تحليلات

"اليوم الثامن" تنشر مذكرات القيادي الاشتراكي..

جار الله عمر والصراع اليمني الجنوبي.. مرتزقة صنعاء أكثر اخلاصا من مرتزقة عدن

القيادي في الحزب الاشتراكي اليمني الراحل جار الله عمر - صحيفة العربي الجديد القطرية

عدن

كشف مذكرات القيادي في الحزب الاشتراكي اليمني الراحل جار الله عمر عن تأريخ صراع المرتزقة بين اليمن والجنوب، حيث كان كل نظام يستخدم مرتزقته في مواجهة النظام الأخر،
تحصلت صحيفة اليوم الثامن على نسخة من مذكرات القيادي الاشتراكي الذي اغتيل في صنعاء، خلال مشاركته في مؤتمر عام لتنظيم الاخوان بحضور زعيمه عبدالله بن حسين الأحمر في العام 2000م.
قال جار الله عمر ان حربا اندلعت بين اليمن والجنوب، على خلفية مقتل زعيم قبلي يدعى ناجي الغادر في منطقة بيحان بمحافظة شبوة... مشيرا الى ان قيادة الحزب في صنعاء أرسلته إلى عدن لكي يبلّغ قيادة الدولة والجبهة القوميّة بأنّ الوضع سيّئ وانّ احتمال الحرب قائم".
وقال "حملتُ رسالة إلى قيادة الدولة في الجنوب نشرح فيها لهم الأوضاع هنا ونطلب رأيهم في ما نحن فيه. سلَكت سرّاً طريق جبال الحجرية في محافظة تعزّ. في عدن، قابلت رئيس الدولة سالم ربيع علي وعبد الفتاح إسماعيل وكنت على معرفة بهما من قبل حيث كان سالم ربيع في صنعاء عندما دخلنا السجن وهرب. وقابلت علي ناصر محمد، وكان وزيراً للدفاع، وشرحت لهم الأوضاع في الشمال وقلت لهم إنّ احتمال الحرب قائم. وفاجأني سالم ربيع عندما رد عليّ بأنّ الحرب الآن أفضل من بعد ذلك: «نريدهم يقومون بالحرب الآن». أدهشني أنّه كان يرحّب بالحرب ولم يكن خائفاً، مع أنّ الشمال كان أقوى".

 

 عبدالفتاح اسماعيل كان ضد الرئيس سالمين لأنه كان يمثل أقلية في الحزب مقارنة باليمنيين 
 صنعاء ترسل جار الله عمر إلى عدن للقاء الرئيس الجنوبي.. فماذا كان رد سالمين على تهديدات صنعاء بالحرب؟
 جار الله عمر كان يمثل دور الوسيط والمراسل المعتمد بين صنعاء وعدن لنقل تهديدات الحرب؟
 قيادة الجنوب قررت دعم المعارضة في صنعاء لكن قيادات يسارية يمنية رفضت الفكرة 
 المعارضة الشمالية رفضت فكرة حرب العصابات ضد نظام صنعاء 
 المرتزقة الجنوبيين في صنعاء كانوا أكثر اخلاصاً من المرتزقة اليمنيين في عدن الذين افشلوا حرب العصابات
 الهاربون من الجنوب إلى اليمن شنوا هجوماً على الجنوب عن طريق قعطبة 
 لماذا عارض عبد الفتّاح إسماعيل وعلي ناصر محمد الحرب الجنوبية ضد نظام اليمن 
 جار الله عمر يسلك سرّاً طريق جبال الحجرية في تعزّ صوب عدن لإبلاغ عبدالفتاح النبأ الهام


