ترجمات..

تقرير: ماهي الأسباب التي تساهم في زيادة حوادث الطيران؟

تقليل التكلفة وزيادة الطلب

ترجمة - آية سيد

أصبح الطيران مُهلكًا أكثر مما كان عليه لسنوات، ومن الصعب إلقاء اللوم على طائرة بوينج 737 ماكس وحدها. لقد وقعت حوادث الطائرات بصورة أكثر تكرارًا في جميع المناطق تقريبًا حول العالم في 2018، حيث قفز عدد القتلى إلى أعلى مستوى في أربع سنوات ليصل إلى 523 قتيلاً, وفقًا لاتحاد النقل الجوي العالمي. وتؤكد حوادث التحطم المميتة للرحلة 302 التابعة للخطوط الجوية الإثيوبية ورحلة إيروفلوت 1492 أن هذا العام سيكون عامًا سيئًا آخر.

إذن ماذا حدث لأكثر أنواع السفر أمنًا؟ 
الأمر الواضح هو أن الطلب على السفر الجوي ينمو بسرعة كبيرة – يتوقع اتحاد النقل الجوي العالمي أن يتضاعف في العشرين سنة القادمة، لدرجة أن شركات الطيران, وصُناع الطائرات والجهات التنظيمية يكافحون لمواكبته. في الوقت نفسه, ازداد الضغط لإبقاء التكاليف منخفضة مع انتشار شركات الطيران منخفضة التكلفة التي تخدم المسافرين المهووسين بأسعار التذاكر.

والحقيقة هي أن السلامة, سواء كانت تدريب الطيارين أو المزايا الإضافية, تكلف المال وهناك حدود للقدر الذي تستطيع الصناعة إنفاقه لحماية حياة الإنسان.

قال جيوفري ديل, عالم السلامة في جامعة كوينزلاند المركزية بأستراليا، والذي يعمل محققًا في السلامة الجوية منذ 1979: "أنت تحصل على ما تدفع مقابله. الجميع يرجعون إلى الحد الأدنى من المعايير التنظيمية. إنها مصممة لمنحك أفضل نتيجة بأقل سعر".

من المؤكد أن الطيران لا يزال آمنًا نسبيًا، فقد طار نحو 4,3 مليار مسافر في 2018, أي ما يساوي أكثر من نصف سكان العالم. إن فرصة وقوع حادثة تتعدى واحد في المليون بقليل، وقد مر أكثر من عِقد منذ أن تجاوزت الوفيات الألف في سنة معينة, وهو شيء من شأنه أن يحدث بانتظام من الستينيات حتى مطلع القرن.  

غير أن هذا لم يمنع اتحاد النقل الجوي العالمي الكائن في مونتريال, والذي يمثل أعضاؤه من شركات الطيران أكثر من 80% من الحركة الجوية حول العالم, من رسم صورة كئيبة على نحو غير معتاد في تقرير السلامة لعام 2018, الصادر في شهر أبريل. في حين أن الصناعة حققت تقدمات هائلة, كانت بطيئة جدًا في معالجة الأحداث الكارثية مثل فقدان التحكم في منتصف الرحلة, بحسب الاتحاد.  وتتعرض السلامة أيضًا لضغط لأن شركات الطيران تطلب من المصنعين طائرات معينة للاستفادة من إتجاهات السفر.

من جهته، قال إيان توماس, مستشار الطيران في كابا لاستشارات الطيران في سيدني: إن هذا يضع عبئًا على شركة بوينج الكائنة في شيكاغو ومنافستها الأوروبية إيرباص لتسليم الطائرات في الموعد وحسب الميزانية. لقد ذكر طلب خطوط كانتاس الجوية من المصنعين أن يصنعوا طائرة تستطيع الطيران من سيدني إلى لندن دون توقف بحلول 2022.  وأضاف توماس: "السلامة والجودة مهمان لكن السعر هو المحرك الرئيسي".

وقد ظهرت نقاط ضغط أخرى؛ فالطلب المرتفع على رحلات الطيرن يعني أن العالم سيحتاج نحو ثلاثة أرباع مليون فني صيانة جديد، وحوالي نفس العدد من الطيارين الجدد بحلول 2037 فقط لكي يواكب توقعات بوينج.

في مأساتي بوينج ماكس, كشفت التحقيقات الأولية بعض المخاطر المرتبطة بتعقيدات الطائرات الحديثة، وفي كل من حادث التحطم في شهر أكتوبر في إندونيسيا وكارثة مارس في إثيوبيا, التي قتلت 346 شخصًا, ظهرت أدلة على أن نظامًا على متن الطائرة يُعرف بـ MCAS تولى التحكم في الطائرة من الطيارين وأجبر الطائرتين بصورة متكررة على الغوص. وجرى منع هذا الطراز من بوينج على مستوى العالم منذ حادث التحطم الثاني.

ثم هناك مسألة تدريب الطيارين، فقد ساهمت أخطاء التعامل مع الرحلة في حوالي ثلث الـ399 حادثة المميتة وغير المميتة في الفترة بين 2013 و2017, وفقًا لاتحاد النقل الجوي العالمي.

ووفقًا لدليل من جامعة كوينزلاند المركزية, فإن وقت محاكاة الطيران مُكلف جدًا لدرجة أن مهارات قيادة الطائرات في بعض شركات الطيران التي لا تمتلك أجهزة خاصة بها تدهورت. وفي حين أن مستويات التدريب تختلف حسب شركة الطيران, توجد حاجة واضحة لإعداد الطيارين للتعامل مع مواقف أبعد من عناصر المنهج, ووفقًا لديرك دامين, مدير تدريب إيرباص في كانتاس وكابتن إيه 380. وقد قال: "نحن نحتاج لتدريب طيارينا على التعامل مع الأمور غير المتوقعة".

ومن المرجح أن يحتاج تغيير الاتجاه المميت للحوادث تحقيق تقدم على عدة جبهات, أبعد من خلق سيناريوهات غير معتادة في أجهزة المحاكاة. وقال ريتشارد أبولافيا, المحلل في فيرفاكس, إن الجهات التنظيمية حول العالم تحتاج إلى موارد كافية للقيام بوظيفتها, معزولة عن التأثير غير اللازم من صناع الطائرات.

وهناك مؤشر مأساوي عندما تصبح هوامش السلامة ضيقة جدًا. وقال ديل: "تتكون لديك كومة من الحطام التي تخبرك أنك تماديت كثيرًا".