تطورات اقليمية
القمة الخليجية الأمريكية..
ترامب والسعودية يطالبان بوقف إطلاق النار في غزة وسط قصف إسرائيلي
وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان
انطلقت من العاصمة السعودية الرياض، الأربعاء 14 مايو 2025، دعوات مشتركة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة لإنهاء الحرب المستمرة في قطاع غزة، وذلك خلال زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمنطقة. وتزامن هذا التحرك الدبلوماسي مع تصعيد إسرائيلي خطير في القطاع، أسفر عن مقتل العشرات، مما يعقد آمال التهدئة ويبرز التناقض بين الجهود السياسية والواقع الميداني.
خلال مؤتمر صحفي عقب القمة الخليجية-الأمريكية في الرياض، أعلن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان عن اتفاق مشترك مع الولايات المتحدة على ضرورة وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة فورًا. وأعرب عن أمله في أن يكون إطلاق سراح الرهينة الأمريكي عيدان ألكسندر، الذي أفرجت عنه حركة حماس يوم الإثنين، أساسًا لاتفاق أوسع لوقف إطلاق النار. وأكد الأمير فيصل على موقف السعودية الداعم لإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع دون قيود، مشددًا على أن "وقف إطلاق النار بات ضرورة ملحة".
من جانبه، أشار الرئيس ترامب في كلمته بالرياض إلى أن إطلاق سراح ألكسندر يمثل خطوة أولى قد تتبعها مفاوضات للإفراج عن بقية الرهائن. وأضاف أن "سكان غزة يستحقون مستقبلًا أفضل"، معربًا عن التزام إدارته بالسعي نحو حلول شجاعة. كما كشف عن خطة أمريكية لاستئناف إدخال المساعدات الإنسانية عبر متعاقدين من القطاع الخاص، وهي خطة أيدتها إسرائيل لكنها قوبلت برفض من الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة بسبب غموض تفاصيلها، خاصة فيما يتعلق بالتمويل والجهات المانحة.
في تناقض صارخ مع هذه الدعوات، كثفت إسرائيل، الأربعاء، قصفها الجوي والمدفعي على قطاع غزة، مستهدفة مناطق متفرقة، خاصة مخيم جباليا شمال القطاع. وأفادت السلطات الصحية الفلسطينية بمقتل ما لا يقل عن 50 شخصًا، معظمهم نساء وأطفال، نتيجة غارات استهدفت منازل سكنية. وأشارت إلى أن عدد الضحايا قد يرتفع مع استمرار العمليات العسكرية. كما أبلغ مسعفون عن إصابات إثر غارة إسرائيلية استهدفت جرافة بالقرب من مستشفى غزة الأوروبي.
وقبيل هذا التصعيد، أطلقت حركة الجهاد الإسلامي، المدعومة من إيران، صواريخ من غزة نحو إسرائيل مساء الثلاثاء، مما دفع الجيش الإسرائيلي لإصدار تحذيرات لسكان جباليا وبيت لاهيا لإخلاء مناطقهم. وامتنع الجيش الإسرائيلي عن التعليق الفوري على التقارير، مشيرًا إلى أنه يتحقق من الأنباء.
يأتي هذا التصعيد في أعقاب هجوم حماس على مستوطنات جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، الذي أسفر عن مقتل حوالي 1200 شخص واختطاف 251 رهينة، وفقًا للإحصاءات الإسرائيلية. ومنذ ذلك الحين، أدت الحملة العسكرية الإسرائيلية إلى مقتل أكثر من 52,900 فلسطيني، وفقًا لمسؤولي الصحة الفلسطينيين، مع تدمير واسع للبنية التحتية في القطاع الذي يسكنه 2.3 مليون نسمة. وتحذر منظمات الإغاثة من أن سكان غزة على شفا مجاعة بسبب الحصار المفروض ومنع إدخال الإمدادات منذ 2 مارس 2025.
على صعيد الوساطة، تعثرت المفاوضات في الأسابيع الأخيرة، حيث تبادلت حماس وإسرائيل الاتهامات بتعطيل المحادثات. وأجرت حماس مناقشات مع وسطاء مصريين وقطريين لتأمين إطلاق سراح ألكسندر، بينما أرسلت إسرائيل وفدًا إلى الدوحة لبحث صفقة أوسع. واجتمع المبعوثان الأمريكيان آدم بولر وستيف ويتكوف مع عائلات الرهائن في تل أبيب، مؤكدين أن إطلاق سراح ألكسندر يفتح نافذة أمل لإطلاق سراح المزيد.
تواجه الجهود الدبلوماسية عقبات كبيرة، حيث يستمر التصعيد الميداني في تقويض المبادرات السياسية. ويأمل الفلسطينيون أن تُترجم زيارة ترامب إلى ضغط حقيقي على إسرائيل لوقف العنف، خاصة بعد إفراج حماس عن آخر الرهائن الأمريكيين الأحياء. ومع ذلك، يبدو أن إسرائيل مصممة على مواصلة عملياتها العسكرية، مما يثير مخاوف من تفاقم الأزمة الإنسانية.
تُظهر الدعوات السعودية-الأمريكية لوقف إطلاق النار في غزة إرادة سياسية لتهدئة الصراع، لكنها تصطدم بواقع ميداني معقد يتسم بالعنف والدمار. ومع استمرار القصف الإسرائيلي وتفاقم معاناة سكان القطاع، تظل الجهود الدبلوماسية تحت اختبار صعب، حيث يتوقف نجاحها على قدرة الأطراف على تجاوز الخلافات ووضع حد لدوامة العنف التي تهدد استقرار المنطقة.