من جانب واحد..
ترجمة: "خطيئة" دعوات وقف إطلاق النار في اليمن
في 23 نوفمبر/تشرين الثاني، نشرت صحيفة “هافنغتون بوست” بنسختها البريطانية مقالة تحت عنوان “السلام في اليمن يتطلب شجاعة بريطانية”، قالت فيها إن “الحوثيين مجموعة شريرة تنمو بقوة مع كل إدانة موجهة لها، وليس من طبيعة المملكة المتحدة استرضاء مثل هكذا مجموعات”. وأضافت أن “السلام في اليمن يتطلب شجاعة بريطانية تعمل على إيقاف الحوثيين عن مواصلة أجندتهم المرتبطة بإيران”.
وقال عضو برلمان المملكة المتحدة، الاسكتلندي روس تومسون، إن “الحوثيين جعلوا اليمن رهينة تحت سيطرتهم، وبالتالي فإن الدعوات إلى وقف إطلاق النار من جانب واحد لن تخدم الشعب اليمني”. وقد اعتبر تومسون أن “جماعة الحوثي ليست إلا قوة إيرانية وكيلة في شبه الجزيرة العربية”. كما أشار إلى أن “الفظاعة وصلت بالحوثيين إلى تسليم طلاب المدارس اليمنيين بطاقات تحمل شعارات وكتيبات تتحدث عن قيم المجموعة”.
وأوضح الدبلوماسي الاسكتلندي أن “المتمردين الحوثيين يمثلون قبيلة صغيرة شمال البلاد، لكنهم نفذوا انقلابًا عنيفًا ضد الحكومة الشرعية عام 2015، واحتلوا البلاد بمساعدة الأسلحة الإيرانية، ما حث الائتلاف العربي على التدخل من أجل طرد المجموعة من الساحل الجنوبي بناء على طلب الحكومة اليمنية ومجلس الأمن الدولي، إلا أنهم تمسكوا بميناء الحديدة والعاصمة ضد رغبات السكان المقيمين في تلك المناطق”.
وأكملت الصحيفة قائلة إن “مجموعة الحوثي قامت بسرقة شحنات مساعدات موجهة إلى السكان المدنيين، ومارست عمليات ابتزاز من أجل تحويلها لبعض المناطق، كما جندت المئات من الأطفال للقتال في ساحات المعارك، وزرعت الآلاف من الألغام الأرضية في المناطق المأهولة، وأشرفت على تدهور الوضع الإنساني داخل الأراضي التي تحتلها”. كما أشارت الصحيفة إلى أن “رئيس برنامج الغذاء العالمي، ديفيد بيسلي، أعرب عن صدمته إزاء اكتشاف زرع ألغام أرضية داخل مستودعات الحبوب”.
وحول محادثات السلام، قال تومسون إن “الحوثيين تهربوا من الانضمام إلى أي محادثات سلام رسمية برعاية الأمم المتحدة، كان آخرها في أيلول/سبتمبر من هذا العام”. وبخصوص ميناء الحديدة، قال تومسون إن “انقلاب الحوثيين جلب ثروة هائلة إلى قيادة المجموعة، الذين يعيشون اليوم في قصور، ويمشون في مواكب بشوارع صنعاء كالملوك المحاربين. يستغل الحوثيون ميناء الحديدة من أجل الاستحواذ على 70% من واردات البلاد، وممارسة ابتزاز المساعدات والوقود، فضلًا عن تهريب الأسلحة الإيرانية المتطورة عبر الميناء”.
