خرافات الصحوة الإسلامية..

كتّاب سعوديون يفككون الحكايات الخرافية للمتشددون

تغييب العقل

زكي الصدير

ست وتسعون خرافة صحوية شعبية مرتبطة بيوميات “المجاهدين”، يتتبعها الكاتب السعودي محمد عزيز العرفج في كتابه الجديد بعنوان “خرافات الصحوة الإسلامية”، متلمّسا مدى تأثير هذه الحكايات الشفهية على تهيئة الجماهير البسيطة وحشدها وتلقينها النفسي حيال ما يحصل في المناطق المشتعلة بالحروب بين العالمين، حيث “المؤمنون” و”الكفار”، وحيث الحق والباطل، والحقيقة والخرافة، والمادية المطلقة والجهل المقدّس.

يتناول كتاب “خرافات الصحوة الإسلامية” حالات التغييب العقلي التي فرضته الحالة الدينية المتشددة خلال الأربعين سنة الماضية في السعودية، حيث يرصد الثوابت والمتحولات التي رافقت قضية جهيمان العتيبي في الحرم المكي عام 1979 حتى تحجيم المتشددين في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، وكيف كان أثرهم على عجلة التنمية في الداخل السعودي التي ظلت واقفة مكانها لقرابة نصف قرن.

قسّم العرفج كتابه، الصادر حديثاً عن دار أروقة للدراسات والترجمة والنشر وعن مركز روية للدراسات بالقاهرة، إلى قسمين، تناول القسم الأول آراء مجموعة من الكتاب والكاتبات ممّن عاصر حقبة الصحوة وهم أطفال لم يبلغوا الحلم بعد، كما عاصروها فترة مراهقتهم وشبابهم وكهولتهم، بعضهم لم يلحق ببدايتها، وولد بعد عام 1979 بأعوام قليلة، وبعضهم شاهدها تبدأ منذ ذلك العام حتى مآلاتها في عام 2017.

وشارك في إعداد الشهادات المقدمة في الكتاب كل من: أحمد التيهاني، وحصة بنت محمد آل الشيخ، وحمزة قبلان المزيني، وخالد الوحيمد، وسالمة الموشي، وعبدالرحمن الحبيب، وعبير العلي، وعلي إبراهيم مغاوي، وفهد عامر الأحمدي، ومحمد العصيمي، ومحمد بن ربيع الغامدي، ومحمد بن علي المحمود، وهيفاء محمد العمري، ووحيد الغامدي.

أما القسم الثاني فاستعرض العرفج فيه بعض الحكايات الشعبية التي تم تداولها في المجتمع خلال زمن الصحوة، وهي كحايات تصل -حسب تعبير المؤلف- إلى مراتب ما تسمّى شعبياً بـ”السبحونات”، أو الواقعية السحرية في التصنيف السردي الأدبي، أو الخرافات في الأدب العالمي القديم. وقد أطلق عليها العرفج مصطلح “خرافات صحوية” كما هو واضح في العنوان.

يقول المؤلف في مقدمة الكتاب “كانت تلك الخرافات تلبست بلباس الدين، ووصلت إلى حد الإيمان اليقيني التام بها كمرويات مقدسة مثلما حصل مع المرويات الشعبية العالمية في الأمم الأخرى التي انتشر فيها الجهل في عصور الظلام قبل شروق شمس التنوير، وكانت مصدقة الكتاب المقدّس، ومن استنكرها في تلك الفترة ‘الصحوة’ فإنه كان يطعن في إيمانه، وربما يتم تكفيره من المجتمع لحظة تشكيكه في صحتها، إلا أنها وصلت مرتبة الخرافة بكل أركانها الحكائية، وأخذت بعداً سرياليا كما هو حال الخيال العربي”.

ويتابع “لكل فترة أو زمن أو قبة حكايتها الشعبية التي تنتشر في المرويات الشفاهية بين الشعوب من سالفات وسباحين وخرافات، رأيت أن تلك الخرافات التي انتشرت في حقبة الصحوة المنتهية، تستحق أن ترصد وتسجل للشابات والشباب المعاصر، وللأجيال اللاحقة، مثلما فعل في بلادنا من قبل: فهد المارك، وعبدالكريم الجهيمان، وعبدالله بن خميس، وناجي الأنصاري، ومحمد صادق دياب، وسليمان النقيدان، ومحمد ناصر العبودي، وسعد العبدالله الصويان، ومحمد بن ربيع الغامدي، ومحمد زياد الزهراني، وعلي إبراهيم مغاوي، وفاطمة البلوي، ولمياء باعشن، وعمرو العامري، وشاهر النهاري، وعبده خال، ومفرح السيد، وغيرهم.. وإن كنت لم أجمع كل تلك الخرافات، إلا أن ما جمعته يعد من أشهر الخرافات الصحوية التي تم تداولها شفهياً بين أفراد المجتمع بعد أن أطلقها الوعّاظ عبر المنابر وجمعات التبليغ، وانتشرت انتشاراً كبيراً في حقبة الصحوة”.