"اليوم الثامن" تبحث في سيناريوهات ما بعد الاتفاق السعودي الحوثي..

مجلس الانتقالي الجنوبي في روسيا.. وقف الحرب مشروط بـ"استعادة الدولة السابقة"

يتوجب على القيادة السياسية للمجلس الانتقالي الجنوبي أن تقف أمام تلك الفرص والتحديات والمخاطر وماهي الفرص المتاحة والمساحات الامنة التي يستطع ان يلعب فيها الانتقالي أوراقه السياسية في سبيل الضغط على دول التحالف العربي والدولي

الرئيس عيدروس الزبيدي واجتماع لهيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي - الموقع الرسمي للمجلس

د. صبري عفيف
كاتب وباحث في الشؤون السياسية والأمنية، نائب رئيس التحرير ورئيس قسم البحوث والدراسات في مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات،

إن الزيارة التي قامت بها قيادة المجلس الانتقالي لم تكن زيارة عادية بل هي زيارة لها مدلولات كبيرة لاسيما أن الحراك الدبلوماسي الذي قام به العليمي منذ مطلع العام 2023م كان معظمه يصب في استهداف المجلس، كمحاولة من “القوى اليمنية ” توسيع دائرة الخناق الدبلوماسي ضد المجلس الانتقالي حيث تسعى الشرعية اليمنية المتمثلة بالقوى اليمنية أن تحد من العلاقات الخارجية للمجلس، بعد ما نجح في تثبيت أقدامه في الداخل، ووضع نفسه كحامل رئيس لقضية الجنوبيين، كما أن “الانتقالي” أدرك وفق التحركات والمبادرات الحالية أن قضيته قد يتم تأجيلها إلى ما بعد التسوية المرتقبة بحسب تصريحات العليمي نفسه، باعتبارها شأن داخلي يمني، بالإضافة الى تلك التصريحات التي صدرت من الاتحاد الأوروبي الذي يصب في مصلحة تلك التحركات، كل تلك التحركات والقرارات التي رافقتها كان الهدف منها واضحا وهذا الأمر الذي أثار مخاوف القيادة السياسية للمجلس الانتقالي الجنوبي، وكذلك مخاوف الجنوبيين في الداخل مما جعلهم يستعدون لمواجهة أي محاولة لتكرار سيناريوهات سابقة قادتها تلك القوى سواء ما قبل اتفاق ومشاورات الرياض أم بعدها. 

مما سبق ما كان على الرئيس القائد عيدروس الزبيدي أي يضع أمام تلك التحركات عملا مشابها وقرر أن يضع المجلس في حسابات الدول الكبرى التي قد تكون أحد رعاة التسوية وعلى رأسها روسي، لاسيما بعد الاتفاق الايراني السعودي حينها كانت الدعوة للزيارة الى روسيا الفرصة الكبيرة لكسر الجمود الذي ترتب عن التحركات المكوكية للعليمي والتي تصب معها في عرقلة المجلس الانتقالي الجنوبي.

وقبل الزيارة أشرف مستشار بوتين بغدانوف على هندسه الملف في الشمال والجنوب وقد التقى السفير السعودي ال جابر وكذلك التقى ممثل الحوثيين في مسقط ومن ثم التقى القائد عيدروس "بغدانوف" يجيد العربية بطلاقة وهو ديبلوماسي سوفيتي عمل مستشار في سفارة الاتحاد السوفيتي في عدن.

وبعد زيارة دامت ثلاثة أيام اختتم الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي رئيس المجلس الإنتقالي الجنوبي القائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية والوفد المرافق له زيارتهم إلى العاصمة الروسية موسكو، عقد من خلالها سلسلة لقاءات مع المسؤولين في جمهورية روسيا الاتحادية، ناقش خلالها الأوضاع السياسية والإنسانية في بلادنا، وجهود إيقاف الحرب وإحلال السلام وتعزيز الاستقرار في المنطقة.

وبحث الرئيس الزبيدي في لقاءاته بالمسؤولين الروس سُبل وآليات بدء العملية السياسية الشاملة تحت إشراف دولي، تطرح خلالها جميع القضايا على الطاولة، وفي طليعتها قضية شعب الجنوب، بما يضمن حلها حلاً عادلا، يُلبي تطلعات شعب الجنوب وحقه في استعادة دولته كاملة السيادة.

