غداة الـ8 من مارس اليوم العالمي للمرأة..

هل تكسر تداعيات الحرب إرادة اليمنيات؟

ارشيفية

وكالات

في اليوم العالمي للمرأة، الذي يصادف الثامن من آذار/مارس من كل عام، تحتفي نساء العالم بإنجازاتهن، غير أن المناسبة في اليمن تتحول ليوم حزين تستعرض فيه نساء البلاد محصّلة معاناة مُرّة لـ3 أعوام من النزاع الدامي!.

ومع أنّ النزاع المتصاعد باليمن، منذ أواخر آذار/مارس 2015، ألقى بظلاله على الشرائح كافة في مجتمع يواجه واحدة من أسوأ الأزمات بالعالم، إلا أنّ المرأة اليمنية تظلّ الطرف الذي تكبّد الجزء الأكبر من وطأة الحرب وتداعياتها.

ووفق تقارير أممية، حَرَمتْ الحربُ المرأةَ اليمنيةَ، من أبسط مقومات الحياة، إذ تواجه سوء التغذية والزواج المبكّر، وتتعرض لجميع أشكال العنف؛ لتدفع بذلك ضريبة الحرب على المستويات كافة، سواء أكانت الصحية أم التعليمية أم الاقتصادية.


لم تقع المرأة اليمنية تحت وطأة النزاع بشكل عَرَضي؛ بل كانت ضحية مباشرة لنيران الحرب التي تتصاعد منذ 3 أعوام؛ ما أسفر عن سقوط عشرات النساء في جميع المدن.

ووفق إحصائيات، تسبب النزاع في مقتل 635 امرأة، وإصابة 2070 أخرى، وذلك منذ الـ 26 من آذار/مارس 2015، حتى أواخر كانون الأول/ديسمبر الماضي.

ولم تحدد المنظمة الدولية، أسباب مقتل هؤلاء النساء، لكنها قالت إن “محافظة تعز -الواقعة جنوب غربي البلاد، حيث يُتّهم الحوثيون بشن قصف على الأحياء السكنية فيها بشكل شبة يومي- سَجّلت النسبة الكبرى من إجمالي عدد القتلى بالبلاد.

نازحات وحوامل

عانت المرأة اليمنية بشكل كبير من موجة النزوح التي تسبب فيها النزاع الدائر بالبلاد.

ومن إجمالي 3 ملايين نازح داخليًا، تقول الأمم المتحدة، إن النساء مع أطفالهن، شكّلا 76 % من إجمالي عدد النازحين الذين يدفعون ثمنًا باهظًا؛ كما هي الحال في معظم الأزمات الإنسانية.

وبحسب إحصائيات حديثة من صندوق الأمم المتحدة للسكان، أدى ارتفاع معدلات سوء التغذية إلى إصابة نحو 1.1 مليون امرأة حامل بسوء تغذية؛ ما قد يعرّض حياة 75 ألفًا منهن لمضاعفات صحية خطيرة في أثناء الولادة.

وقال صندوق الأمم المتحدة بصنعاء إن اليمن “يعاني من أعلى معدلات وفيات الأمهات في المنطقة العربية”.

وأضاف أنه “من الممكن أن يؤدي نقص الغذاء وسوء التغذية وتراجع الرعاية الصحية- التي تزداد سوءًا بسبب الأوبئة مثل: الكوليرا والدفتيرياـ إلى زيادة عدد المواليد الخدج (يولدون قبل الأسبوع الـ37 من عمر الحمل)، ومواليد يعانون من نقص في الوزن وارتفاع حالات النزيف الحاد بعد الولادة”.

وأشار الصندوق إلى أن ذلك “يجعل عملية الولادة في اليمن أكثر صعوبة، ويضع حياة الأمهات ومواليدهن في خطر”، حيث تعيش نحو 2.2 مليون امرأة وفتاة في سن الإنجاب.

