الضغط على التحالف من بوابة ملف اليمن..
كيف ترد الولايات المتحدة على دعم السعودية قرار أوبك+ خفْض إنتاج النفط؟
توقعات صحفية إن يضغط الكونغرس على السعودية بتحريك مشروع قانون نوبك الهادف إلى “منع التكتلات الاحتكارية لإنتاج وتصدير النفط” وحماية المستهلكين والشركات الأميركية من ارتفاع أسعار الطاقة، وقد تكون السعودية واجهته الأولى إذا تم الاتفاق عليه.
تلوّح الولايات المتحدة بمعاقبة السعودية على دعمها قرار أوبك+ خفْض إنتاج النفط، لكن من المستبعد أن تتخذ أي خطوة قبل الانتخابات النصفية المقررة في الشهر القادم، وهو ما يمنح الرئيس جو بايدن فرصةً لتجنُّبِ تأثيرات موقفه على حظوظ مرشحي حزبه في هذه الانتخابات.
ويقول مراقبون إن بايدن يحتاج إلى قول إنه يخطط للرد على السعودية، لكن الرد أو عدمه لن يتضحا إلا بعد الانتخابات التشريعية النصفية المقررة في نوفمبر.
ويبدو أن الحديث الأميركي قد يمنح السعودية فرصةً لتغيير مستوى الإنتاج بما لا يصل إلى المستوى الذي أقره اجتماع أوبك+ ويوفر مخرجا سياسيا مناسبا للطرفين قبل موعد الانتخابات النصفية.
يأتي هذا في وقت يقول فيه مراقبون إن واشنطن لا تمتلك الكثير من أوراق الضغط على السعودية لإجبارها على مراجعة موقفها في ما يتعلق بتحالفها مع روسيا في أوبك+، والذي تنظر إليه واشنطن على أنه تحالف سياسي وليس فقط تحالفا نفطيّا.
وقال الرئيس الأميركي الثلاثاء إن علاقات بلاده مع السعودية ستواجه “عواقب” بعد إعلان تحالف أوبك+ في الأسبوع الماضي خفض إنتاج النفط رغم الاعتراضات الأميركية.
جاء ذلك بعد يوم واحد من تصريحات أدلى بها السيناتور الديمقراطي بوب مينينديز، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، قال فيها إنه يجب على الولايات المتحدة أن تجمّد على الفور جميع أوجه التعاون مع السعودية، بما في ذلك مبيعات الأسلحة.
ولم يكشف بايدن، خلال مقابلة مع جيك تابر المذيع في “سي أن أن”، عن الخيارات التي يدرسها.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير إنه سيتم إجراء مراجعة للعلاقات بين البلدين، لكنها لم تحدد جدولا زمنيا لاتخاذ إجراء ولم تكشف عن معلومات حول من سيقود عملية إعادة التقييم. وأضافت أن الولايات المتحدة ستراقب الوضع عن كثب “خلال الأسابيع والأشهر المقبلة”.
وترى صحيفة العرب الدولية أن إدارة بايدن تحتاج إلى أن تُظهر موقفا تصعيديا ضد السعودية، والأمر مرتبط أساسا بالانتخابات، لكنها قد تلجأ إلى خطوات شبيهة بتلك التي أعلنت عنها واشنطن بعد استلام بايدن للرئاسة مثل وقف تسليم الأسلحة إلى السعودية، خاصة تلك التي تعتمد عليها في اليمن، والتلويح بسحب المنظومات الدفاعية.
ومن المرجح أن تعود الولايات المتحدة إلى الضغط على السعودية من بوابة ملف اليمن والاشتغال على الموضوع الإنساني وارتداداته على أوضاع اليمنيين بهدف دفع المملكة إلى القبول بوقف الحرب دون الحصول على تعهدات بشأن أمنها القومي.
وفي سياق التحسب لورقة الضغط هذه قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إن مساعي تمديد الهدنة في اليمن لا تزال قائمة. وأضاف أن بلاده والتحالف العربي والحكومة اليمنية حريصون على تمديد الهدنة.
