محاولة استعادة أمجاد الامبراطورية العثمانية..

المسماري: تركيا تمنح كل سوري يذهب للقتال في اليمن 5000 دولار

خفايا وأطماع الدور التركي في اليمن

اليمن

أكد المتحدث باسم قوات الجيش الوطني الليبي اللواء أحمد المسماري أن تركيا متورطة بتجنيد وإرسال مرتزقة من سوريا للقتال في اليمن ومساندة حزب الإصلاح الإخواني، مشيرا إلى أن تركيا تمنح كل سوري يذهب للقتال في اليمن 5000 دولار بالإضافة لــ850 ليرة تركية عند دخوله أراضيها.

اللواء المسماري الذي كان يتحدث في مؤتمر صحفي قال إن ما تقوم به تركيا يأتي في إطار مخططاتها الهادفة لتهديد الممرات المائية في البحر الأحمر والوصول إلى البحر الأبيض المتوسط واستهداف الملاحة الدولية.

تصريحات اللواء المسماري أثارت الكثير من التساؤلات عن تنامي الدور التركي في اليمن، خاصة وأنها تأتي بعد أشهر قليلة من الكشف عن وثيقة تم تسريبها تتعلق بدخول عدد من ضباط المخابرات التركية إلى اليمن عبر منفذ صرفيت البري في المهرة الذي يربط اليمن بعمان بتسهيل وتعاون قيادات إخوانية عليا في الدولة.

وتسعى تركيا من خلال تدخلاتها في اليمن إلى تحقيق عدد من الأهداف التي يتمثل أهمها في استعادة أمجاد الامبراطورية العثمانية التي حكمت مساحات شاسعة من الوطن العربي، كما تهدف إلى فرض موطئ قدم للمشروع التركي في المنطقة العربية التي باتت تتقاسمها مشاريع دخيلة أبرزها المشروع الإيراني الذي تغلغل إلى المنطقة العربية بقوة عبر الميليشيات والجماعات المسلحة الشيعية التي منحته نفوذا في كل من لبنان وسوريا والعراق واليمن، بالإضافة إلى الدور الذي تلعبه الميليشيات الشيعية في دول الخليج وأبرزها البحرين وعمان وقطر والسعودية.

بالمقابل فإن المشروع التركي في المنطقة العربية يعتمد بشكل رئيسي على بعض التنظيمات والجماعات السنية وفي مقدمتها التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين لتحقيق الأجندة التركية في المنطقة العربية، وقد تطورت العلاقة بين تركيا وتنظيم جماعة الإخوان المسلمين منذ صعود رجب طيب أردوغان إلى الحكم، حيث ساهمت تركيا في استضافة قيادات التنظيم الإخواني حول العالم وقامت بدعم الجماعة وتسهيل تحركاتها في تركيا، ورعاية مصالحها، حتى باتت تركيا هي مقر التنظيم الدولي بدلا عن مصر منذ ازاحة جماعة الإخوان من السلطة فيها في العام 2013.

بالإضافة إلى ذلك فإن التدخل التركي في اليمن يأتي في سياق التدخل التركي في المنطقة العربية والهادف للسيطرة على المنافذ البحرية في البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط والخليج العربي، حيث تمتلك تركيا قواعد عسكرية ضخمة في دولة قطر ”الحليف الأبرز لجماعة الإخوان” كما تتدخل عسكريا في كل من سوريا وليبيا عن طريق دعم الجماعات الإرهابية في هاتين الدولتين، بالإضافة للتواجد التركي الكبير في الصومال وأخيرا في اليمن عبر التسهيلات المقدمة من قيادات حزب الإصلاح الإخواني.

كما تهدف تركيا للتدخل المباشر على الأرض في اليمن، وأن يكون لها تواجد عسكري عبر عدد من القواعد العسكرية خاصة في الجزر اليمنية الواقعة في البحر الأحمر والمشرفة على طريق الملاحة الدولية وباب المندب، والقريبة أيضا من الجزر السودانية والمصرية، ولذا فإن حزب الإصلاح بات وعبر بعض قياداته يعبرون بصراحة عن ضرورة التدخل التركي كبديل للتحالف العربي الذي يصفونه بالاحتلال في خطاب متوافق تماما مع خطاب الانقلابيين الحوثيين، ويريد الإصلاح من خلال هذا الخطاب تهيئة الشارع لتقبل التدخل العسكري التركي في اليمن والذي يتم التمهيد له من خلال إرسال ضباط مخابرات إلى عدد من المحافظات الواقعة تحت سيطرة الشرعية وخاصة تلك التي تعد معقلا لحزب الإصلاح مثل مأرب وتعز وكذا المهرة.

