بسبب البرنامج النووي الإيراني..
موقع أمريكي: هل تتحول أفغانستان إلى تهديد أمني لإيران

في مثل الظروف الحالية التي يتصاعد فيها التوتر بسبب البرنامج النووي الإيراني
بين إيران وطالبان خلافات مزمنة وأساسية حول تفسيرهما للإسلام، حيث لا تنظر طالبان، السنية السلفية، بعين الارتياح إلى الشيعة. وفي الوقت نفسه، تعتبر إيران القوة الرئيسية للشيعة في العالم.
وربما كانت هذه الخلافات الحادة هي التي أسفرت عن هجوم طالبان على القنصلية الإيرانية في مزار الشريف في 8 أغسطس (آب) 1998 ما اسفر عن مقتل ثمانية ديبلوماسيين إيرانيين فمثلت العملية صدمة لإيران التي كادت تدخل في حرب ضد أفغانستان وطالبان.
وحسب رئيس لجنة السياسة الخارجية في مجلس الأمن القومي الإيراني في ذلك الوقت، حسين موسويان، فإن المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي وضع في آخر لحظة الفيتو على قرار للمجلس بغزو أفغانستان.
وبمقتضى تلك الظروف التي كانت سائدة، فإن إيران كانت في موقع المرحب بالغزو الأمريكي لأفغانستان. ودون دخول أي جندي إيراني إلى الأراضي الأفغانية، سقط أحد الأعداء الإقليميين لطهران، ما أزال تحدياً للأمن القومي الإيراني.
العداء لأمريكا
ورغم أن إيران وطالبان تختلفان على قائمة واسعة من القضايا، فإنهما سرعان ما اتفقتا على أمر واحد، العداء للولايات المتحدة.
وإذا أخذنا في الإعتبار تركيز عقيدة الأمن القومي الإيراني على الانسحاب الأمريكي من المنطقة، فإن عودة طالبان إلى السلطة في أفغانستان تصبح أنباء جيدة، خاصةً أن طالبان وإيران بدأتا بعض الإتصالات في الأعوام الأخيرة.
ومع ذلك، يتعين ملاحظة أن سياسة إيران تجاه التطورات في أفغانستان وصعود طالبان، تتسم بسمتين أساسيتين. الأولى يمكن قراءتها في تعليقات وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف السابق، التي قال فيها إن إيران تدعم محادثات أفغانية داخلية لتشكيل حكومة شاملة.
والثانية، والتي لم يفصح عنها المسؤولون الإيرانيون بوضوح، هي الترحيب بمقاربة طالبان المناهضة للغرب.
ورغم أنها لم تقل ذلك، فإن إيران كانت تعتبر حكومة أشرف غني دمية تحركها الولايات المتحدة. وعلاوة على ذلك، فإن إيران اعتادت على دعم عبدالله عبدالله، المتحدر من أصل طاجيكي بشتوني، والذي لطالما كان خصماً سياسياً لغني وللرئيس الأفغاني السابق حميد كرزاي.
ورغم ذلك، فإن النفوذ القوي للبشتون في السيطرة على أفغانستان قد ساعد في تهميش عبدالله.
وعقب إغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، أعلنت القيادة المركزية الأمريكية على تويتر، تسيير دوريات جوية، وإعادة التزود بالوقود في أجواء شرق أفغانستان دعماً لقوات التحالف الذي تقوده أمريكا ضد تنظيم داعش في الشرق الأوسط.
ونأى غني بالحكومة الأفغانية عن الإعلان، وفهمت إيران الرسالة.
أنباء جدية
وفي مثل الظروف الحالية التي يتصاعد فيها التوتر بسبب البرنامج النووي الإيراني، فإن انسحاب الولايات المتحدة من بلد مجاور، هو بمثابة أنباء جيدة.
لكن هل يعني ذلك أن إيران لعبت دوراً في صعود طالبان. هناك أدلة على أن مسؤولين من طالبان زاروا إيران في الأعوام الماضية، وربما هناك تفاهم مشترك بين طهران وقادة طالبان على مستقبل إيران.
ومن المرجح أن إيران قد استخدمت طالبان للضغط في محادثاتها مع الحكومة الأفغانية السابقة في الأعوام الماضية، خاصةً أن لطهران وكابول خلافات على اقتسام نهر هلمند الذي يمر عبر غرب أفغانستان، وجنوب شرق إيران.
وفي الوقت نفسه، راكم قائد فيلق القدس الحالي الجنرال إسماعيل قآني خبرة في الشؤون الأفغانية على مدى سنوات. وفي صيف 2018 سافر إلى ولاية باميان الأفغانية تحت إسم إسماعيلي، نائباً للسفير الإيراني لدى أفغانستان، حيث اجتمع مع محمد طاهر ظاهر دايكوندي، الحاكم الإقليمي.
ومر عامان على اغتيال سليماني قبل أن يعرف الأفغان أن الشخص الذي التقى حاكم باميان كان في واقع الأمر نائب سليماني.
وبات دور قآني أكثر وضوحاً في أفغانستان مع تشكيل فيلق القدس لـ"لواء فاطميون"، الميليشيا الشيعية من عشرين ألف مقاتل، التي قاتلت في سوريا إلى جانب القوات الحكومية، وحزب الله اللبناني.
وفي أبريل (نيسان) سرت تقارير عن عودة ما بين 2500 و3000 مقاتل من هذه الميليشيات إلى افغانستان. كما أن ثمة قلقاً من ظهور مجموعات من الوكلاء على غرار حزب الله، والحشد الشعبي العراقي في أفغانستان، بدعم من إيران.
تهديد أمني؟
وخلص الكاتب إلى أنه لا يجب المبالغة في دور إيران في التطورات الأخيرة في أفغانستان. فرغم أن إيران رحبت بالتغييرات الجديدة عند جارتها، فإنها لعبت دوراً ضئيلاً في هذه التغييرات، التي أتت بسبب قرارات أمريكية.
وفي الوقت الذي شرعت إيران في انتهاج سياسات جديدة مع طالبان، لا يزال كثيرون يشككون في أن تصب هذه التطورات في مصلحة طهران، ويتساءلون عن احتمال تحول أفغانستان إلى تهديد أمني رئيسي في المستقبل القريب.