تحليلات
مرحلة بناء الجسور وتعزيزها وترميمها..
أردوغان: الإمارات ستضخ استثمارات جادة في تركيا خلال وقت قصير
ارتياح تركي للخروج من عقدة العلاقة مع الإمارات
عكست تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ارتياحا تركيا بشأن الخروج من عقدة العلاقة مع الإمارات الذي قد ينعكس إيجابيا على الاقتصاد المتعثر والملفات الخارجية، وخاصة الملف الليبي وملف التنقيب عن الغاز شرق المتوسط.
وقال أردوغان إن تركيا والإمارات حققتا تقدما نحو تحسين العلاقات، الأمر الذي قد يؤدي إلى استثمارات إماراتية ضخمة في تركيا.
وتتحرك أنقرة لتهدئة التوتر مع عدد من القوى العربية بشأن الصراع في ليبيا والخلافات الداخلية في الخليج والمطالب المتنافسة على تسَيُّد مياه شرق البحر المتوسط.
وأجرى أردوغان محادثات في أنقرة الأربعاء مع مستشار الأمن الوطني الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، ومن بين المواضيع التي ركزت عليها هذه المحادثات مسألة التعاون الاقتصادي.
وذكر الرئيس التركي في مقابلة تلفزيونية “ناقشنا مسألة نوع الاستثمار الذي يمكن القيام به في مجال ما (من مجالات التعاون)”.
التقارب فرضته حاجة أنقرة وأبوظبي إلى إعادة ضبط خلافاتهما في ظل متطلبات المرحلة الجديدة والضغط الأميركي على معظم الأطراف الإقليمية
وعبـــر أردوغـــان عن أمله فـــي إجراء محادثـــات مع ولي عهد أبوظبي الشـــيخ محمد بن زايد آل نهيان. ولفت إلى ســـعي بلاده لتوثيق العلاقـــات الاقتصادية في المحادثات التي ســـيجريها رئيسا صندوق الثروة ووكالة دعم الاستثمار.
وقال أردوغان “إذا استمرا بطريقة جيدة مع نظيريهما، أعتقد أن الإمارات ستضخ استثمارات جادة في بلدنا خلال وقت قصير للغاية”. ووصف أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، اجتماع الأربعاء بأنه “تاريخي وإيجابي”.
وكتب على تويتر “الإمارات في مرحلة بناء الجسور وتعزيزها وترميمها، مرحلة تعزيز العلاقات مع الجميع، ومواءمة الاقتصاد والسياسة. ولن يقف تباين التوجهات تجاه بعض القضايا حجر عثرة أمام التواصل وتعزيز فرص الاستقرار والازدهار والتنمية”.
ويقول مراقبون إن أردوغان يريد استغلال الفرصة لإنقاذ اقتصاد بلاده المتدهور حاليا، خاصة إثر تداعيات وباء كورونا وضعف الإقبال على السياحة واستمرار تهاوي قيمة الليرة التركية، لافتين إلى أن التقارب بين البلدين ليس مفاجئا كما بدا للبعض حيث أن مؤشراته انطلقت بعد أيام من عقد قمة العلا التي تم خلالها الإعلان عن المصالحة الخليجية.
وبحسب هؤلاء المراقبين فإن هذا التقارب فرضته حاجة أنقرة وأبوظبي إلى إعادة ضبط خلافاتهما في ظل متطلبات المرحلة الجديدة والعامل الأميركي الذي يضغط على معظم الأطراف الإقليمية في المنطقة.
وزادت حدة الشكوك بشأن تقارب وشيك بين البلدين بعدما أعلنت تركيا تعيين توغاي تونتشر سفيرا جديدا في الإمارات خلفا لجان ديزدار الذي كان معنيا قبل سنوات بالملف السوري في وزارة الخارجية التركية، بينما تبادل مسؤولو البلدين تصريحات مرحبة بعودة العلاقات.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في الخامس عشر من يناير الماضي إن هناك رسائل إيجابية من جانب الإمارات لتصحيح العلاقات مع بلاده، مشيرا إلى أن أنقرة تريد أن ترى أشياء ملموسة.
وجاءت تصريحات أوغلو ردا على تصريحات قرقاش، الذي كان يشغل حينئذ منصب وزير الدولة للشؤون الخارجية، التي جاء فيها أن بلاده “لا تعادي تركيا وإنها تريد تطبيع العلاقات معها”.
ولفت الوزير الإماراتي إلى ضرورة وقف تركيا ما أسماه “توسيع دورها في المنطقة على حساب دول عربية”، كما طالبها بوقف دعمها لجماعة الإخوان المسلمين.
واتهمت تركيا العام الماضي الإمارات بخلق فوضى في الشرق الأوسط نتيجة تدخلاتها في ليبيا واليمن، فيما انتقدت الإمارات وعدة دول أخرى التحركات العسكرية التركية في ليبيا لإنقاذ الميليشيات الموالية للحكومة السابقة برئاسة فايز السراج، حليفة الإسلاميين.
وشنت تركيا العام الماضي عبر أذرعها الإعلامية الناطقة بالعربية حربا إعلامية على الإمارات واتهمتها بتأجيج الصراع المسلح في ليبيا واليمن.
وتدعم الإمارات أيضا مطالب اليونان النفطية في منطقة متنازع عليها في شرق البحر المتوسط حيث أجرت تركيا عمليات تنقيب عن الغاز الطبيعي العام الماضي.
وفي ديسمبر الماضي أعلنت مصر انضمام الإمارات إلى منتدى غاز شرق المتوسط الذي مقره القاهرة وذلك بصفة مراقب، وهو ما اعتبر جزءا من استراتيجية أبوظبي في محاصرة الدور التركي وتحجيمه في المنطقة.
ويحاول أردوغان منذ فترة التواصل مع مجموعة من الدول الإقليمية المنافسة من بينها مصر، في محاولة لإنهاء العزلة الدبلوماسية المتزايدة التي تواجهها تركيا، ما قلص زخم الاستثمارات الأجنبية.
وشهد مسار تطبيع العلاقات بين أنقرة والقاهرة تعثرا بسبب تمسك تركيا بتواجدها العسكري في ليبيا، بالإضافة إلى التراخي في تطبيق التفاهمات بشأن رفع الدعم عن جماعة الإخوان المسلمين المقيمين فيها. كما حاولت طي صفحة الخلافات مع السعودية وإعادة العلاقات من جديد لكنها قوبلت بصد من قبل الرياض.