"عشرون عاماً من التوريث الوظيفي"..
"صندوق النظافة والتحسين" بالعاصمة عدن.. دولة عميقة ينخرها الفساد والمحسوبية
"عشرون عاماً منذ أن تم تعيين "قائد راشد أنعم" مديرا تنفيذيا لصندوق النظافة والتحسين في العاصمة عدن، حتى أصبح المرفق الحكومي بوابة للتوريث الوظيفي"
في العام 1999م، أي بعد أربع سنوات من سيطرة نظام صنعاء وحلفائه (جماعة الإخوان)، على العاصمة الجنوبية عدن، انشئ صندوق النظافة والتحسين في من خلال القانون رقم 20 للعام 1999م.
وضمن سياسة التوريث السياسي للنظام اليمني في صنعاء، عين قائد راشد أنعم – مقرب من مجموعة تجارية يمنية – مديرا تنفيذيا للمكتب التنفيذي لإدارة الصندوق في العام 2003م، ليصبح المتحكم في موارد الصندوق دون ان يطرأ أي تحسين صيانة لها، الا من قبل بعض المستثمرين او المنظمات الدولية المانحة.
عشرون عاماً، تغير خلالها ثلاثة رؤساء لبلد ما بعد يوليو/ تموز1994م، بالإضافة الى تعيين عشرات المحافظيين والمسؤولين المحليين، لكن ظل مدير الصندوق في منصب دون تغيير، دون ان يتم الاقتراب من الصندوق الذي بات يصف بالدولة العميقة للنظام اليمني في عدن، وأصبح التوريث الوظيفي السائد في إدارة الصندوق.
مساء الثلاثاء، كان محرر صحيفة اليوم الثامن يتجول في أسواق العاصمة عدن وأبرزها الشيخ عثمان، التي بدأت مكتظة بالقمامة والاكياس البلاستيكية وسط استياء واضح من الصندوق والباعة الذين أغرقوا الشوارع (بالمتاجرة المتنقلة)، وعطلوا حركة السير في العديد من شوارع العاصمة عدن، دون أي تدخل من السلطات الرسمية، حيال الفوضى التي باتت تشهدها معظم الشوارع الرئيسية.
مسؤول عن حديقة ألعاب في العاصمة عدن تحدث لصحيفة اليوم الثامن عن ما زعم انه فساد مالي واداري في الصندوق الذي قال انه يصعب معالجة 20 عاما من التوريث الوظيفي بعد ان تحولت إدارة الصندوق الى ما يشبه باللوبيات، كل مسؤول لديه جماعة في داخل الإدارة تدافع عنه.
وقال :"تقدمت قبل نحو ثلاثة أعوام بطلب منحة مالية علاجية لأبنتي، اسوة ببقية موظفي الصندوق، الا انه فوجئت بان مدير الصندوق يصرف لي شيك، ويقول لي اذهب اصرف، ومنذ ان تسلمت الشيك وانا في رحلة ذهاب وعودة عند المسؤول المالي، لكن دون ان يصرف، والمبرر انه لا توجد أي ميزانية او سيولة، الى ان تقطع الشيك وأتلف".
موظف أخر قابله محرر صحيفة اليوم الثامن، لديه توجيهات من مدير الصندوق الى محافظ العاصمة أحمد حامد لملس، بصرف مساعدة علاجية لأبنته، وهو الأخر يؤكد ان المساعدة تعثرت ولم يحصل عليها، الامر الذي اضطره الى الاستدانة.
قابلنا موظف بالصدفة يعمل في الصندوق، قال انهم يصرفون إيرادات الصندوق بـ"الهاتف"، مستغرب كيف يمنح الموظفون شيكات بـ60 إلى 70، ألف ريال يمني في حين انه يتم صرف أموال طائلة بـ"الهاتف"، دون الحاجة الى شيكات.
حصلنا على أوراق موظف طلب مساعدة من إدارة الصندوق الا انه طلب عدم نشرها حتى لا يتعرض للفصل من وظيفته، بينت تلك الأوراق انه لم يتم الاستجابة لطلبه.
رفض مسؤولون الإجابة على سؤال حول لماذا لم يتم "إعادة هيكلة الإدارة التنفيذية لصندوق النظافة والتحسين في العاصمة عدن"، وهي الإدارة المشكلة منذ العام 2003م، الأمر الذي يؤكد ان إدارة الصندوق أصبحت بعيدة عن أبناء عدن الذي قال متحدثون انهم الأولى بإدارة العاصمة".
وعلى الرغم من تردي اعمال النظافة في العاصمة عدن، قابلنا ستة من عمال النظافة، قالوا انهم يعملون في الصندوق بالأجر اليومي، مقابل واحد دولار أمريكي يومياً في حين ان ميزانية الصندوق كبيرة جدا.
موظفون في الصندوق يقولون انه لم يجر تثبيتهم، والبعض يتعرضون لمضايقات، قال أحدهم :"انه يتعرض لمضايقات لأنه ادخل الى الصندوق كمتعاقد بتوجيهات محافظ عدن الأسبق رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي".
وأشار إلى ان عدد من شباب عدن، تم التعاقد معهم في صندوق النظافة والتحسين في العاصمة بناء على توجيهات من محافظ عدن الأسبق عيدروس الزبيدي، الا ان موقف إدارة الصندوق من الزبيدي تسبب لهم في مضايقات كبيرة، الأمر الذي دفع بعضهم الى الانسحاب من الإدارة بفعل المضايقات التي تعرضوا لها.
وبشأن موارد صندوق التحسين، قال مشرف على حدائق في العاصمة عدن لصحيفة اليوم الثامن إن الموارد اليومية تكفي لجعل عدن مدينة جميلة بشكل خرافي".. مشيرا الى ان الصندوق يحصل على موارد من ميناء عدن ومعبر العلم، ناهيك عن الضرائب المفروضة على المحلات التجارية الصغيرة والكبيرة".
وقدر المصدر – الذي طلب عدم الإشارة إلى اسمه - المبلغ الذي يجمعه الصندوق يوميا بأكثر من مليار ريال يمني، مؤكدا ان هناك ضرائب تدفع في ميناء عدن، عشرة أضعاف ما كانت تدفع قبل نحو عامين.
وقال إن المجلس الانتقالي الجنوبي يتجاهل تماما صندوق النظافة والتحسين الذي كان يفترض ان يكون على رأس أولوياته، لما يمثل من أهمية كبيرة في الحفاظ على النظافة في عدن، والشروع في إعادة تأهيل الكثير من الحدائق والمتنزهات".
وأكد المصدر ان صندوق النظافة والتحسين لا توجد عليه أي رقابة، ويتم التلاعب بالموارد، دون حسيب او رقيب.
وحاولت صحيفة اليوم التواصل بالمسؤول في الصندوق نبيل غانم الدبعي، الذي ظل هاتفه مغلقا، لكن تؤكد صحيفة اليوم الثامن إنها تتيح لصندوق النظافة الإجابة على الكثير من التساؤلات حول عمل صندوق النظافة والتحسين.
الحوطة