ومن ضمن أهداف التدخلات التركية في اليمن أيضا انقاذ جماعة الإخوان المسلمين ممثلة بحزب الإصلاح، ودعم نفوذها داخل الشرعية، وحمايتها من التصنيف كجماعة إرهابية أسوة كما حدث في مصر والإمارات ودول أخرى، وكذا دعم وتمويل التقارب بين الحزب وجماعة الحوثيين الأداة الإيرانية في اليمن، في إطار التعاون المشترك بين تركيا وإيران وقطر وعمان والهادف لإفشال دور التحالف العربي في اليمن، مقابل دعم التحالف القائم وغير المعلن بين جماعة الحوثي وجماعة الإخوان المسلمين ممثلة بحزب الإصلاح.

بالتزامن مع دعم مالي وإعلامي مهول حصل عليه حزب الإصلاح من دولة قطر في العام 2011 كانت تركيا بالتزامن مع ذلك تقدم دعما لوجستيا للحزب الذي يمثل الجناح السياسي للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، حيث وصل الدعم التركي في حينه إلى دعم الحزب بشحنة أسلحة ضخمة تم القبض عليها، حيث كانت تحتوي أسلحة وذخائر متنوعة بينها مسدسات كاتمة الصوت بهدف استخدامها لتنفيذ عمليات اغتيالات ضد خصوم الإخوان.

كما قامت المخابرات التركية بالتنسيق مع المخابرات القطرية بتجنيد عدد من قيادات الإصلاح والمؤدلجة فكريا في إطار التنظيم الدولي لجماعة الإخوان، بهدف تنفيذ الأجندة التركية في اليمن، وفي مقدمة هذه القيادات الناشطة توكل كرمان التي تكفلت قطر بدفع ملايين الدولارات لشراء جائزة نوبل لتكون من نصيبها بهدف تلميعها عالميا، كما قام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان باستقبالها ومنحها الجنسية التركية، بالإضافة إلى قيادات سياسية أخرى يتم تدريبها بهدف تمكين حزب الإصلاح من السيطرة على السلطة في اليمن، وأبرز هذه القيادات نصر طه مصطفى.

بالإضافة إلى ذلك عملت تركيا على توحيد جهود الجماعات الإرهابية في اليمن وسوريا، حيث سهلت مرور الكثير من الإرهابيين القادمين من اليمن للدخول إلى سوريا عبر أراضيها، وقد قامت بتسهيل مرور عدد من قيادات وناشطي حزب الإصلاح الذين ذهبوا إلى سوريا للقتال في صفوف الجماعات الإرهابية المدعومة من قطر وتركيا مثل جبهة النصرة.

تستضيف تركيا اليوم عدداً كبيراً من قيادات حزب الإصلاح مع عوائلهم، وقد حصل الكثيرون منهم على الجنسية التركية، في ظل تسهيلات وامتيازات يحظون بها من قبل القيادة التركية، وأبرز القيادات الإصلاحية المتواجدة في تركيا مع عوائلها: توكل كرمان، شوقي القاضي، حميد الأحمر، عبدالمجيد الزنداني، عبدالرقيب عباد، محسن باصرة، صلاح باتيس، حميد زياد، أحمد العقبي، عبدالكريم الحبيشي، أحمد الحسني.

كما يوجد في تركيا ما يقرب من 4000 طالب في الجامعات التركية، منهم عدد كبير حصلوا على منح خاصة تقدم لحزب الإصلاح عبر مؤسسة توكل كرمان التي تديرها مسك الجنيد زوجة البرلماني الإصلاحي شوقي القاضي، ووقف أويس القرني الذي يديره القيادي الإصلاحي وعضو مجلس الشورى صلاح باتيس، بالإضافة إلى جمعيات ومؤسسات أخرى تابعة للحزب.

ويمارس حزب الإصلاح نشاطه الحزبي في تركيا عبر برامج ومؤتمرات يتم تنظيمها إما عبر الاتحاد الطلابي والأندية الطلابية الخاصة التي تقوم بالاستقطاب والتوعية الحزبية، كما أنشأ حزب الإصلاح سكنا طلابيا في مدينة كرابوك تابعا لجمعية الصداقة التي يديرها رجل الدين الإخواني عبدالرقيب عباد، حيث يتلقى الطلاب أفكارا إرهابية ومتطرفة انعكست من خلال رفض الاتحاد الطلابي لإلقاء البروفيسور اليمني المقيم في فرنسا حبيب سروري محاضرة في إحدى المؤتمرات التي دعي إليها، حيث حال طلاب الإصلاح دون انعقاد المحاضرة بعد اتهامهم للبروفيسور سروري بتبني أفكار علمانية.

