"إرث سياسي وتنموي"..

الإصلاح الإداري والتنمية في سلطنة لحج: نموذج السلطان علي عبد الكريم العبدلي

"تناولت الباحثة في مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات، أحلام عبد الكريم، تجربة السلطان العبدلي التي تميزت برؤية طموحة للإصلاح الإداري والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب جهوده في مقاومة الهيمنة البريطانية والدفاع عن الهوية الوطنية."

تأثير النفي السياسي على أدوار السلطان علي عبد الكريم في المقاومة الوطنية - أرشيف

أحلام عبدالكريم
باحثة مقيمة لدى مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات
عدن

تعد تجربة السلطان علي عبد الكريم العبدلي في قيادة سلطنة لحج ومناهضة الاستعمار البريطاني واحدة من المحطات التاريخية التي تسلط الضوء على الدور الاستثنائي للقيادات المحلية في ظل الهيمنة الاستعمارية. في فترة هيمنت فيها القوى الكبرى على أجزاء واسعة من العالم العربي، برز السلطان علي عبد الكريم بوصفه نموذجاً لزعيم سعى إلى تحقيق نهضة شاملة في إطار سياق محلي مضطرب، متأثراً بالأفكار القومية والتحررية السائدة آنذاك. 

  وفي ورقة بحثية تاريخية، تناولت الباحثة في مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات، أحلام عبد الكريم، تجربة السلطان العبدلي التي تميزت برؤية طموحة للإصلاح الإداري والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب جهوده في مقاومة الهيمنة البريطانية والدفاع عن الهوية الوطنية. على الرغم من التحديات الداخلية والخارجية، شكلت هذه التجربة مثالاً للقدرة على المزج بين العمل السياسي والنضال الثقافي والتنموي لتحقيق أهداف وطنية بعيدة المدى. 

ومن خلال قراءة تحليلية لهذه التجربة، يسعى البحث إلى استكشاف العوامل التي أثرت في مشروع السلطان النهضوي، وأبرز الإنجازات والتحديات التي واجهته، بالإضافة إلى الدروس المستخلصة من هذه المرحلة المفصلية في تاريخ جنوب اليمن.

وسلطت الدراسة الضوء على الأدوار السياسية والتنموية والنضالية التي لعبها السلطان علي عبد الكريم في سلطنة لحج، وإسهاماته البارزة في مقاومة الاستعمار البريطاني، فضلاً عن مشروعه النهضوي الذي استهدف تحديث السلطنة وتعزيز الهوية الوطنية.

وتركزت الورقة حول النشأة والتكوين ، حيث أكدت أن   السلطان علي عبد الكريم وُلد عام 1922 في حوطة الجفارية، وتلقى تعليمه في كلية فيكتوريا بالإسكندرية، حيث تأثر بالأفكار القومية والتحررية. عودته إلى لحج كانت مشحونة بالطموحات لتطوير بلاده على أسس عصري، و ركّز على تحديث البنية التحتية للسلطنة، بما في ذلك تطوير الزراعة، التعليم، والقضاء وأنشأ أول دستور في المحميات الجنوبية، وفصل بين السلطات، ووسع البعثات التعليمية إلى الخارج.  دعم الرياضة والفنون، وجعل لحج مركزاً ثقافياً وإشعاعاً وطنياً.

و قاد السلطان علي جهوداً لتحرير الجنوب من الاستعمار البريطاني بالتعاون مع حركة "رابطة أبناء الجنوب ورفض مشروع الاتحاد الفيدرالي البريطاني وواجه سياسات الاحتلال التي سعت إلى إضعاف الهوية الوطنية. 

   وبعد الإطاحة به ونفيه عام 1958، واصل السلطان جهوده من الخارج لدعم القضية الوطنية. لعب دوراً رئيسياً في إيصال قضية الجنوب العربي إلى المحافل الدولية، وكان رمزاً للصمود والالتزام بالمبادئ الوطنية وبقي إرث السلطان علي مصدر إلهام للأجيال اللاحقة، حيث خلّدته مواقفه الوطنية ورؤيته التقدمية.  وعلى الرغم من تحديات المنفى، قدم تبرعات سخية لدعم التعليم والتنمية في لحج.