"إيران والتنظيمات الارهابية"..

بين نفي أذرع الإيران وتأكيد "القيادة الرئاسي".. من زوّد القاعدة بطائرات مسيّرة لضرب الجنوب؟

إذا كانت إيران الداعمة للحوثيين قد آوت في السابق قيادات من القاعدة ووفرت لها ملاذات آمنة فما الذي يمنع الحوثيين ذاتهم من التعاون مع التنظيم المتطرف لتقويض الاستقرار في عدد من المحافظات الجنوبية المحررة.

قوات العمالقة الجنوبية وطائرات مسيرة إيرانية مع الحوثيين - أرشيف

عدن

قالت تقارير صحفية إن الاذرع الإيرانية في اليمن نفت  نفيا قاطعا أن تكون قد زودت تنظيم القاعدة في محافظة أبين بطائرات مسيّرة في نفي يأتي ردا على اتهام مجلس القيادة اليمني للحوثيين بمدّ التنظيم المتطرف بمسيرات انتحارية استخدمت في مهاجمة القوات اليمنية وقوات المجلس الانتقالي الجنوبي.

وبين نفي الطرف الأول واتهامات الطرفي الثاني، تبقى الأسئلة الملحة في خضم مشهد ملتبس وشديد التعقيد ميدانيا وسياسيا من أين حصل تنظيم القاعدة في اليمن على طائرات مسيّرة؟وهل فعلا حصل التنظيم على مسيّرات انتحارية وأي مسار للعمليات التي تشنها قوات الحزام الأمني التابعة للمجلس الانتقالي لتطهير محافظة أبين من الإرهاب.

ولا توجد حتى الآن مؤشرات فعلية على وقوف الحوثيين وراء تزويد القاعدة بتلك المسيّرات، لكن الاثنين يلتقيان في هدف واحد وهو تقويض أي استقرار في المحافظات الجنوبية المحررة بينما تقود القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي مواجهات على أكثر من جبهة مع تحقيق انتصارات ميدانية لافتة على التنظيم المتطرف الذي كثف في الفترة الأخيرة هجماته على القات الجنوبية وقوات الحكومة اليمنية خاصة في أبين التي ينشط فيها أكثر من غيرها من محافظات الجنوب اليمني.

وقال محمد علي الحوثي القيادي في الجماعة الشيعية اليمنية الدعومة من إيران في تغريدة على حسابه بمنصة 'اكس' (تويتر سابقا)،  إن وزارة الدفاع في حكومة صنعاء لم تسلم طائرات مسيّرة لأي جهة عسكرية ذات علاقات وثيقة، مضيفا أن "لا صحة لتلك الإدعاءات وما يتم ترويجه هو مجرد أكاذيب تفتقد للمصداقية".

ويأتي النفي الحوثي ردا على تصريحات عبدالرحمن المحرمي عضو مجلس القيادة اليمني لصحيفة 'عكاظ' السعودية اتهم فيها الحوثيين بتوريد طائرات مسيرة لتنظيم القاعدة وتدريب عناصره عليها والتنسيق مع التنظيم المتطرف في تنفيذ هجمات في عدد من المحافظات المحررة.

وقال المحرمي إنه "من الواضح أن العمليات الإرهابية التي استهدفت عدن وأخيرا أبين وتنفذها الجماعات الإرهابية لها ارتباط وثيق بالحوثيين، لا سيما أن المناطق التي توجد فيها العناصر الإرهابية بمحافظة أبين محاذية لمحافظة البيضاء التي تسيطر عليها جماعة أنصار الله".

وأكد أن جماعة أنصار الله الحوثية قامت بإيواء وتدريب عناصر من القاعدة لاستخدامهم في زعزعة أمن المناطق المحررة في الجنوب ومنها عدن وأبين وشبوة وهي المناطق التي تعرضت لهجمات إرهابية دموية في الفترات القليلة الماضية.

و لا توجد محرمات أو ضوابط لدى الحوثيين، فقد جنّد الانقلابيون مئات الآلاف وزجوا بهم في جبهات القتال خلال السنوات الماضية وليس ثمة ما يمنعهم من التعاون مع تنظيم القاعدة لفتح جبهة قتال أخرى تلهي القوات اليمنية وقوات المجلس الانتقالي وتشتت تركيزها عن محاربة المتمردين الحوثيين.  

ويستبعد بعض المتابعين للشأن اليمني أن تكون جماعة أنصار الله قد تعاونت مع تنظيم القاعدة في اليمن ضد القوات الجنوبية تحديدا التي تشكل رأس الحربة في الحرب على الحوثيين وعلى التنظيمات الإرهابية الأخرى، مبررين ذلك بالخلاف والاختلاف الايديولوجي بين جماعة شيعية وتنظيم سنّي متطرف.

لكن آخرين اعتبروا أن لا ضوابط أخلاقية لجماعة أنصارالله الحوثية في مثل هذه المسائل مستندين بالقياس إلى أن إيران الداعمة والحاضنة للحوثيين تعاونت هي ذاتها مع تنظيم القاعدة ووفرت لقيادات من التنظيم ملاذات آمنة لاستخدامهم في المواجهة خارجية من بينها أفغانستان قبل الانسحاب الأميركي منها وقبل استعادة حركة طالبان (حليف القاعدة) الحكم بعد عقدين من اسقاط حكمها من قبل تحالف دولي قادته واشنطن.

