غفوات الزعماء..
تقرير: ما كلفة نوم زعماء العرب في القمم العربية؟

حفنة من قادة العالم ينامون في هذه القمة الدولية والصور مذهلة

من أكثر ما قد يزعج المعلم في فصله ومدير العمل في اجتماعاته، هو أن يجد أحد الحضور نائمًا أثناء مناقشته موضوعات تعليمية هامة أو قضايا مصيرية للشركة، ولكن ماذا يحدث إن نام رئيس أو مسؤول لدولة عربية أثناء مناقشة قضايا الأمة العربية؟ الأمر جلل حقًا، ولكن كان «النوم سلطان» للمسؤولين في قمم عربية أثناء الحديث عن قضايا تشغل العرب لسنين وعقود طويلة.. وفق ما استعرضه موقع ساسة بوست.
المُستضيف و4 مسؤولين مغمضون في قمة تونس
عادة ما توصف المواف الرسمية العربية من قضايا شائكة، وتوصف بأنها «عديمة الجدوى»، وقد يوصف الموقف العربي أحيانًا من قضية ما بأنه «نائم»، النوم ليس فقط في المواقف وردود الأفعال، وإنما يصل الأمر لنوم حقيقي يغلب على الرؤساء والمسؤولين في القمة العربية التي تستمر فقط أيامًا قليلة، لكن النوم لا يحلو للبعض، إلا في ساعات انعقاد القمة!
آخر قمة عربية استضافتها قبل أيام تونس بأجندة كبيرة ومهمة من الأعمال والقضايا، فلقد جاءت بعد أيام قليلة من إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل، لتكون تلك القضية مع القضية الفلسطينية والأزمات العربية الحالية على رأس أولويات القمة العربية الثلاثين، ولكن حساسية القضايا لم تمنع غفوة لمسؤول وقيلولة لرئيس رصدتها عدسات الكاميرات، وأدت إلى حالة السخرية التي انتابت مواقع التواصل الاجتماعي من نوم القادة العرب.
مُستضيف القمة نفسه، الرئيس التونسي باقي قايد السبسي، التقطت العدسات صورة له، وهو مغمض العينين، واضعًا يده على خده، في مشهد مشابه لممثل عُمان في القمة، الوضع كان أكثر ثباتًا بالنسبة لفايز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني في ليبيا.
الهدوء والطمأنينة والاستقرار ظهرت على محمد الأمين وزير خارجية جزر القمر الذي أظهرته الكاميرات وهو في سبات عميق، ممدًا رأسه إلى الخلف، مع أن يديه المتشابكتين أظهرت بعض الجدية، ولكن يبدو أنها كانت جدية في النوم ظهرت مع تراخي يديه وجسده في موضع آخر، ولم يفت الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أخذ «غفوته المفضلة» في القمة العربية، حين بدا «مُرهقا ومغمض العينين» على حد تعبير «الإذاعة البريطانية بي بي سي».
نوم ربُع الحاضرين في قمة «البحر الميت»
قبل عامين من قمة الثلاثين، انعقدت القمة العربية رقم 28 في منتجع البحر الميت بالأردن في مارس (آذار) 2017، أجندة القمة أيضًا كانت مليئة بالموضوعات الشائكة والحيوية التي تحتاج إلى مجهود كبير، على رأسها الصراع العربي الإسرائيلي، ومحاولة إحياء المبادرة العربية لحل النزاع بعدما مضى عليها 15 عامًا، بالإضافة إلى مناقشة الاضطرابات في سوريا والعراق وليبيا واليمن، والدور الإيراني في المنطقة.
حضر القمة 16 زعيمًا عربيًا، ولكن ربعهم على الأقل قد نام في جلسات القمة، على رأسهم الرئيس الفلسطيني نفسه محمود عباس الذي غلبته غفوة، ورئيس جيبوتي عمر جيلي ظهر نائمًا هو الآخر، فيما ظهر النوم أعمق على أمير الكويت صباح الأحمد الجابر الذي التقطته العدسات مغمض العينين فاتحًا فمه.
أما الرئيس اليمني الانتقالي فحظي هو الآخر بغفوة هادئة هو الآخر أثناء القمة ليظهر ربع أعضاء القمة نيامًا لـ«ثقل جدول الأعمال» على حد تعبير صحيفة «بازفيد» التي سخرت من النوم العربي في القمة ذات الموضوعات الهامة في تقرير لها جاء تحت عنوان «حفنة من قادة العالم ينامون في هذه القمة الدولية والصور مذهلة» أشارت فيه أيضًا إلى سخرية رواد مواقع التواصل الاجتماعي على نوم قادة العرب في قمة «البحر الميت»!
