بحوث ودراسات

جهود إعادة العمل القضائي إلى العاصمة

فك الاشتباك القضائي بين عدن وصنعاء

محاكم عدن دمرها العدوان الشمالي

امين قنان (عدن)

مقدمة :
العنوان يقصد الوصول إلى معاني استعادة العمل القضائي بمحافظة عدن كمقدمة لاستعادة منظومة القضاء في كامل المحافظات المدرجة ضمن الإطار الجغرافي العاصمة عدن كما اتضحت حدوده في وثيقة الضمانات التي وقعت من قبل أطراف العملية السياسية المعنية بالمبادرة الخليجية .. استعادة العمل من خلال فك اشتباك الاشكالي بالمراجعية الوظيفية التي تمثلها أجهزة القضاء المركزية بالعاصمة صنعاء ( المحكمة العليا – هيئة التفتيش القضائي – وزارة العدل – مكتب النائب العام ) على اعتبار أن مسار العملية القضائية في الجمهورية اليمنية قد أضحى يمتثل لعناوين سياسية متباينة ان لم نقل عناوين متناقضة – متصادمة – متصارعة وهذا وضع يستلزم معه أن تمضي عجلة العمل القضائي ب العاصمة عدن في تحاشي - قدر الممكن - لأي اشتباك وظيفي او اعتمادية وظيفية تنعكس في صورة قصور ذاتي يفتقر الى احتياج لاجهزة العاصمة قد تتمثل فيه مخاطر عوائق أساسية قد تفشل جهود السلطات المحلية في محافظة عدن والرامية إلى إطلاق فصل جديد من فصول العمل القضائي في المحافظة .
كل هذا الفرض مشروط بعدم إمكانية التنسيق الإيجابي بين الجهتين القضائيتين في المركز و العاصمة عدن من خلال قنوات تواصل ترعاها قيادات السلطة القضائية على الضفتين , فاذا كان هذا التنسيق ممكنا فربما تتوالد فيه بعض المعالجات الضرورية نسبيا خصوصا فيما يتعلق بالجوانب القانونية والاجرائية على غرار امكانية التشاور بشان سد الشواغر وتحويل بعضا ختصاصات المركز القضائية الى رؤساء النيابات والمحاكم في محافظات  العاصمة عدن .

 

 

مواضيع الورقة :
- مقومات وضرورات فك الاشتباك القضائي في عدن .

- الوسائل المطلوبة لتحقيق هذا الهدف في صورة استعادة العمل في محافظة عدن كنواة لتطبيع الوضع القضائي في  العاصمة عدن .

 

أولا : مقومات فك الاشتباك القضائي في  العاصمة عدن .

- مقومات وضرورات التاريخ :
يملك النسيج المجتمعي لحاضرة مدينة عدن نواة تاريخية مستقلة تملك سجل تاريخي قائم بذاته يصلح  كحامل معنوي لإطلاق عملية قضائية ذاتية تعمل بشكل مستقل في هذه الحاضرة المدنية العتيدة ، فتاريخ عدن الحضاري الضارب في جذور التاريخ يؤهلها لكي تكون حاضنة تاريخية لفض الاشتباك مع منظومة العمل المتحدة ضمن إطار الدولة اليمنية بأدواتها القديمة وبشكلها الاستعلائي الذي يمثل انعكاسا لانحرافات مسارات الوحدة المتكرسة كأمر واقع منذ تاريخ  7 يوليو 1994م ؛ وبذلك تتوافر المدينة على صفة الوعاء الذي تعود على احتضان دورة قضائية كاملة تبدأ وتنتهي فيها منذ أن كانت مجرد مستعمرة بيد الاحتلال البريطاني الامر الذي يدعم فكرة التي تنادي بفصل المسار القضائي  العاصمة عدن وان تقوم فيه منظومة قضائية مستقلة تستطيع العيش بمنأى عن الاعتمادية التبعية المسجلة لأجهزة المركز في عاصمة دولة الوحدة الاندماجية .
- كما ان الإرث التاريخي لجمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية يدعم إمكانية أم تقوم منظومة قضائية مستقلة وعلى خطى ثابتة في محافظة عدن تؤسس لاطلاق عملية قضائية شاملة لكل محافظات  العاصمة .