قوّات الجمهوريّة العربيّة اليمنيّة في تعزّ تركّب مدفعيّة لضرب عدن


يقول الراحل جار الله عمر "أثناء حديثي عن استراتيجيّة الشّمال ارتكبت خطأً، وكان هناك بعض الضبّاط المتخصّصين بالطوبوغرافيا يعرفون ذلك، قلت لهم إنّ قوّات الجمهوريّة العربيّة اليمنيّة في تعزّ سوف تركّب مدفعيّة، وقالوا «إيش الهدف من هذا فهي منطقة فارغة وما فيها معسكرات؟»، فأشرت لهم إلى قلعة المقاطرة المطلّة على مديرية طور الباحة، فضحكوا من كلامي حول تركيب المدفعيّة في قلعة المقاطرة «من شان يضربوا مصفاة النفط في عدن». وقالوا إنّه لا يوجد أيّ سلاح مدفعيّة، حتى الآن، يستطيع أن يصل من قلعة المقاطرة إلى عدن إلّا الصواريخ، وحكومة صنعاء لا تمتلك هذه الصواريخ، والمسافة بين قلعة المقاطرة وعدن تقدّر بأكثر من ١٨٠ إلى ٢٠٠ كلم والمدى الأقصى لسلاح المدفعيّة لدى الشّمال هو ١٥ إلى ٢٠ كلم وهو لا يصل إلى أقرب منطقة عند حدود الجنوب. وهنا أحسست بالإحراج لجهلي بأنواع الأسلحة كما بالطوبوغرافيا ولانعدام موثوقية مصادر معلوماتي في هذه الشؤون. وكان هذا واضحاً أمام هيئة أركان الدولة وقيادة الجيش الحاضرين، لكنّهم تجاوزوا هذه الغلطة منتقلين إلى حديث آخر".


مرتزقة صنعاء أكثر اخلاصا من مرتزقة عدن

 

جار الله عمر في مذكراته أكد ان من وصفهم بالجنوبيين الهاربين في صنعاء كانوا أكثر اخلاصا لنظام الجمهورية العربية اليمنية، أكثر من الهاربين من اليمن الى الجنوب، حيث يوضح "شنّ الهاربون من الجنوب إلى الشمال هجوماً على الجنوب عن طريق قعطبة، ونشبت الحرب بين الجنوب واليمن، وكانت بدعم من السعوديّة ومساندة جيش الجمهورية اليمنيّة العربية، وتمكّن المهاجمون من احتلال عشر قرى من مديرية الضالع. كان جيش الجنوب ضعيفاً لكنّه جيش ثورة، وكانت معنويّاته أعلى، وكانوا قد حصلوا على صواريخ الكاتيوشا ذات المدى القصير، ١٤ كلم، أوّل مدفع كاتيوشا يأتي إلى عدن، وكان غير معروف في تلك الأيّام بنسخته الجديدة".

انتصار الجيش الجنوبي بقيادة علي عنتر


يقول القيادي الاشتراكي الراحل :"أرعب الكاتيوشا الجديد المتقدّمين بصوته الجديد ودويّه المزلزل، وانسحب المهاجمون، وتمكّن الجيش الجنوبيّ بقيادة علي عنتر وآخرين من أن يحتلّوا مدينة قعطبة. وانتقلتُ أنا من عدن إلى الضّالع لكي أشاهد المعركة. هُزم الجيش «حقّ الجمهورية العربية اليمنية». وكان من أسباب هزيمته أنّه كان لايزال لليسار قياديون في الجيش وفي سلاح طيران اليمن، ولم يكونوا يضربون الأهداف بدقّة كي لا يصيبوها وكان الجيش «حق الشمال» لا يزال جيش الثورة، «ثورة ٢٦ سبتمبر».

حرب ونظرتان للوحدة بين صنعاء وعدن
 


ومضى السياسي الراحل في سرد مذكراته، حيث قال :"انتهت الحرب بانتصار الجنوب انتصاراً جزئيّاً. وعملت بعض الدول العربيّة على جمع اليمن بالجنوب في مفاوضات في القاهرة وطرابلس في ليبيا ومصر، وتوصّلوا إلى اتّفاق هدنة إثر مفاوضات متشعّبة، واتّفقوا على إقامة الوحدة مستقبلاً، وكان الجنوب أكثر إلحاحاً في طرح قضيّة الوحدة اليمنيّة وكان يعتبر النّظام في صنعاء نظاماً رجعيّاً، وكانت كلّ القوى والأحزاب السياسيّة في اليمن مؤيّدة للجنوب لأنّ الأحزاب القوميّة قامت على أساس الفكر الوحدويّ. ثمّ إنّ كثيرين من اليمنيين كانوا موجودين في عدن وكثيرين من الجنوبيّين موجودون في صنعاء. وكان كلّ طرف يعتبر أنّ شعار الوحدة يمسّه لأنّ الشّعب اليمنيّ كلّه كان يؤيّد الوحدة، فالّذي كان يرفع شعار الوحدة يحصل على تأييد كبير".