هادي «نجم الغفوات»
أصبح الرئيس اليمني الانتقالي عبد ربه منصور هادي «نجمًا للغفوات» في القمم العربية، فبعد مرور عام واحد من وصوله رئيسًا للبلاد، ظهر هادي نائمًا في القمة العربية التي عقدت في مارس (آذار) 2013، وهي القمة نفسها التي ظهر فيها محمد كامل عمرو، وزير الخارجية المصري حينها وكأنه مغمض العينين أثناء كلمة الرئيس المعزول محمد مرسي.
ويبدو أن النوم عند هادي أمر عادي له في الاجتماعات الرسمية؛ إذ سبق له النوم في أحد الاجتماعات الرسمية له في فبراير (شباط) 2014، في صورة التقطتها «القناة اليمنية» الرسمية، وأثارت سخرية اليمنييين على مواقع التواصل الاجتماعي، من بينها الناشطة توكل كرمان التي حصلت على جائزة «نوبل» للسلام وعلقت على نوم هادي قائلة في منشور لها على مواقع التواصل الاجتماعي: «صباح النوم يا سيادة رئيس قصر الستين، هل نصت مخرجات مؤتمر الحوار على ضرورة بسط سيطرة الحوثي بالقوة على مساحات جديدة قرب العاصمة صنعاء؟».
وبعد ذلك الاجتماع بأقل من عامين ظهر هادي نائمًا هذه المرة داخل قاعة «الجمعية العامة للأمم المتحدة» في جلسة انعقدت نهاية سبتمبر (أيلول) من عام 2015، ليظهر بذلك هادي نائمًا أمام عدسات الكاميرات لا تقل عن خمس مرات في خمس اجتماعات محلية وعربية ودولية هامة!
حضور النوم في قمة الخرطوم!
وبالعودة ببوصلة التاريخ إلى قبل 12 عام، انعقدت القمة العربية في العاصمة السودانية الخرطوم لعام 2007، وقد كان للنوم حضور بارز في القمة ليظهر على أعين كثير من الحضور والمسؤولين داخل القمة، أبرز المسؤولين كان الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي الذي بدا غافيًا بنظارته الداكنة، بالإضافة إلى الرئيس السوري بشار الأسد الذي بدا في وضعية تركيز، ولكن بعيون مُقفلة.
النوم في قمة الخرطوم لم يتوقف على الرؤساء والمسؤولين فقط، وإنما امتد إلى أعين الإعلاميين أنفسهم الذين جاءوا في مهمة رئيسة تتمثل في تغطية أعمال المؤتمر، ولكن النوم هو الذي غطى عليهم بحسب تقرير لموقع «العربية» لفت إلى نوم العاملين بالقناة أنفسهم أثناء تغطية المؤتمر!
ما كلفة نوم القادة العرب؟
يُكلف النوم غير الكافي اقتصادات الدول مليارات الدولارات؛ ففي نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، أجرت مؤسسة «راند أوروبا» للدراسات والأبحاث، دراسة عن التكلفة الاقتصادية لاضطرابات النوم، والنوم غير الكافي، على اقتصاديات خمس من أقوى الدول اقتصاديًا على مستوى العالم، وهم أعضاء بمنظمة «التعاون الاقتصادي والتنمية»، وأظهرت الدراسة خسائر اقتصادية فادحة نتيجة اضطراب النوم للعاملين في الدول محل الدراسة، وهي: الولايات المتحدة الأمريكية، واليابان، وبريطانيا، وألمانيا، وكندا.
وبلغت الخسائر الاقتصادية مجتمعة للنوم غير الكافي، في الخمس دول محل الدراسة، 630.6 مليار دولار، وترواحت نسبة الخسائر الاقتصادية تلك من 1.35% إلى 2.92% من الناتج القومي العام للدولة محل الدراسة.
هذه هي الخسائر الاقتصادية المرتبطة بالنوم غير الكافي للمواطنين العاديين، فلماذا لا ينام الرؤساء والقادة العرب بشكل كافي في بيوتهم قبل حضور القمم؟ إلى أين يمكن أن تصل الخسائر الاقتصادية والسياسية والأمنية لنوم الرؤساء والمسؤولين العرب أثناء عقد قمم عربية تناقش أهم القضايا العربية؟!
-المصدر ساسة بوست