في جانب الدعم الإعلامي المقدم لحزب الإصلاح في اليمن ثمة تعاون وثيق بين تركيا وقطر في هذا الجانب، حيث تتولى قطر تقديم الدعم المالي بينما تقوم تركيا باستقبال الإعلاميين وتوفير مقرات خاصة لوسائل الإعلام المختلفة التابعة لحزب الإصلاح، وفي مقدمتها القنوات التلفزيونية مثل قناة بلقيس التي تبث من اسطنبول وتدار مباشرة من قبل الناشطة توكل كرمان والتي تم تسجيل القناة باسمها، حيث تضم القناة في هيئتها الإدارية بالإضافة لكرمان عددا آخر من قيادات وأعضاء حزب الإصلاح أبرزهم المحامي خالد الآنسي والاعلامي في قناة الجزيرة القطرية والمسؤول عن الشؤون اليمنية فيها أحمد الشلفي، وعبدالغني الماوري وعبدالله الحرازي.

بالإضافة إلى قناة بلقيس هناك قناة يمن شباب التي قدمتها قطر لحزب الإصلاح تحت مسمى ”هدية قطر للثورة الشبابية الشعبية في اليمن”، وتبث القناة حاليا من اسطنبول ولديها، ويديرها القيادي في دائرة الإعلام في حزب الإصلاح الدكتور وسيم القرشي، بالإضافة إلى عدد آخر من قيادات وأعضاء الإصلاح أبرزهم الإعلامي فهد المنيفي.

كما قامت قطر بتمويل قناة جديدة تبث من أسطنبول أيضا وهي قناة ”المهرية” التي تتبنى خطابا تحريضيا ضد التحالف العربي، وتدار القناة من قبل مستشار وزارة الإعلام في الحكومة الشرعية مختار الرحبي، بالإضافة إلى كادرها الوظيفي الذي يتكون من صحفيين ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين.

تتبنى حالياً وسائل الإعلام التابعة لحزب الإصلاح والتي تبث من تركيا خطابا تحريضا يستهدف إفشال التحالف العربي في اليمن ويدعو للتقارب مع الانقلابيين الحوثيين، ويهدف هذا الخطاب أيضا إلى الترويج للدور التركي في اليمن بغرض تقديمه كبديل للتحالف العربي، وهو ما بدأ عدد من ناشطي حزب الإصلاح بالتعبير عنه صراحة من خلال مطالبتهم بتدخل عسكري تركي في اليمن.

أضف إلى ذلك فإن نجاح حزب الإصلاح بالاستحواذ الكامل على وسائل الإعلام الرسمية التابعة للحكومة الشرعية قد ساهم في الترويج للمشروع التركي، وذلك عبر بث مسلسلات تركية تمجد الشخصية التركية والتاريخ العثماني وفترة احتلال العثمانيين للبلدان العربية، كما ساهم ذلك في تبني خطاب إعلامي داعم لسياسة أردوغان على مستوى الداخل التركي أو للسياسة الخارجية التركية في المنطقة العربية والشرق الأوسط، وذلك تمهيدا للتدخلات التركية المباشرة في الشأن اليمني.

سياسياً، عملت تركيا منذ العام 2011 على لعب دور سياسي في اليمن، خاصة مع تبنيها ودعمها لجماعة الإخوان المسلمين التي تحظى بنفوذ كبير في اليمن، وكان لها أن تباشر هذا الدور بالتنسيق مع دولة قطر، عبر سفيرها في اليمن فضلي شورمان لتصبح تركيا واحدة من الدول الــ 18 الداعمة للمبادرة الخليجية في اليمن، وهو ما سهل لها مهمة التدخلات شبه المباشرة في الشأن اليمني.

وقد نجحت تركيا مبكراً باختراق الشرعية اليمنية عبر عدد من قيادات حزب الإصلاح المتواجدين في قيادة الشرعية والذين يعملون لصالح المشروع التركي، وأبرزهم مدير مكتب رئيس الجمهورية عبدالله العليمي، ومستشار رئيس الجمهورية نصر طه مصطفى، والناطق الرسمي باسم الحكومة اليمنية والذي ما زال في منصبه منذ 2013 راجح بادي والذي يعمل أيضا مراسلا ومديرا لمكتب وكالة الأناضول التركية في اليمن، بالإضافة لشخصيات سياسية أخرى بينهم وزراء في الحكومة مثل وزير الداخلية أحمد الميسري ووزير النقل صالح الجبواني ووزير الشباب والرياضة نائف البكري.

كما نجحت تركيا في التحكم بالقرار السياسي اليمني من خلال قيادات الحزب المتواجدين في قيادة الشرعية، ليمتد النفوذ التركي في القرار السياسي اليمني إلى التحكم بالسياسة الخارجية اليمنية من خلال نجاح حزب الإصلاح بتعيين السفير اليمني السابق في تركيا الإخواني عبدالله السعدي كمندوب لليمن في الأمم المتحدة.

