تطورات اقليمية
الصراع الفلسطيني الاسرائيلي..
تصريحات نتنياهو حول إقامة دولة فلسطينية في السعودية تثير عاصفة من الاستنكار العربي والدولي
أثارت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول إمكانية إقامة دولة فلسطينية على الأراضي السعودية موجة استنكار واسعة، حيث وصفتها وزارة الخارجية المصرية بأنها "منفلتة"، فيما نددت بها منظمة التحرير الفلسطينية.
وأعلنت وزارة الخارجية المصرية رفضها الكامل لهذه التصريحات التي وصفتها بـ"المتهورة"، مؤكدة أنها تمس بأمن وسيادة المملكة العربية السعودية. وأكد البيان الصادر عن الوزارة أن أمن السعودية واحترام سيادتها يعد خطًا أحمر لا يمكن تجاوزه، معتبرة استقرار المملكة جزءًا من استقرار مصر والدول العربية.
وشددت القاهرة على أن تصريحات نتنياهو "تمثل تجاوزًا للأعراف الدبلوماسية وافتئاتًا على سيادة المملكة العربية السعودية وحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف في إقامة دولته المستقلة وفقًا لحدود الرابع من يونيو 1967."
من جهتها، أدانت منظمة التحرير الفلسطينية بشدة تصريحات نتنياهو، واعتبر أمين سر لجنتها التنفيذية، حسين الشيخ، أن هذه التصريحات تمثل "خرقًا للقانون الدولي والمواثيق الدولية." وأكد أن فلسطين لن تكون إلا على أرضها التاريخية، مثمنًا موقف السعودية الداعم لحل الدولتين.
وجاءت تصريحات نتنياهو خلال مقابلة مع القناة "14" العبرية، ردًا على تمسك السعودية بإقامة دولة فلسطينية كشرط لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، حيث قال: "يمكن للسعوديين إنشاء دولة فلسطينية في السعودية، لديهم الكثير من الأراضي هناك." وأضاف أن "إسرائيل لن تسمح بإقامة دولة فلسطينية داخل حدودها بعد أحداث السابع من أكتوبر."
ورفضت وزارة الخارجية السعودية هذا الطرح، مؤكدة في بيان رسمي أن موقفها من القضية الفلسطينية ثابت وغير قابل للتفاوض. وأكدت أن تطبيع العلاقات مع إسرائيل لن يتم دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، مشيرة إلى أنها أبلغت الإدارة الأميركية بهذا الموقف بشكل واضح.
وتزامنت تصريحات نتنياهو مع ضغوط أميركية على السعودية، حيث كشف السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، عن وجود محاولات أميركية للضغط على المملكة قبل زيارة وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إلى المنطقة. وتهدف هذه الزيارة إلى استطلاع مواقف الدول بشأن مقترح ترامب لإعادة إعمار غزة، والذي يتضمن نقل الفلسطينيين منها، إلى جانب استئناف عملية التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل.
في سياق متصل، كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن خطة للسيطرة على قطاع غزة وإعادة إعماره بعد نقل سكانه إلى دول مجاورة، وهو ما قوبل برفض عربي ودولي واسع. ووفقًا للتقارير، فإن الولايات المتحدة اقترحت نقل الفلسطينيين إلى مصر والأردن، لكن البلدين رفضا هذه الفكرة بشكل قاطع.
ومع تزايد موجة الرفض، حاول مسؤولون أميركيون التراجع عن بعض جوانب الخطة، مشيرين إلى أن عملية النقل قد تكون "مؤقتة." إلا أن ترامب نفسه بدا مترددًا في المضي قدمًا بالخطة، حيث قال لاحقًا إنه "ليس في عجلة من أمره" لتنفيذ مشروعه، مستبعدًا إرسال قوات أميركية إلى غزة لتنفيذ رؤيته.
وبرزت فكرة إعادة تطوير غزة اقتصاديًا بعد هجوم السابع من أكتوبر 2023، وكان جاريد كوشنر، صهر ترامب ومبعوثه السابق إلى الشرق الأوسط، من أبرز مروّجي هذه الفكرة. وسبق أن وصف كوشنر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بأنه "نزاع عقاري"، مشيرًا إلى أن "العقارات على الواجهة البحرية في غزة يمكن أن تكون ذات قيمة كبيرة في حال توفير فرص اقتصادية."
وتعكس هذه التصريحات والمواقف المتباينة حجم التعقيد السياسي المحيط بالقضية الفلسطينية، وسط ضغوط دولية متزايدة لمحاولة إعادة رسم خريطة المنطقة وفقًا لأجندات سياسية واقتصادية. ويبقى السؤال الأهم: كيف ستتعامل السعودية والدول العربية مع هذه التحديات، وما مستقبل القضية الفلسطينية في ظل هذه التطورات؟