحراك الجنوبي وندعمه".

 

أصبت بشلل مؤقت

 

وقالت "كان ذلك أصعب يوم في حياة "مريم محمد" لأني أُصبت بشلل مؤقت وصدمة كبيرة أثرت فيّ كثيراً وكانت هذه نقطة التحول.. فقد اشتعلت بداخلي نيران الحقد والرغبة بالانتقام ولكن قبل كل هذا كان عندي فضول لأعرف "لمّ كل هذا الحقد على الجنوب وشعبه؟!" "لمّ كل هذه المعاملة القاسية والإجرام بحقنا ونحن لم نرتكب أي جريمة، بل كنا سلميين سلاحنا القلم ومكبر الصوت!!؟".

وقوف وقيادات الحراك الجنوبي

 

وقالت "لا أنسى يومها كمية الناس المتضامنة معنا، ولا أنسى وقوف بعض قادة الحراك معنا واتصالهم بنا وتهديئهم من روعنا ومنهم الدكتور ناصر الخبجي - عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي حالياً - الذي كنت احادثه وقلبي يقطر دم من القهر وكان يحاول رصد وتوثيق هذا الانتهاك وهذه الحادثة.. ومنذ صبيحة اليوم التالي بدأت بالبحث والقراءة في كل الصحف وفي كل مكان أبحث عن أسباب تلك الوحشية التي قابلنا بها ذلك النظام المحتل".

اختيار الصحافة والإعلام

 

وعن تلك الحادثة تقول الإعلامية الشابة "كانت هذه الحادثة هي بداية دخولي لهذا المجال وحبي له وهو مجال الصحافة والإعلام.. بالرغم ان كل بداياتي بهذا المجال كانت مجرد هواية وشغف منذ الصغر ولكن هذه الحادثة هي من صقلت موهبة الكتابة عندي واظهرتني للعالم.. فقد كنت منذ صغري احفظ الأخبار واكتبها على لوح خشبي تحت عنوان "أخبار اليوم" وذلك بمساعدة أختي الوحيدة التي يجمعنا نفس الشغف".

قناة عدن لايف

وعن أول مشاركة لها في العمل الإعلامي، تقول مريم "كانت مشاركاتي محصورة على قناة "عدن لايف" تقريباً في ٢٠٠٩م فقد كنت أظهر بعدة صفات "أصغر مراسلة، الناشطة السياسية، المرأة الجنوبية " وكان كل ذلك بدعم وتشجيع أسرتي وبعض الزملاء في القناة.. وبعدها بدأت بالدخول لمواقع التواصل الاجتماعي وكانت هي منصة الانطلاق".

 

اجتهاد

وقالت "مواقع التواصل الاجتماعي كرستها لنقل قضية الجنوب، نقل معاناة شعب الجنوب، ونضال شعب الجنوب وتضحياته.. حاولت جاهدة أن أنقل صوتي للعالم، كنت أتواصل مع نشطاء أجانب وامدهم بكل التفاصيل وكنت ألقى الكثير من الدعم والتضامن.. في كل مرة أشعر بالفرحة لأني استطعت أن اُوصل صوتنا ولو لجزء بسيط من العالم، حاولت أن أكسر التعتيم المفروض علينا وعلى قضيتنا، ومن هنا كسبت الكثير.. كسبت خبرة بالكتابة ونقل الواقع، وكسبت زملاء ورفاق يروق لهم ما أكتب وكسبت نشطاء أجانب داعمون لقضيتنا".

 عروض عمل

وتابعت الإعلامية الشابة مريم محمد حديثها لـ(اليوم الثامن)، حديثها عن تلقيها عروض للعمل التلفزيوني الا انه والده كان يعترض بدعوى انها لا تزال صغيرة، ومضت قائلة "بدأت عروض العمل تنهال عليّ لكن كان والدي يواجهني بالرفض لكل عمل إعلامي لأني لازلت "صغيرة" ولابد أن أكمل دراستي الجامعية بدون أن ارتبط بأي شيء آخر يشغلني عن دراستي التي مازلت أحافظ على الامتياز فيها.. ولكني كنت أعمل طوعاً ووقت فراغي وأكتب كلما شدني أو ازعجني خبر أو حادثة، وكنت أساعد الكثير من الزملاء في مواقعهم وفي مراسلتهم بالأخبار العاجلة وبعض التقارير".

 

الاستمرار في الدراسة

وقالت مريم "استمريت بذلك حتى انتهيت من دراستي الجامعية بتخصص آخر غير "الإعلام " بسبب خوف الأهل آنذاك من القمع الذي يتعرض له الصحفيين والإعلاميين، لكني لم ايأس وبعد دراسة البكالوريوس بتخصص آخر، أصريت أن أدرس الصحافة والإعلام لأني أرى فيهما مستقبلي وتكفلت بتدريس نفسي ماجستير صحافة وإعلام وأكملت دراسته التمهيدية بتقدير ممتاز".

