"منظمات المجتمع المدني الجنوبي تحدد موقفها"..
قمة نسوية يمنية مرتقبة في عدن.. "خطوات إقليمية لإنهاء الحرب بتوصيفها كصراع على السلطة"
"تسعى مشاورات سلطنة عمان إلى تغيير التوصيف الدولي للنزاع في اليمن، حيث تحاول بعض الأطراف تقديم الحرب على أنها نزاع محلي على السلطة، بهدف تقليل التوترات الإقليمية وتسهيل التوصل إلى اتفاقيات تسوية سياسية بين الأطراف اليمنية دون تدخل خارجي مباشر
أعلنت منظمات المجتمع المدني في الجنوب، خلال لقاء تشاوري عقد في العاصمة عدن، رفضها لانعقاد القمة النسوية اليمنية المزمع تنظيمها في ديسمبر القادم. جاء هذا الرفض على خلفية محاولة القمة تقديم توصيفات جديدة للحرب تتماشى مع رغبات إقليمية تسعى لإنهاء الصراع، ولو على حساب المكاسب الوطنية الجنوبية، بحسب تصريحات لقيادات نسوية جنوبية.
وفي تصريح خاص لـ(اليوم الثامن)، أكدت مجموعة من القيادات النسوية الجنوبية أن المجتمع المدني الجنوبي لن يسمح بانعقاد أي قمة من هذا النوع، مشيرين إلى أن القمم السابقة قدمت توصيفات غير مقبولة للحرب، تضمنت انتقاصًا من الإنجازات الجنوبية، سواء على المستوى العسكري أو السياسي.
قمم نسوية يمنية.. بين الشعارات المدنية والأجندات السياسية الخفية
منذ انعقاد القمة النسوية الأولى في عدن في ديسمبر 2018 وحتى آخر قمة في ديسمبر 2023، تصدرت هذه القمم النسوية المشهد كواجهة لدعم مشاركة النساء في العملية السياسية وتحقيق السلام. ومع ذلك، تحوم حولها العديد من التساؤلات حول الأهداف الحقيقية الكامنة خلف شعاراتها. تقريرنا هذا تلقي "اليوم الثامن" الضوء على أبرز مخرجات هذه القمم وتحليل الأهداف السياسية التي قد تخفيها خلف ستار العمل المدني.
بدأت القمة النسوية الأولى في عام 2018 بدون دعم واضح من منظمات دولية، رغم تأسيس مؤسسة "..." في 2012. ومع تقدم السنوات، بدأت تظهر شعارات لمؤسسات دولية في القمم التالية، مما أثار تساؤلات حول الجهات الداعمة والمستفيدة من هذه القمم.
وذكرت مصادر نسوية لـ(اليوم الثامن): "أن القمم استخدمت في بعض الأحيان مصطلح "محافظة عدن"، وهو المصطلح الذي تستخدمه جماعة الحوثي للإشارة إلى المدينة، مما أثار الشكوك حول توجهات هذه القمم السياسية.
وقالت ناشطة نسوية -طلبت عدم الإشارة إلى اسمها - لـ(اليوم الثامن):" إن أحد أبرز مخرجات القمم النسوية كان الدعوة إلى إشراك النساء في مراحل الصراع بنسبة لا تقل عن 30% من القيادة. ومع أن هذا المطلب قد يبدو عادلًا للوهلة الأولى، إلا أن المساواة التي دعت إليها القمة بين مختلف الأطراف المتصارعة، بما في ذلك المعتدين والمدافعين عن الأرض، أثارت انتقادات شديدة من قبل العديد من المراقبين الذين يرون في هذا الطرح تجاهلًا لحقائق الصراع في اليمن".
وبينت البيانات الصادرة عن تلك القمم تكرار "الدعوة إلى إدراج برامج العدالة الانتقالية كجزء من مفاوضات السلام، مع مطالبة المجتمع الدولي بتقديم الدعم المالي والسياسي لتحقيق هذه العدالة.
وترى ناشطات نسوية في عدن أن هذه الدعوات تأتي بهدف تحقيق مصالح سياسية معينة، دون النظر إلى الظروف الفعلية على الأرض. كما يشير البعض إلى أن إدراج العدالة الانتقالية بشكل مبكر في العملية السياسية يخدم أجندات خفية ولا يعبر عن التوجه الحقيقي لإحلال السلام.
وكانت أحد أكثر النقاط المثيرة للجدل استبعاد النساء الجنوبيات من المشاركة الفعالة في القمم، رغم كونهن من الفئات الأكثر تضررًا من النزاع. يرى البعض أن مخرجات هذه القمم لا تصب في مصلحة الجنوبيات، بل تسعى إلى تحقيق أجندات تتعارض مع مصالحهن وتطلعاتهن في استعادة حقوقهن والمشاركة الحقيقية في صنع القرار.