ويصطدم توظيف واشنطن لورقة الهدنة بتصريحات المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن تيموثي ليندركينغ الذي حمّل الحوثيين مسؤولية فشل الهدنة ووصف مطالبهم بالمتطرفة.
ويتوقع محللون أن يضغط الكونغرس على السعودية بتحريك مشروع قانون نوبك الهادف إلى “منع التكتلات الاحتكارية لإنتاج وتصدير النفط” وحماية المستهلكين والشركات الأميركية من ارتفاع أسعار الطاقة، وقد تكون السعودية واجهته الأولى إذا تم الاتفاق عليه.
ويشيرون إلى أن الضغوط على السعودية قد تشمل العودة إلى ورقة قانون جاستا وتحريك قضية التعويضات الخاصة بأسر ضحايا 11 سبتمبر ومحاولة تحميل السعودية المسؤولية القانونية، معتبرين أن هذه الشكاوى ستستغرق وقتا طويلا ولن تكون كافية للضغط على السعودية.
ولا شك في أن هذه الضغوط، التي قد لا تفضي إلى نتيجة واضحة، لن تذهب بها واشنطن إلى أقصى مدى؛ فهي تسعى إلى الحفاظ على علاقات مباشرة ومفتوحة مع السعودية التي صارت أكثر قدرة على تلافي الضغوط من جهة، ومن جهة ثانية لديها من البدائل ما يجعلها تنشئ شراكات مع دول أخرى، حيث تصبح الشركات الأميركية هي الخاسر الأبرز نتيجة ذلك.
وكان المسؤولون الأميركيون يحاولون إقناع أكبر شريك عربي للولايات المتحدة برفض فكرة خفض الإنتاج، لكن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لم يتراجع.
واتهمت الولايات المتحدةُ السعوديةَ بالانحياز إلى جانب روسيا، التي تعترض على وضع سقف لسعر النفط الروسي من قبل الغرب بسبب غزوها أوكرانيا.
وقال جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، الثلاثاء إن بايدن يعتزم العمل مع الكونغرس “للتفكير في ما يجب أن تكون عليه طبيعة هذه العلاقات في المستقبل”.
وأضاف كيربي “أعتقد أنه سيكون على استعداد لبدء هذه المحادثات فورا. لا أعتقد بمنتهى الصراحة أن هذا شيء يمكن تأجيله أو يجب تأجيله لفترة أطول”.
وأعلن نيد برايس، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، الثلاثاء أن إدارة بايدن لن تغض الطرف عن إيران، خصم الولايات المتحدة والغريم الإقليمي للسعودية، عند إعادة تقييم العلاقات الأميركية – السعودية.
ومعظم مبيعات الأسلحة الأميركية إلى السعودية كانت تتم مع الوضع في الاعتبار التهديد الذي تشكله إيران في المنطقة.
وقال برايس “هناك تحديات أمنية، بعضها ينبع من إيران. وبكل تأكيد، لن نغض الطرف عن التهديد الذي تشكله إيران، ليس على مستوى المنطقة فحسب، وإنما يشمل ذلك مناطق أخرى”، وهي إشارة واضحة إلى أن “إعادة تقييم العلاقة” مع السعودية لن تتجاوز الحدود المتفق عليها.
وأعلنت مجموعة من النواب الأميركيين الثلاثاء عن تشريع يقضي بوقف جميع مبيعات الأسلحة الأميركية إلى السعودية لمدة عام واحد. ويشمل الإمدادات العسكرية.
وقال ريتشارد بلومنتال، السيناتور الديمقراطي عن ولاية كونيتيكت، “لقد اختاروا (السعوديون) التحالف مع روسيا وزيادة أرباحها في وقت تحتاج فيه روسيا إلى المزيد من الأموال. إنه أمر فظيع”، مضيفًا أن في واشنطن “رغبة جامحة جدًا” في الرد على السعودية، التي هي “في أفضل الأحوال شريك غير موثوق به ثقة تامة”.
وذكر أن الهدف هو حمل تحالف أوبك+ على التراجع عن قرار خفض إنتاج النفط في بداية الشهر المقبل، وأضاف “لم يفت أوان ذلك”.