- كما ان حماية الطابع المدني لمدينة عدن كمعلم تاريخي لثقافة اهاليها على مر العصور يستلزم الاسراع في ترتيب مقومات القضاء فيها حتى لا يتسرب هذا الطابع الحضاري للسكان بين اصابع العادات العنيفة التي بدات تغزو المدينة مؤخرا .

المقومات والضرورات الاجتماعية  :

يتميز المجتمع في  العاصمة عدن بمزية التناغم والانسجام بسبب اتساع رقعة الترابط بين مكوناته وفئاته بطرية متناغمة تعبر عن  شكل ملموس من التقارب الكبير نظرا للتقارب في عناصر اجتماعية مشتركة اهمها التدين والعقيدة واللغة والتقاليد والظواهر الاجتماعية وتشابه الطقوس والعادات وقد لا نبالغ أن وصفنا درجة التقارب بين فئات المجتمع الجنوبي بأنها تنطوي على وحدة عاطفية تصبغ تصرفات أبناء هذا العاصمة بشريحة متشابهة من  التصرفات إزاء مواقف مختلفة .... وقد تحول هذا الترابط الى حقيقة في ظرف التصدي للغزو الاخير لدينة عدن بناء على اتحاد التقييم المجتمعي لضرورة المقاومة باعتبارها دليل على وحدة المنهج المجتمعي الذي ينتظم فيه ابناء  العاصمة عدن .. لذلك يمثل هذه التصرف بمعانيه الدالة على الشعور بالخصوصية اهم المقومات الافتراضية الساندة لإنشاء نظام فضائي مستقل في مدينة عدن , فقضاء عدن المستقل سيكون الصدى المطابق لشعور المجتمع هنا باكتماله الداخلي وتميزه عن التجمعات الاخرى التي يرتبط بها هيكل القضاء العدني في تراتبية العمل الوظيفي وفقا لهيكل السلطة القضائية الساري حاليا .

 

المقومات والضرورات السياسية:


يملك العاصمة عدن ذاكرة حية من مشروع دولة مستقلة كان قائما قبل العام 1990م وهذا كفيل وحده بتوفير الدوافع الدافعة الى ترسم طريق الماضي بإيجاد مؤسسية مستقلة ربما يكون القضاء هو حجر الاساس في اطلاق مشاعر البعث الجديدة التي قد تتوسع لتتناول كل اشكال الدولة والحكم.

-ان هذه الذاكرة القريبة تمثل تحديا لأبناء العاصمة عدن في اثبات قدرتهم في الاعتماد على النفس وهذه النزعة الايجابية ستشكل ساندا كبير لأي جهود ترعى تدشين عمل مؤسسة القضاء في محافظة عدن.

- كما يملك ال العاصمة حاليا بنية سياسية جديدة افرزتها الحرب الاخيرة وتتكون قوى مستجدة نشأت تحت سقف المقاومة اضافة الى نخب وقواعد الحراك الجنوبي والشخصيات الكيانات الحزبية

التي سجلت مواقفا جديدة بتأثيرات الحرب الاخيرة التي خلقت اصطفاف جديد بالإمكان ان تتشكل منه بيئة سياسية صديقة ومساندة لإقامة حياة قضائية ذاتية في  العاصمة عدن .

-كما ان الواقع السياسي الجديد الذي تشكل في ال العاصمة بواعز من حالة النصر التي جسدتها حرب التحرير ستكون مدعاة اضافية للتسريع بعودة العملية القضائية حتى لا تصبح العدالة وفكرة الحق متخلفة عن حركة هذا الوضع الجديد الذي قد يجعلها خلف الاحداث .

 

المقومات والضرورات الثقافية:


- لدى أبناء المحافظات الجنوبية المندرجة في حدود  العاصمة عدن مفكرة ثقافية متحدة ستساعد بشكل كبير على تماسك التجربة الجديدة لقضاء  العاصمة عدن بمناسبة وحدة الجذر الثقافي والفكري لنسيج المجتمعي الذي يتكون منه مجتمع  العاصمة عدن.