وتضمنت مخرجات القمم دعوات لتحقيق السلام من خلال إشراك القوى المدنية واستبعاد القوى المسلحة، بما في ذلك أولئك الذين حملوا السلاح دفاعًا عن الأرض والعرض. يرى النقاد أن هذا الطرح يمثل تجاهلًا لتضحيات المدافعين عن الجنوب ويشكل محاولة لإعادة صياغة الصراع بما يخدم مصالح أطراف معينة على حساب الأخرى.
رغم الشعارات البراقة التي ترفعها القمم النسوية اليمنية، إلا أن تحليل مخرجاتها يكشف عن أجندات سياسية خفية تستخدم العمل المدني كواجهة لتحقيق أهداف معينة. وبينما يستمر النزاع في اليمن، تبقى الحاجة ماسة إلى مقاربات شاملة تأخذ بعين الاعتبار جميع الأطراف، دون تهميش أو استبعاد لأي طرف، وبخاصة النساء الجنوبيات اللواتي يحملن طموحات وآمال مشروعة في تحقيق العدالة والمشاركة الحقيقية في بناء السلام.
وأكدت المصادر النسوية بأن المنظمات المدنية في الجنوب لن تسمح بإقامة قمم نسوية مستقبلية في عدن إذا كانت تحمل نفس الأجندات، مشددة على ضرورة أن تكون هذه القمم أداة حقيقية لتعزيز حقوق النساء وليس لتحقيق مكاسب سياسية على حسابهن.
منظمات المجتمع المدني الجنوبي تؤكد على حقوق المرأة وترفض التهميش والإقصاء
في ظل التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتزايدة التي تعصف باليمن، عقدت منظمات المجتمع المدني في الجنوب لقاءً تشاوريًا هامًا في العاصمة عدن. جاء هذا اللقاء ليؤكد على ضرورة توحيد الجهود وتعزيز الحوار حول قضايا نساء الجنوب، خاصة فيما يتعلق بالتهميش والإقصاء المستمرين. كما ناقش اللقاء محاولات استغلال بعض المنظمات اليمنية والإقليمية والدولية لتوجهات سياسية تستهدف الجنوب أرضًا وهوية وإنسانًا.
وأكدت المنظمات خلال اللقاء على أهمية استعادة الدور الفاعل للمرأة الجنوبية في صناعة القرار والمطالبة بحقوقها المشروعة في مختلف المجالات. وأشارت المنظمات إلى أن استمرار سياسات التهميش يحرم المجتمع من نصف طاقته البشرية، وهو ما يعوق الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى وقف الحرب في اليمن، ووضع حلول حقيقية لقضايا المجتمع، وفي مقدمتها قضية شعب الجنوب.
وأعلن بيان المنظمات المدنية الجنوبية، فشل الشراكة مع نساء اليمن، خلال الست سنوات الماضية، سعت النساء الجنوبيات إلى إقامة شراكة حقيقية مع نظيراتهن في اليمن. ومع ذلك، لم تنجح هذه المحاولات، ما دفعهن إلى الانسحاب من القمة النسوية الأخيرة في عدن لغياب الشراكة المنصوص عليها في اتفاقيات الرياض.
و رفض بيان المنظمات الجنوبية، توصيف القمم النسوية السابقة للحرب بأنها صراع محلي على السلطة، مؤكدة أن التوصيف الدولي للصراع هو إقليمي، وأن الحرب التي شنها الحوثيون وتحالفاتهم كانت تهدف إلى زعزعة أمن واستقرار المنطقة والعالم، مشيرة إلى أن رفضهن لا يعني معارضة الأنشطة النسوية، بل يدعو إلى شراكة حقيقية في رسم أجندات القمم والمؤتمرات.
وطالبت المنظمات بضرورة إنهاء السياسات التي تعرقل شراكة المنظمات الجنوبية مع الدولية، وأشارت إلى أن الدور الجنوبي يتم تجاهله لصالح منظمات يمنية.
ودعت المنظمات إلى إنشاء تكتل مدني جنوبي لانتزاع حقوق المرأة بعيدًا عن الإقصاء والتهميش، مؤكدة على أن قضية الجنوب معترف بها إقليمياً ودولياً، وأن أي نشاط ينتقص من هذه القضية سيخلق أزمات جديدة.
وثمَّنت المنظمات جهود مكتب المبعوث الأممي لتحقيق العدالة والسلام، لكنها أكدت أن القضايا الوطنية لا تقبل المساومة، مطالبة بضرورة الالتزام بأجندتها دون التدخل في رسم سياسات أو توطين من شأنه أن يزيد الأزمات.
