فاروق يوسف يكتب:

وجع النقد الفني

علاقة بعض الفنانين العرب بالنقد على قدر كبير من الغرابة، يكذب أولئك الفنانون حين يتحدثون عن الحاجة إلى النقد، إنهم لا يرغبون إلاّ في مَن يمدحهم ويثني عليهم ويروج لأعمالهم.

الناقد بالنسبة لهم سلم يستعملونه للوصول إلى القاعات ومن خلالها إلى المقتنيين، إنهم يفخرون أن فلانا كتب عن تجاربهم في لحظة بعينها، غير أنهم ما أن يجتازوا عتبة تلك اللحظة حتى ينظرون بعين الإشفاق إلى ذلك المسكين الذي كان يستجدي على موائدهم، كما يقولون.

لقد فعلها أحدهم معي حين خدعني بكدحه ونضاله من أجل أن يكون الفنان الذي يستحق أن يُكتب عنه، وما أن تورّطت في الكتابة عن تجربته حتى اكتشفت أنه كان لصا، فجنّ جنونه.

الخُلاصات التي انتهيت إليها لا تسر، فإن زوّر الفنان أو سطا على جهود الآخرين فإنه يرغب في أن يشاركه الناقد في جريمته، على الناقد من أجل أن يحمي سمعته أن يكون شاهد زور، هل يعقل أن تتمكّن الجريمة من فنانين يُفترض بهم أن يكونوا دعاة للعدالة؟

لقد حيّرني أمر العصابات الفنية التي يحارب بعضها البعض الآخر، أما لو كان الفنان عازفا عن الانضمام إلى عصابة فإنه سيكون الأسوأ حظا، ذلك لأن العصابات تمتلك من السلطة ما يؤهلها للتحكّم بقرارات أصحاب قاعات العرض الفني.

وما صار شائعا في العالم العربي أن فنانا لم يحظ بتزكية من عصابة ما لا يمكنه أن يعرض أعماله بغض النظر عن قيمتها الفنية، تلك العصابات صارت بديلا عن النقد، لذلك صارت تشنّ حربا مفتوحة على ما تبقى من النقاد وهم قلة.

وإذا ما كانت هناك ضرورة للنقد، فإن ذلك يتم من وجهة نظر تلك العصابات من خلال صناعة نقاد جدد هم عبارة عن دمى تنطق بما يُملى عليها، هناك اليوم في ثقافتنا نقاد فن هم عبارة عن أفواه تكرّر ما قيل لها، نقاد الفن الحقيقيون في العالم العربي في وضع مؤلم.