وذكر الصندوق الأممي، في نشرة له، أن سيدة يمنية تدعى آمنة (30 عامًا)، عانت سوءَ التغذية، وعندما أنجبت توأمين، أواخر كانون الثاني/يناير الماضي، ولِد أحدهما مصابًا بإعاقات خطيرة ولفظ أنفاسه على الفور، إذ كانت الأم تعيش طيلة فترة حملها على الخبز والماء، بعد أن فقد زوجها وظيفته.

عنف وزواج مبكّر 

أضعف النزاع وضع النساء والفتيات اليمنيات بشكل غير مسبوق، وفق تقارير أممية، أشارت إلى أن السنوات الماضية شهدت تآكلًا شبه كامل لآليات الحماية المتاحة لهن، وزيادة تعرضهن للعنف الجنسي وسوء المعاملة.

ولفت صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى وجود نحو 3 ملايين امرأة معرضة لخطر العنف القائم على النوع الاجتماعي، يقابله زيادة في عدد النساء والفتيات الحاصلات على خدمات العنف القائم على النوع الاجتماعي بنسبة 36 % عام 2017.

لكن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، قالت إنها “سجلت منذ بداية النزاع، أكثر من 10 آلاف و806 حالات اغتصاب، وحوادث أخرى لم يتم الإفصاح عنها ضد النساء والفتيات.

ويعتبر زواج القاصرات من أبرز الظواهر التي فاقمها النزاع، إذ كان هذا النوع من الزواج منتشرًا في العقد الأخير، لكن بشكل محدود ببعض المحافظات اليمنية.

ومع تردي الأوضاع الاقتصادية، واستمرار موجة النزوح الطويلة منذ 3 سنوات، لجأ معظم أولياء الأمور إلى تزويج بناتهم القاصرات، في حلّ أجبروا على تبنّيه للتكيف مع الظروف الصعبة.

وحسب إحصائية حديثة لصندوق الأمم المتحدة للسكان، تصاعدت ظاهرة زواج القاصرات من 52 % من الفتيات المتزوجات دون سن 18 عامًا، إلى نحو 66 % في 2017.

وكشفت دراسة أجرتها “اليونيسف” أواخر 2016، وشملت 6 محافظات يمنية، أن معدلات الزواج المبكر وصلت إلى مستويات تُنذِر بالخطر.

وأفادت الدراسة، بأن 72.5% من النساء اللواتي شملتهن الدراسة (15-49 عامًا) تزوجن قبل بلوغ الـ18، فيما تزوجت 44.5% منهن في سن الـ15 أو ربما أقل.

وتبرز ظاهرة زواج الأطفال بقوة باليمن، خصوصًا في محافظات الحديدة (غرب)، وحجة (شمال غرب)، وإب (وسط)، وهي محافظات تستضيف أعدادًا كبيرة من النازحين، وفق الأمم المتحدة.

لا معيل

آلاف النساء اليمنيات يجدن أنفسهن أمام تحدّ جديد في خضم النزاع الحالي، إذ تحمّلن مسؤولية أسرهن مع فقدان معيلها الرئيس، كما تزايدت ظاهرة التسول وعمالة الشوارع في المدن الرئيسة بشكل غير مسبوق.

وتسببت الحرب في مقتل 7 آلاف و868 رجلًا، وإصابة 43 ألفًا و514 آخرين، وفق منظمة الصحة العالمية.

محصلة جعلت معظم الأسر اليمنية تفقد معيلها التقليدي، سواء بالقتل أو الإصابة، لتجد المرأة نفسها في مواجهة تحدي تحمّل أعباء الأسرة وحدها، بل إن نحو 21 % من الإناث دون سن الـ18، يتحمّلن مسؤولية أسرهن ويترأسنها.

وعلاوة على ذلك، شهدت المدن الرئيسة باليمن، في الأعوام الـ3 الماضية، ارتفاعًا ملحوظًا في عمالة الشوارع والتسول.

وتلجأ مئات الفتيات إلى بيع قوارير المياه المعدنية والمنتجات اليدوية التي يُصنّعنها أحيانًا، بينما تتسول أخريات من أجل إطعام أطفالهن، وحمايتهم من المجاعة.