د. عيدروس النقيب يكتب:

رسالتي الثانية للتحالف العربي

كنت في رسالة سابقة إلى الأشقاء في دول التحالف العربي نشرتها منذ عدة أشهر قد طالبتهم باستكمال جمائلهم من خلال الإقرار باستحالة بقاء اليمن موحدا في ظل هذه الاستقطابات والمواجهات العنيفة التي لم تبق مشتركا واحدا بين الشمال والجنوب، إلى درجة أن من يدعون أنهم يتقاتلون في جبهات نهم وصعدة وميدي، يتحدون في خطابهم عندما يتعلق الأمر بالجنوب، فلا فرق بين توكل كرمان ومحمد عبد السلام، ولا فرق بين خالد الآنسي وبين أحمد الصوفي أو بين يس التميمي ومحمد البخيتي ولا بين مروان الغفوري وعلي البخيتي، ولا فرق بين قادة هؤلاء وقادة أولائك، عندما يتعلق الأمر بالموقف من الجنوب والقضية الجنوبية بل لقد صرنا نقرأ لكتاب شماليين ممن يدعون نصرتهم للشرعية يتجاهلون فيها ظواهر الاغتصاب والاغتيال الذين تتعرض لهما الناشطات السياسيات ممن يرفضن المشروع الحوثي ولا يتحدثون عن اقتحام منازلهم والتقاط الصور في غرف نومهم، لكنهم يتهجمون على المجلس الانتقالي الجنوبي وناشطيه ممن لم يمدوا أيديهم على مليم واحد من أملاك هؤلاء ولم يقتحموا منزلا ولم يغتصبوا حقا ولم يستولوا على مترٍ واحد من أراضي الشمال.

في رسالتي هذه إلى الأشقاء في دول التحالف أود التأكيد على ما كنت قد قلته مرارا: إن أبناء الجنوب لن ينسوا ولا يمكن أن ينسوا دوركم الهام في تحرير محافظات الجنوب من الإرهاب الانقلابي والداعشي وهو الانتصار الذي صنعتموه بمشاركة فاعلة من المقاومة الجنوبية التي أبدت استبسالا قل نظيره في تاريخ المواجهات العسكرية.

وثانيا ما نود التنويه إليه هو أن النصر العسكري يصبح بلا قيمة ما لم يقترن بشعور المواطن في المناطق المنتصرة بتغير محسوس في ظروف حياته، وهذا لا بد أن يشمل المجالات: الأمنية، والتموينية والمؤسسية (التي لا بد أن تشمل البناء المؤسسي وتفعيل القانون، وردع العابثين والمستهترين أياً كان انتماؤهم أو موقفهم السياسي والفكري والمناطقي)، والخدمية (التي يجب أن تشمل خدمات الماء والكهرباء والتطبيب والتعليم والوقود وما إلى ذلك) من ضروريات الحياة المستقرة التي عجزت السلطة الشرعية أن تعيد لعدن منها ما عرفته قبل قرن من الزمان.

إننا نقدر الجهود الكبيرة التي يقوم بها كل من الهلال الأحمر الإماراتي ومركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية كما نقدر ما تقدمونه من دعمٍ مادي ومعنوي ولوجستي لمواجهة المشروع الانقلابي، ولا يمكن أن ينكر كل هذا إلا جاحد أو موالي للمشروع الانقلابي، لكننا نعود مرة أخرى لنتذكر المقولة الصينية المعروفة والقائلة "لا تعطني كل يوم سمكة ولكن علمني كيف أصطاد السمك" وهو ما يعني أن ما نحتاجه اليوم بجانب استمرا ر الدعم المادي واللوجستي والعسكري، هو تأهيل الحياة المؤسسية والخدمية وإنعاش الحياة الاقتصادية وتأمين الظروف الطبيعية لإحداث نقلة نوعية في حياة المواطنين في المناطق المحررة وتمكينهم من الانخراط في عمليات إنتاجية تقوم على المتوفر من الخيرات والمواد الأولية الطبيعية والأراضي الزراعية والثروات النفطية والبحرية وغيرها وباختصار تنمية الموارد الذاتية الكفيلة بتحريك عجلة الاقتصاد الذي هو أساس الأمن والاستقرار والازدهار في بقية المجالات والانتصارات الأمنية والعسكرية.

إننا لا نطلب منكم أن تقوموا بكل هذا نيابة عن الشعب والسلطة الشرعية التي عجزت عن توفير مائة ميجاووت كهرباء لمدينة عدن وهي على مقربة شهرين من دخول صيفها الملتهب، لكننا نقول لكم: مثلما مددتم أيديكم بالدعم العسكري واللوجستي ساعدوا السلطات المحلية في محافظات الجنوب للانتقال من حالة البحث عن حلول للمشاكل العويصة الكثيرة بعد ظهورها إلى اتخاذ الإجراءا الوقائية الكفيلة بعدم ظهور هذه المشاكل مع التأكيد مرة أخرى أن الانتصارات العسكرية والأمنية لا تعني شيئا بالنسبة للمواطنين العاديين ما لم ترافقها وتنتج عنها تغيرات ملموسة في حياة هؤلاء المواطنين، ونعني تغيرات تصل إلى الأمن والمعيشة والخدمات والبناء المؤسسي.. . . 

أتمنى أن تكون الرسالة قد وصلت، ولكم كل تقديري واحترامي.