وأكمل تومسون بالقول: “الحوثيون يعرفون أن الوضع الإنساني في أراضيهم وصل إلى الحضيض بسبب ممارساتهم، وبالتالي فإن أية تسوية سلمية ستؤدي في نهاية المطاف إلى استبعاد المجموعة من العملية السياسية تحت ضغط السكان المدنيين”، وهذا ما يجعلهم “رافضين لأي شكل من أشكال التسوية السياسية”. ورأى تومسون كذلك أن “الحوثيين يعرفون أن التحالف العربي يتحمل انتقادات كثيرة إزاء تلبيته طلب الحكومة اليمنية بالتدخل في النزاع، وبالتالي تسعى المجموعة إلى مزيد من التدهور في البلاد، على أمل أن يتوقف التحالف بضغط من المجتمع الدولي”. ولذلك، يؤكد تومسون أن “الدعوات إلى إنهاء الحرب في اليمن من جانب واحد بمثابة خطيئة، وتنازل لجماعة الحوثي من شأنه أن يضع البلاد تحت المخلب الإيراني”.
وبحسب تومسون، فإن “الحرب الأهلية اليمنية لن تتوقف بمجرد مغادرة التحالف العربي؛ ببساطة لأن أطراف الحرب هم يمنيون مهتمون بمستقبل بلادهم في مواجهة قبيلة صغيرة مدعومة من طهران”.
علاوة على ذلك، قال تومسون إن “إنهاء الحرب اليمنية من طرف التحالف العربي لن يعالج الظروف التي أدت إلى الحرب؛ بالتحديد، رفض الغالبية اليمنية لحكم مجموعة من الغزاة الحوثيين”. كما أن “انسحاب الائتلاف من مناطق الحديدة يعني مزيدًا من التغلغل الحوثي، وتحول الحرب الأهلية إلى مرحلة دموية أسوأ”.
وأردف توموسن قائلًا: “إن الدعوات لانسحاب التحالف العربي تعني أن الوكيل الإيراني سيحكم مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود السعودية الجنوبية، ما سيسمح للمجموعة بشن حرب إيرانية دموية بالوكالة ضد الرياض”.
وفي ختام مقالته، قال تومسون إن “دعوات وقف إطلاق النار تخدم الحوثيين بشكل مباشر، وإن الطريقة الوحيدة والسريعة لجلب المجموعة الحوثية إلى طاولة المفاوضات هي مواصلة الضغط العسكري على الحوثيين”. وهذا بالطبع، وفقًا لتومسون، “يتطلب تقديم الدعم للتحالف بقيادة السعودية، وتهديد الحوثيين بعمل عسكري منسق في حال رفضوا التجاوب”. والأهم من ذلك، بحسب تومسون، “الشجاعة البريطانية لإيقاف الحوثيين وعدم الرضوخ لأية تهديدات، وعدم استرضاء مجموعة تحمل أجندة إيرانية”.
وما يلفت الانتباه هو أن الصحافة البريطانية الرئيسة، على غرار “هفنغتوت بوست – النسخة البريطانية”، تنبهت في الآونة الأخيرة للدور الإيراني – الحوثي المزعزع لليمن، إذ نشرت صحيفة الإندبندنت البريطانية في 21 نوفمبر/تشرين الثاني مقالة تحت عنوان “توقفوا عن إلقاء اللوم على السعودية إزاء حرب اليمن، وعليكم أن تفهموا الدور الإيراني في الصراع جيدًا”. كما أفردت الغارديان البريطانية في 21 نوفمبر/تشرين الثاني مقالة تحت عنوان “من هم الحوثيون؟ ولماذا يقاتلون التحالف في اليمن؟”، أكدت فيها على ارتباط الحوثيين بالأجندة الإيرانية. كما نشرت صحيفة تلغراف البريطانية مقالة تحت عنوان “حان الوقت لمنع إيران من نشر نفوذها الخبيث عبر الشرق الأوسط”.
ولكن، عند الحديث عن الموقف البريطاني، من الملاحظ أن وسائل الإعلام الإيرانية تخبطت وأظهرت تناقضًا في تقاريرها: فقد نشرت وكالة “فارس” في 20 نوفمبر/تشرين الثاني تقريرًا تحت عنوان “إيران توبخ المملكة المتحدة إزاء انخراطها في جرائم الحرب باليمن”، بينما عنونت في 12 نوفمبر/تشرين الثاني تقريرًا آخر بـ”المملكة المتحدة تدعو السعودية إلى إنهاء الحرب في اليمن”.