ترجمات..

تداعيات زيادة الإنتاج السعودي على الاقتصاد الروسي: صراع في السوق النفطية

تواجه روسيا تحديات اقتصادية جسيمة نتيجة التوترات المتزايدة في سوق النفط، حيث قد تؤثر خطط السعودية لزيادة إنتاجها على قدرة روسيا في تمويل اقتصادها الحربي.

الرياض تشعر بالإحباط من فشل الدول المنتجة الأخرى في التنسيق بشأن خفض الإمدادات

الرياض

تواجه روسيا خطر فقدان التمويل اللازم لاقتصادها الحربي في حال نفذت السعودية خططها لزيادة إنتاج النفط، مما قد يهدد مكانتها كأكبر مصدر للنفط في العالم، وفقاً لتقرير صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية. حيث أشارت صحيفة "وول ستريت جورنال" سابقاً إلى إحباط الرياض بسبب عدم تنسيق الدول المنتجة الأخرى لخفض الإمدادات، في مسعى لرفع أسعار النفط إلى حوالي 100 دولار للبرميل بدلاً من السعر الحالي الذي يبلغ 70 دولارًا.

ويشير تجار النفط إلى أن السعودية تستعد الآن للرد من خلال زيادة صادراتها لانتزاع حصة في السوق وتعزيز الأرباح، حتى مع انخفاض الأسعار. ومن المحتمل أن تؤدي هذه الاستراتيجية إلى انهيار أسعار النفط، مما يعد "أخباراً سيئة" للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يعتمد اقتصاد بلاده بشكل رئيسي على إيرادات النفط والغاز.

في هذا السياق، قال محلل الطاقة الروسي المقيم في النرويج، ميخائيل كروتيخين، إن التحرك المحتمل للسعودية يشكل "خطراً هائلاً" على ميزانية الدولة الروسية، مضيفًا: "يجب علينا الآن أن ننتظر ونراقب". كما أشار كروتيخين إلى أن السعودية تدرك تمامًا أن الشركات الروسية لا تلتزم بخفض الإنتاج، ولذلك تضع خططها الخاصة.

من جانبها، حذرت الباحثة في مركز كارنيغي، ألكسندرا بروكوبينكو، من المخاطر الكبيرة التي تواجه الكرملين. وأوضحت أن أي انخفاض في أسعار النفط بمقدار 20 دولارًا سيؤدي إلى انخفاض الإيرادات الروسية بمقدار 1.8 تريليون روبل (حوالي 20 مليار دولار)، مما يعادل نحو 1% من الناتج المحلي الإجمالي لروسيا. وأضافت بروكوبينكو أن الحكومة ستواجه خيارًا صعبًا بين تقليص الإنفاق، وهو أمر غير مرجح خلال فترة الحرب، أو مواجهة ضغوط التضخم وارتفاع أسعار الفائدة بشكل خانق.

كما ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" الأسبوع الماضي أن السعودية قد تتخلى عن طموحاتها طويلة الأمد لتقييد إمدادات النفط لدفع الأسعار نحو 100 دولار للبرميل. ويؤكد خبراء النفط أن لدى السعودية القدرة الكبيرة على الإنتاج والتصدير، مما يمنحها إمكانية تغيير استراتيجيتها والسعي للهيمنة على السوق من خلال زيادة حجم الإنتاج بدلاً من التركيز على الأسعار.

وأشار مدير تحليلات أسواق النفط في شركة "آي سي آي إس"، أجاي بارمار، إلى أن "الاقتصاد العالمي بطيء نوعًا ما، والطلب على النفط ليس بالقدر الذي تريده السعودية". وأوضح بارمار أن بعض المنتجين، بما في ذلك روسيا، يتجاوزون حصصهم باستمرار، مما يفقد السعوديين صبرهم. وخلص إلى أن "الرسالة التي تريد السعودية إيصالها هي أن على منتجي النفط أن يعملوا بجد، وإلا سيكسبون إيرادات أقل".

ومع ذلك، حتى إذا اتخذت السعودية هذه الخطوة، فمن غير المحتمل أن تتراجع روسيا، التي تعاني من ضغوط مالية، عن حربها ضد أوكرانيا. يقول الخبير الاقتصادي هيلي سيمولا: "روسيا ستظل قادرة على تمويل الحرب لبعض الوقت.. لن تنتهي الحرب لأن روسيا لا تمتلك المال".

يُذكر أن روسيا، إلى جانب دول مثل كازاخستان والعراق، قد اتُهمت بتصدير نفط أكثر مما تم الاتفاق عليه مع أوبك، إذ تجاوزت موسكو حصتها الطوعية الحالية، التي تبلغ 8.98 مليون برميل يوميًا، على الرغم من تعهداتها المتكررة بالالتزام. كما انخفضت أسعار النفط بنحو 6% حتى الآن هذا العام بسبب زيادة الإمدادات من منتجين آخرين، لا سيما الولايات المتحدة، بالإضافة إلى ضعف نمو الطلب في الصين.

وفي ردود الفعل، كذبت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ما ورد في تقرير صحيفة "وول ستريت جورنال" ووصفت محتواه بأنه غير دقيق ومضلل تمامًا، حيث زعمت أن وزير الطاقة السعودي حذر من انخفاض أسعار النفط إلى 50 دولارًا للبرميل إذا لم يلتزم أعضاء أوبك+ بالقيود المتفق عليها.