يتعرض لإهمال السلطات وتجاهل الاعلام

المعهد التقني البحري.. صرح شاهد على عراقة عدن

المعهد التقني البحري

دنيا حسين فرحان (عدن)

لطالما احتوت عدن العديد من الأماكن الحضارية والثقافية الشاهدة على عبق التاريخ وعمق الحضارة , المعهد التقني البحري كان أحد الصروح التي تفردت بها محافظة عدن على مستوى اليمن , وكان أول معهد بحري متكامل يتهافت عليه الطلاب ويستفاد من خبرات المتخرجين في مختلف القطاعات التجارية والصناعية يعاني اليوم من اهمال ونقص كبير في مواده وميزانيته وتناقص الاقبال عليه من الطلاب ولا توجد أي حلول تذكر لإعادة وقوفه من جديد وسط تجاهل اعلامي لم يسلط الضوء عليه أو يعطيه حقه , كان لي زيارة للمعهد وتلمس معاناته وهموم الادارة والمعلمين والطلاب ولقائي بعميد المعهد جمال علي فرج الذي اوضح كل شيء في التقرير التالي...


نبذه عن المعهد التقني البحري:
تأسس المعهد عام 1970م يقع في جزيرة العمال في مديرية خور مكسر بعدن كان يسمى بالمعهد السمكي تابعا لوزارة الثروة السمكية يحوي 5 أقسام الميكانيكا البحرية _ التبريد والتكييف _ الكهرباء البحرية _ الصناعات البحرية_ الملاحة البحرية , نظام الدراسة فيه باللغة العربية الى عام 1980م تم الاتفاق مع المعهد الروسي وحسب الاتفاقية جلبوا له مدرسين روس وضمن مشروع الأسماك الثالث حدثت اتفاقية اخرى بين منظمة الزراعة الدولية والبنك الدولي بإنشاء المعهد التقني البحري وانتهى بنائه 1989م وبدا العمل فيه1990م يضم المعهد سكن داخلي ورشة كبيرة مساكن للمدرسين الاجانب (العزاب والمتزوجين) مطعم بالطاقة الشمسية ومنظومة اتصالات , في عام 2001م تم تحويله من وزارة الثروة السمكية الى معهد التعليم الفني والتدريب المنهي وظلت الوزارة مجرد مشرف اكاديمي على المعهد واصبح يسمى ليومنا هذا بالمعهد التقني البحري.
انتكاسة المعهد وتراجع مستواه :
المعهد التقني البحري في عدن يعتبر مؤسسة تعليمية تدرس تخصصات في المجال البحري يبدأ التقديم في المعهد بعد الثانوية العامة القسم العلمي بدرجات جيده ويحصل المخرج منه على شهادة الدبلوم التقني اما قبول المعلمين ان يكون متخصص في المجالات البحرية المختلفة كانت الاقبال عليه كبير من قبل الطلاب لكن تغير الحال للاسوا بعد ان تم تحويله الى وزارة التعليم الفني فلم تعد وزارة الثروة السمكية مسؤولة عنه وعن توظيف الخريجين منه فأصبحت مسالة التوظيف حسب الطلب وسوق العمل والاحتياجات التي تحكمها أوضاع البلاد الحالية الصعبة.

القطاع الخاص وزيادة المأساة :
أحد اهم الاسباب لقلة فرص العمل للخريجين من المعهد التقني بسبب منافسة القطاع الخاص في المجال البحري والصناعة فقد يستعين التجار بعمالة اجنبية ويترك العمال المحليين رغم امكانياتهم الكبيرة التي لا ترتبط فقط في مجال محدد بل قد يعمل الخريج من المعهد في قطاع الكهرباء او في المصانع لأنها تحمل نفس محركات السفن البحرية ومع الأسف الشديد لا توجد قوانين تجبر التاجر لأخذ العمالة المحلية حتى لو بنسبة معينة لأن هذا الشيء يخص التاجر نفسه الذي يفضل أخذ العمالة الأجنبية بحجة الخبرة والكفاءة وهنا تزداد معاناة الطلاب الخريجين من المعهد وازدياد مأساته.

اجراءات عسيرة وميزانية مخزيه :
ترتبط ميزانية المعهد التقني البحري بوزارة التعليم الفني والتدريب المهني وفيها نوع من المركزية فتكون تحت اشراف المكاتب الموجودة في المحافظات متمثلة بالسلطات المحلية في المديرية بعدها تسلم للمعهد بعد عناء طويل وقد تنفق اموال من الادارة لتسريع الاجراءات ووصول الميزانية.
وكون المعهد تطبيقي بصورة أكبر فبتالي يحتاج الى مكائن تشغيل وادوات للتطبيق وبسبب الميزانية الضئيلة اصبحت نسبة التعليم النظري 75% والتطبيقي25% بسبب الميزانية البسيطة التي لا تكفي لعمل شيء مع أن العكس هو الذي يجب أن يحدث لأن المعهد يتخرج منه كادر مهني وسطي يفيد المجتمع ويخدم قطاعاته الصناعية والتجارية على حدا سواء.
والاسوأ من ذلك ان تستلم الميزانية ناقصة مثل ميزانية السكن الداخلي للطلاب بمبلغ مخزي جدا برغم أن الإدارة على علم بان المبلغ المخصص اكبر من ذلك فمن المسؤول عن هذا؟؟

