تحليلات
بعد أربعة أيام على انتهاء الهدنة الأممية..
الاذرع الإيرانية يهددون قصف أهداف سعودية وإماراتية والمجلس الرئاسي يتوعد
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يتوعد بالدفاع عن المصالح العليا للبلاد، وردع أي تصعيد عدائي للجماعة المدعومة من إيران داخليا وخارجيا.
أطلقت جماعة الحوثي مساء الخميس تهديدات جديدة بقصف أهداف سعودية وإماراتية وأخرى لم تحددها "غاية في الحساسية والأهمية" وضعتها في بنك أهدافها القادمة، بينما توعد مجلس الرئاسة اليمني بالدفاع عن المصالح العليا للبلاد، وردع أي تصعيد عدائي للجماعة المدعومة من إيران داخليا وخارجيا.
وقال ما يسمى بـ"وزير الدفاع" في حكومة الحوثيين غير المعترف بها دوليا محمد ناصر العاطفي "نجدد التحذير للقوى الداعمة للعدوان (يقصد التحالف الذي تقوده السعودية) من أننا سندير مواجهة ذات بعد تكتيكي وإستراتيجي، ولن نتردد لحظة في قصف أهداف غاية في الحساسية".
وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح نقلته وكالة "سبأ"، النسخة التي يطلقها الحوثيون بصنعاء، "في بنك أهدافنا القادمة ليس فقط العمق السعودي والإماراتي ومنشآتهما العسكرية والاقتصادية الحيوية، بل أبعد من ذلك بكثير".
وتابع "لا خطوط حمراء ولا موانع ستقف أمام سطوة صواريخنا وطائراتنا المسيّرة برا وبحرا وجوا، لقد أعددنا قدراتنا وقواتنا على هذا القرار العسكري الإستراتيجي، فلا تختبروا صبرنا وقد أعذر من أنذر".
وأردف "نحن أمناء على حماية الممرات الملاحية في جنوب البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن وبحر العرب وصولا إلى البوابة الشرقية للمحيط الهندي وأرخبيل سقطرى، وهذا ما يجب أن يدركوه وينصاعوا له طوعا قبل أن ينصاعوا كرها".
وتأتي تصريحات العاطفي في ظل رفض جماعة الحوثي تمديد الهدنة باليمن، متمسكة بشرط صرف رواتب الموظفين المدنيين والعسكريين في مناطق سيطرتها، من خزينة الحكومة.
وسبق للحوثيين استهداف المنشآت النفطية في السعودية والإمارات. ففي العام الماضي وأثناء سباق الفورمولا 1 بجدة غرب المملكة، تعرضت منشأة تخزين نفط تابعة لشركة أرامكو لهجوم عبر طائرة مسيّرة، مما أثار مخاوف أمنية لدى السائقين.
لكن الهجوم الأكبر وقع في العام 2019، عندما استهدف الحوثيون منشآت تابعة لشركة أرامكو في بقيق وخريص، مما قلص من إنتاج السعودية النفطي بواقع النصف، بحسب الشركة العملاقة المملوكة للدولة.
وآنذاك، اتهم وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو إيران بالوقوف وراء ما أسماه "هجوم غير مسبوق على إمدادات الطاقة في العالم".
وكان الحوثيون قد استهدفوا أبوظبي في مطلع العام الجاري في 3 عمليات منفصلة بطائرات مسيّرة، أسفرت عن وقوع قتلى وجرحى.
ونددت الإمارات في ذلك الوقت، بما وصفته بـ"اعتداء حوثي آثم" على منشآت مدنية بالعاصمة، بعد مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة ستة آخرين في انفجار ثلاثة صهاريج لنقل محروقات تابعة لشركة نفط أبوظبي الوطنية "أدنوك".
وفي المقابل، توعد مجلس القيادة الرئاسي في اليمن مساء الخميس بالدفاع عن المصالح العليا للبلاد، وردع أي تصعيد عدائي لجماعة الحوثي داخليا وخارجيا، مؤكدا في ذات الوقت التمسك بنهج السلام العادل والشامل والمستدام واستعادة مؤسسات الدولة وإنهاء انقلاب الحوثيين.
وخلال اجتماع مشترك لمجلس القيادة الرئاسي بحضور جميع أعضائه، مع كبار قيادات الدولة في لجان المجلس والحكومة والبرلمان والمخابرات، في العاصمة السعودية الرياض، حمّل المجلس "الميليشيات الحوثية مسؤولية التفريط بالفوائد الكبيرة التي جلبتها الهدنة للمواطنين في مناطق سيطرتها".