ونظرا لهذه التطورات السياسية والدبلوماسية عقدت هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، اجتماعها الدوري، برئاسة الأستاذ أحمد حامد لملس، الأمين العام للأمانة لهيئة رئاسة المجلس، محافظ العاصمة عدن.

وفي مستهل اجتماعها، أكدت الهيئة على عمق العلاقات التاريخية بين الجنوب وروسيا الاتحادية، مشيدة بالتفاهمات التي خلصت إليها زيارة الرئيس القائد عيدورس قاسم الزُبيدي والوفد المرافق له إلى العاصمة الروسية موسكو، مثمنة في السياق الجهود التي يبذلها الرئيس الزُبيدي لتعزيز علاقات المجلس مع الدول الفاعلة في صنع القرار الدولي، للحصول على الدعم والمساندة لمطالب شعب الجنوب وقضيته العادلة.

وعلى السياق نفسه كشف رئيس اللجنة الاقتصادية العُليا للمجلس الانتقالي محمد متاش عن فحوى الزيارة التي قام بها الرئيس القائد عيدروس الزبيدي والوفد المرافق له الى روسيا، موضحا أن الوفد خاطب الأصدقاء الروس وبشفافية مطلقة وجرأة ومصداقية مؤكدا أن الوفد طرح موضوع استعادة الدولة بكل وضوح وبطريقة لامست أعلى سقف يمكن طرحه.

وأشار "متاش" إلى أن الأصدقاء الروس تفهموا بشكل رائع جدا كل ما تم طرحه بل أن بعضهم بدأ من حديثهم بأنهم جنوبيون وليسوا روسا.

وبحسب متاش فقد ناقش الجانب الروسي بعض الشوائب التي لا نحسبها معوقات ولكن الوفد وعلى لسان الرئيس القائد عيدروس الزبيدي وضح وبجلاء الفرص المتاحة لإزالة تلك الشوائب البسيطة.

وقال "متاش" إن هيئة رئاسة المجلس وجميع الهيئات التابعة ستعمل جميعها على رسم محاور مخططة ومدروسة بشكل أوضح وأوسع واشمل استعدادا للجولات القادمة.

وأضاف متاش : "وفدكم بقيادة الأخ الرئيس القائد عيدروس الزبيدي كان صادقا وشفافا ومحاربا ومقتدرا، وبالمقابل من ذلك كان الجانب الروسي متفاعلا ومتفهما جدا على قياس العلاقة التاريخية وأسسها وبناء استراتيجية تخدم الجانبين ومصالحهم في شتى المجالات.

تلك الإنجازات التي حققها المجلس الانتقالي على الساحة الداخلية، واستطاع جمع الجنوبيين على كلمة واحدة، قوامها العمل على استعادة دولة الجنوب باعتباره الهدف الأسمى الذي ينشده الجنوبيون ولن يتراجعون عنه بأي حال من الأحوال، لم تقف القوى المناهضة لقضية شعب الجنوب عن في الازمات والدسائس في الداخل والخارج.

تحركات القوى المناهضة للزيارة 

-           محاولة السعودية تشكيل كيان سياسي جديد بقيادة الشخصيات التي لعبت دورا سلبيا في مسار قضية شعب الجنوب نحو الميسري وبن دغر والعطاس وبن عديو والمجيدي وناصر هادي ومحمد علي احمد وتم استثناء علي ناصر والعيسي. 

-            أقدمت حكومة عبدالملك بإثارة شعب الجنوب من خلال الزيارات الاستفزازية إلى محافظة ابين الصمود وكادت تلك الدسيسة ان توقع صراعا عسكريا وجماهيرا داخل صفوف أبناء شعب الجنوب وتلك المؤامرة الخبيثة المتعددة الأغراض تسجيلها في توقيت حرج محاولاً تشكيل اختراق سياسي لصالح نظام صنعاء والداعمين له أقليمياً ودولياً، ففي الوقت الذي سافر الوفد التفاوضي إلى موسكو أراد رئيس وزراء حكومة الفساد ومرافقيه أرساله رساله للعالم أن الوفد المفاوض لا يمتلك التأثير وفق بروتوكلات السياسة لأيقاع القضية الجنوبية في مقتل في ظرف حساس تارة عن طريق رشاد العليمي ورئيس وزرائه والتي تهدف إلى تفخيخ مستقبل الجنوب وسلبه مشروعه الوطني في صور تجلت فداحتها في سياستهم الخبيثة ذات طابع جهنمي يتمثل في ضرب المجلس الانتقالي سياسياً والأخطر من ذلك أيقاع الفتنة من خلال اقتتال جنوبي واستثماره بصورة مناطقية وتغذية نموه وتصوير مشهداً للعالم أن الجنوبيين فصائل متناحرة واخافة العالم برسالة من على مدينة ساحلية تمثل أهمية استراتيجية ولطف الله هو من جنبنا ذلك السيناريو الذي جرى الاعداد له وتنفيذه في خاصرة الجنوب.