-كما ان الميزة المعرفية المتقدمة التي تحظى بها بيضة المجتمع العدني على وجه الخصوص ستشكل الحاضن الاساس لنجاح تجربة فك الاشتباك القضائي لقضاء العاصمة عدن.

المقومات والضرورات  الاقتصادية :
يتوافر ل العاصمة عدن العديد من الظروف الاقتصادية التي تدعم تكوين سياق قضائي مستقل يعتمد على موارد ال العاصمة الإنتاجية وامكاناته الاقتصادية ذات الخصوصية القابلة للانتعاش بمعزل عن أدوات الاقتصاد القومي الذي تتمثل فيه صورة الوحدة الاندماجية بدالة الصورة التي تجسدها وحدة الضم والالحاق  ؛ ف العاصمة عدن يملك مكنة الحصول على دورة اقتصادية مستقلة تهيمن عليها وحدة العرض والطلب التي تخضع بؤرتها لهيمنة ال العاصمة العدني ابتداءا وانتهاءا .
لذلك يفتقر هذا الاكتفاء الاقتصادي في  العاصمة عدن إلى أداة قضائية موازية تملك كل عناصر الاكتفاء القضائي وتملك نهائية القرار من خلال هيكل قضائي لا يعتمد على وصاية من خارج حدود ال العاصمة  ؛ فضبط مفهوم الحماية القضائية في معاني محددة المضمون هو عامل ضمان لدورة اقتصاد آمنة في منطقة  العاصمة عدن ؛ ولا يتسنى لنا تحقيق هذا الوضوح القضائي فيما إذا كانت مضامين الأحكام القضائية الصادرة في داخل ال العاصمة تفتقر إلى الكلمة الفصل وتخضع للتمييز أمام المحكمة العليا في العاصمة صنعاء .
- فحماية الإقتصاد في  العاصمة عدن وتوفير خدمة الحماية القضائية لكافة العلاقات الناشئة في محيط هذا العمل والتي يحكمها غالبا القانون التجاري وتقف على رأسها أهمية حماية وسائل الائتمان التجاري والعمل المصرفي بشكل عامة والنشاط التجاري عبر المنافذ البحرية والجوية لمحافظة لعاصمة ال العاصمة على وجه الخصوص  .

-كما ان حماية الحقوق التجارية والمدنية في هذه اللحظات بالذات هو الشرط الاساس لتحقيق مطالبات الناس المتكررة بخصوص تطبيع الحياة الاقتصادية والتجارية في المحافظات المحررة على وجه التحديد .

-وستكون الحماية القضائية هي الوحيد لتحسين موارد محافظات ال العاصمة من خلال حماية المال العام من جرائم الرشوة والاختلاس والاستيلاء .

المقومات والضرورات القانونية :


- ترث محافظات  العاصمة عدن التركة القانونية لجمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية وهذا المعطى سظل رائدا لكوادرها القانونية والقضائية في استعادة هذه البنية الهائلة باعتباره يغذي شعورهم بالذات .

ان العدل في ضرورته للمواطن كالخبز ولا يجوز بحال ان تعيش جماعة بشرية تحظى بكيان سياسي حاكم في تغيب معيب لاجهزة العدل مهما ظلت الظروف السياسية عائقا في طريق تحقيق العدل للمواطن .

ولهذا السبب دوام القضاء وبحق على خلق نظرياته القانونية التي حاولت ان تبقي جذوة العدل متقدة في الظروف الاستثنائية التي تتسبب بها السياسة في كل زمان ومكان .

ومن هذه النظريات التي تمثل شكل التدخل القضائي لانقاذ فكرة العدل في الظروف السياسية الخانقة : 
- نظرية الموظف الفعلي 
- قاعدة الضرورات تبيح المحظورات .

-الضرر يزال . 

-لا ضرر ولا ضرار
- نظرية الظروف الطارئة .
- حالة الطوارئ .

وغيرها من المستمسكات الشرعية والقانونية التي يتوافر فيها ايضا المستند الموضوعي لاطلاق عملية قضائية مستقلة تقيم العدل اذا اضحى التشابك بالمركز عائقا يحول دون تحقيق المطلوب .

وفي هذا الصدد يملك ال العاصمة العدني مقدرات قانونية كافية تمكنه من ارساء مؤسسات القانون على اساس صلب ويقدم الاضافة والحلول الناجعة لضمان سير هذا المرفق القضائي .