رسالة دعم وتأييد للجنوب أضرّت بسمعة الجمهورية العربية اليمنية

قال جار الله عمر "كتب بعض قدامى ضبّاط الثّورة رسالة إلى القاضي عبد الرحمن الأرياني ورئيس الحكومة محسن العيني، احتجّوا فيها على الحرب بين البلدين، ومن ضمنهم وزير الداخليّة أحمد الرّحوي الذي كان متعاطفاً معنا، وكانت هذه الرسالة عنصر دعم وتأييد للجنوب فيما أضرّت بسمعة اليمن. 
وذكر ان "اتفاق القاهرة وبيان طرابلس بين اليمن والجنوب كان عبارة عن هدنة مؤقّتة «مش» بيان جدّيّ حالة إيقاف حرب مسلّحة لم يسيطر فيها أحد على الآخر، كانت عبارة عن اتّفاق سياسيّ لكنّ الصّراع ظلّ بين الطرفين، اليمن يعتقد أنّ الجنوب متمرّد و«لازم» يُضَمّ إلى صنعاء ويجب تحقيق الوحدة بالقوّة. 


القوميون اليمنيون الذين لم يسقطوا نظام صنعاء

وقال إن "الجنوب بقيادة الجبهة القوميّة (وهم يمنيون شماليون)، من التنظيم السياسي، وباقي الأحزاب في صنعاء يعتقدون بوجوب إسقاط النّظام في صنعاء لأنّه نظام رجعيّ مُوالٍ للسعوديّة، وتوحيد اليمن تحت قيادة الأحزاب القوميّة والماركسيّة وبالذّات التنظيم السياسيّ والحزب الديموقراطيّ الثوريّ المؤيّد له في صنعاء وكلّ الشخصيّات اليساريّة والتقدّميّة الموجودة في الجمهورية العربية اليمنية".
وقال "بدأ النظامان نوعاً جديداً من الحرب، حرباً دعائيّة وإعلاميّة واقتصاديّة، وإغلاق حدود وتأييداً لحرب العصابات التي يشنّها كل شطرٍ ضد الآخر، حيث كان لدى نظام الجمهورية العربية اليمنية قوّة كبيرة من الهاربين من الجنوب قدّم لهم الدعم ودفع بهم للقيام بحرب عصابات ضدّ الجنوب بواسطة عناصر «جبهة التحرير» والذين انشقّوا عن الجبهة القوميّة، ومعروف أنّ الجبهة القوميّة انقسمت إلى يمين ويسار، وهرب كوادرها إلى اليمن، وكانت تدعمهم السعوديّة والأردن والعراق أحياناً".

