يقود رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي جهودا لعقد قمة إقليمية موسعة تضم إلى جانب دول الجوار العراقي، كلا من مصر وقطر والإمارات بعد قمة ثلاثية سابقة وناجحة شارك فيها كل من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني إضافة إلى العراق ممثلا في شخص رئيس الحكومة.
كما سبق للعراق أن لعب دور وساطة بين السعودية وإيران ونجح في جمع ممثلين عن البلدين الخصمين في محادثات ثنائية استكشافية هي الأولى منذ القطيعة الدبلوماسية بين طهران والرياض في 2016 على خلفية أحدثا اقتحام محتجين للسفارة السعودية في العاصمة الإيرانية وقنصلية المملكة في مشهد ومحاولة إحراقها بعد إعدام رجل الدين الشيعي باقر النمر بعد إدانته في قضايا تتعلق بالإرهاب.
والعراق عالق منذ الغزو الأميركي في العام 2003 في مشاحنات وخصومات إقليمية ودولية وتُشكل ساحته ساحة حرب بالوكالة بينما تعبث ميليشيات إيران بأمنه واستقراره وتعبث طهران بمقدراته وثرواته وتتحكم في المشهد السياسي بأكثر من ذراع ميليشاوية وسياسية.
ويعمل رئيس الوزراء العراقي على أكثر من جبهة داخلية وخارجية لاستعادة دوره القيادي في منطقة مضطربة وفي ظل تطورات جيوسياسية متسارعة ووسط ضغوط شديدة على أكثر من صعيد.
ويبقى عقد القمة الإقليمية الموسعة في العراق رهين بقبول دول الجوار العراقي والدول الأخرى التي يعتزم دعوتها بينما تخيم التوترات بين عدد منها على أي جهد من هذا النوع.
وفي المقابل فإن الوضع الأمني غير المستقر في ظل وجود ميليشيات مسلحة نافذة موالية لإيران قد يعكر الزخم الدبلوماسي العراقي، إلا أن مصادر ترى أن طهران قادرة على لجم الفصائل الموالية لها وهي التي تبدي حرصا على تحسين العلاقات مع دول الجوار.
وكان الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي قد صرح قبل أيام بأن حكومته ستضع تحسين العلاقات مع الخليج أولوية على جدول أعمالها في المستقبل، مثنيا على سلطنة عمان في هذا السياق.
ونقلت وكالة شفق نيوز العراقية الكردية اليوم الاثنين عن مصدر سياسي عراقي لم تسمه قوله إن "هذه القمة من المؤمل أن تشارك فيها الدول المحيطة بالعراق، بالإضافة إلى قطر والإمارات ومصر، على أن تعقد بعد منتصف الشهر الجاري"، مضيفا أن القمة تهدف إلى تقريب وجهات النظر بين الدول المجتمعة كافة وعقد اتفاقات مشتركة بمختلف المجالات.
وعلق تيار الحكمة المقرب بزعامة عمار الحكيم من إيران، على تحركات الكاظمي لعقد قملة إقليمية بالقول بأن القوى السياسي تدعم مثل هذه المبادرات.
ونقلت الوكالة العراقية الكردية عن القيادي في التيار رحيم العبودي قوله إن "القوى السياسية والبرلمانية ترحب وتدعم بخطوات الحكومة العراقية لعقد هكذا مؤتمرات تهدف إلى الاستقرار في عموم المنطقة، خصوصا أن بغداد قادرة ولها الإمكانيات لتقريب وجهات النظر المختلفة الإقليمية والدولية".
وتابع "العراق استطاع خلال الفترة الماضية من استعادة دوره القيادي والريادي في المنطقة والعالم وعقد هكذا مؤتمرات مهمة على المستوى الإقليمي والدولي ويؤكد عودة العراق إلى وضعه الطبيعي في لعب دور الوساطة الناجحة لتهدئة القضايا على الساحة الإقليمية والدولية".
وترى مصادر سياسية عراقية أن جهود الكاظمي تهدف إلى إحداث توازن في علاقات بلاده الخارجية بعد هيمنة إيران لأكثر من 15 عاما على مفاصل الدولة مستغلة الغياب العربي في الساحة العراقية.
وأشارت إلى أنه ربما يعمل من خلال هذه القمة على تعزيز الوجود العربي في العراق وضبط إيقاع العلاقات الخارجية على هذا الأساس في مواجهة حالة الشد والجذب بين واشنطن وطهران حليفي بلاده والخصمين في آن.
وشهدت العلاقات العربية العراقية خلال عهد الحكومات السابقة توترات معلنة وأخرى مكتومة على خلفية النفوذ الإيراني الذي اكتسب زخما من خلال منظومة حكم سابقة ارتهنت البلد للجمهورية الإسلامية لأكثر من 15 عاما.
وبدا الضيق العراقي من النفوذ الإيراني واضحا في الشارع العراقي من خلال حراك شعبي انطلق في أكتوبر/تشرين الأول 2019 وواجهته ميليشيات إيران بالاغتيالات والإخفاء القسري لنشطاء وأنشطة تخريبية.
ومنذ توليه السلطة في 7 مايو/ايار 2020 خلفا لعادل عبدالمهدي الذي اضطر للاستقالة تحت ضغط احتجاجات في الشارع قتل فيها زهاء 600 شخص بنيران قوات الأمن ورصاص قناصة مجهولين وميليشيات نافذة خارجة عن القانون، يكابد رئيس الوزراء العراقي لاعادة الاستقرار للعراق البلد العضو في منظمة الدول المصدرة للبترول.
وقد نجح نسبيا في ضبط الوضع الداخلي إلا أن فشله في كبح انفلات ميليشيات إيران ولجم سلاحها، يرخي بظلال من الشك حول قدرته على تخليص العراق من براثن التدخلات الإيرانية.