تطورات اقليمية
واشنطن تدعو إلى نهاية سريعة لنزاع أوكرانيا دون ذكر وحدة أراضيها..
روسيا ترحب وأوكرانيا ترفض.. مستقبل النزاع على طاولة الولايات المتحدة
أوكرانيا بين خياري ترامب والأوروبيين في الجمعية العامة
في خطوة مفاجئة، اقترحت الولايات المتحدة يوم الجمعة، 21 فبراير 2025، على الجمعية العامة للأمم المتحدة مشروع قرار يدعو إلى "نهاية سريعة" للنزاع في أوكرانيا، دون أي إشارة إلى وحدة أراضي البلاد، وفقاً لنص اطلعت عليه وكالة فرانس برس.
يأتي هذا الاقتراح في سياق تصاعد التوترات بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، حيث يضغط ترامب من أجل تسوية سريعة للحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات.
وينص مشروع القرار الأمريكي، في صياغته المقتضبة، على ضرورة "نهاية سريعة للنزاع وإلى سلام مستدام بين أوكرانيا وروسيا"، متجنباً الإشارة الصريحة إلى وحدة الأراضي الأوكرانية أو إدانة الغزو الروسي، وهو ما يمثل تحولاً لافتاً عن المواقف الأمريكية السابقة التي دعمت أوكرانيا بشكل واضح. وقد رحب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، بهذا النص واصفاً إياه بـ"فكرة سديدة"، لكنه أشار إلى أن المشروع يفتقر إلى معالجة "جذور" النزاع.
ويأتي هذا الاقتراح عشية انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الإثنين، الموافق 24 فبراير 2025، لإحياء الذكرى السنوية الثالثة للغزو الروسي لأوكرانيا. ويعد هذا الاجتماع الأول منذ عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة الأمريكية، حيث أثار جدلاً بتصريحاته الناقدة لزيلينسكي، معتبراً أن حضور الأخير للمفاوضات مع روسيا "غير ضروري" وأنه "لا يمتلك أي أوراق" تفاوضية. كما أثار استبعاد ترامب لأوكرانيا وحلفائها الأوروبيين من المحادثات الأولية مع روسيا قلقاً كبيراً بين الحلفاء.
وفي المقابل، أعدت أوكرانيا وشركاؤها الأوروبيون مشروع قرار منافس يركز على "مضاعفة" الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب خلال عام 2025، مع الإشارة إلى مبادرات عدة دول قدمت رؤاها للسلام. ويعيد النص التأكيد على مطالب الجمعية العامة السابقة بالانسحاب الفوري وغير المشروط للقوات الروسية من الأراضي الأوكرانية ووقف الهجمات، وهي مطالب حظيت بتأييد واسع في السابق، حيث تجاوزت الأصوات المؤيدة 140 من أصل 193 دولة عضواً.
وتتمسك روسيا بشروطها لإنهاء النزاع، ومنها تنازل أوكرانيا عن أربع مناطق ضمتها موسكو (دونيتسك، لوهانسك، زابوريجيا، وخيرسون) إلى جانب شبه جزيرة القرم، بالإضافة إلى ضمان عدم انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو. في المقابل، ترفض كييف هذه الشروط جملة وتفصيلاً، وتطالب حلفاءها بتقديم ضمانات أمنية قوية لردع أي غزو روسي مستقبلي.
ويمثل مشروع القرار الأمريكي انحرافاً عن النهج التقليدي لواشنطن، التي كانت تدعم بقوة سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها في السابق. ويثير هذا التحول تساؤلات حول استراتيجية ترامب في التعامل مع النزاع، خاصة مع ضغوطه لإبرام اتفاق سريع قد يتعارض مع مصالح أوكرانيا وحلفائها الأوروبيين. ومع اقتراب الذكرى الثالثة للحرب، تتجه الأنظار إلى الجمعية العامة لمعرفة مصير هذين المشروعين المتعارضين وتأثيرهما على مسار الصراع.
وتشير هذه التطورات إلى انقسام متزايد بين الولايات المتحدة وشركائها التقليديين في أوروبا وأوكرانيا، في وقت يواجه فيه النزاع مفترق طرق حاسم. هل ستنجح واشنطن في فرض رؤيتها للسلام السريع، أم ستتمسك الجمعية العامة بموقفها الداعم لوحدة أراضي أوكرانيا؟ الإجابة ستتضح يوم الإثنين، في جلسة قد تحدد ملامح المرحلة القادمة من الأزمة.