ومن هذه المقدرات على سبيل المثال :
- توافر الكادر القضائي المؤهل في  العاصمة عدن 
-توفر القدرات والخبرات القانونية الرصينة سواء في شقها الاكاديمي والفقهي على غرار اساتذة القانون في كلية الحقوق بمحافظة عدن وبشقها العملي المتجسد في فروع نقابات محافظات عدن وابين والضالع ولحج .

-توفر بنية قانونية مؤسسية ستشكل ساند بحثي ومعرفي لكل العمليات القانونية في ال العاصمة العدني خصوصا مراكز البحوث ومنظمات المجتمع المدني ومؤسسة جامعة عدن .

مقومات منظمات المجتمع المدني  :

تعتبر مؤسسات المجتمع المدني من السواند الاعتيادية لاي جهود تهدف الى سيادة الحياة القضائية وسيادة مفهوم النظام والقانون .

ولا شك انها ستقوم بدور حيوي لدعم تجربة استئناف عمل النيابات والمحاكم في المحافظات التابعة ل العاصمة عدن .

ومن جهة اخرى يعد القضاء حارسا اساسيا لعمل هذه المؤسسات ويعد وجوده وقيامه بدوره الاصيل في توفير الحماية القانوينة مرتكز اساسي في انتعاش دور ونشاط هذه المؤسسات المدنية .

 

استحقاقات الحرب واعادة الاعمار:

ان ما خلفته الحرب من ماسي ونكبات وضحايا يوفر مقوم شعبي مهم سيقف داعما جهود النيابات والمحاكم كي يتمكن من اقتضاء حقوقه التي تسبب الاوضاع المرافقة للحرب الى المساس بها باي شكل من الاشكال .

كما اقبال المحافظة على فصل مهم من جهود اعادة اعمال البلاد المنكوبة يحقق الضرورة في ان يقوم رجال القضاء بدورهم الوطني في فصل المنازعات التي ستنشأ في محيط هذه العملية الكبيرة .

 

ثانيا : الوسائل والادوات المطلوبة لتحقيق هدف فك الاشتباك القضائي ل العاصمة عدن في صورة استعادة العمل في محافظة عدن كنواة لتطبيع الوضع القضائي في كامل ال العاصمة  :

 

اولا الوسائل العامة :

سنقتصر على الاشارة لهذه الادوات العامة التي هي شرط واطار افتراضي لأي عمل حكومي يتسم بوصف العمل السيادي الذي تقدمه الدولة في صورة خدمة اساسية للمواطنين :

-الامن وهنا نقصد توفير هياكل الاجهزة الامنية الضرورية كالشرط والاقسام .

-الاستقرار السياسي ونقصد بهذا المعطى ان تلتزم قيادة ال العاصمة بعدم جر القضاء الى مربعات التسييس والمناكفات الحزبية .

-السلم الاهلي والمقصود هنا التزام السلطات المحلية في عدن باتخاذ كافة التدابير اللازمة لمنع وتجنب التحريض الفئوي والمنطقي والقبلي ضد مؤسسات ال العاصمة القضائية .

-مكافحة الارهاب والمقصود هنا اتخاذ اجراءات امنية اضافية لتجنيب مقرات النيابات والمحاكم لمخاطر الهجمات الارهابية .

-توفير الخدمات الاساسية لمؤسسات القضاء كالماء والكهرباء والاتصالات .

 

ثانيا : الوسائل والادوات الخاصة :

ونقصد بها الوسائل المباشرة وذات الصلة بأولويات ومداخل تطبيع الوضع القضائي في محافظة عدن :