وقال المجلس في بيان عقب الاجتماع إن الميليشيات الحوثية بذلك "تؤكد مدى ارتهانها للنظام الإيراني، وتغليب مصلحة هذا النظام ومشروعه التخريبي، على مصالح الشعب اليمني"، وفق كالة الأنباء اليمنية الرسمية "سبأ".
واستهجن البيان "التهديدات الإرهابية التي تتبناها قيادات الميليشيات الحوثية ضد المؤسسات السيادية الوطنية، ودول الجوار، وخطوط الملاحة الدولية".. مؤكدا "التزام الدولة بالدفاع عن المصالح العليا للبلاد، وردع أي تصعيد عدائي".
وأكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي "تمسك الحكومة اليمنية بنهج السلام الشامل تلبية لتطلعات الشعب إلى استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب، المدعوم من النظام الإيراني".
وعبّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي وأعضاء المجلس وقيادات الدولة عن "بالغ أسفهم لتعثر جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة هانس غروندبرغ في تمديد الهدنة، بسبب تعنت الميليشيات الحوثية، وإمعانها في إراقة المزيد من الدماء، ومفاقمة الأزمة الإنسانية الأسوأ في العالم".
وأشاد العليمي "بموقف المجتمع الدولي ووحدته إزاء القضية اليمنية"، لكنه قال إن "هذا الموقف لا يكفي لردع هذه الميليشيات الحوثية، وداعميها في طهران".
واستغرب من تبريرات الميليشيات الحوثية للانسحاب من اتفاق الهدنة، قائلا "كان للمجلس الرئاسي الفضل في تصدير قضية الرواتب إلى طليعة إجراءات بناء الثقة، بوصفها تعهدا رئاسيا مسبقا أمام الشعب اليمني وممثليه".
وأشار إلى إلزامية استحقاق الرواتب بموجب اتفاق ستوكهولم المتضمن إلزام الميليشيات بتوريد عوائد موانئ الحديدة لدفع رواتب موظفي الخدمة المدنية في مناطق سيطرتها.
وكانت الهدنة الأممية انهارت في الثاني من أكتوبر، عقب رفض جماعة الحوثي تجديدها وقبول مقترح أممي بتمديدها 6 شهور إضافية، رغم قبول الحكومة والتزامها الأحادي.
والأحد، أعلن المجلس السياسي الأعلى للحوثيين، في بيان أصدره عقب اجتماع بالعاصمة صنعاء، رفضه لمقترح أممي بشأن تمديد الهدنة، ووصفه بأنه "لا يرقى إلى مطالب اليمنيين"، في حين أعلنت الحكومة اليمنية السبت على لسان مصدر مسؤول، أنها "ستتعاطى بإيجابية مع مقترح أممي لتمديد الهدنة".
وقدمت القوات المسلحة الجنوبية تضحيات جديدة ذلك بعد خوضها معارك هي الأعنف ضد الحوثي والقاعدة على جبهة الحد يافع بمحافظة لحج.
وشن الحوثيون المدعومون إيرانيا أوسع هجوم عسكري ليلي على قرى سكنية ومواقع عسكرية في مديرية الحد يافع في لحج (جنوب)، وذلك عبر شريان حيوي يصل إلى محافظة البيضاء (قلب اليمن) ويربط بين صنعاء وعدن.
وتستهدف مليشيات الحوثي الإرهابية استعراض عضلات قواتها عبر تحقيق اختراق من هذا الشريان، الذي يربط بين صنعاء وعدن، وتمر منه يوميا آلاف الناقلات والمؤن الغذائية للشعب اليمني في المحافظات غير المحررة.
وقالت مصادر عسكرية: "إن مليشيات الحوثي دفعت بدوريات وآليات وعشرات الجنود بينهم عناصر متطرفة من القاعدة وداعش إلى مديرية الزاهر في البيضاء وعلى تخوم جبهة "الحد" يافع لحج".
وذكرت المصادر أن مليشيات الحوثي شنت، في وقت مبكر اليوم الجمعة، أكبر هجماتها تحت غطاء ناري مكثف وبإسناد عربات "PMP" والمدافع الثقيلة والطائرات بدون طيار من أجل تحقيق اختراق ميداني.
وأكدت المصادر أن القوات الجنوبية نجحت في التصدي للهجوم الحوثي بمساندة القاعدة وداعش، ما أسفر عن تكبد التنظيمات الإرهابية خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد ووقوع عدد من الأسرى، فيما قدمت القوات الجنوبية 4 قتلى من جنودها البواسل.
المسؤول العسكري في جبهة الحد يافع العميد ناصر الشوحطي قال، لموقع العين الإخبارية، إن هجوم مليشيات الحوثي "عطل مصالح الناس، وأغلق المحال التجارية، ومنع الطلاب من الذهاب للمدارس بسبب القصف العشوائي بالهاونات والطيران المسير".