وشددت المنظمات على حق نساء الجنوب في اتخاذ أي إجراءات لحماية المكتسبات الوطنية بما يتماشى مع القانون.
في نهاية اللقاء، أكدت منظمات المجتمع المدني الجنوبي في العاصمة عدن على أهمية استمرار الحوار وتوحيد الجهود لضمان استعادة حقوق المرأة الجنوبية ودورها الفاعل في بناء المجتمع، مع رفضها التام لأي سياسات تهمش الجنوب أو تقلل من مكانته على المستوى الإقليمي والدولي.
منظمات المجتمع المدني في عدن ترفض القمة النسوية اليمنية وتدعو لمراجعة أجندتها
أعربت منظمات المجتمع المدني الجنوبي في العاصمة عدن عن قلقها العميق إزاء التحضيرات لعقد ما يسمى بـ"القمة النسوية اليمنية" في ظل الأوضاع الراهنة التي تشهدها الساحة الجنوبية، التي وصفوها بأنها تتسم بالتحديات السياسية والاجتماعية الجسيمة، وسط أزمة إنسانية تهدد حياة الكثيرين بسبب الأزمات المفتعلة.
في بلاغ اعتراض موجه إلى وزير الدولة ومحافظ العاصمة عدن أحمد حامد لملس، ووزير الشؤون الاجتماعية والعمل د. محمد سعيد حسن الزعوري، ووزير التخطيط والتعاون الدولي د. واعد عبدالله باذيب، أبدت المنظمات رفضها الشديد لأي محاولات لفرض أجندة سياسية يمنية تتعارض مع المصالح الوطنية لشعب الجنوب. وشددت على أن هذه الأنشطة قد تهدد المكاسب التي حققها الشعب الجنوبي بعد سنوات من النضال.
وأشارت المنظمات إلى أن تجارب القمم السابقة أثبتت أن هذه الفعاليات، التي لا تنسجم مع مخرجات اتفاقيات ومشاورات الرياض، قد تؤدي إلى خلق أزمات جديدة، مشددة على ضرورة تفادي هذه الأزمات وتجنب أي أنشطة من شأنها زيادة تعقيد الأوضاع.
أحد أبرز مخاوف منظمات المجتمع المدني كان التهميش المستمر لدور المرأة الجنوبية في الفعاليات التي ترعاها أو تمولها منظمات إقليمية ودولية. وأكدت المنظمات أن هذا التهميش يتجلى بوضوح في التوصيفات غير الدقيقة التي تُقدّم عن الحرب التي ما زال الجنوب يعاني من تبعاتها حتى اليوم. وأعربت عن رفضها القاطع لتكرار هذه الأنشطة التي تتجاهل حقيقة ما يعانيه الجنوب.
كما أشار البلاغ إلى أن عقد قمم نسوية في الجنوب، في ظل الظروف الحالية، قد يخدم مشروع جماعة الحوثيين المسلحة، التي تصنفها العديد من الجهات الدولية على قوائم الإرهاب. ودعت المنظمات إلى نقل هذه الأنشطة إلى مناطق يمنية محررة مثل مأرب أو تعز، في حال كانت هناك رغبة حقيقية في إيجاد حلول جذرية للأزمة اليمنية.
وحذرت المنظمات من أن استمرار تقديم الحوثيين كطرف سياسي يسعى للسلطة من شأنه تعميق الأزمة في اليمن، وإعطاء الجماعة فرصة أكبر للتمدد في المجتمع اليمني، الأمر الذي قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة.
في ختام البلاغ، طالبت منظمات المجتمع المدني بمراجعة أجندة أي قمة نسوية تُعقد في الجنوب، داعية إلى أن تكون تحت إشراف أممي لضمان النزاهة والشفافية، بعيدًا عن أي تدخلات محلية قد تهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية بطرق غير مشروعة. كما دعت مكتب المبعوث الدولي إلى مراقبة أي أنشطة سياسية تتعارض مع الشراكة المنصوص عليها في الاتفاقيات الإقليمية والدولية.
وأكدت منظمات المجتمع المدني في ختام بلاغها أن هذا الموقف يمثل خلاصة سلسلة من اللقاءات والمشاورات التي عقدتها مع عدد من الجهات والمنظمات الجنوبية، مشيرة إلى أن الحفاظ على مكتسبات الجنوب والوقوف في وجه أي محاولات لتهميش المرأة الجنوبية هو جزء لا يتجزأ من مساعيها الدائمة.