المرتزقة اليمنيون يحبطون حرب العصابات ضد صنعاء

يؤكد الراحل جار الله عمر ان المرتزقة اليمنيين لدى النظام في عدن، احبطوا حرب العصابات ضد نظام صنعاء، حيث أوضح أن "الجنوب فكّر بشنّ حرب عصابات تنفّذها المعارضة في الشّمال ضدّ النّظام في صنعاء. قابلتُ بعض القياديّين في الدولة في الجنوب، وأخبرتهم بعزمي على التّوجّه إلى صنعاء، فحمّلوني رسالة إلى قيادة الحزب في صنعاء يطلبون فيها من أعضاء الحزب وأنصاره وأعضاء أحزاب اليسار في صنعاء أن يدافعوا عن النّظام في الجنوب ويُنشئوا وحدات عسكريّة تقاتل الحكومة في صنعاء، وأنّهم مستعدّون لدعمهم". 
وأضاف "نقلتُ هذه الرّسالة إلى صنعاء، وكان شعوري أنّي رجعت متأثّراً وقلت «لازم نعمل شي» وهمْ كانوا مستعدّين للدّعم، وكان في بالي تجربة كوبا وأفريقيا وفيتنام وغيرها. كنّا نعتقد أنّنا ندافع عن النّظام في عدن ونسقط النّظام في صنعاء بتطويقه من القرى والأرياف".
وقال "ناقشت قيادة الحزب الموضوع وانقسمت إلى قسمين يمين ويسار، قسم يؤيّد حرب العصابات وقسم يعارض هذه الحرب ويقول «مفيش إمكانيّة لأنّ الحزب ضعيف ومجتمع متخلّف وقبائل، وما في إمكانيّة لحرب عصابات في الجمهورية العربية اليمنية». 
وقال "استمرّ الخلاف داخل القيادة والجنوب، ومورس ضغط كبير على الحزب ليشنّ حرب عصابات يشارك فيها ضبّاط كثر هاربون من الجيش، وعندما لاحظتْ قيادة الدّولة في عدن أنّ الحزب الديموقراطيّ في صنعاء لم يستطع حسم الموقف وهو منقسم على نفسه، عملت هذه القيادة على إنشاء منظّمة لها في اليمن سمّتها «منظّمة المقاومين الثوريّين اليمنيّين» واستقطبت إليها بعض أعضاء الحزب الديموقراطيّ الذين توجّهوا إلى عدن وتسلّحوا وتدرّبوا على أساس أنّ الحزب متردّد". 
وذكر جار الله عمر ""أنه في عام ١٩٧٣ كنت أنا أتنقّل بين اليمن والجنوب بصورة سرّيّة، وفي العام نفسه زاد الانقسام في الحزب الديموقراطيّ في صنعاء، وازداد ضغط الدّولة في الجنوب، وبرز في الأثناء جناح يساريّ في الحزب يرأسه سلطان أحمد عمر الّذي كان في قيادة حركة القوميّين العرب، ومن مؤسّسي الحركة في اليمن. انتقل من عدن إلى بيروت، ثمّ عاد إلى عدن وبدأ يتزعّم الصفّ اليساريّ وكنت أنا من مؤيّديه". 
وقال "عقدنا دورة اللجنة المركزيّة للحزب في اليمن ولم نتّفق. ثمّ عقدنا مؤتمراً للجناح اليساريّ في عدن عام ١٩٧٣ وانتخبنا قيادة جديدة أقصينا عنها كلّ التّيّار المعتدل، الذي كان من أبرز قادته عبد القادر سعيد هادي وعبد الحافظ قائد الذي انتخب عضواً مرشّحاً في اللجنة المركزيّة، وكان ذات يوم الشّخص الأوّل أو الثّاني في حركة القوميّين العرب. وكان هذا الاستبعاد على أساس أنّهما يمثّلان الجناح اليمينيّ الّذي كان يرفض الانخراط في المعركة المسلّحة، ولكنّني أقول للتّاريخ، إنّ عبد القادر سعيد هادي كان الرّجُل الأكثر نضجاً والأكثر تطوّراً منّا جميعاً.