- تنظيم الضبطية القضائية :
ان توفير الشرعية الجنائية لكل إجراءات التحقيق والضبط والتفتيش تستلزم اداة أولى تتناول بها هذه المشروعية مهمة الاتصال بكل الإجراءات الجنائية المتضمنة لعنصر القهر القانوني ، هذا الذراع العملي يتمثل في جهة الضبط القضائي التي يقتصر عليها مشروعية الاتصال بإجراءات التحقيق التي تستهدف تعقب الجريمة والقبض على مرتكبيها ، أن الجهود الرامية إلى تطبيع الوضع القضائي في محافظة عدن تصبح عبثا مالم تبدأ الجهود بترتيب وضع الضبطية القضائية خصوصا في فئة قوات المقاومة الشعبية وأفراد وضباط الجيش والأمن في المحافظات المحررة ومنها مدينة عدن ، وأعتقد أن الأمور صريحة ولا لبس فيها في خصوص الفئات الحاصلة على هذه الضفة من ضباط القوات المسلحة والأمن المعينين وفقا للأوضاع المقررة في قوانين الخدمة في الداخلية والجيش الاشكالية تتعلق بغيرهم ممن التحق بالخدمة اثناء الحرب والمنجدين اثناء وبعد الحرب وعناصر المقاومة الشعبية الجنوبية فهؤلاء يمكن ان تتضمن ترتيبات صفتهم الضبطية ان يصدر محافظ عدن قرارا يمنحهم صفة الضبطية القضائية وفقا للحدود المكانية والزمانية التي تقتضيها الحاجة الى خدماتهم في مجال الضبطية القضائية وذلك استنادا الى الفقرة (6) من المادة (84) من قانون الاجراءات الجزائية .

2)ادوات سد الشواغر :

ان الهيكل القضائي المتوافر حاليا في مدينة عدن يعاني من بعض النقص الذي يمكن تحديده في التالي :

أ – سد الشواغر البشرية :

وهنا سنتطرق الى مثال واضح يتمثل في الشاغر الذي تعاني منه هيئات الحكم في المحاكم المختصة بنظر القضايا الجزائية المتخصصة حيث يعاني منصب رئيس المحكمة الجزائية المتخصصة من شغور بسبب رفض القاضي المعين فيها لشرعية مجلس القضاء الذي عينه بحجة انه يتبع المليشيات الانقلابية .

بينما تكفل الارهاب بتحقيق شغور متعاقب لمقعد رئيس الشعبة الجزائية المتخصصة في محكمة استئناف عدن بعدما تسبب في مقتل رئيس الشعبة السلف واتبعه بقتل رئيس الشعبة الخلف .

ب – سد الشواغر النصية :

قد تحتاج عملية ترتيب العملية القضائية في عدن الى جملة نصوص لائحية او قانونية لمعالجة بعض العقد على غرار القصور في بعض اختصاصات المؤسسات القضائية المحلية فيما يتعلق بعدم انتهائية قرارتها واحكامها في طائفة كبيرة من الاحكام والقرارات والقضايا كما تحتاج أي عملية قضائية في المجمل الى اداة تشريعية تعمل على توفير القوانين التي تحتاجها المحاكم لمعالجة حالات القصور في القوانين النافذة من خلال التطبيق المتصل لها على المنازعات .

ج – سد الشواغر المؤسسية :

تحتاج العملية القضائية الى توفر مؤسسات مساعدة تقوم بدور حيوي في تحقيق القضية الجنائية تلك المؤسسات التي تساعد القضاء هي مؤسسة الادلة الجنائية ومصلحة الطب الشرعي وبقية المؤسسات ذات الصلة التي لا يتوافر ال العاصمة العدني على مؤسسات شبيهة يحتاج انشاؤها الى ارادة سياسية من سلطات ال العاصمة او من مؤسسة الرئاسة والحكومة في سلطة الشرعية .

وهنا لا مفر من التواصل مع مؤسسة رئاسة الجمهورية لتوفير الحلول في صورة قرارات تعيين ولوائح تنظيمية يصدرها رئيس الجمهورية بموجب اختصاصاته الدستورية في اصدار اللوائح التنظيمية والتنفيذية ولوائح الضبط , او ان تسعى قيادات السلطات القضائية في عدن الى التواصل والتنسيق مع مجلس القضاء الاعلى ومكتب النائب العام لبلورة الحلول والمعالجات المناسبة لإشكالية الشواغر في  العاصمة عدن .

3)مشكلة التراتبية وازدحام الاختصاص :

توجد لدينا في  العاصمة عدن خمس محاكم استئناف وعدد كبير من النيابات الاستئنافية العادية والمتخصصة وهي تقف في درجة واحدة بحيث يشرع التساؤل عن كيفية تنظيم التراتبية فيما بينها وحل المشكلات الناتجة عن ازدحام الاختصاص بين هذه النيابات والمحاكم .

