حصص متساوية لموسكو والرياض..

تحالف أوبك+ يُعدل الإنتاج بزيادة ترضي روسيا وتحافظ على وحدته

اجتماع أوبك+ يأتي على اثر قرار فرض حظر أوروبي على النفط الروسي

الرياض

عدل تحالف أوبك+ اليوم الخميس في قرار طال انتظاره منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط الماضي، وتيرة الإنتاج لشهر يوليو/تموز بزيادة 648 ألف برميل يوميا ارتفاعا من زيادة تدريجية بدأت بـ400 ألف برميل يوميا ثم 432 ألف برميل حددت في الأشهر السابقة، بينما يأتي القرار الذي يشكل في توقيته وظروفه نقطة تحول في سياسة الكارتل النفطي ومؤشر أيضا على احتمال تغييرات وشيكة بدفع من تبعات الحرب الدائرة والتي يرجح أنها قد تطول أكثر مما هو متوقع.

وبعد أشهر من الانتظار على الرغم من ارتفاع أسعار النفط بسبب الحرب في أوكرانيا، قررت الدول الأعضاء في تحالف أوبك+ تسريع وتيرة الإنتاج تلبية للدعوات لملحة للغربيين.

وقال الكارتل النفطي في بيان بعد اجتماع جديد خاطف إن ممثلي الدول الثلاث عشرة الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وشركاءهم العشرة (أوبك+) اتفقوا على "تعديل إنتاج يوليو/تموز، فيما شدد البيان على "أهمية استقرار الأسواق وتوازنها".

ويبدو أن إعلان الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الاثنين فرض حظر على الجزء الأكبر من النفط الروسي، أدى إلى تزايد المخاوف من حدوث نقص وغيّر بشكل واضح موقف الكارتل الذي أكد "أهمية أسواق مستقرة ومتوازنة".

واكتف تحالف أوبك+ منذ ربيع 2021 بزيادات متواضعة في حصص الإنتاج لتعود إلى مستوياتها قبل جائحة كوفيد-19. ولم تنحرف المجموعة حتى الآن عن خطها حتى بعد غزو روسيا لأوكرانيا الأمر الذي زاد من حدة التوتر في السوق.

وأثار هذا الإعلان ارتياح المستثمرين، فقد ارتفعت أسعار النفط الخام بنسبة 1 بالمئة تقريبا، وبات سعر نوعي النفط الخام القياسيين بحدود 116 دولارا للبرميل.

وسيتم توزيع الزيادة المقررة على الأعضاء على أساس نسبي مع حصص متساوية لموسكو والرياض، وهما ركيزتا التحالف.

وتشكل تحالف 'أوبك+' الذي يضخ حوالي نصف كمية النفط العالمي، في 2016 لضبط العرض وتنظيم أسعار الخام، لكن البعض يشككون في استمرار التفاهم في الظروف الحالية.

وتسود كثير من التكهنات في خضم هذا الوضع، إذ يخشى خبراء مثل ستيفن برينوك من شركة "بي ام في اينرجي" من أن يؤدي استبعاد مؤقت لروسيا إلى "انتهاء بحكم الأمر الواقع للتفاهم" الذي بدأ في 2016 لتنظيم السوق.

تحدث بيارني شيلدروب من مجموعة "سيب" عن "انقسام محتمل في أوبك+" أو على الأقل "تعليق لنظام الحصص طالما استمر استبعاد الغرب لروسيا".

إعلان الاتحاد الأوروبي فرض حظر على الجزء الأكبر من النفط الروسي، أدى إلى تزايد المخاوف من حدوث نقص وغيّر بشكل واضح موقف الكارتل النفطي

وكان المحللون لا يزالون يتوقعون قبل يومين الإبقاء على الوضع القائم على الرغم من دعوات الغربيين إلى زيادة الإنتاج للحد من ارتفاع الأسعار الذي تسارع بعد قرار الدول الـ27 الأعضاء في التكتل الأوروبي.

ويشدد هؤلاء على رغبة الكارتل المكون من 23 عضوا بقيادة الرياض بحكم الأمر الواقع، في إرضاء روسيا والحفاظ على تماسك المجموعة.