الحزب الاشتراكي يعلن الكفاح المسلح لكنه لم يمارسه

اُنتخب سلطان أحمد عمر أميناً عامّاً للحزب، وجار الله عمر وعبد الوارث عبد الكريم وأحمد الحربي أعضاء في المكتب السياسيّ، كما انتُخب عبد الحميد خيبر أميناً عامّاً مساعداً، وأعلنّا تأييدنا للكفاح المسلّح. لكنّ الحزب لم يمارس الكفاح المسلّح باسمه لأنّه كان لديه عناصر مدنيّون في صنعاء وغيرها، حيث تمّ تشكيل منظّمة تحت اسم «منظّمة جيش الشعب» الّتي شاركت في الكفاح المسلّح إلى جانب «منظّمة المقاومين الثوريّين في الجمهوريّة العربيّة اليمنيّة»، فاضطرّ الإخوة في عدن إلى الاعتراف بـ«منظّمة جيش الشّعب»، إلّا أنّ الأفضليّة لديهم كانت لـ«منظّمة المقاومين الثوريّين» لأنّها هي الّتي بادرت، لكنّهم دعموا «منظّمة جيش الشعب» بالسّلاح والمال. وبدأ جيش الشّعب يدرّب النّاس على الأسلحة في مناطق الشّمال. في تلك الأثناء بقيت أنا في عدن وزوجتي في القرية، «كهال»، وجاء أعوان السّلطة إلى قريتنا وهدموا منزلي وكثيراً من منازل الهاربين في عدن، وطلبوا من زوجات الهاربين في عدن فسخ عقود زواجهنّ من أزواجهنّ الهاربين في عدن باعتبارهم ملحدين، واعتقلوا العديد من آباء الهاربين وأقاربهم".
وقال "إذا ما نظرنا في قضيّة الكفاح المسلّح في ذلك الوقت والفلسفة الّتي كانت ترتكز عليها فإنّه سوف يجد أنّ هناك تأثيراً للأفكار الجيفاريّة والماوية، التي تقول بإمكانيّة محاصرة المدن من الأرياف أو الاستيلاء على السّلطة عن طريق الكفاح المسلّح، وقد كانت الحملات العسكرّية ترسل من صنعاء إلى المناطق المختلفة فتدمّر المنازل وتعتقل المواطنين رجالاً ونساءً، وتقدّم كلّ من تشتبه في ممارسته الكفاح المسلّح او تأييده، ولم تكن هناك إمكانيّة بعد ذلك لأيّ موقف وسط".
وأضاف "إذا ما نظرنا إلى الأمر من الزّاوية السياسيّة فقد كان الدّفاع عن النّظام في الجنوب مبرّراً في ظلّ الهجوم الذي كان قائماً عليه من معارضيه لمحاولة إسقاطه، ولكن من وجهة نظر موازين القوى وإمكانيّة الاستيلاء على السلطة عن طريق الكفاح المسلّح، لم يكن الخطّ السياسيّ المتّبَع صائباً".
وأضاف "أمّا من النّاحية الأخلاقيّة، فلا شيء يمكن النّدم عليه. لماذا؟ لأنّ الطّرف الذي كان حاكماً في صنعاء كان ممسكاً بالسّلطة بالقوّة، وقد صفّى معارضيه في أحداث آب / أغسطس بوحشيّة وارتكب المجازر ونصب المشانق في صنعاء وغيرها. إذاً، من وجهة نظر العمل السياسيّ لم يكن هناك إمكانيّة لنجاح ذلك التكتيك لأنّ موازين القوى الداخليّة كانت مختلّة، ولم يكن النّظام في عدن قادراً على تقديم الدّعم الكامل للمقاومة، كما أنّ حلفاءنا في الخارج كانوا يعارضون تلك السياسة ولا سيّما الاتّحاد السّوفييتيّ، الّذي كان يضغط على الجنوب للقبول بسياسة التّعايش بين النّظامين في اليمن، وعدم تدخّل أيٍّ منهما في شؤون الطّرف الآخر على أساس أنّ هناك دولتين ومعسكرين دوليّين".

خطّان في عدن حول الكفاح المسلّح

وقال جار الله عمر "أمّا موقف القيادة في عدن من قضيّة الكفاح في تلك الأثناء فقد كان هناك خطّان أيضاً، الأوّل بزعامة المرحوم الرّئيس سالم ربيع علي ويقف إلى جانبه علي عنتر وصالح مصلح قاسم وعلي شائع هادي يؤيّد خيار النّضال المسلّح، وكان هذا الخطّ يرى وجود إمكانيّةً لإسقاط النّظام في الشّمال وتحقيق الوحدة اليمنيّة بالقوّة".
وقال "كان هناك خطٌّ آخر في الحزب بقيادة عبد الفتّاح إسماعيل وعلي ناصر محمد وعدد من القيادات المدنيّة والسياسيّة يرى أنّ ذلك مغامرة وأحلام ثوريّة لا أساس واقعيّاً لتطبيقها على الأرض، وكان يستحسن رأي كثير من أنصار النّظام، وخصوصاً الأحزاب الشيوعيّة العالميّة والاشتراكيّة في العالم العربيّ، التي ترفض الكفاح المسلّح، وقد استمرّ هذان الرّأيان حتّى جاءت حرب العام "١٩٧٩.
وقال" « كنّا نعمل لتحصيل قوتنا وحسب ولم يكن معانا فلوس لإرسالها لها» فقد رفضت الطلاق وقالت «لا يمكن أن أقبل فسخ عقد زواجي» وظلت في القرية ولم تستطع الوصول إلى عدن، وأنا بدوري لم أستطع الوصول إلى القرية. واستمرّ الصّراع بين مقاتلي جيش الشّعب وقوّات السّلطة في كرّ وفرّ، وتقدّم وتراجع من الجانبين".


