تحليلات
نشر ثقافة التسامح ومكافحة التطرف..
الرسالة السعودية.. هل تستطيع تقديم محتوى يتوخّى الاعتدال؟
برنامج "الوسطية" كان مجرد شعار فقط للقناة تحت إدارة الإخواني طارق السويدان
أثار إعلان قناة “الرسالة” الفضائية التابعة لشبكة قنوات روتانا، عن الشروع في تقديم محتوى يتوخّى الاعتدال، تساؤلات وشكوكا بشأن طبيعة هذا المحتوى، تأسيسا على تجربتها السابقة المقترنة بخطاب الإسلام السياسي التحريضي.
وأعلنت القناة التي تعني بالبرامج الدينية ويمتلكها رجل الأعمال السعودي الوليد بن طلال عن “هوية جديدة، وتغييرات ضخمة في التوجهات والفكر والمحتوى”.
وذكرت إدارة القناة في بيان لها أن ملامح خطة التطوير ستعلي الفكر المعتدل، ووضعت مفردة “اعتدال” كعنوان كبير لها تحت شعار “الرسالة” لنشر ثقافة التسامح ومكافحة التطرف.
وأضافت أنها ستطلق مجموعة من البرامج الجديدة، منها برنامج “اعتدال” وبرنامج “ق 3” اللذان يبثان يوميا على القناة إلى جانب تسعة برامج أخرى تتمحور حول القرآن الكريم والشعر وغيرهما من المجالات ويقدمها عدد من الأسماء المعروفة في المجالين الديني والاجتماعي.
واعتبرت مصادر إعلامية سعودية أن إعادة تأهيل القناة لنفسها لا يغيّر الصورة التي عرفت بها خصوصا مع سنوات إدارة الداعية الإخواني طارق السويدان لتوجه القناة.
وارتبط اسم الكويتي طارق السويدان بقناة الرسالة منذ عام 2006 حتى تم إقصاؤه عام 2013، إذ لعب على مفردة “الاعتدال والوسطية” لتمرير فكر الإخوان المسلمين الذي يعدّ هو أحد قادته.
واستبعدت المصادر أن يكون تغيير الشعار وإعادة استخدام مفردة “الاعتدال” كافيا لتغيير محتوى متشدد سلكته القناة وحرضت عليه على مدار سنوات.
وعرفت القناة برنامجي “مذكرات إبليس وغوايته للشباب” و”الأحاديث القدسية” اللذين يقدمها عمر عبدالكافي عضو التنظيم الدولي للإخوان، عندما لعب مع السويدان على فكرة “الإسلام المعتدل”، مع أنه لا يمكن للاعتدال أن يستقيم مع وجود الإسلام السياسي.
واعتبر كاتب متخصص في فكر الجماعات الإسلامية أن رفع قناة الرسالة شعار الاعتدال والإعلان عن هوية جديدة عبر برامج قرآنية وأدبية لا يكفي من دون محتوى يتناسب مع الواقع المعاصر، خصوصا مع ما تشهده السعودية من تغيّرات تحاصر حلقات الفكر المتشدد والانفتاح الاجتماعي وإعادة رسم صورة السعودية في أنظار العالم.
وحذّر الكاتب في تصريح لصحيفة العرب من أن تكون القناة بإعلانها الجديد منفذاً جديداً، وبثوب جديد للإسلاميين، وهم السابقون لإعلان شعار الاعتدال، ويتلوّنون حسب ألوان البيئة. والأكثر من هذا أن تكون هذه الفضائية رقماً يُضاف لبقية القنوات الإسلامية المعنية بالخطاب المتشدد.
وقال “صحيح، أن الرسالة، على ما يبدو موجهة للوسط الإسلامي المتدين، وكأن حلّتها الجديدة، العمل على إزالة ما تركته القناة نفسها، في طبيعة خطابها السابق، لكن يبقى العنوان نفسه (الرسالة) مهيمنا على ذلك الجمهور”.
وشدّد على صعوبة المهمة للفت انتباه الوسط الإسلامي المتدين بـ”رسالة” أخرى، وعنوانها، حسب ما أُعلن “وطن بلا تطرف!”، مستبعدا أن يسمح بتكريس الجانب الديني الإسلامي نفسه بتحقيق تلك الرسالة، فـ”الديني نفسه في الإعلام مثله في السياسة من الصعب الخروج من دائرة الميل للانتماء المقدس، وبالتالي لا مفر من وجود التطرف”.
وشهدت السعودية مع صعود الأمير محمد بن سلمان إلى ولاية العهد تغيرات في سياسة الدولة والمجتمع، ومنها قضايا كانت تعتبر عصية على إلغائها، كقيادة المرأة للسيارة، وإلغاء الولاية عنها، وتغيير المناهج الدراسية، بتقليل المواد الدينية، والعمل على تدريس الفلسفة، وإقامة حفلات الترفيه، بإظهار المناطق الأثرية، وإلغاء الشرط الديني في الفيزا السعودية. وكان يعني وجود مناطق محرمة على غير المسلمين زيارتها، كمكة والمدينة.
وبين أهم القرارات السعودية تجميد عمل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي عانى منها المجتمع السعودي لعقود، وزادت سطوتها وانفلاتها مسايرة مع قوة الصحوة الدينية، وترافق كل ذلك مع الحرب على الفساد، ومن المراكز العليا فما دون.
وتتطلب هذه التغيرات خطابا إعلاميا يستجيب لتحقيق التغيير الثقافي إلى إعلام مؤثر، بعيداً عن تغيير العناوين والوجوه، وله صداه المؤثر في الداخل والخارج.
وسبق وأن أسست السعودية مركزاً يعنى بالاعتدال، ومنذ سنوات لم يُقدم شيئاً مهماً في هذا الصدد، وظل رقماً أضيف إلى بقية المركز العديدة، التي تعلن عن فكرة التسامح والاعتدال.