تقارير وتحليلات
اقتصاد يحتضر..
تقرير: البنوك اليمنية.. بين سندان هادي ومطرقة الحوثي
تحولت البنوك التجارية والإسلامية اليمنية إلى دكاكين أمانات صغيرة تقبَض ودائع الأفراد وتسلمها، فقط، كالمريض الذي يعيش أيامه الأخيرة منتظراً الموت.. بعدما توقف أنشطتها المصرفية الخارجية، وباعت كل أموالها بالدين، ولا موعد مأمول لاستعادتها.
وذكر تقرير اقتصادي نشره موقع نيوز يمن "أن البنوك الخارجية أحجمت عن فتح حسابات للبنوك اليمنية أو التعامل معها في الحوالات بعملة الدولار؛ بسبب عدم وفاء حكومة هادي بالأنظمة الدولية المتعلقة بغسيل الأموال وتمويل الإرهاب وتصنيف اليمن منطقة ذات مخاطر مرتفعة.
ووفقاً للبيانات المالية، فإن 59% من إجمالي أموال البنوك اليمنية مجتمعة صُرفت لتمويل سلطة الحوثي بصنعاء، منها 46% قروض "أذون وسندات وصكوك إسلامية" و 13% أرصدة لدى البنك المركزي تصرفت بها حكومة جماعة الحوثي الانقلابية، ومع عدم اعتراف البنك المركزي بعدن بالسلطة النقدية بصنعاء، بات مصير تلك الأموال مجهولاً، ومفتوحاً على كل الاتجاهات في الوقت الراهن.
وتتوزع بقية الكتلة النقدية للبنوك المحلية 18% أصول خارجية، و1% نقد محلي في الخزينة، و7% أوعية بنكية أخرى، فيما 15% من أموال البنوك سلفيات مع القطاع الخاص 58 % منها معرضة لخطر عدم السداد، وأصبحت البنوك غير قادرة على تحصيل جزء هام من مواردها المستحقة على المقترضين.
ولم تؤمن البنوك التجارية والإسلامية المحلية بتحذيرات سابقة لخبراء المال من مخاطر توجيه معظم قروضها نحو الاستثمار السهل الائتمان الحكومي قصير الأجل "أذون وسندات وصكوك إسلامية" التي وصلت ذروتها 74.7 % عام 2015م، وعزوفها عن الاستثمارات الاستراتيجية الآمنة.
ويرى الخبير الاقتصادي سلطان الصغير، أنه مع تآكل الاحتياطي القومي من العملة الصعبة، وغياب الدولة ووجود سلطتين نقديتين وشح السيولة، وتجريد مؤسسة ضمان الودائع من مهامها بات مصير تلك الأموال شبه معدومة.
وأضاف الصغير: البنوك اليمنية اليوم وجدت نفسها مكتوفة الأيدي بين سندان هادي ومطرقة الحوثي، ففي المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي الانقلابية، تصرفت الجماعة بأموال البنوك، بينما تركت حكومة هادي البنوك اليمنية خارج اهتمامها واقتصر دورها في تحويل البنك المركزي بعدن إلى صندوق يطبع العملة ويصرفُها متخلياً عن مهامه الوظيفية إدارة أدوات السياسة المالية والنقدية.
ويتألف القطاع المصرفي من البنوك التجارية والإسلامية في اليمن من 17 بنكاً، منها 4 بنوك إسلامية.
وكشف مسؤول في البنك المركزي بصنعاء - طلب عدم الكشف عن هويته- أن ربعة بنوك محلية وصلت لمرحلة الإفلاس، بينها بنك كبير، لكن مُنعت من إعلان إفلاسها؛ خوفاً من ردة فعل المودعين، كون سقف ضمان الودائع المصرفية لا يغطي سوى 2 مليون ريال لكل مودع في كل بنك، وهذا ليس كافياً لتطمين كبار المودعين على الاحتفاظ بنقودهم في البنوك؛ بسبب مخاوفهم من تعرض البنوك للإفلاس والمخاطر.
وتوقفت 90% من الخدمات البنكية في البلاد، بسبب ظهور كيانات جديدة – شركات ومحال الصرافة- التي استحوذت على نسبة كبيرة من نشاطها، وغياب الأمن والكهرباء وانقطاع الاتصالات عن مواقع عملها وتعرض بعض فروع بنوك وأجهزة الصراف الآلي للتدمير الجزئي والكلي والنهب والسطو.
وتعرضت البنوك اليمنية لضربات وهزات موجعة وإرباك بتعليمات سلطتين نقديتين غير منسجمتين ولا فاعلتين، وامتناع البنوك الخارجية عن فتح حسابات للبنوك اليمنية، بسبب تصنيف اليمن منطقة ذات مخاطر مرتفعة، وإغلاق البنوك الأمريكية حسابات البنوك اليمنية، ورفض التعامل معها، ورفض قبول الحوالات الصادرة والواردة بعملة الدولار، وتوقف نظام السويفت، وباتت أرصدتها الخارجية مجمدة، إضافة إلى ارتفاع نسبة القروض المتعثرة، وضعف ثقة المودعين وتسرب النقد خارج البنوك.
ويقول الخبير المالي بدر عبدالله غالب، إن البنوك اليمنية أصبحت عملياتها تقتصر على ودائع الأفراد المؤقتة، وتتنافس لتنفيذ أنشطة المنظمات الإنسانية الدولية العاملة في اليمن، لتستفيد من فارق سعر الصرف، حيث يتم حسب سعر صرف تفاوضي مع البنوك يقل عن سعر الصرف الموازي، وهذا يعني أنه كلما ارتفع سعر صرف الدولار إلى أعلى تحصل البنوك على عائد أكبر.
وأضاف غالب، أن الدفع للمستفيدين يتم غالباً بالريال اليمني وفقاً لسعر الصرف، أي أن تلك البنوك تحصل على 30% من قيمة العمليات المحلية بينما يحصل الفقراء والفئات المتضررة على 70 % فقط.