مؤسسة "ألف ياء إنسان"..

تحفيز الخيال: تجربة استثنائية لدعم الأطفال المكفوفين نفسيًا

"لم يكن مجرد صوت المطر هو ما أثار حواس الأطفال، بل كانت رائحة التراب الرطب، وبرودة الهواء على وجوههم، وأصوات العصافير التي بدت أقرب وأوضح."

مشاركون في الجلسة - المصدر

د. اشجان الفضلي
باحثة اجتماعية ومعدة ومقدمة برنامج بودكاست في مؤسسة اليوم الثامن للاعلام والدراسات
عدن

"رحلة في عالم الخيال" هو الوصف الذي أطلقته على جلسة الدعم النفسي الاجتماعي التي قدمتها للأطفال المكفوفين بالتعاون مع مؤسسة "ألف ياء إنسان". هذه الجلسة التي استهدفت إدخال الفرحة إلى قلوب هؤلاء الأطفال، تم تنظيمها بمشاركة نخبة من سيدات المجتمع والمعلمين في مركز النور للمكفوفين.

يعاني الأطفال المكفوفون من تحديات فريدة تتطلب اهتمامًا خاصًا، ففقدان البصر يجعلهم يواجهون صعوبات إضافية في التكيف مع العالم المحيط بهم وتطوير المهارات الاجتماعية وبناء الثقة بالنفس. لذلك، يعد الدعم النفسي ضروريًا لمساعدتهم على تجاوز هذه العقبات وتحقيق أقصى إمكاناتهم.

الطفل الكفيف هو الذي يعاني من فقدان كامل أو جزئي للبصر، مما يجعله غير قادر على استخدام حاسة البصر للتعلم والتفاعل. يعتمد على حواسه الأخرى، كاللمس والسمع والشم، لتكوين صورة عن العالم من حوله. وتكمن الصعوبة في تعلم مهارات مثل القراءة والكتابة، نتيجة الاعتماد الكبير على البصر في هذه العمليات. لذا، يحتاج الطفل إلى دعم خاص من العائلة والمدرسة والمجتمع للتكيف مع إعاقته وتطوير قدراته.

خلال الجلسة، استخدمت أسلوب تحفيز الخيال، حيث طلبت من الأطفال تخيل منظر طبيعي. عندما وصفت المطر وهو يتساقط على أوراق الشجر، امتلأت وجوههم بابتسامات واسعة. على الرغم من أن عيونهم كانت مغمضة، إلا أن خيالهم كان يرسم لوحات بديعة. في تلك اللحظة، أدركت أننا قادرون على خلق عوالم من السعادة والإيجابية، حتى في ظل الظلام. لم يكن صوت المطر وحده ما أثار حواسهم، بل أيضًا رائحة التراب الرطب، وبرودة الهواء، وأصوات العصافير التي بدت أقرب. كانوا يستكشفون العالم من حولهم بطريقة جديدة، معتمدين على حواسهم الأخرى.

ثم دعوتهم لتخيل الحديقة المليئة بالورود: الحمراء المتناثرة بين الأوراق الخضراء، زهور النرجس الصفراء الزاهية التي تشع بهجة، وزهور الياسمين البيضاء التي تملأ الهواء بعبيرها. طلبت منهم لمس الأزهار والتفاعل معها، مما أضاف عنصرًا ملموسًا للتجربة. تفاعل الأطفال بحماس، يتخيلون أنفسهم يأكلون التفاح والبرتقال وحتى الأناناس.

الجلسة كانت تهدف لرفع معنوياتهم، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، وتشجيعهم على استكشاف العالم بروح من الفضول والاكتشاف. وفي الختام، طلبت منهم الوقوف وتحريك ذراعيهم والتلفظ بتوكيدات إيجابية لتعزيز حالتهم النفسية.

أود أن أتقدم بالشكر لمؤسسة "ألف ياء إنسان" على تنظيم هذا الحفل الرائع بمناسبة اليوم العالمي للمعلم، وللسفير أحمد العداشي على كرمه وحبه للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة. كما تم تكريم (5) من مواهب الأطفال المكفوفين و(10) من المعلمين في الحفل.

أختتم هذا المقال بتوصية ضرورية، حيث لاحظت أن أساليب تدريب الأطفال الموهوبين ما زالت تعتمد على طرق قديمة. يحتاج المركز إلى دعم وتطوير مستمرين، ويجب أن تتضافر جهود الجهات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني لتوفير بيئة داعمة للأطفال المكفوفين لتمكينهم من تحقيق إمكاناتهم الكاملة.