"اليوم الثامن" تنفرد بنشر تفاصيل حصرية عن استئناف التفاوض بمسقط..
مفاوضات سعودية حوثية متقدمة في سلطنة عمان.. "فاتورة هدنة طويلة للحرب من موارد الجنوب"
"صحيفة اليوم الثامن علمت من مصادر دبلوماسية عمانية عن موافقة سعودية على دفع رواتب الحوثيين من موارد الجنوب ولكن مع تغيير في طريقة الدفع، حيث سيتم دفع مرتبات الحوثيين باشراف اللواء رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي المؤقت المعين من قبل الرياض"

سفير السعودية لدى اليمن محمد ال جابر خلال لقاء جمعه بقيادات الحوثيين في صنعاء عقب زيارة رتب لها العمانيون - أرشيف

علمت صحيفة اليوم الثامن من مصادر دبلوماسية عمانية، عن قرب التوصل الى تسوية سياسية بشأن المفاوضات بين المملكة العربية السعودية والاذرع الإيرانية في صنعاء، وذلك في اعقاب استئناف المفاوضات في العاصمة العمانية، عقب أيام من تقديم السعودية دعما ماليا للبنك المركزي في صنعاء، بمبلغ وقدره مليار دولار أمريكي.
وقال مصدر دبلوماسي عماني لـ(اليوم الثامن): "إن الحوثيين الموالين لإيران تراجعوا عن شرط كانوا قد وضعوه على طاول التفاوض برعاية سلطنة عمان، تمثل في ان يتم دفع مرتبات للموظفين في شمال اليمن من موارد الجنوب بواقع 82 %، تسلم للبنك المركزي في صنعاء، حيث تراجعت الأذرع الإيرانية عن شرطها وقبلت بمقترح سعودي يقضي بان يتم دفع المرتبات للموظفين ومسلحي الجماعة اليمنية، بإمضاء رئيس مجلس القيادة الرئاسي المشكل من قبل السعودية "رشاد العليمي"، والذي سيكون مكلف بالتوقيع شهريا على شيك مرتبات الحوثيين، عقب توقيع الاتفاق واستئناف تصدير النفط من شبوة وحضرموت".
وفي الفاتح من أغسطس/ آب الجاري، أعلنت المملكة العربية السعودية عن تقديم مليار ومائتين مليون دولار منحة لليمن، قال سفير المملكة لدى اليمن محمد بن سعيد أل جابر، إن 70 % من قيمة الدعم ستذهب للمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وهو ما فسر على ان الدعم جاء ضمن مبادرة عمانية للتهدئة، وذلك في اعقاب اطلاق الحوثيين تهديدات باستئناف الحرب مجددا.
وقال البنك المركزي في عدن يوم الخميس إن السعودية أودعت مليار ريال سعودي (نحو 266.563 مليون دولار) في حساباته كدفعة أولى من الدعم الاقتصادي الذي أعلنته المملكة قبل يومين والبالغ 1.2 مليار دولار؛ في حين لم يتم معرفة كم أودعت السعودية في البنك المركزي في صنعاء والخاضع لسيطرة الحوثيين، لكن على الأرجح فأن الـ70 % من الدعم السعودي سيذهب لصالح الأذرع الإيرانية في صنعاء، مع دعم زيادة الأنشطة التجارية في ميناء الحديدة وفتح المجال امام استيراد المركبات والقطع الزراعية بما يساهم في إعادة انعاش الاقتصاد في مناطق الحوثيين.
وقال مصدر يمني مطلع لصحيفة اليوم الثامن إن السعودية وعدت الحوثيين بتقديم تسهيلات كبيرة، تتعلق بميناء الحديدة الذي من المتوقع ان يكون الميناء الرئيسي، بما قد يعطل الحركة التجارية في ميناء عدن الخاضع الذي تعتقد السعودية انه يخضع كليا للمجلس الانتقالي الجنوبي.
وقالت السعودية يوم الثلاثاء إن الدعم الاقتصادي الجديد لليمن يهدف إلى تغطية عجز الموازنة ودعم المرتبات والأجور ونفقات تشغيل المؤسسات والهيئات الحكومية الخدمية وضمان تحقيق الأمن الغذائي.