اليمنيون يشكلون الجبهة الوطنيّة الديمقراطيّة

وأفادت مذكرات جار الله عمر على لسانه :"في عام ١٩٧٦ شكّلنا الجبهة الوطنيّة الديمقراطيّة حيث تكوّنت من المنظّمات والأحزاب الآتية: الحزب الديمقراطيّ الثّوريّ اليمنيّ منظّمة المقاومين الثّوريّين اليمنيّين وحزب يساريّ اسمه حزب العمل، وحزب البعث الموالي للعراق، كما انضمّ إلى الجبهة الضبّاط الأحرار الّذين قاموا بالثّورة إنّما سرّاً، وكان من ضمنهم وزير الداخليّة محمّد الرحومي، وسفير اليمن إلى دمشق صالح الأشول، وقد وانطلقت الجبهة الوطنيّة في العمل السياسيّ فيما مقرّها الرئيسيّ في عدن، وكان الهدف هو إسقاط النّظام في صنعاء، وتحقيق الوحدة اليمنيّة".

الصراع بين الرئيس سالم ربيع و عبد الفتّاح إسماعيل

وقال جار الله عمر "كان البعثيّون غير مرتاحين إلى الحمدي، لكنّنا هدّأنا الكفاح المسلّح وبدأنا بعمل سياسي. غير أنّ مشكلة جديدة طرأت متمثّلة في خلاف نشب داخل التّنظيم السياسيّ الموحّد للجبهة القوميّة في الجنوب ما بين سالمين الّذي كان يميل إلى الخطّ العيني، وهو رجل دولة مقتدر، وبين عبد الفتّاح إسماعيل الذي كان يميل إلى الخطّ السوفييتيّ.

الرئيس الحمدي وخصومة عبدالفتاح إسماعيل

وقال المؤلف الراحل "أُصبنا بخسارة شديدة إثر هذا الانقسام. وسرعان ما بدأ الحمدي ينسج علاقةً مع سالم ربيع علي، بين صنعاء وعدن، ولم يكن الحمدي ضدّ عبد الفتّاح اسماعيل لكنّ الانقسام في الجنوب كان كبيراً، ومنشأُ الخلاف وسببُه النّزاعُ على السّلطة. وكان عبد الفتّاح إسماعيل مع الأحزاب التي انضمّت إلى الجبهة القوميّة الماركسيّين والطليعة الّتي انبثقتْ من البعث قد بدأوا يكوّنون مجموعة كبيرة ضدّ سالمين الّذي كان على رأس الدّولة. وهو رجل عمليّ لم يكن يحبّ المثقّفين ويعتقد أنّهم «بتوع كلام كثير» ويتّهمهم بأنّهم غير عمليّين وتابعون إلى الاتّحاد السّوفييتي، وهم يتّهمونه بأنّه رجل منفرد يعمل وحده ولا يريد مؤسّسات".
وأكد ان "الخلاف بين سالمين وعبدالفتاح اسماعيل استمرّ شكّلوا جبهة واسعة ضدّه من المثقّفين وضبّاط الجيش وعلي ناصر وعبد الفتّاح وغيرهم، كلّهم كانوا ضدّ سالمين. والأخير كان يمثّل أقلّيّة في الحزب لكن كان له تأييد أكبر لدى الشّعب. وأنا كنت أعيش في عدن وأعرف أنّ له تأييداً شعبيّاً كبيراً. كانت الاتّهامات متبادلة بين الطّرفين".
 

إيران تنفذ إعدامات جماعية خلال احتفالات الميلاد: 22 ضحية في ثلاثة أيام


مارين لوبان: غياب الشرعية سيؤدي إلى تغيير قريب في المشهد السياسي


اليمن في اختبار صعب أمام الأخضر السعودي ضمن خليجي 26


اغتيالات أم ضربات عسكرية؟ خيارات إسرائيلية للتعامل مع تهديد الحوثيين