بحوث ودراسات
"عدن بين موجة الحر والكثافة السكانية"..
تحليل: الانتقالي الجنوبي وملف النازحين.. (4) سيناريوهات للمعالجة
لم تنته إجازة عيد الأضحى حتى بدأ ما يمكن وصفها بموجة نزوح جديدة صوب عدن العاصمة، التي تعاني من أزمات عدة، من أبرزها انقطاع التيار الكهربائي والمياه وانهيار العملة المحلية وارتفاع أسعار المواد الغذائية.
في الطريق من دار سعد بعدن إلى معبر الرباط مدخل مدينة لحج، تسير مركبات دفع رباعي تحمل في الأعلى حقائب واثاث، "انهم نازحون في طريقهم إلى مساكن ومخيمات نزوح في المدينة التي تشهد ازدحاما شديداً للغاية، فيما يقول بعضهم انهم عادوا إلى عدن بعد قضاء إجازة عيد الأضحى في المناطق الريفية في شمال اليمن، والتي فيها درجة الحرارة منخفضة جداً مقارنة بالمناطق في ريف الجنوب الأخرى.
قضاء إجازة العيد "بين الأهل"، عادة يتوارثها اليمنيون منذ القدم، فالكثير يترك عمله في بلدان الاغتراب ويعود إلى "بلده" لكي يشارك الأهل فرحة العيد، ثم تنتهي الإجازة فيعود مرة أخرى إلى عمله، الا ان الوضع هذه المرة يبدو مختلفاً، فالذاهبون لقضاء إجازة العيد في مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين، "هم نازحون"، ساهمت الحرب الحوثية ضد القوى الأخرى في نزوحهم صوب عدن الأكثر أماناً، بالإضافة الى لحج وأبين.
ملف النزوح يعد من الملفات الشائكة التي تواجه السلطة المحلية الحاكمة في عدن، فالنازحون الذي يرفض مسؤولون على الملف الإفصاح عن عددهم في تزايد مستمرة، نحو عدن المدينة التي باتت أكثر ازدحاما بفعل "تحولها إلى مخيم نزوح كبير".
لم تعد الحرب في شمال اليمن بتلك التي تدفع يمنيين إلى الفرار صوب عدن، التي ترى قوى يمنية أنها غير صالحة للعيش فيها، لكن على الأرجح، ملف النزوح يمثل مصدر دخل كبير لقوى نفوذ في حكومة هادي منصور المدعومة سعودياً.
فالمسؤولون يرون ان النزوح أهم بوابات الحصول على الدعم المالي والاغاثي، وهو ما يعني مصدر جديد "لتجار الحروب الذين يتاجرون في كل شيء".
قبيل العيد بأيام قليل، قامت حكومة معين عبدالملك، بصرف راتبين للنازحين اليمنيين في عدن، وهو ما مكنهم من الذهاب لقضاء إجازة العيد في المناطق التي نزحوا منها، لكن البعض يبرر خروجه من عدن، كان بفعل خروج منظمة الكهرباء عن الخدمة بفعل نفاد كمية المشتقات النفطية المخصص لمحطات الكهرباء في عدن.
تبدو القصة في عدن أبعد من قضية النزوح والهروب من الحرب، فالكثير من اليمنيين الشماليين، حصلوا بطرق عدة على هويات على أنهم جنوبيون من مواليد "مدن عدن ولحج وأبين"، وهو الأمر الذي له ابعاده السياسية، فالجنوب الذي يطالب بالاستقلال يسعى اليمنيون بشتى الطرق الى منع حدوث ذلك، فإذا وصلت الأوضاع إلى قرب منح الجنوب "على حق الاستفتاء"، فالكثير من اليمنيين قد يضمن انهم يصوتون ضد حصول الجنوب على الاستقلال او الحكم الذاتي.
وهذا السيناريو هو ذاته الذي قاد الجنوب العربي نحو مشروع اليمننة بعد الاستقلال من بريطانيا، ولاحقا نحو الوحدة ثم الضم والالحاق والهيمنة على كل الجنوب.