ويقول هؤلاء أيضا إنه لا توجد جهة أخرى قادرة على تزويد تنظيم القاعدة في اليمن بطائرات مسيرة إلا إيران أو وكيلها الحوثي.

وقال محمد علي الحوثي في تغريدته إن الحوثيين أعربوا في السابق عن استعدادهم للتعاون مع السعودية في مجال صناعة الطائرات المسيرة، مضيفا أن "العرض لا يزال ساريا بشرط تلبية المملكة لمطلبنا بتوطين صناعة الطائرات المسيرة، وهم يعلمون جيدا فاعلية طائراتنا المسيرة".


وأكد المحرمي أن ألوية العمالقة والقوات اليمنية تواجه الخطر والتعنت الحوثي كجسد واحد في الجنوب والشمال، مثنيا على الدعم السعودي الإماراتي لليمن، متهما في الوقت ذاته جماعة أنصار الله الحوثية بتزويد بالتعاون مع تنظيم القاعدة وتزويدها بطائرات مسيّرة لتقويض الأمن والاستقرار في المحافظات الجنوبية المحررة.

وأوضح أن تسمية ألوية العمالقة جاءت لأن جميع منتسبيها من المحافظات الجنوبية، إلا أنه شدد على أن تسمية قوات العمالقة جنوبية "لا يعني أنها معادية لإخواننا في الشمال، بل على العكس قوات العمالقة قاتلت بكل شرف وبسالة وحررت عددا من مديريات المحافظات الشمالية في الحديدة وتعز ومأرب واستشهد العديد من رجالنا هناك، وهي ما زالت موجودة في العديد من مديريات المحافظات الشمالية إلى يومنا هذا لتأمينها".

وتابع أنها "ستستمر في ذلك انطلاقا من مسؤوليتها الأخلاقية والوطنية ونقدِّم شكرنا وتقديرنا لإخواننا في المناطق الشمالية سواء من العسكريين أو المدنيين الذين ساهموا معنا في التصدي للانقلابيين".

وعن عملية السلام قال المحّرمي إن مجلس القيادة الرئاسي يأمل في حل سياسي ينهي الحرب، مطالبا المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين ودفعهم للرضوخ إلى متطلبات السلام. كما دعا الانقلابيين إلى "تحكيم العقل والانخراط المباشر في السلام الذي تدعو إليه الوساطة السعودية لإنهاء الحرب".

وأكد أن مجلس القيادة الرئاسي والتحالف العربي يقدمان الحل السلمي على الحرب قائلا "لا نريد قطرة دم تسيل ولا نرغب في هدم أي مبنى أو منزل أو حتى نزع شجرة، مع إدراكنا أن الحوثي لا يبالي بأي عُرف إنساني أو وطني ولا يزال يمارس الخروقات في الجبهات. رغم شبهة الهدنة كل يوم خروقات في جبهة الضالع ويافع ومأرب والجوف والبيضاء وتعكير حياة المواطن بقطع الطرق والخدمات".

وأثنى على الجهود السعودية لدعم السلام في اليمن قائلا إن وساطة المملكة كانت دائما حاضرة في كل أزمة يمنية، مذكّرا بالمبادرة الخليجية للعام 2011 لتهدئة الاضطرابات حين تفجرت ثورة الشباب اليمني التي قادت لانتقال للسلطة وانتهت بانتخابات رئاسية في فبراير/شباط 2012.

وأشار أيضا إلى اتفاق الرياض بين أطراف الشرعية في 2020 وأيضا الدعوة للحل الشامل التي أعلنتها الرياضعلى لسان وزير خارجيتها لإيقاف الحرب باليمن في 2021 والتي رفضتها جماعة الحوثي مع استمرارها في الحرب وإرسال الصواريخ إلى دول الجوار. وقال إن السعودية تقود حاليا جهود الوساطة مع المسؤولين في عمان.

وردا على سؤال حول ادعاءات تشير إلى أن قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي تمنع وزراء الحكومة اليمنية من العودة إلى عدن بالنسبة لعودة الوزراء والمسؤولين إلى عدن، نفي المحرمي صحة ذلك، مؤكدا أن "المجلس الانتقالي وكل قياداته عامل مساعد لعودة المؤسسات الحكومية وكل موظفيها ولم تحدث إطلاقا عملية منع أي شخصية من العودة من الخارج".

إلا أنه أكد في الوقت ذاته وجود "بعض الإشكالات في عدم جدية بعض الوزراء في أداء مهماتهم بالشكل الصحيح في المناطق المحررة"، مجددا تأكيده على أن عدن العاصمة المؤقتة، "آمنة ومستقرة ولا يوجد ما يعكر صفو وجود القيادات الحكومية".

وشدد أيضا على أهمية الإصلاحات والرقابة والشفافية في العمل "والعمل وفق خطط من شأنها الحفاظ على المال العام وترشيد استهلاكه"، مضيفا أن "الحكومة ملزمة بفتح باب المناقصات والتنافس للجميع من أجل الحصول على المشاريع والخدمات بالأسعار المناسبة التي من شأنها الحفاظ على جزء كبير من الأموال التي تهدر".