الإرهاب الأكبر والإرهاب الصغير
هل يمكن الرهان على الحكومة اليمنية؟
ما تفعله الإدارة الأمريكية تحت حجة مكافحة الإرهاب يمثل إرهابا منظما ورسميا تقوم به أجهزة دولة تزعم أنها راعية الحريات وحقوق الإنسان والعدل والإنسانية، وهو هنا يفوق إرهاب الجماعات الإرهابية بما لا يقاس فهو إرهابٌ مع العيار الثقيل مقارنة مع الإرهاب الصغير الذي ترتكبه الجماعات المتناثرة هنا وهناك.
فالإرهاب الأخير تقوم به جماعات منفلته خارجة عن القانون متمردة على المجتمعات وعلى القيم وعلى الأعراف وعلى القوانين والأنظمة المتعارف عليها، وهذه الجماعات لا تدعي أنها تنشر الديمقراطية والحرية وإنها تحافظ على دم وروح وكرامة الإنسان، وهي محط رفض وإدانة العالم كله، أما الإرهاب الأكبر (إرهاب أمريكا وأنصارها) فهو إرهاب حكومي رسمي تديره مؤسسات وتشرف عليه أجهزة تابعة لأقوى دولة في العالم، وهي الدولة التي ما انفك سياسيوها يتباهون بتمسكهم بقيم الحرية والكرامة الإنسانية والعدل وكافة حقوق الإنسان، لكن هؤلاء الساسة لا يتورعون عن ممارسة القتل خارج القانون ليشمل (هذا القتل ) ليس فقط المتهمين بالإرهاب والذين يفترض أن يتم القبض عليهم وأن يقدموا لمحاكمة عادلة، ولو داخل الدولة التي تدعي أنها منبر العدل والأمانة والحرية، بل إن عمليات القتل الجماعي تشمل مدنيين بعضهم لا يعرف استخدام السلاح، بينهم نساء وأطفال، لم يعلموا ولا يعلم ذووهم لماذا يقتلون.
هذه الجرائم ترتكب بدم بارد بل وبمستوى عال من البجاحة بحيث يتباهى صانعها الأمريكي بنجاحه في قتل الأطفال والنساء دون أن يرف له جفن.
في العام 2009م ارتكبت الطائرات الأمريكية بدون طيار مذبحة ذهب فيها قرابة 50 مواطن بريئ من البدو الرحل في منطقة المعجلة بمحافظة أبين ويومها ادعى رئيس الجمهورية (السابق) ونائب رئيس وزراؤه ووزير الداخلية رشاد العليمي أن حكومتهما هي من فعل ذلك، لكن الرئيس بوش (الإبن) الذي كانت عينه على الانتخابات النصفية للكونجرس فضحهما بالتصريح بأن طائراته هي من أنجز هذا (العمل العظيم).
جريمة منطقة قيفة التي ارتكبها الكوماندوس الأمريكي نهاية الاسبوع المنصرم، لا تختلف كثيراً عن جريمة المعجلة، وبين الجريمتين عشرات الجرائم التي يرتكبها سادة الإرهاب الكبير هنا وهناك وبتعاون قوى يمنية لا تتردد في رفع شعار "الموت لأمريكا" وهي جرائم يؤمن مرتكبوها أن أحدا لا يسائلهم ولن يسائلهم عليها ، فالأسد في الغابة لا يمكن أن يسأل لماذا أكل ضحيته من بين حيوانات الغابة الأقل منه قوة وحيلة.
من الصعب الرهان على حكومة يمنية في الظرف الراهن أن تتفرغ لمتابعة قضية كهذه وهي تخوض حربا متعددة الأوجه ومنشغلة بتدبير الكهرباء والوقود والمرتبات الشهرية لموظفيها الذين لم يستلم بعضهم ريالا واحد منذ أشهر وغيرها من المهمات التي أخفقت في أدائها، لكنني أدعو المنظمات الحقوقية والمدنية اليمنية والعالمية إلى إعداد ملف متكامل لجرائم أمريكا في اليمن وتقديم دعوى أمام القضاء الدولي ليقول لهؤلاء الإرهابيين الكبار قفوا عن حدكم وادفعوا جزاء ما ارتكبتموه من جرائم في حق النساء والأطفال الأبرياء في أبين وشبوة ومأرب والبيضا ورداع وغيرها من مناطق اليمن والعالم.