وفي أبريل / نيسان الماضي، أجرى مسؤولون سعوديون وعمانيون محادثات سلام مع الحوثيين إذ تسعى الرياض إلى التوصل لوقف دائم لإطلاق النار من أجل إنهاء مشاركتها العسكرية في الحرب المستمرة منذ فترة طويلة.
وعلى الرغم من تأكيد استئناف المفاوضات بين الأذرع الإيرانية والسعودية برعاية من سلطنة عمان، لكن الرياض تخشى انهيار اتفاقها مع طهران وتبلغ الراعية للاتفاق (بكين)، مما قد يعني عودة الحرب من جديد، خاصة مع بروز خلاف جديد حول حقل الدرة المشترك بين السعودية والكويت من طرف وإيران من الطرف الأخر.
وقالت مصادر دبلوماسية عمانية إن الوفدين السعودي واليمن (يقصد الحوثيين) قطعا شوطا كبيرا في أحداث تقاربات مهمة بشأن هدنة طويلة الأمد، مقترنة بوقف شامل لإطلاق النار وتهيئة الأجواء لمباحثات سياسية - يمنية.
وأكد المصدر أن الوفد اليمني الحوثي، وافق على استئناف تصدير النفط، مقابل ان يقوم مجلس القيادة الرئاسي الذي التزمت السعودية نيابة عن، بالأشراف على دفع المرتبات وفق كشوفات يقدمها الحوثيون، للجانب السعودي.
وحول علم مجلس القيادة الرئاسي بالمفاوضات بين السعوديين والحوثيين، أكد مصدر مقرب من رشاد العليمي إن الأخير على اطلاع دائما دون غيره من أعضاء المجلس الرئاسي، على سير تلك المفاوضات وفق ما يطلعه السعوديون على النتائج أول بأول.
وقال المصدر لصحيفة اليوم الثامن إن مفاوضات مسقط سوف تخرج باتفاق إنشاء ما يشبه خلية او غرفة مشتركة تشترك فيها ثلاثة أطراف هم (السعوديون والحوثيون وأخر عن مجلس رشاد العليمي)، ستعمل هذه الخلية او الغرفة المشتركة عن تشكيل لجنة عسكرية تضم قيادات عسكرية حوثية وأخرى من الجيش الوطني في مأرب، بالعمل على تثبيت وقف اطلاق النار بشكل طويل تحت اشراف الأمم المتحدة".
ونفت مصادر في وزارة الدفاع – مقرها عدن- علمها بهذه المقترحات، الا ان المصادر العمانية اكدت على الاتفاق المبدئي بشأن لجنة عسكرية تشرف على وقف إطلاق النار، وتكون على اتصال دائم بالوسيط العماني والأمم المتحدة والمندوب الأمريكي إلى اليمن.
وكانت الأذرع الإيرانية في صنعاء قد أعلنت عن محادثات بين السعودية والحوثيين، بوساطة عُمانية، بعد جمود استمر أسابيع، حيث صرّح القيادي الحوثي علي القحوم، مشيدا بدور سلطنة عمان، قائلا إن سلطنة عُمان تبذل جهودا كبيرة في حلحلة الملفات المتعثرة بين الأطراف.
وقالت قناة بلقيس التابعة لإخوان اليمن إن جماعة الحوثي كثفت تصريحاتها التصعيدية ضد السعودية، طوال الفترة الماضية، تارة مهددة بوقف المفاوضات، وتارة أخرى مهددة بالعودة إلى الخيار العسكري، مشيرة الى ان عودة المفاوضات السعودية - الحوثية يؤكد وجود صفقة، دفعت إلى استمرار المفاوضات مجددا؛ في إشارة الى الدعم السعودي الأخير.
ونقلت القناة عن السياسي الإخواني عبدالباقي شمسان زعمه "لا علاقة لاستمرار المفاوضات أو قطعها بالأجندة المطروحة، وإنما نحن أمام كسب المزيد من الوقت، بمعنى أن هناك أهدافا مشتركة لدول التحالف، فيما مليشيا الحوثي مرتبطة بما يحدث من حوار بين الرياض وطهران".
وأوضح شمسان المقيم في تركيا في حديث لقناة بلقيس "كلما توقفت عملية المفاوضات مع السعودية، أو مع المجتمع الدولي، كلما جددت مليشيا الحوثي ذاتها كطرف من أطراف النزاع، وأنها تسعى إلى السلام، ومن ثم تذهب في رحلة كسب المزيد من الوقت، التي يمكن أن تتوقف في أي لحظة".
