حرب اليمن..
خبير روسي يقترح تسليم الملف اليمني لألمانيا
اقترح الخبير في الشأن اليمني، من معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية سيرغي سيريبروف، أن تعود روسيا مرة أخرى إلى الملف اليمني، وأن تعيره المزيد من الاهتمام، مشيراً إلى أن هناك الكثير من الدول الأوروبية يمكن لروسيا أن تدعمها كي ينتقل إليها هذا الملف، ومنها ألمانيا.
وقال سيريبروف، في ندوة طاولة مستديرة في الوكالة الإعلامية الدولية (روسيا - سيغودنيا): «أقترح أن تعود روسيا مرة ثانية إلى هذا الملف وأن تعيره اهتماماً، وهناك الكثير من الدول الأوربية لها موقف جيد وتدعو لإيجاد حل سياسي، وهناك الكثير من الدول الأوروبية التي يمكن لروسيا أن تدعمها كي ينتقل إليها هذا الملف (الملف اليمني)، وألمانيا تلعب دوراً هاماً عبر المنظمات غير الحكومية، ويمكن أن توجد آلية لمعالجة الصراع، لكي نبتعد عن الأفكار المتطرفة».
وأضاف الخبير الروسي: «بريطانيا على الرغم من أنها تقدم بعض الإشارات بأنها مستعدة لتغيير موقفها ومقارباتها تجاه اليمن، لكن كل محاولات وقف الواردات العسكرية للأطراف المتحاربة في اليمن أو محاولات الوصول إلى تسوية سياسية في اليمن، لا تدعمها بريطانيا، وهذه هي البعثة الرابعة للأمم المتحدة منذ عام 2015، ولكن لا نرى أي تقدم حاصل في هذا الملف».
جاء ذلك خلال الطاولة المستديرة عن الدور الروسي في اليمن نظمها، أمس الأول، معهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية بالتعاون مع الجمعية اليمنية لخريجي الجامعات الروسية والسوفييتية، تحت عنوان «آفاق التوصل إلى تسوية سياسية في اليمن».
وأشاد مؤسس حركة «الشباب المؤمن» محمد عزان، خلال الطاولة المستديرة، بالدور الروسي في اليمن، واصفاً موقف روسيا بالموقف النظيف، وأردف قائلاً بهذا الصدد: «اليمنيون يتطلعون إلى الموقف الروسي، على الأقل جزء كبير من اليمنيين يعتبرونه (الموقف الروسي) موقفاً مميزاً، لآنه نظيف إلى حد كبير، ويرون أنه ينظر إلى مصلحة الشعب بشكل مباشر، لأن روسيا لم تتبنَّ حتى الآن جهة سياسية معينة.
وصحيح أنها تعترف بالشرعية وتقرأ الأحداث بشكل تفصيلي، ولكنها لا تتبنى دعم جهة معينه حتى تحسب عليها، وتلك الجهة، وبالتالي هذه هي من الشروط الموضوعية لنجاح أي تصور أو تفكير أو وضع حلول، ولذلك نتمنى أن يكون هناك حضور ولو حتى من خلال الأمم المتحدة، من شأنه أن يحقق حالة من الهدوء والوصول إلى حلول موضوعية منطقية تنهي هذه الحالة وتحرك المياه الراكدة».
وحذر عزان من تصرفات طرفي النزاع، مشيراً إلى وجود صلف وتعنت لدى الطرفين، مضيفاً بقوله: «نحتاج إلى أن يتخلى الحوثيون عن أيديولوجيتهم السياسية القائمة على فكرة الولاية، لأن هذه مشكلة في الواقع وليست في الفكر، لأن من يتم تجنيدهم وتجييشهم لا يفكرون في مسألة دولة يمنية، ولكن يفكرون في أن اليمن يجب أن يكون معسكرا للانطلاق لفتح العالم، وهذا يعني أننا في اليمن سنكون ضحية لهذا الهوس، لأنه يعني أن نتحول إلى معسكر وشبابنا يتحولون إلى جنود، ونبدأ نفكر كيف نحرر السعودية وكيف نحرر جيبوتي ثم بعدها إلى ما لا نهاية، وهذا كله من أيديولوجيا السياسية الممزوجة بالدين المعقدة، والذي ينبغي أن يقال لهم، إلى هنا كفى هذا غير ممكن».
