سلام متعثر وتحديات لا تتوقف..

هدوء مؤقت وآمال معلقة: مسار السلام اليمني بين التفاؤل والتشاؤم

تستمر الجهود الأممية والدولية لإحلال السلام في اليمن وسط تحديات معقدة فرضتها الحرب المستمرة منذ أكثر من عقد بين الحكومة اليمنية المدعومة من التحالف العربي وجماعة الحوثيين المتحالفة مع إيران.

جهود السلام في اليمن وسط تحديات مستمرة وتعقيدات إقليمية

صنعاء

تواجه اليمن، أحد أفقر دول العالم، تحديات معقدة في مسار تحقيق السلام، جراء الحرب المستمرة منذ أكثر من عشر سنوات بين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، المدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية، وجماعة الحوثيين المتحالفة مع إيران. رغم الجهود الأممية والدولية لدفع عملية السلام، تظل العقبات السياسية والعسكرية والإنسانية تشكل عائقًا كبيرًا أمام تحقيق تسوية شاملة.

تفاؤل أممي ومسار عملي محتمل
أعرب المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، عن تفاؤله بإمكانية التقدم نحو السلام، خاصة بعد توقف الهجمات المتبادلة بين الولايات المتحدة وجماعة الحوثيين في 6 مايو 2025، بوساطة عمانية. وفي بيان أصدره عقب اجتماعات في الرياض مع مسؤولين يمنيين وسعوديين وإماراتيين، أكد غروندبرغ أن هذا التهدئة تتيح فرصة للأطراف للوفاء بالتزاماتها، بما يشمل وقف إطلاق النار الشامل، تحسين الظروف المعيشية، ودفع العملية السياسية. وأشار إلى وجود "مسار عملي" لتحقيق سلام تفاوضي ينفع جميع اليمنيين بدعم إقليمي ودولي.

تحديات مستمرة تعيق السلام
رغم هذا التفاؤل، يرى مراقبون أن الوضع اليمني لا يزال محاطًا بتعقيدات كبيرة. يشير المحلل السياسي عبدالواسع الفاتكي إلى فشل أربعة مبعوثين أمميين متعاقبين في تحقيق اختراق حقيقي، مرجعًا ذلك إلى غياب الحزم الدولي في التعامل مع جماعة الحوثيين، التي ترفض تقديم تنازلات وتعرقل مسارات السلام. 

ويؤكد أن استمرار التهاون مع الحوثيين يعزز منطق الإفلات من العقاب، مما يضعف أي مساعي للسلام. كما يشدد على ضرورة إلزام الحوثيين بالمفاوضات الجادة، تسليم السلاح، والتحول إلى حزب سياسي ضمن الإطار الدستوري.

من جهته، يرى الصحافي وليد الجبزي أن تصريحات غروندبرغ الإيجابية لا تعكس الواقع اليمني، حيث يواصل الحوثيون التمسك بالعنف وتهديد الملاحة الدولية في البحر الأحمر، مما أدى إلى تدخلات أمريكية وغربية. ويتهم الجبزي الحوثيين بتدمير البنية التحتية، تجويع الشعب، ونهب الموارد، مؤكدًا أن السلام يتطلب إرادة دولية حازمة وخارطة طريق تضمن تمثيلًا عادلًا للأطراف.

واقع إنساني واقتصادي متدهور
يعاني اليمنيون من أزمة إنسانية واقتصادية حادة، حيث تفاقمت المعاناة جراء الحرب المستمرة وانهيار الاقتصاد. يشير المواطن ناصر عبدالرب إلى غياب أفق حقيقي للسلام، معتبرًا أن جهود الأمم المتحدة لن تنجح دون نوايا صادقة من أطراف النزاع. وبرغم أهمية الهدوء في البحر الأحمر، يرى أن التداخلات الإقليمية تعقد الملف اليمني، وأن أي تصعيد جديد قد يؤدي إلى مزيد من الدمار.

رغم الجهود الأممية والتهدئة في البحر الأحمر، يظل السلام في اليمن بعيد المنال بسبب تعنت الأطراف، خاصة الحوثيين، وغياب إرادة دولية حازمة. تبقى المعاناة الإنسانية والاقتصادية لليمنيين الثمن الأكبر لهذا الجمود، مما يستدعي تحركًا دوليًا عاجلاً لوضع حد للصراع وتحقيق تسوية مستدامة تضمن استقرار اليمن ورفاه شعبه.