دور السعودية في إنهاء الحرب في اليمن من خلال مشاورات سلطنة عمان
تلعب المملكة العربية السعودية دورًا حاسمًا في الجهود الرامية إلى إنهاء الحرب الدائرة في اليمن منذ عام 2015، وهي الحرب التي دخلت مرحلة جديدة من المشاورات والتفاوض برعاية إقليمية ودولية، تأتي هذه التحركات في إطار مبادرات عدة، كان آخرها مشاورات تقودها سلطنة عمان مع جماعة الحوثيين الموالية لإيران، في مسعى لتحقيق تسوية سياسية شاملة تُنهي النزاع المستمر وتعيد الاستقرار إلى البلاد.
وفقًا للتقارير الواردة من مشاورات عمان، تم طرح مقترح يمنح الحوثيين نسبة تصل إلى 80% من موارد الجنوب المحرر النفطية،هذا المقترح أثار العديد من التساؤلات حول جدواه وإمكانية تحقيق توازن عادل بين مختلف الأطراف، خاصة وأن الجنوب يُعد منطقة محررة يسيطر عليها المجلس الانتقالي الجنوبي، هذه الموارد النفطية تمثل شريان حياة لاقتصاد الجنوب، وأي محاولة لتحويل جزء كبير منها إلى الحوثيين قد تؤدي إلى تعميق الانقسامات الداخلية وخلق توترات جديدة.
ومن أبرز الاستراتيجيات التي برزت في إطار المشاورات هو الدور المتزايد للنساء كأدوات ناعمة لتحقيق تسوية سياسية. تُستغل المرأة اليمنية في بعض المحافل لتسويق التسوية التي تقوم على شراكة في السلطة بين مختلف الأطراف المتصارعة. تهدف هذه الاستراتيجية إلى إضفاء طابع مدني وإنساني على النزاع، وتصويره كصراع محلي يمكن حله عبر تمكين النساء ومشاركتهن في عمليات صنع القرار. غير أن هذا النهج يواجه انتقادات لكونه يتجاهل الطبيعة الإقليمية للنزاع وتورط أطراف إقليمية كبرى فيه.
وتسعى مشاورات سلطنة عمان أيضًا إلى تغيير التوصيف الدولي للنزاع في اليمن. بينما يتفق المجتمع الدولي على أن الحرب في اليمن هي صراع إقليمي بامتياز، نتيجة للتدخل الإيراني من خلال دعم الحوثيين ومشاركة السعودية ضمن التحالف العربي لدعم الحكومة الشرعية، تحاول بعض الأطراف تقديم الحرب على أنها نزاع محلي على السلطة. يهدف هذا التوصيف إلى تقليل التوترات الإقليمية وتسهيل التوصل إلى اتفاقيات تسوية سياسية بين الأطراف اليمنية نفسها دون تدخل خارجي مباشر.
السعودية، باعتبارها الدولة الأكثر تأثيرًا في التحالف العربي، تجد نفسها في موقف دقيق. فمن جهة، ترغب الرياض في إنهاء الحرب المستنزفة التي أنهكت اقتصادها وسمعتها الدولية، ومن جهة أخرى، تواجه ضغوطًا لضمان عدم تمكين الحوثيين من السيطرة على الجنوب أو الاستحواذ على جزء كبير من موارده النفطية، خاصة وأن ذلك يمكن أن يُنظر إليه على أنه انتصار استراتيجي لإيران في المنطقة.
وتبدي الرياض منذ بداية الحرب، استعدادًا لدعم تسويات سياسية تشمل جميع الأطراف، لكنها ترفض أي حلول من شأنها أن تؤدي إلى تقويض استقرار الجنوب أو منح الحوثيين نفوذًا كبيرًا على حساب القوى الجنوبية والمجلس الانتقالي الجنوبي. وهذا التوجه يُظهر التزام السعودية بالحفاظ على توازن القوى داخل اليمن وضمان عدم تحول البلاد إلى ساحة مفتوحة للتدخل الإيراني.
وفي المجمل تظل المملكة لاعبًا رئيسيًا في مساعي إنهاء الحرب في اليمن، وهي تدعم مشاورات سلطنة عمان كجزء من حل إقليمي للأزمة. ومع ذلك، يبقى التحدي الرئيسي في كيفية تحقيق تسوية سياسية شاملة تُنهي الحرب دون السماح للحوثيين بالسيطرة على الموارد الجنوبية أو تمكين إيران من ترسيخ نفوذها في اليمن. وفي الوقت الذي يُشدد فيه على دور النساء كأدوات ناعمة في التسوية، فإن السعودية تسعى لضمان أن تكون أي حلول مقبولة عادلة ومتوازنة بما يحافظ على وحدة اليمن واستقراره الإقليمي.