وهنا نكرر الدعوة الى انتاج الحلول بالتواصل مع مؤسسة رئاسة الجمهورية او التنسيق مع الاجهزة القضائية المركزية في العاصمة صنعاء .

 

الوسائل الفنية :
يتكون جسد العمل القضائي من ثلاث مكونات وظيفية مختلفة تعمل بشكل متجانس :
- القضاة .
- أعضاء النيابة العامة .
- الموظفين الاداريين .
وتحتاج جهود إعادة عمل القضاء في عدن إلى توفير مجمع قضائي مجهز بكل الوسائل الفنية والبيروقراطية التي تراعي دورة ملف العمل بين هذه العقد الإدارية بطريقة سلسة وانسيابية
كما ينبغي مراعاة ضرورة الفصل بين عمل القضاء من جهة وعمل جهاز النيابة العامة من جهة أخرى باعتبارهما جهتين مستقلين تعمل بشكل متعاقب فيما يتعلق بالاتصال بملف القضية الجنائية بين مرحلتي التحقيق والمحاكمة فيما عدا بعض حالات التداخل والتزامن بين عملي النيابة والقضاء في إجراءات تجديد الحبس للمتهمين  .
أهم ما يجب مراعاته في توفير مقر مناسب لجهود إعادة عمل القضاء في عدن ان تدرك الجهات الراعية لهذا المجهود الطيب أن عملي جهازي النيابة والمحاكم يتطلب تواصلا شبه يومي بمصلحتي السجون والشرطة وهو ما يتطلب أن يكون المقر المختار قريبا من مقرات أجهزة الشرطة ومصلحة السجون
كما تثور الحاجة إلى تحسس خصوصية العمل القضائي القائم في المجمل على سجلات وملفات واكليشات ونماذج رسمية مطبوعة وقرطاسية يتعين توفير الموارد الفنية اللازمة لطبع وتجهيز كل هذه الأوراق والنماذج والادوات القضائية .

الوسائل الإجرائية :


ان ما يعيق أي عمل يتصل بدورة الملف في جهاز القضاء هو ما تتطلبه بعض اللوائح الإجرائية من تدخل مباشر للنائب العام في صنعاء في التوقيع على قرارات الاتهام بخصوص قضايا الجزائية المتخصصة وقضايا الأموال العامة وهذه عقبة يمكن التغلب عليها من خلال الاتفاق مع رؤساء النيابات العادية والمتخصصة في  العاصمة عدم كي يستولوا على نهائية التوقيع على قرارات الاتهام دون الحاجة إلى مراجعة النائب العام بصنعاء
القرار الاستئنافي في القضايا المدنية والتجارية وقضايا الأحوال الشخصية يمكن أن يتفق الأطراف مقدما على أن يكون نهائيا وغير قابل للطعن بطريق النقض أمام المحكمة العليا بصنعاء كما هو مقرر ومعروف في اصول التقاضي المدني .
وهذا أمر لا يتوفر للأحكام الجنائية .
وهناك حل تشريعي ممكن اذا طلبنا من رئيس الجمهورية ان يصدر لائحة تنظيمية لعمل المحاكم في  العاصمة عدن تتضمن نصوصا تجعل أحكام المحكمة الاستئنافية فيها في مرتبة انتهائية وتقوم مقام المحكمة العليا أو أن تنقل اختصاصات الأخيرة اليها .
يمكن أن تتضمن اللائحة التنظيمية التي يصدرها رئيس الجمهورية بموجب صلاحياته الدستورية في إصدار اللوائح التنظيمية نصا ينقل بموجبه اختصاصات النائب العام المخولة له بموجب قانون السلطة القضائية وقانون انشاء النيابة العامة إلى صلاحيات رئيس نيابة عدن بصفة مؤقتة ومحدودة بحدود  العاصمة عدن .
طبعا كل هذه الأمور تأتي في إطار التحايل القانوني الايجابي والحيل الشرعية المشروعة ومن باب الاستصلاح والاستحسان وطريق فتح الذرائع , لأن رئيس الجمهورية لا يملك أن يصدر قوانين لوجود البرلمان ولكن بالإمكان التمدد إلى اختصاصات البرلمان في إصدار القوانين تحت ستار اللوائح التنظيمية التي يخص رئيس الجمهورية بإصدارها بموجب الدستور
وبالتالي تصبح المنظومة القضائية في عدن منفصلة انفصال تام عن أي تاثيرات سلبية يحتمل ان تصدر من اجهزة الوصاية القضائية في العاصمة صنعاء
وبعيدا عن الحلول القانونية توجد حلول تطوعية ذات صبغة مجتمعية تتأتى من خلال إقناع المحامين بتوقيع وثيقة شرف يلتزمون بموجبها بعدم اللجوء إلى طلب الطعن بطريق النقض لجميع الأحكام الصادرة من محكمة استئناف عدن في القضايا القابلة للطعن بطريق والاستئناف والتي لا تقبل مكنة الاتفاق على انتهائية الحكم الصادر فيها خصوصا الاحكام الصادرة في المواد الجزائية .

