تطورات اقليمية
إعادة رسم خارطة التحالفات في الشرق الأوسط..
سوريا الجديدة تتجه نحو الخليج.. ماذا بعد لقاء الشرع وولي العهد السعودي؟
في أول زيارة خارجية له منذ توليه الحكم، التقى الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، يوم الأحد، ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الرياض، حيث ركزت المحادثات على تعزيز الاستقرار في سوريا والمنطقة، وسط إدراك متبادل لأهمية تجنب أي تصعيد إقليمي والعمل على إعادة الإعمار.
تهدف السعودية من خلال انفتاحها على سوريا الجديدة إلى لعب دور محوري في تهدئة الأوضاع الإقليمية، خاصة بعد سقوط نظام بشار الأسد، في حين تسعى دمشق إلى إعادة بناء علاقاتها مع الدول العربية والاستفادة من الدعم الخليجي لإعادة الإعمار، في ظل الدمار الذي خلفه النزاع المستمر منذ 13 عامًا.
وفي بيان عبر تلغرام، أكد الشرع أن المحادثات مع ولي العهد السعودي أظهرت رغبة حقيقية لدعم سوريا في بناء مستقبلها، مشيرًا إلى بحث تعزيز التعاون في مجالات الطاقة، التكنولوجيا، التعليم، والصحة، بما يحقق السلام والاستقرار في المنطقة ويحسن الواقع الاقتصادي للشعب السوري.
وأوضحت وزارة الخارجية السعودية أن اللقاء تناول مستجدات الأوضاع في سوريا وسبل دعم أمنها واستقرارها، إلى جانب تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين. ويعكس هذا التحول في العلاقات رغبة السلطات السورية الجديدة في فتح صفحة جديدة مع المملكة، لا سيما بعد زيارات متبادلة بين مسؤولي البلدين، كان آخرها زيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى الرياض في يناير، وزيارة نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان إلى دمشق لاحقًا، حيث أكد دعم المملكة للإدارة الجديدة، خاصة في جهودها لرفع العقوبات الغربية.
وأكدت رابحة سيف علام، الباحثة في مركز الأهرام للدراسات السياسية، أن السعودية تلعب دورًا مهمًا في إعادة دمج سوريا الجديدة عربيًا ودوليًا، مشيرة إلى أن خروج إيران من المشهد السوري أضعف نفوذها الإقليمي، مما انعكس إيجابيًا على الاستقرار الإقليمي.
وأضافت أن القضاء على تجارة المخدرات القادمة من سوريا، والتي كانت تهدد أمن الخليج، يمثل إنجازًا استراتيجيًا للرياض. وأكدت أن زيارة الشرع للرياض تحمل دلالات استراتيجية، فهو أسدى خدمة كبيرة للسعودية بإخراج طهران من المشهد السوري.
ورغم التحسن النسبي في العلاقات بين السعودية وإيران، لا تزال هناك خلافات عميقة حول قضايا استراتيجية، أبرزها الحرب في اليمن، حيث تدعم إيران الحوثيين، فيما تقود الرياض تحالفًا لدعم القوات الحكومية. كما تتهم السعودية ودول خليجية أخرى إيران بالتدخل في الشؤون العربية، مما يعكس استمرار التوتر في بعض الملفات الإقليمية.
ويُذكر أن الفصائل المسلحة التي أطاحت بنظام الأسد في ديسمبر الماضي اختارت أحمد الشرع رئيسًا للمرحلة الانتقالية، وكان العاهل السعودي الملك سلمان وولي عهده من أوائل القادة الذين هنأوه بتوليه المنصب، خاصة أنه وُلد في السعودية وعاش فيها طفولته المبكرة.
وفي مقابلة سابقة مع قناة "العربية"، أكد الشرع أن للسعودية دورًا كبيرًا في مستقبل سوريا، مشيرًا إلى فرص استثمارية واسعة يمكن للرياض الاستفادة منها.
وتأتي هذه الزيارة بعد أيام من زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى دمشق، والتي تعد أول زيارة لرئيس دولة إلى سوريا منذ سقوط الأسد، في خطوة تعكس بداية مرحلة جديدة من الانفتاح العربي على الحكومة السورية الجديدة.
وأعلن رئيس دائرة الاتصال بالرئاسة التركية فخر الدين ألطون، الإثنين، أن الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع يُتوقع أن يصل إلى أنقرة، الثلاثاء، تلبية لدعوة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وأشار ألطون في منشور عبر صفحته على "إكس"، إلى أن المحادثات التي ستُجرى في المجمع الرئاسي التركي ستتطرق إلى آخر التطورات في سوريا من جميع الجوانب وتقييم الخطوات المشتركة التي يجب أن يتخذها البلدان في سبيل التعافي الاقتصادي والاستقرار والأمن المستدام على الأراضي السورية.
وأضاف ألطون أن المحادثات ستركز أيضاً على الدعم الذي يمكن أن تقدمه أنقرة للإدارة الانتقالية والشعب السوري، معرباً عن قناعته بأن "زيارة السيد أحمد الشرع والوفد المرافق له ستعزز العلاقات التركية-السورية التي عادت إلى طبيعتها بعد حصول سوريا على حريتها".
واختتم الشرع، الإثنين، زيارته إلى السعودية أولى محطاته الخارجية، حيث التقى خلالها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وفي أعقاب اللقاء، نشرت حسابات الرئاسة السورية بيانا صادرا عن الرئيس الشرع، قال فيه: "أتقدم بالشكر الجزيل لأخي سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على حفاوة الاستقبال والاستضافة".
وأضاف: "أجرينا اليوم اجتماعا مطولا، لمسنا من خلاله رغبة حقيقية لدعم سوريا في بناء مستقبلها، وحرصا على دعم إرادة الشعب السوري ووحدة وسلامة أراضيه".
وتأتي هذه الزيارات في إطار تحركات الإدارة السورية الجديدة لفتح قنوات اتصال مع القوى الإقليمية والدولية.