وأضاف: «بالنسبة للجانب الآخر للشرعية، لا بد أن يتخلى عن فكرة إقصاء الآخرين وعدم القبول بهم على أية حال»، منوهاً بأنه «يمكن القبول بالحوثيين كحركة سياسية خالية من العسكرة الخاصة والمليشيات الخاصة، والأمن الخاص وفكرة دولة داخل دولة، والتخلي أيضاً من الأيديولوجية الإقصائية للآخرين».
وبدوره تحدث الأكاديمي في كلية السياسة في الجامعة الاقتصادية العليا والخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية غريغوري لوكيانوف قائلاً: «إن موقف روسيا لا يجب أن نتبناه كبديل عن بقية المقاربات الموجودة والمواقف، ونقول إننا في إطار التسوية السورية وعلى خلفية الوضع في ليبيا والوضع في اليمن، روسيا دائماً تقدم بديلاً من شد الحبل بين طرفين أو ثلاثة أطراف، روسيا تعارض أن تقوم قوى أو تناقضات دولية بالتأثير بشكل سلبي على عملية التسوية السياسية».
وتابع القول: «في هذا السياق أقول بأن محاولة بناء التعاون بين كل الأطراف المعنية بالعملية السياسية هو أمر هام، وعلينا ألّا ننسى أبداً أنه بالنسبة لروسيا من الأهمية بمكان، وبالنسبة للإقليم والعالم، أن الدور الرئيسي بالإقليم تلعبه السعودية والإمارات العربية المتحدة، هذان البلدان ينفقان أكثر من الجميع على الحرب في اليمن، ولكنهما انفقا وسينفقان أكثر في إعادة الإعمار في اليمن، لذلك أي تعاون بين الأطراف يحتاج لتعزيز وتوطيد العلاقات مع هذين البلدين».
ومن جانبه تطرق على البخيتي الناطق السابق للحوثيين وممثلهم في مؤتمر الحوار الوطني إلى أنه «من السهل الحديث عن السلام والشراكة ووقف الحرب، لكن عملياً لا يمكن صناعة السلام في اليمن إلا بتغيير موازين القوى على الأرض».
وأضاف: «كان اليمن يعيش في صراع قبل انقلاب الحوثيين في 2014، في حروب الأطراف هنا أو هناك، الحوثيون نقلوا هذا الصراع إلى مركز العاصمة وليس فقط هذا الأمر، وإنما انقلبوا على السلطة وأسقطوا مؤسسات الدولة، وهذه هي الكارثة الكبرى التي نعيشها اليوم، ولا يمكن استعادة اليمن واستعادة الدولة والمؤسسات والجمهورية إلا إذا أعيدت صنعاء إلى كنف الدولة والمؤسسات والديمقراطية، وصنعاء تحكمها جماعة الحوثيين وليست جماعات أخرى. إذا تمت استعادة صنعاء والمؤسسات هناك، يمكن معالجة المشاكل».
وأردف بالقول: «الحوثيون اليوم هم النيابة، هم القضاء، هم الدولة داخل صنعاء، لكن لا زالوا يتصرفون كمليشيات. الحركة تنتصر صحيح، ولازالت إلى اليوم تحقق انتصارات لسبب بسيط أن لها قيادة موحدة وأن لها مشروعاً وإن كان مشروعا أيديولوجيا متطرفا، لكن هو مشروع، الأطراف الأخرى للأسف الشديد هي تمتلك الأغلبية وتملك إمكانات كبيرة، ولكن للأسف لا تملك مشروعاً وطنياً ولا قيادة يحترمها الشعب، وبالتالي مشتتة، إضافة إلى أن الفساد يسيطر على هذه الأطراف الأخرى، ولا يمكنها مواجهة الحوثي بهذا الشكل، وستبقى الأزمة اليمنية مستمرة إلى أن يحصل تغيير ما على الخريطة، وبروز مشروع وطني ومؤسسات وطنية تقود المعركة».
وبفعل العمليات العسكرية المتواصلة، يعاني اليمن أسوأ أزمة إنسانية في العالم، إذ قتل وجرح الآلاف بحسب الأمم المتحدة، كما يحتاج نحو 22 مليون شخص، أي نحو 75 بالمئة من عدد السكان، إلى شكل من أشكال المساعدة والحماية الإنسانية.