قصف متبادل وسط تعزيزات ونزوح..
تصعيد خطير على الحدود اللبنانية السورية: اتهامات متبادلة بين دمشق وحزب الله
شهدت الحدود اللبنانية-السورية تصعيداً خطيراً في الساعات الأولى من يوم الإثنين، 17 مارس 2025، بعد اتهام وزارة الدفاع السورية حزب الله اللبناني باختطاف ثلاثة من جنودها وقتلهم داخل الأراضي اللبنانية.

توتر متصاعد على الحدود اللبنانية السورية: اشتباكات ونزوح للسكان
تفاقمت الأوضاع الأمنية على الحدود اللبنانية-السورية ليلة الأحد/الاثنين، 16-17 مارس 2025، إثر اتهام وزارة الدفاع السورية حزب الله اللبناني باختطاف ثلاثة جنود سوريين وتصفيتهم داخل الأراضي اللبنانية.
يأتي هذا التصعيد في سياق سلسلة من الحوادث والاشتباكات الحدودية التي تشهدها المنطقة، وسط نفي قاطع من حزب الله لأي تورط في الحادثة، مما يعكس استمرار التوترات الأمنية والسياسية بين الطرفين.
وفقاً لبيان وزارة الدفاع السورية، نفذت مجموعة تابعة لحزب الله كميناً قرب سد زيتا غرب حمص، أسفر عن اختطاف ثلاثة من عناصر الجيش السوري، قبل نقلهم إلى الأراضي اللبنانية وقتلهم. وأكدت الوزارة أنها ستتخذ "جميع الإجراءات اللازمة" رداً على هذا "التصعيد الخطير". في المقابل، أصدر حزب الله بياناً نفى فيه بشكل قاطع أي علاقة له بالحادثة، مؤكداً أن لا صلة له بالأحداث الجارية على الحدود أو داخل سوريا.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الجنود الثلاثة القتلى ينتمون إلى لواء "علي بن أبي طالب" التابع لسلطة الدفاع السورية، وأن الحادث وقع بعد شجار مع أفراد عشائر لبنانية، تلاه كمين نصبه مسلحون يُشتبه بأنهم من "عصابات تهريب تابعة لحزب الله".
وبحسب مصدر أمني لبناني تحدث لوكالة الصحافة الفرنسية، بدأ التوتر عندما دخل الجنود السوريون الأراضي اللبنانية في بلدة القصر، حيث تعرضوا لإطلاق نار من أفراد عشيرة تنشط في التهريب، دون توضيح أسباب دخولهم. لاحقاً، سلم المسلحون الجثث إلى الجيش اللبناني الذي نقلها عبر الصليب الأحمر إلى الجانب السوري عند نقطة جوسية/القاع الحدودية.
الاشتباكات والردود العسكرية
رداً على الحادثة، قامت القوات السورية بقصف مناطق في بلدة القصر اللبنانية الحدودية، حيث أفادت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية بسقوط قذائف صاروخية مصدرها ريف القصير السوري. وتداول ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة قالوا إنها تظهر قصف الجيش السوري لمواقع يُعتقد أنها تابعة لحزب الله، فيما وصلت تعزيزات عسكرية سورية، بما في ذلك مدرعات، إلى المنطقة. من الجانب اللبناني، شهدت المناطق الحدودية نزوحاً للسكان وسط تصاعد حدة التوتر.
سياق التوترات
تأتي هذه التطورات في أعقاب توترات سابقة شهدتها الحدود اللبنانية-السورية، حيث اندلعت اشتباكات متكررة بين مسلحين سوريين وعشائر لبنانية في مناطق مثل جرود الهرمل والبقاع الشمالي الشرقي. وتشير تقارير إلى أن التوترات قد تكون مرتبطة بعمليات تهريب الأسلحة والبضائع عبر الحدود، وهي أنشطة ازدادت حدتها منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024. وقد أطلقت السلطات السورية الجديدة حملة أمنية في محافظة حمص منذ الشهر الماضي لمكافحة هذه العمليات، متهمة حزب الله برعاية عصابات التهريب وشن هجمات عبر الحدود.
أهمية المنطقة
تُعد الحدود اللبنانية-السورية، الممتدة على طول 330 كيلومتراً، منطقة حساسة بسبب غياب الترسيم الكامل في أجزاء واسعة منها، مما جعلها ممراً رئيسياً لتهريب الأسلحة والمخدرات والوقود. وتكتسب منطقة القصير غرب حمص أهمية خاصة، حيث كانت مسرحاً لمعارك عنيفة خلال الأزمة السورية، وشهدت تدخلاً كبيراً من حزب الله لدعم نظام الأسد قبل انهياره.
التبعات المحتملة
تشير هذه التطورات إلى مخاطر تصعيد أوسع قد يشمل أطرافاً إقليمية، خاصة مع تداخل النفوذ بين حزب الله والسلطات السورية الجديدة. وفي ظل الوضع الهش على الحدود، يبقى الجيش اللبناني في موقف صعب، محاصراً بين ضغوط داخلية وخارجية، بينما يحذر مراقبون من أن استمرار الاشتباكات قد يفتح الباب أمام تدخلات خارجية أو استغلال الوضع من قبل قوى أخرى.
يبرز الحادث الأخير عمق الأزمة الأمنية على الحدود اللبنانية-السورية، حيث تتداخل الصراعات المحلية مع قضايا التهريب والنفوذ السياسي. وبين اتهامات السلطات السورية لحزب الله ونفي الأخير، تظل المنطقة عرضة لمزيد من التصعيد في ظل غياب حلول جذرية للتوترات المستمرة.