أحمد عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

التعامل مع هادي ... خياران لا ثالث لهما ؟؟!

كلما تمنينا - من منطلق الحرص - ايجاد نوع من التلاحم ( الجنوبي – الجنوبي ) الذي ينطلق من واقعية سياسية اكيدة , الا ويفاجئنا الرئيس عبدربه منصور هادي بقرارات تؤكد بأنه آخر الذين يمكن ان يهتموا بمثل هذا الأمر أو أن يتعاملون معه ولو حتى بالحد الأدنى المطلوب منه .في كل مرة تأتي قرارات هادي وكأنها تنطلق من رأس الجنرال العجوز الحاقد على الجنوب / علي محسن الأحمر وليس رأس " ابيني جنوبي " لفضته صنعاء بالكيفية نفسها التي لفضت من قبله الرئيس / علي سالم البيض , أو التي قتلت ذات يوم الوطني الجنوبي الغيور / محمد علي هيثم او بالطريقة التي اصدرت فيها غيابيا قرارات اعدام في حق ( 16 قيادي ) جنوبي فقط لأنهم ارادوا ان يكونوا " شركاء " مع مراكز النفوذ في صنعاء لا اجراء , بعد ان قدموا ب " سذاجة " كبيرة دولة عربية حرة مستقلة ذات مساحة جغرافية تعادل 333 الف كيلو متر مربع , وموقع جغرافي يعتبر هو الأهم على المستوى الاقليمي على الأقل على مذبح وهم الوحدة وفقا لكراريس ميشيل عفلق , ومقترحات جورج حبش ونايف حواتمه .. لكن كل ذلك " العطاء " اللامحدود من الجنوبيين لم يكفي ثقافة صنعاء الزيدية الراسخة أن تتزحزح قيد انملة عن نظرتها الدونية للجميع فكان ان حدث ما حدث .


يبدو لي ان لم اكن مخطئا أن هادي قد سلبت منه ارادته بفعل فساد مستفحل تمكن في جميع الذين من حوله وخاصة المقريبن منهم , والذين يفضلون بقاء التحالف مع الأحمر على اية حسابات أخرى سواء كانت سياسية ذات بعد جنوبي او ذات ابعاد اخرى تتعلق بدول التحالف أو حتى تتعلق بمعاني النصر على الحوثي في صنعاء , لأن هؤلاء لايبدو ان لهم علم بما يمكن ان يكتبه التاريخ عنهم في القريب العاجل او كيف يمكن ان تنظر لهم المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة , خاصة وأنهم قد اثقلوا كاهلهما بعبء كبيرا على المستوى الدولي فيما يخص النتائج المتعلقة بعاصفة الحزم سياسيا او عسكريا او انسانيا . وربما ايضا أن الرجل قد تأقلم مع دور نائب الرئيس الذي عوده عليه الرئيس السابق / علي عبدالله صالح وفضل ان يبقى في جلبابه على ان يتقمص دور الرئيس صاحب القرار الأول والأخير.


قرارات عبدربه منصور هادي التي اقصت بحاح اولا ثم عيدروس الزبيدي وهاني بن بريك وأحمد لملس وأحمد بن بريك ثانيا , ثم الدكتور ناصر الخبجي والجعدي والحالمي ثالثا وكلهم جنوبيون ..! هي قرارات سياسية محضة تنطلق من عقلية لازالت روائح بارود حرب 1994 م تسكن علقيتها وتتنفس هوائها , وهي عقلية حاقدة على الجنوب وتتصرف من ذات القيم التي حكمت العقلية الزيدية في حربها ضد الجنوب واحتلاله يوم 7 / 7 / 1994 م .. وهي تريد ان تعيد احتلال بلادنا مرة اخرى وانما بوسائل وادوات أخرى وان كان مفهوم " الشرعية " هو العامل المشترك و الغطاء الوحيد لهذه الحرب ضد الجنوب في الحالتين !!


