الحوثي يعيد عهد الأمامة..
كيف حول "الحوثي" صنعاء اليمنية إلى عاصمة القطرنة ؟
حتى الاحتفال بالمولد النبوي لا يمنع الموت، ولا يجلب الحظ أيضًا لمن جبلوا على الصمت وتقبل الهزائم النفسية والمعنوية.
ثمة مليشيا تتعمد القهر واللا مبالاة بأحد، وثمة قصص لا تحدث إلا في زمن الحوثي.
في صنعاء، مدينة الأطياف وعاصمة الروح، اختفت كل الألوان، ألوان البهجة والحب، وحتى قوس قزح، مدينة أصيبت بالعمى، كل شيء أخضر: جدران الأسوار، البيوت، عربات النقل، براميل القمامة، أرصفة الشوارع، السائلة العظمى، اللافتات، جذوع الأشجار، المباني الحكومية، الجسور المعلقة، الانفاق المظلمة، سندات الجبايات، محطات الوقود الفارغة، ورؤوس الأطفال عممت بخرق خضراء.
أبوابها السبعة صارت منافذ للتشيع ومغارات للموت.
سلطة الأزمات
تقول أم آية: نحن في دولة اللا غاز واللا وقود، دولة الأزمات التي لا تنتهي، والموت الذي لا يتوقف، والمشرف الذي لا يشبع، نحن في سلطة لا علاقة لها بالحياة.
تضيف: أنام وفي البال أولادي وأصحو والخوف يحيط بي مما قد يحدث لهم أو لقريب أو عزيز.
تختم أم آية بقولها: الحوثي ألقى بقبضته الأمنية في الشوارع، لكنه ينتزعها على طريقته من قلب البيوت من وقت لآخر، فكل يوم نسمع حادثة ونشاهد جنازة، إنه يختار أحلى الشبان، وكأنه يريد أن يبيد جيلاً كاملاً من اليمنيين.
حلقات الموت
إبراهيم، شاب في العشرين يقول: اختفى صديقي الذي يصغرني بأكثر من 5 أعوام، لم تعلم أمه إلى أين ذهب ولا أبوه، سألوا عنه أصحابه.. أقرباءه. افتقدته الحارة، وأخيراً عاد بعد حزن مرير، لكنه عاود الكرة وغاب مرة أخرى، طال غيابه هذه المرة.
يضيف، والحسرة تملأ حديثه: لكنه عاد محملًا ب"صندوق" المولد النبوي الشريف، وفي موكب رهيب من سيارات الشبح والأطقم العسكرية المصبوغة باللون الأخضر.
يختم إبراهيم حديثه: ليته مات في المعركة ولم يعرف عنه شيء، فعودته ضاعفت الحزن، حين وصلت جنازته أمام منزلهم تم إطلاق الرصاص بكثافة، فأصاب "الراجع" امرأة من نفس الحارة، كانت المرأة حامل فماتت مع جنينها، مخلفة وراءها طفلين في عمر الزهور.
أبناء المولد والزهور
الحوثي ملأ المقابر بجثث الزهور من أبناء البلد، سواءً كانوا من السلالة أم من خارجها، زنابيل أم قناديل، المهم أنه استطاع أن يجعل من الموت جسر عبور إلى عرش الشمال.
اليوم جعل من مناسبة المولد النبوي بوابة لنهب المواطن البسيط والتجار وأصحاب المحلات.
إنه يعيد شريط عهد الإمامة لا أكثر مع مواكبة التحديثات.
كانت "القطرنة" الاختبار الناجع للإمام أحمد، ثم جاء الحوثيون فشكلوا من اللون الأخضر، إمبراطورية من الوهم، وسلب الناس قدرتهم على التعبير، والتفكير، والانتصار لذواتهم ومستقبل أبنائهم.
صنعاء بامتياز عاصمة القطرنة بشكلها الحديث، ومركز النهب وتدمير المستقبل دون تردد؛ على أيدي من يدعون أنهم أحفاد الرسول وأبناؤه كما يحبون توصيف أنفسهم.