أصبحت كارثة "إنسانية واستراتيجية"..
تحليل: هل يستطيع بايدن إيقاف حرب اليمن المندلعة منذ ست سنوات؟
أعلن الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن أنّ الولايات المتحدة ستتوقف عن دعم العمليات الهجومية، التي تقوده السعودية في اليمن. الحرب في اليمن أصبحت كارثة "إنسانية واستراتيجية". تحتدم الحرب بين التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات وميليشيات أنصار الله.
وفقًا للبيانات التي جمعها معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، أشار إلى أنّ حوالي ثلاثة أرباع هذه الواردات من الأسلحة جاءت من أمريكا و13٪ من بريطانيا. على الرغم من أنّ السعودية لديها كل الدبابات والطائرات الحربية التي تحتاجها. حظر بايدن قد يعطّل فقط إمدادات الذخيرة، بما في ذلك الصفقة الضخمة التي وقعها دونالد ترامب في ديسمبر بشأن القنابل وقطع الغيار.
هذا التغيير في سياسة بايدن ليس مهمًا بدرجة كافية، ولكن أفضل من لا شيء، يمكن أن يقدمه بايدن لليمنيين. في حالة توقّف تدفق القنابل الذكية، سيتعين على السعوديين الاعتماد على القنابل الغبية (قنابل غير موجّهة). لكن، أعتقد أنّ نهج بايدن يذهب إلى أبعد من ذلك، ليس محصورًا فقط في بيع السلاح، ولكن أيضًا بكيفية استخدامه. على الرغم من أنّ إدارة ترامب أوقفت تزويد طائرات التحالف الذي تقوده السعودية بالوقود، لكن واصلت تقديم "المشورة العسكرية، والمعلومات المحدودة، والخدمات اللوجستية وأشكال الدعم الأخرى".
حسب تقديرات توم بيكيت، المدير التنفيذي للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، يقول إذا توقفت أمريكا عن صيانة وخدمة الطائرات السعودية، فقد يؤدي ذلك إلى شل 50٪ من قدرة القوات الجوية للمملكة. أضف إلى ذلك أنّ سياسة بايدن قد تحفّز شركاء آخرين للسعودية على اتخاذ إجراءات مماثلة.
على سبيل المثال، في 29 يناير توقفت إيطاليا عن بيع صواريخ وقنابل بقيمة 485 مليون دولار للسعودية والإمارات. في 4 فبراير قال توبياس إلوود، النائب عن حزب المحافظين، إنّ على بريطانيا أن تفعل الشيء نفسه. وإذا افترضنا أن إيران والولايات المتحدة الأمريكية ذهبا الى المفاوضات وكانت إدارة بايدن وحلفاؤها صادقين في أقوالهم، فسيكون لذلك عواقب وخيمة على القوات السعودية والإماراتية. هذه المفاوضات ليست مستبعدة كما أشارت دانييلا شفارتسير، رئيسة الجمعية الألمانية للسياسة الخارجية، التي تعتقد بأنّ على أوروبا أن تقوم بواجبها. لقد انزلقت الولايات المتحدة وإيران إلى موقف المواجهة، مما يعني أنّ على الأوروبيين العمل بجدية أكبر مع كلا الجانبين لحملهم على الجلوس على الطاولة.
لسوء الحظ، وضع التحالف كل بيضه في سلة أمريكا والغرب، وهم مدركين أنهم شركاء غير موثوق بهم. على سبيل المثال، دفعت أحداث 11 سبتمبر 2001 العديد من الأمريكيين إلى ربط السعودية بالتطرف، بعد ذلك بعامين غزت أمريكا العراق على الرغم من اعتراضات بعض المسؤولين السعوديين، الذين كانوا يخشون أن يؤدّي ذلك إلى زعزعة استقرار المنطقة. ثم دعا أوباما حسني مبارك، في خضم الثورة المصرية إلى التنحي، وهو حليف قديم لأمريكا. هذا جعل السعوديين قلقين بشأن مصيرهم. في عام 2015 وقّع أوباما اتفاقًا نوويًا مع إيران لدعمها وفي الوقت نفسه شجّع التحالف في حرب اليمن بنوايا توريطهم. صحيح أنّ انسحاب ترامب من الاتفاق النووي قد رحبت به السعودية. لكن ترامب هو الآخر لم يكن شريكًا موثوقًا به، وقد صُدم السعوديون (ودول الخليج الأخرى) في عام 2019 عندما لم يتخذ أي إجراء ردًا على هجوم إيران - الحوثي على منشآت النفط داخل المملكة.