كما يجب ان تصل جهود المحامين مستعينة بجهود منظمات المجتمع العدني على اقناع الاهالي بتوقيع نماذج مطبوعة تتضمن التزاما بعدم الطعن بطريق النقض في الاحكام الصادرة في  العاصمة عدن كالتزام حقيقي نافذ في منازعات القانون الخاص وكالتزام معنوي وادبي في المواد الجزائية والدستورية .

* الوسائل والادوات المالية :
هذه الإشكالية تتلخص في التساؤل التالي :
ما الذي يجبر فريق العمل القضائي على الانصياع لمهمة العمل في توفير خدمة التقاضي في عدن وهو يعلم أن رئيسه في العمل لا يملك له ضرا ولا نفعا خصوصا وأن المرتبات تصرف من صنعاء وهي جهة يهمها أن تفشل جهود الاستقرار في محافظة عدن ؟؟؟
الجواب يتلخص في توفير حافز معين لربط جموع القضاة وأعضاء النيابة العامة بضرورة الحماس مع هذا المجهود المشكور بأي صورة تلهب الحماس في تسابقهم إلى خدمة هذه البادرة .

- وهنا يجب على الجهات الراعية لجهود تطبيع الوضع القضائي في مدينة عدن الاهتمام بتوفير الحوافز المالية والادبية بما يقوي في المحصلة بذرة الحماس لدى مكونات السلطة القضائية لخدمة محافظاتها في هذا الظرف الذي يحاصر الجميع

- كما ان توفير المواد الضرورية التي يحتاجها عمل القضاء يستلزم النظر في موضوع توفير ميزانية عاجلة تمول الحصول على الاحتياجات التشغيلية الاساسية التي يستحيل ان يجري العمل بدونها .

- وهنا علينا ان نثق ونفوض قياداتنا القضائية في المحافظة كي تصارح وتناقش الجميع بخصوص الجوانب المالية التي تعوزها استراتيجية اعادة العمل القضائي في محافظات  العاصمة عدن .

الوسائل القانونية :

هناك العديد من الادوات التشريعية والقضائية والفقهية التي ستفيد في اطلاق عملية استئناف العمل القضائي والتي سنوجزها في الوسائل التالية :

- مجموعة التشريعات النافذة حاليا حيث انها تقدم منظومة حقوقية تصلح للاستناد اليها في تسيير .

- جواز الاتفاق على نهائية الحكم في المرافعات المدنية والتجارية وسائر روابط القانون الخاص .

- القواعد والمبادئ والنظريات القضائية المنبنية على فكرة الضرورة الاستثنائية ( نظرية الظروف الطارئة – نظرية الموظف الفعلى ............. )

- الخدمات القضائية التي يمكن ان توفرها بعض دول التحالف العربي ودورات التاهيل التي توجه الى تطوير المهارات والقدرات في كوادر السلطة القضائية البشرية .......