اضرار المعهد في الحرب الاخيرة:
رغم الاصلاحات التي قام بها المجلس المحلي لبعض اجزاء المعهد الا انه نال نصيب من الدمار الذي حل بمحافظة عدن في الحرب الاخيرة فقد دمرت ورشة تحضير الاسماك ومطعم السكن الداخلي(المطعم) وهدموا تماما , ومع وجود جهات ساهمت بدعم كالاتفاقيات التي تمت بين الوزارة ومنظمات وهيئات كهيئة الهلال الاحمر الكويتي واعطاء مبالغ للترميم والتأهيل الا انها مبالغ محدودة لم تفي بالغرض ولم تمكن ادارة المعهد من بناء ما تهدم وظلوا يبحثون عن بصيص أمل وجهات أخرى لبناء ما تبقى.

الطلاب والمعلمين وجهان لمعاناة واحدة :
عند سماعي مجموعة من المعلمين وسؤالهم عن ما يعانوه اجابوا أن أزمة الرواتب تتصدر المشهد فلا تصل رواتبهم بانتظام شهريا فهم كبقية المواطنين يتجرعون أزمة الراتب والسيولة وينتظرون الا أن يأتي الفرج , اضافة الى صعوبة الشرح للطلاب لعدم وجود مكائن ومعدات تطبيقية فيكتفون بالشرح النظري الذي لا يستفاد منه بالشكل المطلوب من قبل الطلاب.
أما بالنسبة للطلاب فقد لخصوا غصتهم في حشو المنهج القديم الذي مضى عليه أكثر من 30 سنه ولم يتغير ويواكب التطورات الحاصلة في المجتمع والعصر فهو قديم بحاجة للتجديد حتى يتم استيعابه وتوفير كافة المعدات التطبيقية لتخرجوا من المعهد بخبرة كافية وكفاءة عالية يتمكنون من تطبيق كل ما تعلموه بتمكن واحتراف.
فهل سيجد الطلاب والمعلمون صدى لأصواتهم التي بحث؟؟

تجاهل الاعلام جريمة بحق المعهد:
لم يلقى المعهد التقني البحري الذي تأسس قديما وله تاريخ طويل الاهتمام الكافي من الجانب الاعلامي ووسائله المختلفة فلم يسلط الضوء عليه ولم تغطى اي فعالية او عم يقوم به المعهد ولا حتى تداول اخباره وتعريف الناس بمعاناته وفي أغلب الاحيان يأتي طلاب في وقت متأخر من تاريخ التسجيل للمعهد بسبب عدم معرفتهم بالوقت والزمان المحدد لفترة القبول في المعهد وهذا بسبب ضعف الجانب الاعلامي ان لم يكن معدوم وهذا يعد جريمة بحق المعهد الذي يعبر من أعرق الأماكن في تاريخ عدن فترة الزمن الجميل الذي يستحق الالتفات له ولنقل مشاكله للسلطات علها تتدخل في حل جزء بسيط منها.

محاولات الادارة لإبقاء المعهد في الواجهة :
هناك العديد من الخطوات الايجابية التي تقوم بها ادارة المعهد التقني البحري لإبقاء المعهد في واجهة الطلاب وقطاع الصناعة رغم التجاهل الكبير فما يقوم به مدير المعهد وبعض المعلمين من نزول للجمعيات كجمعية الصيادين على مستوى الشريط الساحلي وعمل دورات لتخصصاته المختلفة وتأهيل الصيادين سواء في الجمعية نفسها أو في جلبهم للمعهد مبادرة طيبة وجهد يشكرون عليه.
اضافة للتعليم النظامي بالنزول للمدارس وتحديدا المستويات الثانوية لإعطاء صورة لأهمية المعهد ومخرجاته وفائدته بحيث يتخرج الطالب من الثانوية ولدية فكرة عن المعهد ويفكر الالتحاق به , وهنا تكون أزمة للإدارة والمعلمين اللذين يجدون صعوبة التنقل بين المدارس الثانوية في مختلف المديريات في ظل غلاء المواصلات بسبب ارتفاع المشتقات النفطية.

كلمة توجه للجهات المعنية لإنصاف المعهد :
يعد المعهد من الأماكن التي خدمت قطاع الصناعة والتجارة في عدن لفترات طويلة وهو الوحيد على مستوى الجمهورية فنطالب حكومة الدولة ووزارة التعليم الفني والتدريب المهني ووزارة الثروة السمكية بما ان لهم علاقة مباشرة للمعهد ضرورة الاهتمام به وان ينظروا له بنظرة اكبر من كونه معهد وتوفير كافة احتياجاته ومتطلباته وايجاد حلول لكل مشاكلة والاستفادة منه لإعادة تحريك عجلة الاقتصاد الذي عانت من ركود في ظل الاوضاع والظروف التي تمر بها البلاد فلعله يكون طوق النجاة لما يحمله من كفاءات في اوساط الخريجين واحتوائهم لخدمة قطاع الصناعة والمجتمع ككل.