للذين لا يحسنون القراءة..
مبادرات توعوية ميدانية.. يمنيات يتطوعن للحرب على وباء كورونا
تثبت اليمنيات أنهن أشد حرصا على الصحة والتوقي من وباء كورونا من خلال مبادرات التوعية التي يقمن بها لتقديم النصائح والإرشادات والتوجيهات، سواء بصفة ميدانية يستهدفن من خلالها أولئك الذين لا يحسنون القراءة، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي حتى يقللن من تفشي الفايروس.
مع ظهور أول حالة إصابة بفايروس كورونا في اليمن في العاشر من أبريل الماضي، كان هناك دور شبابي للتوعية بمخاطر هذا الفايروس الذي قد ينذر بمخاطر واسعة على اليمنيين الذين يعانون من واقع صحي هش بات على شفا الانهيار.
وضمن جهود التوعية، كان للمرأة اليمنية دور بارز في التوجيه للاحتياط والوقاية من الفايروس في البلاد التي أغلقت نصف مرافقها الطبية جراء الحرب، وفق تقديرات منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة.
ومنذ أسابيع تعمل ناشطات وفتيات يمنيات في عدة محافظات على نشر التوعية في أوساط السكان بشكل عام بعدة أحياء، من أجل التخفيف من مخاطر انتشار الوباء، والتركيز على الإجراءات الاحترازية الصحية التي عن طريقها يتم تعزيز الوقاية.
ومع استمرار كورونا في الانتشار باليمن بشكل متزايد، حذرت الأمم المتحدة من عواقب وخيمة حال التفشي الأكبر للوباء.
وقال تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إن الارتفاع السريع في عدد الحالات المصابة بفايروس كورونا في اليمن، يشير إلى أنه كان ينتشر قبل أسابيع من اكتشافه.
وحذر من حدوث قفزة مفاجئة في الحالات المصابة ما قد يتسبب في ضغط على مرافق الرعاية الصحية بالبلاد.
من جانبها، حذرت منظمة الصحة العالمية، من احتمال تأثير فايروس كورونا على 16 مليون يمني، أي أكثر من نصف سكان البلاد، في ظل القطاع الصحي الذي يعاني من مشاكل عديدة، من بينها نقص التمويل.
في صنعاء، قررت مجموعة من الفتيات القيام بمبادرة من أجل نفع مجتمعهن، وذلك بتوعية الناس بمخاطر فايروس كورونا.
تقول الشابة شذى النسيري، إحدى عضوات هذه المبادرة، “نحن مجموعة من الفتيات قررنا توعية الناس في اليمن بمخاطر كورونا وضرورة الاحتراز منه”. وأضافت، أن المجموعة اتخذت عدة وسائل لنشر التوعية في صفوف السكان، من بينها كتابة منشورات تحذيرية على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتابعت، “تواصلنا مع متبرعين وفاعلي خير من أجل دعمنا المالي لشراء قفازات وكمامات ليتم توزيعها على الناس، كنوع من الإجراءات الوقائية من الوباء العالمي المستجد”.
وأردفت، “استطعنا تقسيم مجموعتنا النسائية إلى عدة فرق، كل فريق يتعهّد بالتوعية في شارع معين أو حي محدد”.
ومن بين وسائل التوعية التي اتخذتها المجموعة، تقول شذى “كنا نخاطب بعض الناس وجها لوجه، ونقدم لهم نصائح وإرشادات وقائية، خصوصا أولئك الذين لا يستطيعون القراءة أو الاطلاع على المنشورات الصحية”.
وتشير شذى إلى أن الاستجابة من قبل الرجال اليمنيين كانت أكثر من النساء، بسبب أنهن ربما لم يدركن مدى خطورة الواقع الصحي على البلاد في حال تفشي الوباء.
وتابعت، “قمنا باستهداف توعية عدة فئات في المجتمع، من بينها فئة عمال النظافة، إضافة إلى سائقي الدراجات النارية المنتشرين بشكل كبير في شوارع صنعاء، وكذلك رجال المرور وعامة الناس الذين لا يعرفون كثيرا تأثير الواقع الصحي والوبائي”.ولفتت إلى أن هناك تفاعلا كبيرا من قبل السكان الذين كانوا يتجمعون بشكل كبير أثناء توزيع المنشورات الإرشادية من أجل الحصول عليها من قبل هذه الفرق النسائية.
واستاءت شذى من أن اليمن ينقصها الكثير من الدعم الصحي والأدوات والوسائل المعنية بالوقاية من كورونا.