الوسائل السياسية :

هناك العديد من العناصر السياسية التي يمكن الاستفادة منها في جهود استئناف عمل الجهات القضائية في محافظة عدن نوجزها في الادوات التالية :

اهتمام الاشقاء في مجلس التعاون الخليجي . مؤسسة الشرعية بكامل طواقمها المؤسسية . النوايا الحسنة للسلطات المحلية بعدن . حماس الشعب الجنوبي لقيام المؤسسات الجنوبية البحتة . حاجة المخرجات السياسية لحرب التحرير الى الشعور بالذات من خلال هياكل سيادية تعبر عن استقلالهم وتفردهم . النفور المجتمعي الحاد في المناطق المحرر من فكرة الخضوع لاحكام صادرة من جهات قضائية متهمة بانها معادية لمذهب وعقيدة هؤلاء الاهالي والسكان .

 

 

الخاتمة والتوصيات  :
كان هذا الموضوع جهدا مبتدئ اتمنى ان اكون وفقت ولو في توضيح جزء يسير مما اردت ايصاله من مراد .

وهذه التناولة البسيطة كانت كجرد دعوة لاطلاق عملية البحث في الوسائل والادوات الضرورية لانجاح عملية تطبيع الوضع القضائي في مرحلة ما بعد التحرير .

وقد خلصت في الاخير الى عدة توصيات هي جزء من توصيات ضمنية تم التعرض لها في محتوى هذه الورقة وسوف احاول هنا ان انصص على بعض منها دون التقليل من بقية التوصيات التي وردة في مادة هذا البحث :

وهذه التوصيات هي على النحو التالي :

-توفير مجمع قضائي مؤمن بحراسة مشددة ويستحسن أن يكون بمدينة كريتر  .
- التنسيق الكامل بين أجهزة القضاء وأجهزة الأمن ومصلحة السجون بخصوص عمليات جلب المتهمين من السجن الى المجمع القضائي لأجل التحقيق والمحاكمة وبالامكان الاتفاق مع القضاة والنيابة بأن تتم عمليات التحقيق والمحاكمة للمتهمين في مقر السجن المركزي بمدينة المنصورة في حالة تعذر نقل السجناء إلى مقر المجمع القضائي .
-  التنسيق مع نقابة المحامين في  العاصمة عدن بخصوص التالي :
1- توفير المساعدة القانونية للمتهمين أثناء مرحلتي المحاكمة والتحقيق .
2- التوقيع على وثيقة شرف يلتزم المحامون بموجبها بالامتناع عن الطعن في الأحكام الصادرة من محاكم  العاصمة عدن بطريق النقض  .
3- الاتفاق مع المحامين بخصوص ترك الدفع بعدم الاختصاص المكاني لأي سبب من الأسباب .
- التنسيق مع الجهات الراعية بخصوص إعادة صرف نفقات التشغيل للمحاكم والنيابات والتي تم وقف صرفها من قبل وزارة العدل ومكتب النائب العام بصنعاء منذ أبريل 2015م. 
- البحث بشأن موضوع الملفات المفقودة والمشروحة أثناء فترة الحرب بطلب اعتماد النسخ الموثوقة التي يعثر عليها بأي طريقة أو أن يقتصر عمل القضاء في هذه الفترة على القضايا الجديدة التي تحال اليها من قبل مأموري الضبط القضائي  .
- يجب على محافظ عدن أن يصدر قرار على عجل بمنح افراد المقاومة الشعبية وكافة الجنود المتخرجين في دورات التجنيد صفة الضبطية القضائية حتى تصبغ عمليات القبض والتفتيش والاعتقال التي تتم بمعرفتهم بصفة المشروعية الجنائية .

والله ولي التوفيق ,

 


رئيس محكمة الوضيع الابتدائية 
عضو الهيئة الإدارية لنادي قضاة اليمن

          مسئول دائرة الاتصال والعلاقات العامة بالنادي

«رشاد العليمي» في مأرب لإعادة إحياء تحالف حرب «2019م».. الطريق إلى صنعاء من عدن


"قطاع غزة" بين نار الحرب والدبلوماسية: هل ينجح العالم في إخماد الصراع؟


مستقبل العلاقة الايرانية السعودية في ظل تزايد نفوذ طهران في المنطقة (رصد تحليلي)


الفنون الجنوبية بين الهدف والاستهداف.. من النشأة إلى التدمير "المسرح في عدن نموذجًا"