 

الصحافة والبداية

وقالت الإعلامية الشابة مريم محمد "إن الصحافة كانت هي بدايتي وهي من تعبر عن شخصيتي أكثر، فأنا فتاة خجولة تجد في الحروف المكتوبة طريقة سهلة للتعبير عن ذاتها ومايجول بخاطرها وتحب أن يصل للعالم بأسلوب سلس ومحبب، استساغه الكثير ممن قرأوا كتاباتي واحبوها وكانوا مصدر دعم وتشجيع لي".

 

اختيار الإذاعة

وقالت "ارفض الظهور بشاشة التلفاز بسبب اني خجولة، لكن الإذاعة بالنسبة لي شيء آخر وهي شغف من نوع آخر وربما صورة كنت ارسمها لنفسي منذُ صغري ودون أن تكون هناك أي عوامل خارجية، فقد كنت في طفولتي اقلد أصوات مذيعي القنوات الكبيرة واحرص على متابعة كل النشرات مع أهلي، فالإذاعة هي شغف الطفولة، والصحافة هدف الشباب، وهما ما أعمل بهما حتى الآن".

 

تقييم العمل الإعلامي

وأكدت الإعلامية الشابة أن "هناك شحة بوجود من يقيم العمل الإذاعي والتلفزيوني.. نحن بحاجة لإعلاميين كبار يقيمون عملنا الإعلامي بشكل عام، فإن وُجد من يقيم عملنا ويوجهنا ويرشدنا لنقاط ضعفنا وقوتنا وفق معايير الإعلام العالمية فهنا هو من سيكشف لنا إن كان هناك شح في الأصوات الإذاعية والتلفزيونية والمحتوى الذي يُقدم في وسائل إعلامنا، وليس نحن من نُقيم أنفسنا وفق معاييرنا أو وفق معايير قديمة قد عفى عنها الزمن، فالتجديد في الإعلام سمة أساسية وإن غاب التجديد غاب الإبداع وغاب المستوى".

الطموح ليس مستحيلا

وقالت مريم "في حياة كل إنسان يطمح لشيء قد يعتبره الآخرون مستحيلا بالتأكيد الكثير من العراقيل، وخوف والديّ عليّ من الخوض في المجال الإعلامي كان أحد العراقيل، وشحة الإمكانيات المادية أيضاً وعدم توفر الأجهزة للعمل والقمع والتعسف أثناء فترة حكم نظام صنعاء كانت أبرز العراقيل.. أما الصعوبات التي واجهتني كثيرة ولا تحصى ففي كل عمل توجد الصعوبات سواء في بيئة العمل أو رفاق العمل أو القائمين عليه، ولكن الحمد لله كل صعب يهون عندما تكون هناك همة وعزيمة وإصرار ".

أهلي وزوجي السند

وقالت مريم محمد "أهلي وزوجي هم سندي في كل حياتي وليس في عملي فحسب، ولولاهم ماكنت استطعت أن أقدم شيئاً.. وأنا أدين لهم بالكثير من جميل الصنيع والمعروف، واشكرهم لأنهم وقفوا معي في أحلك الظروف وفي كل انتكاساتي، بالرغم إنه لاشكر يكفي لهم، ادامهم الله تاجاً على رأسي أفخر بهم ماحييت"..

 

أجعل أبني يفتخر بي 

وقالت الإعلامية الشابة "طموحي المستقبلي أن أنال ما استحق في حياتي، وأن ألقى المكانة التي تليق بي وبما أقدمه، وأن أجد البيئة الصحية الملائمة لتقديم أفضل ما يمكن أن أقدمه في أوضاع صحية وسليمة وهذا للأسف لا يوجد في بلادي لكنه يظل طموح أسعى لتحقيقه سواء تحقق في بلادي أو بغيرها، أيضاً أن أكون أماً مثالية استثمر في طفلي وادعمه واحقق كل ما أتمنى أن أراه فيه، واعطيه ما يستحق من حب وتعليم واهتمام حتى يكبر ويفخر بأن أمه هي "مريم محمد".

وختمت الإعلامية الشابة حديثها لصحيفة اليوم الثامن بالقول ""نجاحك لك وفشلك لك، الناس لا ترى إلا جميل عملك وتعاملك"، "المبدأ أساس كل إنسان، في حياته، في عمله، في كل تفصيلة يعيشها ، فاصنع اساسك بعيداً عن مصالحك، لأن المصالح تنتهي والمبادئ يُفترض أن لا تنتهي".