تقديري ان على الجنوبيين في هذا المرحلة اختيار احد الخيارين التاليين .. الأول يتمثل في محاولة استرجاع هادي الى الفضاء الجنوبي وتخليصه من قيود علي محسن الأحمر وهيمنته المطلقة عليه , وهي المهمة التي فشل فيها جميع المستشارين الجنوبيين الذين عينهم هادي بنفسه من قبل , ولم يفلحوا في توجيه بوصلته نحو الجنوب بقدر ما استطاع الأحمر ان يحكم قبضته عليه بشكل لم يقدر عليه حتى علي عبدالله صالح خلال المرحلة القصيرة التي بقي فيها هادي في صنعاء قبل ان يهرب الى عدن مطاردا من قبل الثقافة الزيدية التي لفضته كما اسلفنا قبل ان تلاحقه وتحتجزه وتسيطر عليه مرة أخرى حتى وهو خارج اليمن ... في الرياض .


ولأن هذا الخيارقد فشل فيه جميع المستشارين الجنوبيين وعلى راسهم السادة / حيدر العطاس , وصالح عبيد أحمد , وعبدالعزيز المفلحي , فهو اذا خيار غير ممكن من الناحية العملية , ما يعني أن الخيار الثاني هو الخيار الأفضل والأكثر واقعية في التعامل مع هذه الوضعية " المستفزة " والمهددة لنا جميعا .. الا وهو خيار " المواجهة " .. نعم انه خيار المواجهة مع هذا التوجه ومع هذا المشروع الذي يقوده هادي ضد الجنوب سواء كان – كما اسلفنا – بالوكالة عن علي محسن الأحمر وباقي القوى الشمالية او حتى بمحض اراته الحرة , باعتباره نهج يستهدف " وجودنا " من خلال ضرب مشروعنا الوطني , وفرض مشروع سياسي يتناقض تماما معه . 


من الواضح جدا ان مشروع ( هادي - الأحمر ) أو مشروع الدولة الاتحادية , يخوض معركته ضد المشروع الايراني في اليمن بدماء الجنوبيين في حين انه في نفس الوقت يدير حربا شرسة ضدنا وضد وجودنا وضد مشروعنا الوطني الجنوبي في " معادلة حرب " لم يحدث لها مثيل في التاريخ ..!! فهو يريدنا ان نمهد له الطريق الى صنعاء معبدا بدماء واشلاء ابطال الجنوب وفي ذات الوقت هو يخوض حرب تصفية وجود لمشروعنا على ارض الجنوب !! وهنا علينا ان نتمعن في هذه الحقيقة التي لا تبدو في ظل ضبابية المشهد ممكنة المشاهدة بهذه الدقة العجيبة والقباحة المؤسفة , ما يعني ان علينا ان نقدم هذه " المعادلة المخيفة " كما هي على طاولة البحث مع دول التحالف ليتمعنوا فيها بعيدا عن تضليل الاعلام الموجه من قبل الشرعية او حتى من قبل اعلام التحالف نفسه ! وفي هذه الحالة علينا ان نطرح على طاولة البحث السؤال الذي يقول : اخبرونا ان كان يرضيكم ان نخوض معركتين في وقت واحد الاولى ضد الحوثي والمشروع الايراني في اليمن , وحتى على الاراضي اليمنية خارج حدود الجنوب العربي نيابة عن الشرعية وجيشها النائم في مأرب , والثانية نخوضها مع الشرعية ب" قفازات ناعمة " احتراما لكم كدول تحالف وهي حرب تفرضها علينا في الأساس هذه الشرعية في مختلف المحطات بما يجعلها غير مكترثة لا بنا ولا بكم ايضا ! فان لم تكفونا المواجهة مع بلطجة الأحمروارادة هادي المسلوبة , والا فلا تلومنا ان خضنا معهم حرب وجود على ارضنا وفي نطاق حدود دولتنا المحتلة ... وهذا يعتبر من صميم حقنا وواجبنا تجاه تضحيات ودماء الشهداء والجرحى وارادة شعب الجنوب الذي لا يراها هؤلاء الا ظاهرة صوتية يجب اسكاتها .


ومن جانب آخر على دول التحالف ان تدرك ان نصف فريق أعضاء حكومة الشرعية يمتلكون " موقفا عقائديا " معاديا لدول التحالف العربي , ذا بعد سلبي للغاية ان لم يكن " حاقدا " .. ويأتي على رأسهم وزير الخارجية المخلافي وجميع الجوقة في التجمع اليمني للاصلاح ناهيك عن الوافدين الجدد الذي كافأهم علي محسن الأحمر بالتعيينات الجديدة .