ويلخص كارستن فريتش المحلل في مجموعة "كومرتس بنك" الوضع بالقول "حتى الآن افترضت السوق" أن تحالف أوبك+ سيتبع النهج نفسه مع زيادة هامشية في حجم الإنتاج بمقدار 432 ألف برميل يوميا في يوليو/تموز "بما في ذلك روسيا".

وتهدف هذه الإستراتيجية التي بدأت في ربيع 2021 إلى العودة تدريجا إلى مستويات ما قبل جائحة كوفيد-19 بعد التخفيضات الكبيرة التي تم تحديدها في مواجهة الانهيار في الطلب المرتبط بالقيود الصحية وإجراءات العزل في العالم.

لكن مقالا في صحيفة وول ستريت جورنال أثار بعض الشكوك، فقد ذكرت الصحيفة الأميركية أن عددا من أعضاء أوبك يدرسون إمكانية استثناء روسيا من الاتفاق المتعلق بتحديد حصص الإنتاج.

وسيسمح مثل هذا السيناريو للسعودية والإمارات العربية بالاستفادة من طاقتهما الفائضة للتعويض جزئيا عن النقص وبالتالي تهدئة السوق.

إلا أن تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيريه السعودي والإماراتي تشير إلى تأكيد جميع أطراف الكارتل النفطي أن الإستراتيجية المتبعة كانت فعالة في استقرار السوق.وتتراكم العقوبات على موسكو، فقد توصل قادة الاتحاد الأوروبي الاثنين إلى اتفاق يقضي بقطع وارداتهم من النفط الروسي بنحو تسعين بالمئة بحلول نهاية العام من أجل تجفيف مصادر تمويل حرب موسكو في أوكرانيا.

وتعهدت المملكة المتحدة من جهتها بوقف الواردات بحلول نهاية العام بينما فرضت الولايات المتحدة حظرا على الخام والغاز الروسيين.

وقال المحلل نفسه إن "روسيا تحولت إلى دولة منبوذة"، معتبرا أن "التكثيف الواضح للرحلات الدبلوماسية المكوكية بين الولايات المتحدة والسعودية" يدل على أن "التغيير قد يكون وشيكا".

وحاليا، لا يبدو أن السعوديين يميلون إلى التخفيف عن السوق، فقد أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في المنتدى الاقتصادي العالمي الأخير في دافوس أن "المملكة فعلت ما في وسعها"، كما ورد في وسائل إعلام اقتصادية.

وقال إن "الوضع أكثر تعقيدا من مجرد إضافة براميل إلى السوق" بينما أشارت الدول الأعضاء في مجموعة السبع الأسبوع الماضي إلى "الدور الرئيسي" لأوبك+ في مواجهة "الضغط على الأسواق الدولية".

ودول الخليج تتجاهل الدعوات لسبب آخر هو أنها تحقق أرباحا كبيرة من برميل يتجاوز سعره مئة دولار. وقد سجلت السعودية في الربع الأول من العام الحالي أعلى نسبة نمو منذ عشر سنوات.

وفي هذا السياق، ليس من المؤكد أن "تتبدد التحفظات" على زيادة أكبر في الإنتاج بسرعة، كما تقول سوزانا ستريتر في مجموعة "هارغريفز لانسداون".

وتذكر المحللة بأنه حتى لو أراد تحالف "أوبك+" ذلك، لن يكون قادرا على التعويض عن كل النقص الناجم عن غياب روسيا بسبب الصعوبات التي يواجهها بعض أعضائها في بلوغ حصصهم.

وكان مصدران في أوبك+ قد قالا اليوم الخميس إن السعودية وأعضاء آخرين في أوبك قد يزيدون إنتاج النفط لتعويض تراجع الإنتاج الروسي.

وأشار أحد مصادر أوبك+ المطلعة على الموقف الروسي إلى أن موسكو قد توافق على زيادة إنتاج الدول الأخرى لتعويض تراجع إنتاج روسيا ولكن ليس بالضرورة تعويض كل النقص.

ويؤكد الكرملين أن بإمكانه تغيير مسار صادرات النفط لتقليل الخسائر الناجمة عن عقوبات الاتحاد الأوروبي، لكن المحللين ما زالوا متشككين.