ووجهت شذى رسالتها إلى جميع السكان اليمنيين بضرورة أخذ الحيطة والحذر والالتزام بالإجراءات الاحترازية من كورونا، مثل عدم الخروج من المنزل إلا للضرورة، إضافة إلى الالتزام بالنظافة الشخصية وغسل اليدين بشكل متكرر، مع العمل على تعقيم المنازل.
وشددت على كل رب أسرة أن يتحمل المسؤولية الصحية الحقيقية في الحفاظ على أفراد أسرته أثناء هذه الظروف الصحية الحرجة، عن طريق الالتزام بكافة إجراءات السلامة.
وفي مدينة عدن جنوبي اليمن، انطلقت ناشطات يمنيات للقيام بواجب التوعية من أجل الحد من انتشار الأوبئة في هذه المدينة التي توصف بأنها “ثغر اليمن الباسم”.
من بين الشابات الناشطات في مجال التوعية بعدن، نور سريب، التي قالت، “إن نشاطها تركز في التواصل مع بعض الأطباء اليمنيين في المهجر، حيث تم إبلاغهم بظاهرة وفاة عدد من أفراد بعض الأسر بشكل متتابع مع ظهور أعراض الوباء، وكانت التحذيرات من الأطباء مشددة على أن هذا الوباء هو الأقرب لفايروس كورونا المستجد”.
وأضافت سريب، “قصور الجانب الطبي حال دون إعلان الإصابات بالشكل اللازم، وتزامن ذلك مع إعلان اللجنة الوطنية لمكافحة كورونا عن وجود حالات بعدن”.
وتابعت، “بدأت بأخذ الأمر بشكل جدي واستخدمت منصات التواصل الاجتماعي للتحذير والتوعية بوجود الوباء وسرعة انتشاره، إضافة إلى نشر بعض مواضيع التوعية على الصحيفة الإلكترونية المحلية التي أعمل فيها “.
وقالت سريب، “من المحزن أننا نشهد صراعا سياسيا واقتتالا في المحافظات القريبة لعدن، ما جعل الأطراف المتنازعة تصدر الإشاعات لتشتت انتباه المواطنين في عدن”.
وأردفت، “الشارع في عدن منقسم بين الواعين بخطورة هذا الوباء والملتزمين بالنصائح التي قد تخفف من موجة الجائحة، فيما قسم كبير آخر ينكر وجود وباء كورونا ومقتنع بأنها مؤامرة لتخويف الناس”. وشددت سريب بالقول، “نحن بحاجة ماسة إلى نبذ الصراعات وإيقافها والبدء بمكافحة الوباء، فإذا لم يعِ السياسيون في خارج البلاد وداخلها بحجم الكارثة التي يعيشها الشعب ستكون النتيجة مروعة.. سنفقد الآلاف ولن تقوم لبلادنا قائمة”.
جائحة كورونا التي انتشرت في عدة محافظات يمنية، جعلت بعض الناس يقررون الحجر الصحي من تلقاء أنفسهم خشية انتشار الوباء، فيما واصلوا التوعية عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي بخطورة المرض وضرورة أخذ الاحتياطات والاحترازات اللازمة.
تقول الإعلامية اليمنية، عبير واكد، في محافظة حضرموت، شرقي البلاد “إن هناك نشاطا نسويا في المحافظة، يساهم في التوعية ضد جائحة كورونا”.
وأضافت، “قامت العديد من الناشطات المؤثرات في المجتمع، في بداية الأزمة الصحية، بنشر فيديوهات مصورة توعوية عن الوباء والتدابير الوقائية منه، وقد شدّدن على ضرورة البقاء في المنزل”.
ولفتت إلى أن هناك حركة نسائية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي تؤمّنها الإعلاميات، والكاتبات الصحافيات، والناشطات المؤثرات، تعمل في سياق التوعية بخطر كورونا.
وحول تجربتها تقول، “فضلت البقاء في الحجر الصحي، واكتفيت بالتوعية عبر مواقع التواصل الاجتماعي.. حاليا اعمل على مادة صحافية تساهم في تقديم الدعم النفسي، وقد تطلبت مني عقد جلسات عبر الإنترنت مع أخصائي في علم النفس الطبي”.
وقالت، “في بادئ الأمر كان هناك نوع من عدم التصديق لانتشار الجائحة من قبل بعض السكان، فتم اعتبار الوباء نوعا من الحيل سياسية، لكن لم يدم هذا الاعتقاد طويلا حتى تم الاعتراف بوجوده”.
وختمت حديثها، “لقد تطوّر العمل على التوعية في البلاد، وقامت طبيبات بالرد على استفسارات المرضى عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك نظرا لحالة المستشفيات المزرية في الوقت الحالي”.