تقارير وتحليلات
الجهود الأممية أمام تحدّ صعب..
غريفيث يفتح مسارا موازيا لتحريك المفاوضات اليمنية
قالت مصادر دبلوماسية لـ”العرب” إن المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث يسعى لفتح مسارات جديدة للحل السياسي في اليمن تتجاوز الأطر التقليدية التي دأب المبعوثان السابقان على التعامل معها، في محاولة للخروج من مأزق التعنت الحوثي الذي قوبل به أثناء زيارته الأخيرة لصنعاء.
وأشارت المصادر إلى أن غريفيث، الذي سيقدم إحاطة مفصلة لمجلس الأمن الدولي، الخميس القادم، تتضمن نتائج زيارته للرياض وعدن وصنعاء، سيدعو المجلس إلى دعم جهوده الرامية لاستئناف المشاورات السياسية في اليمن، بهدف التوصل إلى تفاهمات شاملة حول الملف اليمني بين الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة والضغط على الفرقاء اليمنيين للعودة إلى طاولة الحوار.
وكشفت مصادر خاصة لـ”العرب” عن الإعداد للقاء سياسي يمني من المتوقع أن تستضيفه لندن بدعوة من وزارة الخارجية البريطانية وبالتنسيق مع المبعوث الأممي إلى اليمن.
وقالت المصادر إن الاجتماع الذي ستحضره قيادات سياسية بارزة من مختلف الأطراف اليمنية سيعمل على وضع أرضية مشتركة للمشاورات اليمنية القادمة التي لم يحدد موعدها ولا مكانها حتى الآن، غير أنه من المرجح أن تتم في إحدى العواصم الأوروبية نهاية أغسطس القادم.
وعن أسباب زيارته للكويت التي استضافت آخر جولة من المشاورات اليمنية منتصف 2016، أشارت المصادر إلى أن غريفيث طلب من المسؤولين الكويتيين الضغط على الأطراف اليمنية لتشجيعها على العودة إلى المسار السياسي، إضافة إلى طلبه من أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، التدخل لدى قيادة التحالف العربي لدعم الشرعية لتمديد الهدنة الممنوحة له لإنجاح تحركاته السياسية قبيل استئناف معركة تحرير الحديدة التي ستصادف نهاية يوليو الجاري.
ووضع التصعيد الحوثي الأخير واستهداف ناقلات النفط السعودية في مضيق باب المندب بالتزامن مع زيارة غريفيث لصنعاء، الجهود الأممية أمام تحدّ وصف بالأصعب، إلى جانب ما مثله تعنت ميليشيات الحوثي من إحباط لجهود المبعوث الأممي الذي تعرض لحملة إعلامية حوثية في نهاية زيارته الأخيرة لصنعاء وصلت حدّ التلميح بانحيازه للتحالف العربي.
ويتوقع مراقبون أن يعمل المبعوث الأممي خلال الفترة القادمة على توسيع دائرة تحركاته بحيث تشمل أطرافا دولية وإقليمية ويمنية أخرى ذات تأثير وحضور في المشهد اليمني، بهدف تجاوز حالة الجمود السياسي والتصلب في مواقف الميليشيات الحوثية والحكومة الشرعية التي لا تزال متمسكة بالمرجعيات الثلاث كإطار سياسي لأي حل في اليمن.
وفي تحرك دبلوماسي جديد، التقى وزير الخارجية اليمني خالد اليماني، الاثنين، سفراء مجموعة الـ18 الراعية للعملية السياسية في اليمن، وأطلعهم على التزام الحكومة بدعم تحركات المبعوث الأممي.
ولفت اليماني إلى موافقة الشرعية على مبادرة المبعوث الأممي بشأن مدينة وميناء الحديدة ومينائي رأس عيسى والصليف، مشيرا إلى تمسك الميليشيات الحوثية في المقابل بخيار الحرب ورفض العملية السياسية، من خلال رفض الانسحاب من مدينة الحديدة.
وحول آفاق الحل في اليمن في ظل المعطيات الأخيرة التي رافقت التحركات الأممية قلل وكيل وزارة الإعلام اليمنية نجيب غلاب في تصريح لـ”العرب” من قدرة غريفيث على إحداث أي تحوّل جوهري يتجاوز نقل الصراع إلى مربعات تثبيت الجذور الحوثية وشرعنة وجودها والسعي لإعادة بناء شرعية جديدة تنهي المرجعيات الحالية لصالح مرجعية أخرى.
وقال غلاب إن استمرار غريفيث في نهجه الحالي للتعامل مع الأزمة اليمنية ستكون مآلاته تحويل الانقلاب إلى واقع مشرعن عبر الأمم المتحدة في تكرار للطريقة التي سار عليها المبعوث السابق جمال بن عمر وانتهت إلى تجاوز المبادرة الخليجية وبناء وثيقة سلم وشراكة انتهت بانقلاب مكتمل الأركان.
وعن السبل المتاحة للحل السياسي اعتبر غلاب أن المقررات الأممية يجب أن تكون أساس أي حل، مضيفا “وفي حال رفضت الميليشيات الحوثية ذلك يتم تبني قرارات مضافة تحت البند السابع وهذا بحدّ ذاته كفيل بجلب الحوثيين إلى طاولة المفاوضات”.
ووصف خبراء استراتيجيون التداعيات الأخيرة والمتسارعة في المشهد اليمني، ومحاولة الميليشيات الحوثية تنفيذ عمليات خارج سياق الحرب بهدف تحقيق مصالح إيرانية مباشرة كما حدث من خلال استهداف ممر الملاحة الدولي بأنها التحوّل الأخطر في مسار الحرب اليمنية والذي سيساهم في تقليص قدرات الميليشيات الحوثية على الإضرار بالمصالح الدولية بوصفها ذراعا لطهران.
وفي هذا السياق أعلن الجيش المصري عن تنفيذ مصر والسعودية والإمارات والولايات المتحدة الأميركية تدريبات مشتركة في المياه الإقليمية بالبحر الأحمر.
ويكشف توقيت ومكان وطبيعة القوات المشاركة في المناورات عن تصاعد القلق الإقليمي والدولي من التهديدات الإيرانية بتعطيل المنافذ البحرية، بعد إقدام الحوثيين على استهداف ناقلتي نفط عملاقتين قبالة السواحل الغربية اليمنية وهي العملية التي أعلن وزير الطاقة السعودي على إثرها تعليق شحنات النفط الخام المارة عبر باب المندب، الأربعاء الماضي.