"لا يستطيع بايدن الاستغناء عن العلاقات مع المملكة. عوضاً عن ذلك، سيتعين عليه إيجاد نهج جديد مع السعودية حتى لا ينغمس في أسوأ دوافع المملكة أو يضخّم أسوأ مخاوفه."
الكل يعلم أنّ الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا شركاء للسعودية والإمارات في حرب اليمن. وهم يعلمون أنّ الحرب في اليمن كارثة للولايات المتحدة. اقرأ توصيف السيد جيفري فيلتمان (دبلوماسي وسفير أمريكي سابق) لحرب اليمن عام 2015 أنّها: "أحدثت أكبر كارثة إنسانية في العالم. وهي أيضًا خطأ استراتيجيًا. أصبح الحوثيون أكثر تطورًا عسكريًا وأكثر قدرة على الضرب خارج حدود اليمن مما كانوا عليه في بداية الحرب، واتسع النفوذ الإيراني. تعمّقت العلاقة بين الحوثيين وحزب الله اللبناني، تضاءلت مصداقية التحالف، تجاهلت الولايات المتحدة والقوى الأخرى إلى حدٍ كبير عواقب التدخل."
لكن مقتل الصحفي جمال خاشقجي في أكتوبر ركّز انتباه العالم على الحرب الكارثية في اليمن. بالإضافة إلى ذلك، في أكتوبر 2018، دعا مايك بومبيو وجيمس ماتيس، وزير الدفاع الأمريكي السابق، إلى إنهاء القتال وعبرا علنًا عن دعمهما لمحادثات السلام التي اقترحتها الأمم المتحدة. وقالوا: "هناك طريقة واحدة سريعة للسعودية لإنهاء هذه الحرب بنتائج عكسية، وهي وقف حملتها العسكرية من جانب واحد وتحدي الحوثيين للرد بالمثل". بعبارة أخرى، وقف الحرب والانسحاب، وحصر مهام قوتها العسكرية في الدفاع عن حدود وأراضي المملكة.
وإذا دخل الأمريكيون والإيرانيون في مفاوضات يقول دانيال بيمان (أكاديمي وأستاذ في جامعة جورجتاون) بشكل واضح على موقع (Foreignaffairs)، إذا كانت واشنطن ترغب في مواجهة النفوذ الإيراني، عليها عكس المسار، إنهاء دعمها الكارثي للتحالف الذي تقوده السعودية وإلقاء ثقلها على محادثات السلام.
إنّ مضاعفة الجهد العسكري لن يؤدي إلاّ إلى تعزيز صعود إيران الإقليمي وهذا يتطابق مع رأي مايكل نايتس عضو برنامج زمالة "ليفر" في معهد واشنطن ورأي السيد كينيث بولاك هو خبير وعمل سابقًا كمدير لشؤون الخليج العربي في مجلس الأمن القومي.
وأخيراً، سيكون من غير الحكمة افتراض من المهزوم ومن المنتصر في حرب اليمن لأنه عند الإجابة على هكذا سؤال صعب الآن، هناك صفحة رمادية لابد من فك رموزها أولاً.
صحيح أنّ الأمريكيين، بالذات، إدارة بايدن، قد لا يكونون سعداء بالسعودية، لكن السعودية تظل منتجًا قويًا للنفط، وعضوًا في مجموعة العشرين، وشريكًا مهمًا في الحرب على الإرهاب. لا يستطيع بايدن الاستغناء عن العلاقات مع المملكة. عوضاً عن ذلك، سيتعيّن عليه إيجاد نهج جديد مع السعودية حتى لا ينغمس في أسوأ دوافع المملكة أو يضخّم أسوأ مخاوفه.