وأضاف: "كسب الوقت مهم جدا بالنسبة للمليشيا؛ كونه يرتبط بجعلها فاعلا متجذرا يدير المؤسسة وجزءا من المجتمع اليمني، إضافة إلى أنه يرتبط بإعادة تشكيل الذاكرة الوطنية من خلال إيجاد جيل جديد يحمل تصورات جديدة ومختلفة للوطن، وللحكم، وللحياة والموت".
وهاجم شمسان المقرب من الناشطة الإخوانية توكل كرمان، مجلس القيادة الرئاسي، متهما السعودية بالتواطؤ مع إيران ضد اليمن، قائلا "هناك نوعا من تبادل الأدوار في ما يحدث بين إيران والسعودية، وبين مسألة كسب المزيد من الوقت، خاصة وأنه كلما طال أمد بقاء مليشيا الحوثي انتهت ما تسمى السلطة الشرعية، التي باتت منتهية بالفعل، بعد أن أصبحت لا تمثل الشعب اليمني، وإنما تمثل الإقليم".
واعتبر أن "كل هذا التمديد والتطويل والدخول في حوار هو في صالح مليشيا الحوثي، يساهم في تثبيت شرعيتها كطرف من أطراف النزاع، وليس كجماعة انقلابية، حتى لا يوجد في الساحة اليمنية سوى مجموعة من الأطراف كفواعل غير الدولة، وفواعل أخرى، وبالتالي ستتغير المعادلة والمرجعيات".
ويرى أن "من مصلحة السعودية ومليشيا الحوثي بقاء السلطة الشرعية دون موارد، فهي بذلك تكون الطرف الأضعف، في حين مليشيا الحوثي لديها موارد، وفي المقابل أيضا تكون أسيرة بيد القرار السعودي.
وهاجم شمسان الرياض التي قال انها تكرر ما فعلته مع الملكيين في اليمن قائلا "لا بُد من العودة إلى اتفاقية جدة، وما فعلته السعودية من إعادة الملكيين إلى الداخل اليمني، وهي الآن تتفاوض نيابة عنا، وتعيد الملكيين الجدد، الذين قاموا بالثورة المضادة في 21 مارس، - وهي ثورة مضادة لثورة 26 سبتمبر -، إلى الداخل".
وشكك الخبير العسكري المقرب من السعوديين العميد محمد الكميم، في تصريح القيادي الحوثي علي القحوم، فيما يخص عودة المفاوضات بين مليشيا الحوثي والسعودية".
وأوضح: "لا توجد أي مفاوضات بين السعودية ومليشيا الحوثي، في هذه المرحلة، استنادا إلى تصريحات القيادي الحوثي، مهدي المشاط، مؤخرا، التي قال فيها إن المفاوضات توقفت تماما عند ملف المرتبات، وأنها لم تعد موجودة".
وأضاف: "لا يمكن أن نغفل أن السعودية أوقفت تعيين السفير السعودي في إيران، وقالت إن الوقت لم يحن بعد، وسيكون في الوقت المناسب".
ويرى أن "المفاوضات مع مليشيا الحوثي ليست بالأمر السهل، والسعودية لديها تجارب مع هذه المليشيا، منها في جدة وفي ظهران الجنوب، والكثير من المفاوضات التي كانت تتم في السر وفي العلن".
وأشار إلى أن "السعودية ليست بتلك السذاجة التي يمكن أن تنقذ مليشيا الحوثي، فالمليشيا اليوم تعاني معاناة شديدة في صنعاء، بعد أن ارتفعت الأصوات المطالبة بالمرتبات حتى من قيادات تابعة لها".
ودافع الضابط اليمني المقيم في الرياض، عن السعودية والتي اتهمها شمسان بالتواطؤ مع إيران ضد اليمن، قائلا "لا يمكن أن نغفل أن هناك تهديدات حوثية حقيقية بضرب الجزر والمنشآت النفطية السعودية، لكن السعودية ليست بذلك الغباء والسذاجة، لا يمكن أن تسمح السعودية بإنقاذ المليشيا في هذا الوضع، فهي تعلم أن المليشيا لم تلتزم بأي اتفاقات طوال سنوات طويلة، وتدرك أيضا الخطر الحوثي".
الحوطة