حملات بطش وابتزاز لتمويل الجبهات..

الحوثي يستهدف عقارات اليمنيين بالضرائب والمصادرة

صنعاء

وكالات (لندن)

في إطار مواصلة مسلسل انتهاكاتها ضد اليمنيين في مناطق سيطرتها، جددت الميليشيات الحوثية حملات البطش والابتزاز والنهب المنظم ليشمل هذه المرة قطاع العقارات والتجار المحليين في العاصمة صنعاء تحت مسميات وذرائع واهية.
وشكا عدد من ملاك العقارات بمناطق متفرقة في صنعاء من حملات ابتزاز ونهب حوثية واسعة لا تزال تطالهم وتستهدف عقاراتهم دون أي مبررات قانونية تسمح أو تبرر لتلك الجماعة القيام بذلك.
وأكد ملاك العقارات أن الميليشيات الحوثية تواصل منذ مطلع الشهر الجاري تنفيذ حملات بطش وتخويف وابتزاز وفرض إتاوات تحت قوة السلاح والترهيب، ضحيتها عدد كبير من ملاك العقارات في العاصمة صنعاء. وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة نفّذت قبل يومين نزولاً ميدانياً في أحياء متفرقة من صنعاء، وأجبر عناصرها المسلحون شريحة واسعة من ملاك العقارات على دفع مبالغ مالية تتراوح بين 100 دولار و400 دولار، حسب عدد العقارات وحجمها، تحت مسمى دعم جهود حكومة الانقلابيين في صنعاء والمجهود الحربي للميليشيات.
وأمهل عناصر الجماعة الانقلابية ملاك العقارات أسبوعاً واحداً لدفع المبالغ المفروضة عليهم، وهددوا بالحجز على العقارات ومصادرتها في حال عدم الانصياع لتوجيهاتهم والرضوخ لأوامر الجماعة.
وأكد ملاك عقارات في صنعاء أن المبالغ التي ستجنيها الميليشيات من وراء تلك التعسفات والابتزازات ستذهب إلى جيوب الميليشيات ولصالح مواصلة حربها العبثية ضد اليمنيين.
وبيّنوا أن استهداف الجماعة لمالكي العقارات في هذا الظرف بالذات، سيزيد من العبء والمعاناة على المواطنين البسطاء من شريحة الموظفين والعاملين وغيرهم، خصوصاً ممن هم غير قادرين حتى اليوم، نتيجة نهب الميليشيات للرواتب، وانعدام فرص العمل وتفشي البطالة، على الإيفاء بسداد ما عليهم من إيجارات سابقة متراكمة لملاك العقارات. وبيّنت مصادر محلية وحزبية في صنعاء أن الميليشيات تسعى إلى تضييق الخناق وتطبيق سياسة التطفيش الممنهجة على ملاك العقارات وأيضاً التجار وغيرهم في صنعاء بهدف بيع ممتلكاتهم مجبرين وبعد أن يضيق بهم الحال، لصالح سماسرة ومعاونين يتبعون قيادات حوثية بارزة.
ومع عودة الجماعة الحوثية لاستكمال ما تبقى من فرض سيطرتها على معظم الأراضي والعقارات المملوكة للدولة والمواطنين ومسؤولين مناوئين لها في العاصمة صنعاء من خلال المصادرة وحملات الابتزاز وفرض الجبايات على أصحابها، صرح قادة بارزون في الجماعة بما تخطط له من خلال الحملات الأخيرة في صنعاء وغيرها من مناطق سيطرتها.
وزعم القيادي في الجماعة وهو رئيس ما تسمى «اللجنة الثورية العليا» محمد علي الحوثي، أن بيوت صنعاء بُنيت من قِبل مسؤولين سابقين وصفهم بـالفاسدين، بغرض الاستفادة من الإيجار وغسل الأموال. وقال في تغريدات على «تويتر» إن المنازل التي بُنيت قبل انقلاب جماعته على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) 2014، بُنيت من قِبل المسؤولين الفاسدين والتجار والضباط وناهبي أراضي الدولة، زاعماً أنه من الضروري تطبيق القانون على أصحاب المنازل بصنعاء. وحرض الحوثي عناصر الجماعة ومسؤوليها في صنعاء على التضييق على ملاك العقارات. وقال: «أنت تمر بأي حي تعرف أن هذا بيت مسؤول. لكن تطبيق القانون ملزم». وأضاف: «نرجو موافاة الجهات الرقابية بأسماء مالكي المنازل المؤجرة من المسؤولين للفحص والتأكد». في تلميح إلى نية الجماعة مصادرة آلاف العقارات في صنعاء بذريعة أنها مملوكة لمسؤولين سابقين أو موالين للحكومة الشرعية.
وكردّ فعل على تلك الجبايات الحوثية أعلن عدد من التجار في العاصمة اليمنية صنعاء إفلاسهم، وأغلق البعض متاجرهم وشركاتهم، في حين رضخ عدد من ملاك العقارات، لبيع عقاراتهم ومنازلهم لأشخاص يتعبون قيادة الميليشيات، نتيجة تعرضهم لعمليات استنزاف وابتزاز ونهب غير مسبوقة.