الباحث في صحيفة اليوم الثامن د. علوي عمر بن فريد، سرد في سلسلة مقالات بحثية طبيعة الصراع في الجنوب، ودور النازحين والفارين من سلطة الامامة القمعية في اليمن الشمالي، والتي اجبرت يمنيين على الفرار صوب مدن الجنوب، تصدروا مشهد الصراع في الاطاحة برؤساء الدولة الجنوبية الوليدة، بداية من قحطان الشعبي مرورا بسالمين ثم علي ناصر محمد، الذي نجأ بأعجوبة من مخطط تصفيته مطلع العام 1986م، وهي الحرب التي قصمت ظهر الجنوب، حتى دخل في وحدة غير متكافئة مع اليمن الشمالي، انتهت تلك الوحدة بالاحتلال العسكري "مكتمل الاركان".
وملف النزوح هذه المرة يبدو شائكا ومخيفا في نفس الوقت، فالقوى اليمنية (الحوثيون والإخوان)، التي تتربص بالجنوب، لا يستبعد ان تدخل خلايا مسلحة باسم النازحين إلى مدن الجنوب وخاصة عدن التي تواجه حروبا عدة، وهو ما يعني ان المجلس سيكون امام حرب داخلية قد تحدث ارباكا لقواته التي ترابط في أبين وجبال الصبيحة وشمال الضالع وغيرها من جبهات القتال مع الحوثيين وتنظيم الإخوان.
لذلك تقدم صحيفة اليوم الثامن، أربعة سيناريوهات لمعالجة ملف النازحين في بداية من عدن ثم لحج وأبين، خاصة في ظل وجود دعم مهول مكن هؤلاء من الحصول على "أراض سكنية"، وتردد مؤخراً عن حصولهم على مدن سكنية بهدف تغيير التركيبة الديمغرافية للجنوب.
- البدء الفوري في تنفيذ خطة حصر شاملة للنازحين، وتقديم دراسة خاصة عن "عددهم والمناطق التي نزحوا منها، وظروفهم المادية والاجتماعية والصحية، والمناطق التي نزحوا منها، والوضع الأمني فيها، ومقارنة هذه الدراسة مع الاحصائيات التي بحوزة المنظمات المحلية اليمنية التي تتلقى تمويلا دوليا باسم النازحين من الحرب.
- البدء في دراسة إنشاء مخيمات للنزوح خارج احياء في عدن، لضمان حصول النازحين على كافة حقوقهم، وحمايتهم وإلزام المنظمات الدولية الداعمة بتوفير "محطة كهرباء لتزويد المخيمات بالطاقة"، الأمر الذي يساهم في تخفيف الأعباء على الطاقة الكهربائية لسكان في عدن، ويعالج مشكلة الكثافة السكانية.
- البدء في الاشراف بشكل مباشر على "جهاز الهجرة والجوازات"، وعمل بحث حول عدد الذين حصلوا على هويات حديثاً من الجهاز ومقارنتها بأماكن السكن، وتشكيل لجنة لمعالجة قضية من حصلوا على هويات بطرق ملتوية، بشكل سريع، وهذه المعالجة تبدأ بتعيين مديرا لجهاز الهجرة والجوازات، وبعد الانتهاء من التحقيق في ذلك تبدأ عملية اخطار من حصلوا على هويات مزورة بضرورة الحضور لمعالجة ذلك في الجهاز، مع التأكيد على ضمانة حرية التنقل لليمنيين في عدن بشكل لا يسبب لهم أي قلق، شرط الالتزام بكافة الإجراءات الأمنية المتبعة على جميع سكان عدن والجنوب.
- إلزام الحكومة بضرورة القيام بواجبها تجاه النازحين "بشكل متساو"، ومنع أي عملية تمييز، وكذلك إلزام المنظمات الدولية والمحلية العاملة في عدن، ان تكون الأولوية في التوظيف لأبناء عدن، الذين لهم حق العمل في تلك المنظمات العاملة في مدينتهم، بعيدا عن المحاباة والوساطات، بما يضمن لأبناء العاصمة فرص عمل جيدة.