ولم يستغرب قائد اللواء الرابع دعم وإسناد العميد ناصر الشوحطي من توحش مليشيات الحوثي في الشريط الحدودي في مديرية الحد يافع، حيث ترابط القوات المسلحة على حدود محافظة البيضاء.
وأشار إلى أن الحوثي "اعتاد على العدوانية والوحشية والإجرام، فقد عاث في الأرض فسادا، وتجاوزت جرائمه الخطوط الحمراء لا سيما تعمد استهداف المواطنين المسالمين الذي طالت الاعتداءات ممتلكاتهم الخاصة".
وكشف المسؤول العسكري أن مليشيات الحوثي حشدت مليشياتها بشكل كبير باتجاه مديرية الحد يافع، ضمن تصعيد عسكري مستمر له عدة أسباب، منها استعراض عضلات القوة انطلاقا من محافظة البيضاء.
وأكد الشوحطي أهمية تحرير البيضاء من قبضة مليشيات الحوثي لتأمين جنوب اليمن، كون مليشيات الحوثي تستغل موقعها الاستراتيجي الذي يربط 8 محافظات شمالا وجنوبا لإبقاء هيمنتها شمالا.
وتكتسب البيضاء أهمية لا تقل عن صنعاء ومعقل مليشيات الحوثي الأم صعدة بنظر كبار قياداتها الإرهابية، والتي سعت في تشييقد شبكة نفوذ وعلاقات واسعة مع التنظيمات الإرهابية في هذه المحافظة.
ويرى المسؤول العسكري الشوحطي أنه "لا فرق بين مليشيات الحوثي وتنظيمي القاعدة وداعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية التي تفرخ الإرهابيين والمتطرفين الذين ينشرون الموت في كل مكان".
وقال إن "مصادر ميدانية موثقة أفادتنا بوجود عناصر إرهابية بالفعل تقاتل في صفوف مليشيات الحوثي وهم القاعدة وداعش".
كما أن "هناك أدلة كثيرة على العلاقة الوثيقة بين مليشيات الحوثي والجماعات الإرهابية الأخرى بشقيه القاعدة وداعش، وهو لم نر يوما تفجيرات أو هجمات انتحارية أو أي أعمال إرهابية تستهدف مليشيات الحوثي أو في مناطق سيطرتها، وإنما تتركز على المناطق المحررة".
ووفقا للشوحطي فإن ذلك دليل دامغ على أن هذه الجماعات الإرهابية تربطها علاقات وأهداف مشتركة ووثيقة وتعاون إجرامي وإرهابي كبير، فيما أصبح الدور المزعزع للحوثيين يتجاوز اليمن إلى دور الجوار.
من جهته، قال متحدث القوات الجنوبية المقدم محمد النقيب، في بيان، إن القوات خاضت معارك ضارية طول الشريط الحدودي بجبهة يافع عقب تكرار مليشيات الحوثي الإرهابية أعمالها العدوانية.
وأكد أن هجمات الحوثي قوبلت برد فوري وحازم من قبل القوات الجنوبية، ما ألحق بها خسائر كبيرة في صفوفها.
وأشار إلى أن خسائر الحوثيين اليوم الجمعة قدمت دليلا قاطعا على قدرة واقتدار القوات الجنوبية في التعامل الحازم مع أي عمل عدائي تُقدم عليه المليشيات في أي ظرف وأيا كان حجمه وتحشيداته وكثافة نيرانه.
بدوره، قال رئيس المركز الإعلامي لقوات العمالقة الجنوبية أصيل السقلدي إن "مليشيات الحوثي تواصل هجماتها المتعثرة على جبهة الحد يافع، لسبب إنها المنطقة الوحيدة التي يمر منها شحنات المواد الغذائية والبضائع إلى مناطق سيطرته".
وأضاف، في تغريدة على حسابه في "تويتر"، إن "مليشيات الحوثي كشفت عن ضعفها عندما رأت أن الشريان الحيوي والطريق ثغرة ليتقدم منها، وهذا مستحيل وسيتحمل مسؤولية أي قطع يحدث للطريق التجاري الوحيد التي تركها الأبطال مفتوحة بشجاعة".
وتعد "يافع" موطن "ناطحات السحاب الحجرية الفريدة في العالم"، وتشتهر بفن العمارة والبنايات التي تتناسق مع الجبال الوعرة، لكنها باتت مؤخرا للمرة الأولى منذ أعوام عرضة لهجمات مليشيات الحوثي والقاعدة في انتهاك صارخ لمبدأ التمييز وحماية المدنيين خلال الحرب.