-           عسكريا أقدمت المليشيات الإخوانية الحوثية بعدد من التحركات العسكرية ضد القوات الجنوبي (العمالقة والنخبة)؛ بغرض اشغالها والدخول معها بمعركة مفتوحة. 

-           اجتماع 8 فصائل من مكونات الحراك الجنوبي في عدن الذي طالبت بعدم حصر تمثيل القضية الجنوبية بالمجلس الانتقالي وطالبوا السعودية اشراكهم بمفاوضات السلام الشامل

مما سبق تبين أن مشهدا ثلاثة الأبعاد يتجلى بوضوح وهو كالاتي: 

1-         المجلس الانتقالي الجنوبي وحليفه الاستراتيجي الامارات العربية المتحدة 

2-         الحركة الحوثية وحليفه الاستراتيجي جمهورية إيران الإسلامية 

3-         مجموعة رشاد العليمي والاخوان وبعض الشخصيات الجنوبية المناهضة للمجلس الانتقالي الجنوبي وحليفهم المملكة العربية السعودية. 

فيما يخص ردة فعل دول التحالف العربي وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية لم يتجلى بوضوح من جراء تلك الزيارة وقد تصدر من المملكة تصريحات وتحركات مناهضة لتحركات المجلس كما عهدناها بذلك من قبل.

بينما الولايات المتحدة الامريكية ما زالت في صدمتها الأولى لم تفق من جرأة التدخلات الصينية في المنطقة العربية التي تعد حصرا منذ سبعين عاما للولايات المتحدة الامريكية، ولم تحرك ساكنا، لكن فيما إذا تجلى موقفا مؤيدا للمجلس الانتقالي الجنوبي قد تسعى إلى ردة فعل قد تكون عكسية وقد تكون مسايرة للوضع بحسب مصالحها لاسيما أن المملكة السعودية رسمت لها مسار نحو الشرق. 

 السيناريوهات القادمة:

من جراء ذلك التحرك الدبلوماسي الكبير الذي أقدم عليه المجلس الانتقالي الجنوبي قد يطرأ عدد من التطورات في الداخل والخارج يكن له انعكاسات على الأزمة الجنوبية واليمنية بشكل خاص والعربية والإقليمية بشكل عام وذلك لما يتميز به الجنوب من موقع استراتيجي في حماية المصالح الدولية ولذلك نتوقع الاتي:

-           السيناريو الأول: استمرار الحرب بين الجنوب واليمن مما قد يدعو الدول الإقليمية والدولية التدخل المباشر وغير المباشر وفقا لمصالح تلك الدول.

-           السيناريو الثاني: التدخل المباشر من قبل الولايات المتحدة الامريكية في خط الأزمة وقد تتدخل لصالح أحد الطرفين اما جنوبيا وأما يمنيا وذلك بحسب مواقف الدول العربية لاسيما (السعودية) وقد تستخدم هذا الملف بغرض الابتزاز كعادتها. 

-           السيناريو الثالث: قد يظل التدخل الروسي لصالح الجنوب في موقف المحايد مما قد يعرقل أي تحرك عسكري يقوم به المجلس الانتقالي الجنوبي في تحرير ما تبقى من الأراضي الجنوبية أو تعطيل إي مسارات لتحريك قضية شعب الجنوب في الأطر القانونية والتشريعية الدولية الوقوف ضد شعب الجنوب وإرادته.

مما سبق ، وماهي الاحتمالات والقرارات الاستراتيجية في ظل استمرت الدول صانعة القرار في مجلس الامن في مواقفها الضبابية أو ربما قد تقف ضد أي تحركات سياسية أو عسكرية ضد المجلس.