ويقدر خبراء اقتصاديون أن حجم الإتاوات والجبايات التي تجمعها الميليشيات الحوثية شهرياً من التجار وملاك العقارات وغيرهم يصل إلى نحو 30 مليار ريال (الدولار نحو 560 ريالاً). ويرى الخبراء أن الجماعة تتبع منذ بداية الحرب سياسة ممنهجة للسيطرة على النشاط الاقتصادي وتمكين أذرعها التجارية والعقارية في العاصمة صنعاء من خلال شراء منازل المواطنين بعد تطفيشهم، بمبالغ مالية باهظة وفتح عدة شركات تجارية وغيرها. وعدّ الخبراء أن تلك الممارسات الحوثية تندرج في إطار مسلسل غسل الأموال المنهوبة والتوسع والاستيطان الحوثي في أماكن ومناطق حساسة ومهمة في العاصمة صنعاء.
وشهدت سوق العقارات في العاصمة اليمنية صنعاء ومدن يمنية أخرى خاضعة للميليشيات ارتفاعاً قياسياً خلال العامين الأخيرين، في وقت تعاني فيه تلك المناطق من تدهور حاد وركود اقتصادي كبير وأوضاع معيشية صعبة، كانت نتاجاً للانقلاب الحوثي وحربه الهمجية منذ خمسة أعوام ضد الشعب اليمني.
وحسب معلومات وأرقام محلية، حصلت عليها «الشرق الأوسط»، ارتفعت أسعار العقارات خصوصاً المنازل والعمارات السكنية في العاصمة صنعاء خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة بنسبة تصل إلى أكثر من 150%، بعدما سجلت هبوطاً حاداً في الأعوام الثلاثة الأولى من عمر الانقلاب الحوثي. وأكدت المعلومات تزايد عمليات شراء المنازل والمباني السكنية والتجارية خلال السنوات الأخيرة وظهور طبقة جديدة من قيادات ومشرفين تابعين لميليشيات الحوثي، في عملية استيطان وتمركز ممنهجة من الميليشيات، مستغلة في ذلك سيطرتها على العاصمة صنعاء، ونهبها لكل مقدرات وأموال وممتلكات الدولة.
وذكرت المصادر أن جماعة الحوثي المدعومة إيرانياً تواصل منذ اقتحامها العاصمة ومدناً يمنية أخرى، وبشكل مخيف، شراء مئات المنازل في أحياء متفرقة من العاصمة صنعاء، وتدفع مبالغ هائلة أكبر مما تستحقه تلك المنازل.
وكشف سكان في حي الدائري في صنعاء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن أحد القيادات الحوثية في صنعاء أقدم في يوليو (تموز) الماضي على شراء منزل بنحو 400 مليون ريال (نحو 700 ألف دولار) في حين أن القيمة الحقيقية للمنزل لا تتجاوز نصف المبلغ المدفوع. وأكد السكان أن القيادي الحوثي قام بعد شراء المنزل وطرد المستأجرين بهدمه من أجل بنائه من جديد، دون مراعاة لحال ومعاناة المستأجرين المعيشية الصعبة التي يعيشونها.
كذلك، ذكر شهود في حي الحصبة شمال العاصمة أن قيادياً حوثياً بارزاً اشترى قبل أشهر فيلا كبيرة وقام بأعمال حفريات واستحداثات جديدة داخلها، كما ذكروا أنهم شاهدوا شاحنات كبيرة تدخل إلى المبنى بشكل متكرر، في تأكيد لما تقوم به الميليشيات من اتخاذ هذه المنازل مخازن للأسلحة ومعامل لصناعة الألغام والمتفجرات.
وكانت مصادر اقتصادية في صنعاء، في سبتمبر الماضي، قد أعلنت عن قيام ميليشيات الحوثي بتحويل الأموال التي تنهبها من موارد الدولة إلى عقارات، خصوصاً أنها تخشى إيداعها في البنوك أو اكتنازها في البيوت. وقالت المصادر إن الميليشيات تتسابق في استثمار معظم الأموال المنهوبة في العديد من القطاعات أهمها العقاري والخدمي والمصرفي وتجارة الوقود والأدوية، وتجني من ورائها أرباحاً طائلة بعد تحييد القطاع الخاص الحقيقي وتمزيقه واستئثارها بالسوق لصالح شركاتها على حساب أسماء تجارية كبيرة في السوق اليمنية.
وعلى ذات الصعيد، أكد مراقبون محليون أن العاصمة صنعاء ومدناً يمنية أخرى مثل إب وذمار وعمران وغيرها شهدت خلال السنوات الأخيرة ظهور تجار ورجال أعمال ومستثمرين جدد، أغلبهم قيادات حوثية. وأشار هؤلاء إلى قيام الميليشيات وبصورة غير معهودة بشراء العقارات والمنازل، وإنشاء وافتتاح شركات ومراكز تجارية، في عملية غسل للأموال المنهوبة المملوكة للشعب اليمني.