الاختراق التركي للشرعية اليمنية بدا واضحا جدا من خلال الترويج للمشروع العثماني من قبل قيادات عليا في الشرعية أبرزهم الملحق العسكري بالسفارة اليمنية بأنقرة وعضو الوفد اليمني المفاوض عسكر زعيل الذي أشاد بفترة الحكم العثماني لليمن بين عامي 1583 و1918، باعتبارها الفترة التي شهدت ”نهضة عمرانية فريدة“.

عسكر زعيل الذي كان يتحدث في حفل رسمي نظمته السفارة اليمنية في أنقرة قال أيضا إن الفترة التي تعاقب خلالها الولاة العثمانيون على حكم اليمن تأسس خلالها التعليم والجامعات والمستشفيات، وتأسس كل شيء جميل في بلدي.. تأسست القوة الدفاعية، وقوة الجيش السابع العثماني الموجود في صنعاء كان هو الحامي الأساسي للحرمين الشريفين من البوابة الجنوبية في أرض اليمن، مدعياً أن الأتراك هم من بنوا السور القديم الذي يحيط بمدينة صنعاء القديمة.

كما أن وثائق رسمية تابعة للجيش اليمني تروج للحكم العثماني والذي تصفه بالخلافة، وتدافع عن فترة احتلال الأتراك لليمن، كما هو الحال في كتاب صادر عن شعبة التوجيه المعنوي في محور تعز والمعنون بــ”الإعداد الفكري للمقاتلين للعام التدريبي 2018”، حيث يشيد الكتاب بما أسماها دولة الخلافة العثمانية، ويذكر في سياق حديثه عن الرسيين في صفحة 49 الفقرة الآتية ”ومن العجيب أن الأدعياء الرسيين كانوا في قتالهم للعثمانيين في اليمن إذا دخلوا مدينة يمنية نهبوها، فإذا دخلها العثمانيون لم يطرقوا على أحد باباً، وحين علم الوالي العثماني أحمد فيضي أن أحد جنوده طرق باب أحد المواطنين، وطلب شربة ماء عنَّفه وعاقبه وقال: إن للجندي كرامته وشرفه ولا ينبغي أن يتنازل لأحد، كما أن للمواطن المدني حرمته”.

ويسترسل الكتاب بعد هذه الفقرة في مدح العثمانيين ليضيف الفقرة الآتية ”في الوقت الذي يرسل فيه يحيى حميد الدين عسكره على المواطن ويحمِّله مصاريفهم ومأكلهم ومشربهم وتخزينتهم، فإن الوالي العثماني حسين حلمي باشا -قبل ذلك- كان قد أصدر فرماناً يقضي على كل جندي عثماني يبعث إلى مواطن أن يأخذ قشر البن معه حتى لا يتكلف له المواطن إلا الماء المغلي فقط كضيافة”.

واستغلالاً للاختراقات التي حققتها تركيا في جسد الشرعية عملت الحكومة التركية على استخدام الجانب الإغاثي والإنساني في اليمن كوسيلة للتدخل المباشر في اليمن والتواجد على الأرض، وذلك عبر إرسال ضباط المخابرات التابعين لها إلى المناطق اليمنية، بتسهيلات من قيادات إخوانية مدنية وعسكرية في الشرعية.

وقد بدأت تركيا بإبراز بعض أدوارها الإغاثية من خلال استقبالها في مدينة أفيون في ديسمبر 2016 لما يقرب من 150 جريحا من أبناء تعز لتلقي العلاج، كما اتفق وزير الصحة التركي مع محافظ تعز على إرسال مستشفيات ميدانية إلى اليمن لعلاج الجرحى ودعم القطاع الصحي.

وقد مثلت هذه الخطوة بداية لتعزيز النشاط الاستخباري التركي في اليمن من خلال تدفق ضباط المخابرات التركية إلى اليمن، تحت غطاء العمل الإنساني، وبتسهيلات من قيادات عليا في الدولة أبرزها وزير الداخلية المهندس أحمد الميسري.

وقد كشفت مذكرة صادرة بتاريخ 10/12/2018 من محافظ المهرة راجح سعيد باكريت يوجه فيها مدير عام شرطة المهرة ومدير عام الهجرة والجوازات بالمحافظة بمنح تأشيرات دخول لوفد منظمة ihh ومنظمة دينزي فينري التركية، وذلك بناءً على مذكرة جمعية الإصلاح الاجتماعي الخيرية فرع المهرة المتضمنة أنه سيصل وفد من المنظمتين عبر منفذ شحن، وسيقوم الوفد بالمساهمة في أعمال الإغاثة ضمن المنظمات الدولية.